293 - لعبة الأمير
اكتساب القوة، عن طريق التضحية بالآخرين.
طقوس غريبة وضعت الكنيسة أيديها عليها، طقوس جعلت من إمكانية الاختراق إلى مستويات أعلى أمراً ممكناً لأمثال بلاتير.
قوة هذا الأخير تجاوزت الفئة SS بعدما كان عالقاً بها لوقت طويل، قوته ازدادت، وضوءه كان شديداً لدرجة أنه شعر وكأنه قادر على تحقيق أي شيء.
بمستواه هذا.
قوته جاءت بعدما ضحى بآلاف الأشخاص، كل تلك الأرواح في سبيل هذه القوة المزعومة.
هذا هو مسار التضحية الغريب الذي اكتشفته الكنيسة، وجعلها تبلغ ما بلغته.
بهذا العالم الشاسع، هنالك طرق لا تعد ولا تحصى ليصبح المرء أقوى، لعل هذا هو أكثرها مأساوية وظلاماً.
بلاتير كان سريعاً، قوياً.
ضحيت بآلاف الناس، وقدتهم نحو هلاكهم في سبيل اكتساب هذه القوة.
بوم.
توالت الانفجارات الواحدة تلو الأخرى، بينما قاتل أسقف الكنيسة الأعلى ضد الوحش المسمى فراي ستارلايت.
“لقد أصبحت أقوى.. أقوى بكثير مما كنت عليه”.
مع كل تصادم، كل تلاحم.. كانت تبرز ذكريات قديمة للأيام التي أخفض فيها بلاتير رأسه للآخرين، تذلل وخضع طواعيةً، منتظراً اللحظة المناسبة لينهض من جديد ويرد لهم الصاع صاعين.
وها قد جاءت اللحظة.
يفترض بهذه أن تكون ساعة تألقه، الوقت الذي سيري.
فيه العالم أجمع، من هو جوزيف بلاتير.. العجوز الذي قاد الكنيسة لسنين طويلة.
هذا ما يفترض أن يحدث.
بوووم.
أمام أعين أتباع الكنيسة المنصدمين.. توالت الانفجارات.
يفترض أن صوتي الآن تؤهلني للوقوف بقمة هذا العالم، إذا كيف.. كيف بحق الجحيم…
متمسكاً بسيوفه إلى أن سالت الدماء، متراجعاً للخلف.
بينما غاصت أقدامه داخل الأرض متماسكاً بالكاد.
بلاتير حدق برعب نحو ذلك الخصم المقنع الذي واجهه.
“يفترض أنني الآن من بين الأقوى.. إذا كيف بحق الجحيم لا يزال قادراً على أن يطغى علي بهذا الشكل”.
بوم.
بضربة سريعة من تلك السيوف السوداء المشؤومة، فراي أرسل بلاتير طائراً بينما ضيق الخناق عليه.
“تشكيل سيوف الضوء !!!”.
مستجمعاً قوته الكاملة، شكل بلاتير عشرات السيوف المضيئة من حوله، مهاجماً فراي بواسطتها محاولاً قطعه بيأس.
لكن هذا الأخير صد كل شيء رماه عليه بلاتير بسهولة.
بينما واصل الضغط.
“10 آلاف خطوة من الظل المهارة الفائقة”.
“الهاوية”.
باأقل من جزء من الثانية.. فراي اختفى تماماً ليظهر خلف بلاتير بلمح البصر.
بمجرد تجاوزه لخصمه، تحول وجه الأسقف الأعلى إلى قبر عندما وجد جسده يتمزق بواسطة مئات السلاشات البنفسجية التي اجتاحته دون توقف.
مستعملاً قوته المقدسة لأقصى حدودها، هو بدل يعالج نفسه بنفس السرعة التي قطعه فراي بها ما جعله يصمد.
لكن الكارثة كانت أن فراي واصل الهجوم مانعاً إياه من التقاط أنفاسه.
“يبدو أنك أنت من لا يدرك مقامه هنا يا بلاتير”.
سلاش.
بينما غطاه وهج الظل لتأقلم الظلال، فراي قطع خصمه دون توقف.
في البداية بدا بلاتير قادراً على القتال بتساوٍ، لكن ما هي سوى ثوانٍ معدودة ليقلب فراي الطاولة تماماً على خصمه.
“اللعنة عليك ! تشكيل الضوء !!”.
مستجمعاً قوته، حاول بلاتير إطلاق تقنية مختلفة.
لكن الزمن تجمد فجأة، وكأن الوقت نفسه توقف عن المضي قدماً.
“Screenshot : مهارة”.
مستعملاً مهارته الخاصة، فراي أوقف الزمن لثانية واحدة، جاعلاً العالم يصمت كلياً، بينما تحرك بمفرده.
ثانية واحدة هي وقت ضئيل، لكن لأمثال فراي الذين تحركوا بسرعة مهولة.. هي كانت بمثابة وقت كافي للقيام بالكثير.
سلاش.
بضربة سريعة، شق فراي صدر بلاتير بشكل مرعب جاعلاً أعضاء وأمعاء هذا الأخير تنسكب فوق الأرض.
بلا حسيب ولا رقيب.
“أظنك كنت تحاول إطلاق تقنية من نوع ما.. حسناً أنا واثق أنها كانت تقنية تافهة على أي حال.. لذلك لنختصر وقتي ووقتك…”.
بوم.
بضربة خاطفة أخرى، أرسل فراي نظيره طائراً.
“مالذي كنت تحاول القيام به بالضبط هنا؟ مالذي حاولت تحقيقه؟”.
“هل تذللت طيلة هذه السنين، وخدعت كل أولئك الناس من أجل هذا القدر التافه من القوة؟”.
“أخبرني..”.
بلاتير ” حاملاً ازدراءاً حقيقياً تجاه خصمه.
فراي لم يفهم ما كان يراه بالضبط.
من جهة أخرى، انهار بلاتير أخيراً مستوعباً الخطأ الجسيم الذي قام به.
نازفاً الدماء من كل مكان، هو أدرك أن قواه ضئيلة جداً مقارنة بالوحش الماثل أمامه.
“أتباع الكنيسة !!! وحدوا قوتكم ضد هذا الشيطان !!!” صرخ بلاتير برعب.. ما جعل أتباعه المنذهلين يندفعون نحو فراي.
“من يضحي بحياته هنا فنصيبه الجنة !!!! سيعيش بالنعيم الأبدي، لذلك لا تترددوا وهاجموه !!!”.
واصل بلاتير الصراخ دون توقف، بينما ضحك فراي على المشهد أمامه.
“انظروا إلى أنفسكم، هذا تعدى مرحلة الإيمان الأعمى بأشواط، ولم يعد سوى بمثابة غباء محض”.
سلاش.
ممزقاً أتباع الكنيسة بسرعة شديدة، فراي طارد بلاتير الذي حاول الهرب منه.
“إذا كنتم أنتم الأحق، إذا كنت أنا هو المخطئ والزنديق هنا، فأخبروني يا أتباع “الكنيسة”.
سلاش.
“لماذا تموتون بهذه السهولة أمامي؟ ولماذا يفر قائدكم النبيل هرباً مني؟”.
سلاش.
أطلقت الملائكة النار، اندفع المحاربون حاملين أسلحتهم.. لكن بلا فائدة.
المعركة كانت من جانب واحد بشكل كلي.
“أرى ما تحاول القيام به يا بلاتير، تدفع بالمزيد من أتباعك لقبورهم في سبيل التضحية بهم وزيادة قوتهم، أنت يائس حقاً أيها العجوز”.
سيوف فراي تحركت بسرعة جنونية، ولم يترك من خلفه سوى المسارات البنفسجية المتفجرة.
دماء أتباع الكنيسة انسكبت بدون توقف، وفراي اجتاحهم مستخدماً قوته الكاملة.
بلاتير جرى بعيداً، تاركاً من خلفه خطاً من الدم.
هو حاول الانسحاب.
أتباعه رموا بأنفسهم أمام فراي لإيقافه، مصدقين أنه بذلك يخدمون قضيتهم.
بلاتيني كان عالقاً بمعركته ضد سنو ليونهارت.
بمعنى آخر، لم يكن هنالك من يستطيع مساعدته.
“لا زلت أملك الفرصة !!! لدي قوة شجرة العالم في صفي”.
معتمداً على أمله الأخير.. بلاتير اندفع ناحية الشجرة المقدسة، هناك حيث رقدت القديسة أوريل بلاتيني.
فهناك تواجدت آخر فرصه.
لكن كل شيء تجمد من حول بلاتير، عندما شعر بالموت يدنو منه.
“أنت لن تذهب إلى أي مكان”.
هو سمع الصوت بوضوح.. صوت همس بجانب أذنه.
بلاتير أدرك مدى قرب فراي منه، لذلك استدار على الفور محاولاً صده.
بوووم !!!.
بلاتير سمع صوتاً.. صوت غريب.
صوت انفجار، بينما تساقطت أشياء لزجة فوق الأرض.
كان الأمر غريباً، لكنه سرعان ما وجد نفسه راقداً فوق الأرض بين كل تلك الأشياء اللزجة من حوله، والدماء التي انسكبت بكل مكان.
“هذه هي النهاية”.
بضربة سريعة، طعن فراي سيفه باليريون نحو صدر بلاتير.
الهجوم كان هائلاً، وباليريون بدا مثل نيزك مظلم من شدة الأورا التي سلطها فراي بداخله.
الضربة محقت صدر ورقبة بلاتير، بالإضافة لجزء كبير من معدته وأكتافه.
هجوم وحش أسفر سقوطاً مدوياً للأسقف الأعلى الذي تسرب دمه بكل مكان.
المشهد كان مرعباً، لدرجة أن الكثير من أتباع الكنيسة الناجين قد خسروا كل القوة التي دفعتهم للمضي بعد الآن.
المتسبب بتلك المجزرة الدموية التي أطاحت بقائدهم كان واقفاً هناك.
مخفياً وجهه بقناع أسود عجيب.. هو استدار ناحيتهم.
“من التالي؟”.
كلمات بسيطة، لكنها بثت من الرعب بقلوبهم ما جعلهم يتراجعون جميعاً بوقت واحد.
سنو ليونهارت كان لا يزال بصدد قتال بلاتيني الذي تزايدت قوته بفضل التضحيات.. وهذا ما لفت انتباه فراي بشكل خاص.
“يبدو أن الأسقف كانوا المستفيدين الوحيدين من قوة أولئك الموتى”.
متمسكاً بسيوفه، فراي عول على الاندفاع لمساعدة سنو وقتل الأسقف الثاني بأسرع وقت.
كانت هذه فكرته.. الفكرة التي لم ينفذها، بعدما حدث شيء لم يكن بالحسبان.
مستديراً ببطء، وقعت أعين فراي على مشهد لم يتوقع رؤيته، فضربته الأخيرة فجرت جسد بلاتير بالكامل، رامية رأسه بجهة، وبقية أعضاء جسده بجهة أخرى.
لكن على الرغم من ذلك، ورغم أنه يفترض به أن يكون ميتاً.. إلا أن ذراع بلاتير اليمنى ارتفعت للأعلى منتصبة وكأن الحياة لم تفارقها قط.
فوق تلك الذراع، تواجد قدر مهول من النقوش الدموية الغير مفهومة.
رموز ملعونة توهجت بضوء أحمر مشؤوم، قبل أن يهتز المكان بأكمله، وينزل شعاع هائل من السماء مبتلعاً فراي، ودافعاً إياه عشرات الطوابق للأسفل.
هنا بقمة المعبد القديم لكنيسة نوكتيرا.. ظهرت ملاك الحرب الأنثى مرة أخرى.
الملاك التي تحاشى فراي قتالها بآخر مرة.. ها هي ذي تباغته بهجوم جاء من العدم حرفياً.
من جهة أخرى، توهج جسد بلاتير، وطارت أشلاؤه طافية فوق الأرض قبل أن يحدث مشهد عجيب جعل أعين أتباع الكنيسة تستعيد ضياءها مرة أخرى.
فأمام أعينهم، تلاحم أعضاء بلاتير عائدة مكانها، بينما استعاد العجوز القديم عافيته مرة أخرى قبل أن ينهار أرضاً ويبدأ باللهاث متصبباً العرق وتعابير الخوف مرسومة على وجهه.
فقد اختبر الموت قبل قليل، لكنه نجا.
وبأعين أتباعه، كان ذلك كل ما احتاجوا رؤيته.
“معجزة !!”.
“إنها معجزة !!!” صاح الأتباع المؤمنون الواحد تلو الآخر، بينما عجب بلاتير لأمرهم.
“مالذي يتحدث عنه هؤلاء الأوغاد؟”.
هذه لم تكن معجزة، بل القوة التي استعارها من شجرة العالم الذهبية.
فقوة تلك الشجرة كانت عظيمة لدرجة أنها دبت الحياة بكل ما يتواجد حولها.
بلاتير لطالما حاول جعل قوتها ملكاً له، لكنها رفضته دوماً ولم تمنحه سوى الفتات.
لكن ذلك الفتات كان كافياً، ليعود من جديد بعدما كاد الموت يدركه.
بلاتير لم يتعمد فعل هذا، لكن ما حدث جعل أتباع الكنيسة بطريقة ما أكثر إيماناً به، معتبرين ما فعله معجزة.
بالعادة، بلاتير كان ليسعد بما رآه، لكنه لم يستطع هذه المرة.
فذلك الوحش الذي قتله من قبل كان قادماً، صاعداً إلى مكانهم بسرعة البرق.
“أتباع الكنيسة !! لا تفقدوا إيمانكم !! هذا الوحش قوي، لكنه مجرد بشري بقلب واحد، مهما بدا قوياً، فسيموت بالنهاية! كرسوا قلوبكم وقاتلوا من أجل لورد الضوء!”.
مفعلاً الرونية الدموية، أشار بلاتير للملاك لكي ينزل.
“ملائكة الحرب ستقاتل بصفنا!”.
تزامناً مع كلماته، هو فعل الرونية الأخرى أيضاً، ما جعل المزيد من الضغط يسلط على المكان بعدما ظهر ملاك الحرب الثاني قادماً من بعيد.
“مهما كلف الأمر، أوقفوه هنا!” صرخ بلاتير.
قبل أن يرد عليه أتباعه بصوت واحد: “من أجل لورد الضوء!!”.
هم صاحوا متحمسين، لكنهم أطبقوا أفواههم عندما سلط عليهم ضغط أورا جبار تجاوز بمفرده ما أبرزته تلك الملائكة.
ضغط جعل بلاتير يظهر وجهه ملتوياً من الخوف قبل أن يندفع بعيداً هارباً.
“بدأت تمتحن صبري يا بلاتير، أنت وأتباعك الحمقى الذين يتلهفون لعبادة مؤخرة إله لا يعرفون عنه شيئاً سوى اسمه”.
قافزاً من الحفرة التي دفن بها سابقاً، خرج فراي سالماً معافى حتى بعد تعرضه لهجوم مباشر من ملاك الحرب.
“سيكون علي قتلك بشكل صحيح هذه المرة” قال فراي بغضب، بينما صاح بلاتير بخوف: “نار!!!!”.
تزامناً مع أمره، أطلق ملاك الحرب الثاني مدفع الأورا المقدسة ناحية فراي، هذا الأخير استدار ناحيته على الفور بينما تسرب قدر مهول من الأورا من داخل جسده.
“10 آلاف خطوة من الظل: أسلوب فراي ستارلايت: “Nameless judgement!!!!”.
مطلقاً الـ Nameless judgement بقوته الكاملة، سلاش عظيم تصادم مع مدفع الأورا الخاص بالملاك.. هو شطر شعاع الأورا العظيم ذاك لنصفين بينما واصل التوغل إلى أن ضرب جسد ملاك الحرب بعنف شاطراً إياه هو الآخر لنصفين.
بالوقت نفسه، فراي اندفع ناحية ملاك الحرب الآخر وسيوفه تشتعل بأورا الظلام.
الملاك الثاني كان قد انتهى من الشحن، لذلك أطلق مدفعيته على الفور بوجه فراي.
هذا الأخير مستعملاً النقل الآني تفادى الهجوم ليظهر بجهة مختلفة تماماً، لكن الملاك أدار رأسه بينما واصل إطلاق الشعاع جاراً إياه طول الطريق ناحية فراي.
مندفعاً بسرعته القصوى، دار فراي حول الملاك هارباً من شعاع الأورا المقدسة ذاك الذي دمر مساحة واسعة جداً من الغابة أدناهم.
كلاهما طار بالسماء، مستغلاً سرعته الجنونية، نزل فراي فوق جسد الملاك مرسلاً قدراً مهولاً من السلاشات لكن حاجزا عملاقاً حمى جسد الملاك.
من جهة أخرى، كانت قوة غريبة تحاول تلاحم ملاك الحرب الثاني الذي شطره فراي لنصفين قبل قليل.
منتبهاً لذلك، تملك الغضب فراي الذي زاد من حدة الأورا المخرجة من داخل جسده، محاولاً محق كلاهما بأسرع وقت ممكن.
مشهد شاب واحد يقاتل ملاكين بالفئة SS+ .. بل قمة تلك الفئة لم يزد سوى الرعب بقلب بلاتير الذي فر هارباً.
هروبه هذا دخل مجال فراي، فهو رآه بوضوح.
لكنه كان مشغولاً بقتال الملائكة، لذلك لم يكن له سوى الاعتماد على صديقه.
“سنو !! طارد ابن العاهرة الخرف !! لا تدعه يهرب !!”.
مرسلاً نداء لصديقه، كان سنو ليونهارت قد طغى هو الآخر بشكل تام على بلاتيني.
فرغم تضخم قوة هذا الأخير، إلا أن سنو ليونهارت الذي فتح مسار الشياطين بالإضافة لمسار البشر قد كان أشد قوة منه ببساطة.
بعدما هرب بلاتير، حاول بلاتيني فعل نفس الشيء.. ولهذا طاردهم سنو.
“اعتمد علي يا فراي، وركز على العدو أمامك فحسب!”.
فراي قاتل بالأعلى في السماء، بينما سنو خاض المعركة بالأسفل.
قوى الاثنين فاقت توقعات بلاتير بكثير، لذلك لكن له من خيار سوى التراجع ولعب كل أوراقه.
سنو طاردهم، لذلك لوح بلاتيني بيده آمراً.
“أتباع الكنيسة ! أوقفوه !!”.
استجابة لأوامره، تكدس المقاتلون والملائكة أمام سنو محاولين إيقافه.
سنو بغضب صاح عليهم على الفور: “افتحوا أعينكم ! ألست أنا حامل السلاح الذي صنعه هذا الإله المزعوم الذي تعبدونه؟ لماذا تقفون بطريقي إذاً !”.
“قد تكون رسول لورد الضوء، لكنك عصيت أوامره يا لورد ليونهارت، فراي ستارلايت استطاع خداعك وجرّك لماربه، لكن منا ! عد لرشدك ! لورد ليونهارت !”.
صاح أتباع الكنيسة الواحد تلو الآخر، بينما وجد سنو نفسه حائراً غير قادر على إخراج الكلمات.
“ما هذا بحق الجحيم.. هل أنت جاد؟ ما هذا الإيمان الملعون الذي تملكونه جميعاً؟!”.
سوووش !!.
مطلقاً البرق الأسود والنيران الزرقاء، سنو شق طريقه بالقوة ممزقاً إياهم بعدما تخلى عن فكرة إقناعهم.
مقاتلاً إياهم لوحده، وجد بطل الإمبراطورية نفسه يقتل بني جنسه بلا هوادة مرة أخرى.
عندما حدق بوجوه أتباع الكنيسة.. أناس قاتلوا حتى الرمق الأخير معتقدين بأنهم على صواب، معميين بإيمانهم الذي بني على كذبة.
حينها سنو أدرك.. كم قد يكون الدين مرعباً.. أكثر رعباً من أي شيء آخر.
قادر على غسل أدمغة الملايين بسهولة.. فهو جزء لا يتجزأ من كيان كل بشري.
“عليكم اللعنة !!”.
مطلقاً كوارث طبيعية من العناصر، سنو أحرقهم أحياء.
مستغلين الحصار المفروض عليه.
بلاتير وبلاتيني هربا بعيداً عائدين ناحية الشجرة المقدسة.
“بلاتير ! مالذي سنفعله !” صاح بلاتيني بينما عبس بلاتير.
“علينا استخدام كل ما في أيدينا للفوز، قوة فراي ستارلايت تعدت توقعاتنا بأشواط.. ذلك الوحش خطير جداً” قائلاً بجدية، أظهر الأسقف الأعلى تصميماً شديداً.
“سنستعمل قوة الشجرة، وحياة القديسة لو تطلب الأمر، وسنضحي بكل شيء في سبيل الفوز يا بلاتيني!!”.
معولاً على إخراج كل شيء، سارع بلاتير الخطوات عائداً للقمة.. وما هي إلا دقائق معدودة ليبلغها.
لكنه تفاجأ برؤية انه لم يكن أول الواصلين.
جالساً هناك.. جاء شخص ثالث من العدم، مقتحماً الحفلة.
“أوه.. جئتم أخيراً، أنتم لا تعرفون كم انتظرت”.
ناهضاً من مكانه، هو أطل عليهم بابتسامته المعتادة التي أرسلت القشعريرة لبلاتير.
“أنت.. كيف وصلت إلى هنا؟” الأسقف سهل، بينما اتسعت ابتسامة نظيره.
“لقد كان الأمير.. أيغون فاليريون”.
…
إيغون فاليريون .. كيف بلغت هذا المكان بحق الجحيم؟!
تقدم بلاتير بحذر رفقة بلاتيني، ناحية الأمير الذي ظهر من العدم.
“هذا سؤال وجيه لكنك لست بحاجة لسماع إجابته”.
قال إيغون، قبل أن يدير رأسه نحو الشجرة العظيمة المنتصبة خلفه.
“ما يهم هو أنني هنا بالفعل، بالمكان عينه الذي أخفيته عن العالم أجمع، جوزيف بلاتير .. كنت أعلم أنك تخفي الكثير، وأنت لم تخيب ظني قط”.
القاعة التي تواجد بها ثلاثتهم حاليًا تواجدت أسفل الشجرة المقدسة، بينما أطلت على الينبوع الذي تواجدت به القديسة أوريل.
إيغون أصبح مطلعًا على كل ذلك بالفعل.
الأمير كان لا يزال بصدد إبداء إعجابه بالمكان، لكن بلاتيني باغته على الفور عندما ظهر أمامه بلمح البصر، لاكمًا إياه بقوته الكاملة.
لكمة بلاتيني أرسلت إيغون طائرًا مفجرة المكان من حوله بالكامل.
أسقف الكنيسة أراد إنهاء الأمير بهجوم واحد، وقد نجح بتوجيه الضربة .. لكن النتيجة لم تكن مطابقة لما أراد…
بلاتيني تفاجأ عندما وجد علامات السيف فوق ذراعه التي لكم إيغون بها، بينما ضحك هذا الأخير من بعيد.
“هذه كانت وشيكة”.
من بين غبار الدمار الذي خلفه الهجوم، خرج إيغون حاملا سيفه بيده اليمنى بينما توغلت أفاعي البرق المظلمة من فوقه، أما يده اليسرى .. فقد حملت عصا غريبة أطلقت وهجًا ذهبيًا حمى إيغون باللحظة الأخيرة.
“هذه .. الداون غارد …”.
أحد الأسلحة القديمة التي فقدت منذ مات حاملها السابق.
وعلى ما يبدو، لقد كانت بحوزة إيغون.
“اقتله يا بلاتيني .. نحن لا يجب أن نترك أي شخص يرى هذا المكان على قيد الحياة”.
مترنحًا بشكل مثير للشفقة .. بدا بلاتير بحالة مزرية بعد القتال ضد فراي ستارلايت.
هذا الأخير تسبب له من الضرر ما جعله غير قادر على القتال، فالبقاء واعيًا لوحده كان مهمة شاقة له.
بلاتيني هو الآخر خسر أمام سنو، لكن حاله كان أفضل بكثير.
“بلاتير، لأصدقك القول .. لطالما اعتقدت أنك أفضل من هذا، حسبتك خصمًا جديرًا فأنت أخفيت أوراقك الرابحة بعناية دومًا، وتمكنت من خداع الملايين بهذه الديانة الزائفة التي تقودها”.
“لكن انظر إلى نفسك الآن، كل ما بنيته لسنين طويلة يكاد ينهار أمام عينيك، كل أوراقك الرابحة، أسلحتك القوية التي عولت عليها من أجل قهر أعدائك .. كلها بدون فائدة أمام القوة الحقيقية .. هناك وحوش بهذا العالم لا تنفع أمامهم الخطط والاستراتيجيات، فلا يقهر القوى الجبارة سوى قوى جبارة أخرى مماثلة لها أو أشد منها”.
إيغون اقترب بلا خوف، ناحية أسقف الكنيسة المنهزمين.
“لهذا السبب، أنت خسرت أمام فراي ستارلايت .. لأنه هو نوع الوحوش التي لا يمكن قياس قوتها بالمعايير الطبيعية للبشر، بمعنى آخر الخطط العادية لن تنفع ضده بطبيعة الحال .. أنت خسرت تمامًا، يا بلاتير وهذا مثير للشفقة حقًا”.
قال إيغون، بينما تلوى وجه الأسقف الأعلى.
“أنا خسرت؟ ومن يحدد فوزي من خسارتي؟ أهو أنت أيها الأمير؟”.
كاشفًا عن ذراعيه الاثنتين، ظهرت الرموز الدموية المحفورة على جلده بشكل جلي، بينما توهجت بضوء قرمزي.
“فراي ستارلايت محاصر الآن بين اثنين من ملائكة الحرب، وسأكون قد أنهيت استعداداتي ريثما يصل سنو ليونهارت إلى هنا .. أما أنت”.
مشيرًا لإيغون، قال بلاتير بابتسامة مرعبة.
“أنت لن تنجو لترى الغد، فنحن أكثر من قادرين على إنهائك هنا”.
تزامنًا مع كلمات بلاتير هذه، ظهر شخص رابع بالمكان.
رجل في الأربعينات ارتدى جلبابًا أبيض، وتميز بشعره الأسود الذي اختلف به عن بقية الأسقف.
لقد كان راميئيل كاليستيس.. آخر وأصغر الأسقف الثلاثة.
“يبدو أنني جئت بالوقت المناسب”.
قال كاليستيس، محدقًا بإيغون بينما غطى جسده هالة خضراء شديدة القوة.
على غرار الأسقف الآخرين، هو استفاد من قوة التضحيات، وزادت قوته كثيرًا، أضف إلى ذلك أنه لم يخض أي معركة حتى الآن ما جعله يحافظ على عافيته بشكل كامل.
المعركة تحولت الآن لـ 3 ضد 1، ووجد الأمير نفسه بمفرده.
“تحدثت بغرور أيها الأمير، متجرئًا على الحكم علي أنا بمستواك الهزيل ذاك، تحدثت عن القوة، وتحدثت عن الخطط .. لكنك لا تملك من الأولى سوى القليل، وخططك وذكاءك الذي لطالما افتخرت به ها هو يقودك إلي لوحدك بغباء .. لربما ظننت أننا لن نستطيع القتال بعد الخسارة ضد رفاقك .. وطمعت بتوجيه الضربة الأخيرة وتحقيق فوز سهل”.
“إذا كانت هذه هي خطتك المزعومة، فأنت هو المثير للشفقة هنا أيها الأمير”.
بأعين محقنة بالدماء، حمل بلاتير نفسه للأمام.
“لا بأس .. نحن نستطيع الفوز بهذا … هذا ما جال داخل عقله، محدقًا بالأمير ثم الشجرة الذهبية من خلفه”.
“ملائكة الحرب تقاتل فراي، سنو محاصر ولن يصل بالوقت المناسب”.
“الأسقف الثلاثة حاضرون ضد إيغون وسيتمكنون من هزيمته بسهولة، ثم بعدها ستكون له عديد الطرق لإنهاء المعركة”.
“لازلنا نملك القديسة، وقوة الشجرة المتبقية لدي”.
“لازال هناك الكثير من الفرص، وخسارتهم لم تكن قريبة إطلاقًا”.
“ل ننهي أمره بسرعة، فقد ضيعنا بما فيه الكفاية من الوقت”.
قال بلاتير بحزم، واقفًا بالمقدمة، بجانبه بلاتيني .. وخلفه كاليستيس.
ثلاثة مقاتلين دفعوا قواهم لما يقارب أو يساوي الفئة SS+.
ضد إيغون، هذا الأخير لم يكن له فرصة للفوز إطلاقًا.
لكن وردًا على ما قاله بلاتير سابقًا، هو أومأ مبتسمًا.
“معك حق يا بلاتير، فقد ضيعنا الكثير من الوقت وآن أوان إنهاء هذه المسرحية المبتذلة”.
رغم أنه كان محاصرًا تمامًا .. إلا أن إيغون واصل المشي نحو بلاتير.
“البشر مخلوقات انتهازية، بسيطة ومعقدة بآن واحد .. ستجد من بينهم من هو ملتوي حتى النخاع لا يخضع لأي حس سليم، والبعض الآخر لا يعيش سوى لتلبية مصالحه الشخصية وطموحاته الخاصة .. البعض يقاتل من أجل العائلة، الدين، الوطن .. تعددت المفاهيم، لكن بينها من التشابه الكثير”.
“فكلها ليست سوى أهداف ومبادئ يستعملها البشر لتبرير أفعالهم، شن الحرب من أجل الدين، وقتل الآخرين بذريعة أنهم زنادقة يستحقون الموت .. من أجل الوطن، بذريعة الدفاع عنه من الغزاة الأجنبيين، من أجل العائلة، بذريعة حمايتهم .. أو لسبب أبسط بكثير، من أجل نفسك، وأنانيتك الخاصة .. في النهاية الجميع يلطخ أيديه بالدم لأسباب مختلفة، لكن الدم لونه واحد، وبنهاية الحكاية .. كلنا قتلة متشابهون، نقاتل من أجل مصالحنا الخاصة”.
إيغون استرسل بالحديث، متجاهلًا موقفه الحالي بشكل كامل، ما جعل بلاتير يضيق أعينه به.
“ما الذي تهذي به بحق الجحيم؟”.
“آه .. اعذرني”.
ضحك إيغون بخفة، قبل أن يضع يده على وركه، بينما أشار ناحية بلاتير باليد الأخرى.
“ما أحاول قوله لك يا عزيزي بلاتير، هو أن البشر مخلوقات انتقائية، تعيش من أجل مصالحها الخاصة لا غير .. لهذا السبب بالذات، لن يكون غريبًا أن يغيروا من الجانب الذي يقاتلون لصالحه .. عندما يحصلون على عرض أفضل”.
كلمات إيغون رنت بجانب آذان بلاتير ببطء شديد، وبرنة فريدة لم يفهمها الأسقف إطلاقًا.
فبالتزامن مع ما قاله إيغون … بلاتير سمع صوت تحطم .. صوت سحق، وانسكاب لشيء ما لزج فوق الأرض.
رؤيته تحولت للقرمزي ببطء، بينما توسعت ابتسامة الأمير أمامه بشدة، لدرجة أن وجه هذا الأخير بدا شيطانيًا تمامًا بهذه اللحظة.
ابتسامة سادية مرعبة لم ير مثلها من قبل، لشخص ملتوي استمتع بهكذا مواقف.
بلاتير أنزل رأسه ببطء نحو الأسفل .. وبالمثل، بلاتيني استدار مصدومًا ناحيته.
كلاهما حدق بتلك اليد الدموية التي اخترقت ظهر بلاتير، وخرجت من صدره.
هو لم يستوعب ما حدث في البداية، لكن وبعد ثواني معدودة .. بلاتير أدرك أخيرًا أنه تعرض للغدر من الخلف .. بعدما طعنه رفيقه بالظهر.
“آسف يا بلاتير، لا شيء شخصي .. فكل ما في الأمر أن الأمير قدم عرضًا أفضل” من خلف ظهر بلاتير، تحدث كاليستيس بابتسامة عريضة بينما اندفع بلاتيني نحوه على الفور.
“كاليستيس !!! ما الذي فعلته !!!”.
بلاتيني هاجم على الفور، لكنه جاء متأخرًا، فما حدث ولد ثانية من الصدمة التي أبطلت حواسه، وهذا ما استغله كاليستيس رافعًا راحة يده الثانية الحرة بوجهه مطلقًا مدفع أورا مهولًا من الأورا المقدسة.
شعاع ابتلع بلاتيني تمامًا، دافعًا إياه إلى أن حطم عديد الجدران قبل أن ينفجر بعيدًا بين الأنقاض.
على عكس بلاتير وبلاتيني، كاليستيس كان بكامل عافيته، لذلك امتلك الأفضلية المطلقة.
هو كان دقيقًا، وضرب قلب بلاتير بشكل مباشر.
هذا الأخير حاول فعل شيء ما، لكن كاليستيس قام بحركته التالية على الفور قاطعًا يده اليسرى التي نقشت من فوقها الدماء.
ثم بسرعة شديدة، هو سحب يده من داخل ظهر بلاتير قبل أن يلتقط اليد المقطوعة ويعود لجانب إيغون.
هو قام بعمله بشكل نظيف، وبلاتير سقط أرضًا غير قادر على تكوين الكلمات، فالدم ملأ حلقه بشكل كامل.