8
لقد كان لون أرچواني بين الظلام بدون ضوء واحد .
كان اللون الأرچواني يرفرف بجناحه أمامي بيأس ، كما لو كان يُـحاول إنقاذي من الغرق .
“…فراشة أرچوانية؟”
هل الفراشات تكون موجودة في الشتاء ؟
فراشة في هذا الطقس البارد ، حيثُ لا تستطيع زهرة واحدة حتى أن تتفتح .
بدا الأمرُ فجأة بعيد عن الواقع .
ثم بدأت هذه الروح الغير واضحة بالإقتراب مني ببطء .
كما لو كانت تنتظرني ، تلكَ الفراشة الأرچوانية كانت تدور حولي .
بمجرد أن نهضتُ ، بدأت الفراشة في الطيران إلى مكان ما و كأنها كانت تقودني إلى الطريق .
لقد حدقتُ فيها ، ثم عادت و دارت حولي .
كما لو كانت في عجلة من أمرها ، حاولت تنشيط قدمي و نهضتُ ببطء من على الأرض .
“….”
وجهت الفراشة جسدي المُصاب برفق بينما كانت ترحك أجنحتها ببطء .
هل كانت أليس في بلاد العجائب تشعر بتلكَ الطريقة عندما كانت تتبع الأرنب ؟
بدأ هاجس غير معروف المصدر يخبرني بأن شيئاً ما سوف يحدث .
‘…اللون مألوف .’
هل كان أغمق قليلاً مش شعري الأرچواني المـجعد ؟
لقد كان مثل لون شعر أمي .
أمي ، لقد ماتت أمي بشكل بائس في البرج .
‘هل ذهبت أمي إلى مكان جميل ؟’
عندما توقفت مرة أخرى بسبب كثرة التفكير ، حلقت حولي الفراشة مرة أخرى و حثتني على التحرك مرة اخرى .
“حسناً ، سأتبعكِ بسرعة.”
لا بدَ أنكِ ذهبتِ إلى مكان جيد .
حسناً ، دعونا فقط نأمل هذا .
*
توقفت الفراشة فجأة في مكانها .
“ضوء القمر.”
سحبتني الفراشة الصغيرة بأجنحتها في الغابة .
على عكس المرة الأولى ، لقد كان ضوء القمر يسطع علىّ .
بدا و كأن الضوء ينقذني و أنا محاطة بالظُلمة .
أجبرتني مشاعري الغامرة إلى النظر إلى القمر لفترة طويلة .
“مشرق.”
لدرجة أنه إستطاع أن يُـبعد هذا الظلام .
الآن ، بدلاً أن ينتهي بي الأمر في الظلام ، كان لدىّ تفائل بأنني أستطيع العثور على الزهور .
خفضت رأسي للعثور على الزهور في ضوء هذا القمر الساطع .
أنه أمر مضحك لأنني فقط أخفض رأسي قليلاً .
“وجدتها.”
كان يوجد هناكَ جدار مرتفع قليلاً .
تغلبت الأزهار الحمراء على الرياح الباردة في هذا الشتاء و أصبحت مُـزهرة و متفتحة بالكامل .
لقد كانت في الطابق الثاني تقريباً من المبنى ، بدى و كأنني أستطيع قطفها إن تسلقتُ بعناية .
“حـسـنـاً لنفعل ذلكَ.”
إندفعتُ بشكل غير متوقع ، و بدأتُ اتسلق ببطء و دستُ على الصخور التي كانت بارزة بجانب الجدار .
في كل مرة كنتُ ادوس فيها على الصخور كان قلبي ينبض بسرعة بسبب الصخور الصخور الصغيرة التي تتساقط .
“فيو.”
لقد كان الأمر قريباً بعض الشئ ، لكن لحسن الحظ .. يبدو أن الاحجار. تحملت وزني .
‘يجبُ أن أكون حذرة عندما أنزل.’
أنا أصعد ، ربما أستطعت الصعود بطريقة ما .. لكنني كنتُ قلقة بشأن النزول .
اخذتُ نفساً عميقاً ثم بدأتُ الصعود بقوة .
عندما دستُ على صخرٍ تلو الآخر ، بدأتُ أخيراً أرى لوناً أحمر خافتاً امام عيني .
عندما أمسكتُ بالحجر الذي أمامي و حركتُ قدمي إلى الجانب ظهرت أمامي زهرة حمراء متفتحة بالكامل.
“….”
كيف يُمكنني التعبير عن هذه المشاعر التي تغمرني و هذه العاطفة ؟
كانت فرحة أن أكون قادرة على النجاح في خطوتي الأولى لكتابة قصتي الخاصة لا يُمكنني أن أعبر عنها بالكلمات .
‘أمي ، لقد فعلتها . لقد وجدتُ زهرة .’
يُمكنني جعلُ المستحيل ممكناً .
كنتُ سعيدة بقطف الزهرة ، ونظرتُ إلى البتلات الحمراء في يدي ، و أخيراً إستطعتُ أن أبتسمَ من زاوية فمي .
“الآن ، أنا بحاجة إلى العودة…”
هيا نمشي ببطء .
وضعتُ قدمي جنباً إلى جنب بحذر على أمل أن لا يحدث شئ غير متوقع .
و مع ذلكَ ، لأن التوتر المتراكم قد خف ، لم تستطع قدمي المصابة أن تثبت في مكانها و إلتوت .
و في تلكَ اللحظة ، فقدتُ توازني .
بدأت في السقوط من دون أن أشعر .
“آآههه!”
كانت الصخرة قصيرة و سرعة السقوط كانت سريعة .
جسدي ، الملئ بالجروح و المنهك بالفعل و الملئ بالتعب .. بالطبع ، لم يتمكن من إنقاذي .
صرختُ و سقطتُ على الأرض .
“آهغغ!”
لقد كنتُ محظوظة ، يجب أن أقول أن الأمر جيد .
لم أسقط على رأسي ، لقد سقطت على قدمي و ليس على رأسي .
“آهه.”
و لكن ، هذا لا يعني أن هذا لم يكن مؤلماً .
ملأت الدموع عيناي لأنني لم أستطع التغلب على الألم .
عندما سقطتُ ، سقطتُ على قدمي التي أصابها إلتواء بعد أن إصدمتُ بالأرض .. لقد كان الألم فظيعاً و يصعب التعبير عنه بالكلمات .
عندما لمستها بيدي ، كانت قدمي المصابة حارة .
“آههه.”
لا يجب أن أصدرَ صوتاً .
ربما قد تسمع الحيوانات البرية صوتي و تطاردني .
رفعت ذراعي المرتجفة ووضعتها على فمي تحسباً لحدوث شيئ ما .
حتى لو لم يكن حيواناً برياً ، يمكن أن يكون وحشاً أو مخاطر أخرى لا أعرفها .
‘لكنه يؤلم ، يؤلم ، يؤلم …..’
لماذا إرتكبتُ هذا الخطأ بعد أن كان كل شئ ناجحاً ، لماذا اكون في هذا الموقف ؟ لماذا يجبُ أن أمرض ؟
إنهمرت الدموع بعد الإستياء للحظة ووضعت كلتا يدي على وجهي .
بدون ذلكَ ، إعتقدتُ بأنني أريد الصراخ .. لكنني لم أستطع تحمل الأمر و بكيت .
لقد إنفجر كل الحزن الذي إحتواه قلبي حتى الآن بألمٍ رهيب .
لماذا يتظاهر والدي بأنه لا يعرفني ؟
لماذا تخليتَ عني ؟
لماذا لم تنظر أمي إلىَّ ؟
لماذا تركتني أولاً ؟
لماذا لا أحد ينظر إلىّ ؟
على الأقل ، واحد منهم فقط من سينقذني .
‘…أمي ، أنا أفتقدكِ.’
على الرغم من أن لا أحد يهتم بي ، على الأقل إعتنت أمي بي .
لماذا كانت والدتي تتركني هكذا …
لماذا علينا التضحية من اجل هذه القصة يا أمي ؟
جاء الألم الرهيب ببطء إلى قدمىّ .
الألم و الوحدة ، كأن العالم تخلى عني .
و في حالة الإستياء و الإحباط كان على التحمل يائسة و البكاء فقط .
عندما أصبحتُ في هذا الموقف ، بدأت فكرة إلقاء اللوم على شخصٍ ما بالظهور .
في تلكَ اللحظة .
تذكرت الزهرة التي نسيتها لفترة بسبب الألم .
‘أين الزهرة ؟’
أدرتُ رأسي بسرعة .
كانت الزهرة موضوعة بجواري .
بعكسي ، عندما كنتُ قادرة على رؤية الزهرة بحالة جيدة ، لقد كانت قادرة على التنفس حتى ولو قليلاً .
“لم يفت الأوان على البكاؤ بعد …”
لا اعرف كم مضى من الوقت ، لكنني رأيت ضوء أزرق يتسلل. إلى السماء السوداء .
أخذتُ نفساً عميقاً قدر الإمكان و حركتُ رأسي ببطء .
على الأقل ، يجب أن أتحقق من مدى خطورة الأمر .
أغمضتُ عيني من الألم غير المألوف و أدرتُ رأسي و فتحت عيناي .
سواء كانت مكسورة او إصابة اكثر خطورة ، ارتفع هذا الألم الرهيب إلى الركبة .
تركتُ الشعور بأن قدمي لم تكن قدني ، وحاولت أن أستجمع بها بعض القوة . لتذكرني بأنه ليس لدىّ خيار سوى التحرك .
“آه.”
إنها مؤلمة جداً .
حتى لو إستجمعت بعض القوة في قدمي ، لقد شعرتُ بألم رهيب و لم استطع التحرك .
‘لابدَ لي من إجبار نفسي على الذهاب .’
لقد وجدتُ زهرة اخير ، ولكن سيكون من المؤسف أن أستسلم في هذه الحالة.
إستمرَ تنفسي القوي في خلق ضباب ابيض من البرد .
لا استطيع الإنتظار حتى يأتي شخص ما إلى هنا لمساعدتي .
“بعد فجر اليوم ، إن الوقت متأخر…”
كان الوقت يمر بدون أن يتيح لي فرصة للتردد .
لكنني بالتأكيد ، سأنجح .
البقاء على قيد الحياة ، يجب أن أفعلها ….
إرادتي كاملة .
كان هناكَ مشكلة واحدة فقط .
أنا لا املك اي فكرة عن ايه أنا .
لم أخرج ابداً من البوابة من قبل في المقام الأول ، و طاردني حيوان ضخم و ضعت ..
يبدو أن الفراشة التي رأيتها منذ فترة قصيرة قد إختفت .
كيف يُمكنني أن أجدها ..
شعرتُ بألم شديد في جميع أنحاء جسدي وخاصة في ساقي اليمنى المصابة ، و تدفق العرق البارد على ظهري رغم البرد .
أدرُ رأسي و حاولت معرفة الأمر .
ثم ظهرت أمامي الفراشة الأرچوانية و كأنها كانت تنتظرني .
“…هل ستعيدينني مرة أخرى ؟”
لم يكن هناكَ رد لأنها لم تكن بشرية ، لكن الفراشة ابدت رد فعل بدلاً من ذلك .
تماماً مثلما أرشدتني منذ فترة ، أخذت الفراشة زمام المبادرة و رفرفت .
كما لو كنتُ ممسوسة بشئ ما ، جررت قدمي الثابتة بقوة و بدأت في اتباع الفراشة .
عابرة تحت الأشجار الكبيرة التي تحجب ضوء القمر الساطع ، وعبر الأدغال .
حتى مع كبر الطريق ، قررتُ أن اؤمن بهذه الفراشة التي أرشدتني إلى الزهور .
لكن من ناحية أخرى ، لقد كان جسدي يلقي برد فعل سئ .
‘مؤلم …’
كان من الصعب تحمل الألم في ساقي .
بدأ جسدي في الإهتزاز كما لو كان هذا هو حدي الأقصى .
أصبح الطريق أمامي غير واضحاً قليلاً و إسترخت ساقاي .
‘فراشة..’
في هذه الحالة ، كان من الممكن أن يتلاشى فيها وعيي ، فإن الشئ الوحيد الذي بإمكاني تصديقه هو الفراشة التي كانت أمامي .
كانت تتلاشى أجنحة و اذرع الفراشة بشكل تدريجي .
هل رؤيتي مشوشة ، أم أن الفراشة أصبحت غير واضحة .
و مع ذلك ، توصلت إلى فكرة انني لا يجب أن أفوت الفراشة ، و معه بدأ هذا الجسد يمشى إلى الأمام بشكل غير متوازن .
“هل هذه هي النهاية…؟”
هل الفراشة لا تختفي ولكن وعيي هو المشوش ؟
جاءت لحظة السقوط إلى الأمام بشكل بطئ مثل الموت .
قبل أن أصتدم بالأرض بقليل ، شعرت بالألم و اغلقت عيني .. و بإعجوبة ظهر أحد و التقط جسدي.
“اهووو…شكراً للإله.”
اوه ، انه صوت اعرفه .
“لينوكس…”
فتحت عيناي المغلقتان ببطء بسبب الدفء الذي شعرته به في المكان الذي امسكني فيه .
بشكل مفاجئ و بدون أن اشعر كنت قد خرجت من الغابة المظلمة بالفعل .
تمكن لينوكس الذي ظهر فجأة من إمساكي و أنا على وشكِ السقوط .
لقد كان العرق على جبهته و يبدو أنه جرى بسرعة .
لم يكن الأمر مثلي ، و لكن تنفسي كان صعباً .
“أنتِ….”
فتحَ لينوكس فمه كما لو أنه كان يريد قول شئ ما بتعبير مفاجئ .
نزلت ببطء نظرته من على رأسي و عندما وصل إلى قدمي تجعد حاجبيه بشكل ملحوظ .
“يا الهي ، مجنونة !!”
صوته كان غاضباً .
‘لماذا أنت غاضب ؟’
لا اعرف لماذا ، لكن إن كنتَ غاضباً فلماذا لا تقدم لي خدمة ؟
مرة أخرى ، أغلقتُ عيني بقوة و رفعت يدي و أنا مــمسكة بالزهرة .
يتبع…