270 - الكوابيس (8)
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- وجهة نظر السيد الشاب: استيقظت يومًا ما كشرير في لعبة
- 270 - الكوابيس (8)
الفصل 270: الكوابيس [8]
———-
أطلقت تنهيدة طويلة متعبة.
على مدى… أوه، لا أدري. ساعتين؟ ثلاث؟ نعم، يبدو ذلك صحيحًا.
على مدى الثلاث ساعات الماضية، كنت أشاهد دمار إشتارا يتكرر أمام عيني.
كانت الشوارع من حولي مشتعلة وأنا أسير عبر الإسفلت اللاهب.
كان الناس يصرخون — ليس فقط خوفًا، بل في خليط خام من الرعب والألم — إذ كانوا إما يُحرقون أحياءً أو يُمزقون بوحشية قبل أن تلتهمهم الوحوش النهمة.
ملأت رائحة الدماء الممزقة، واللحم المحترق، والدخان الخانق الهواء، تجعلني أختنق كلما سحبت نفسًا.
تناثرت الجثث على الأحجار المرصوفة — بعضها متفحم، وبعضها ملتوٍ، وبعضها ممزق الأحشاء — وجوهها متجمدة في رعب لحظاتها الأخيرة.
إذا كان عليّ وصفها في جملة، فهذا بالضبط ما تخيلت أن يبدو عليه الجحيم لو كان حقيقيًا.
بينما كنت أمر، انتفضت إحدى الجثث المشوهة — امرأة، ربما في منتصف العشرينات قبل أن تُمزق بوحشية إلى أشلاء — فجأة وأشارت إليّ بإصبع اتهام.
ثم صرخت بصوت عالٍ، غاضب وخشن، “أنت فعلت هذا! أنت أهلكتنا جميعًا، يا سمائيل ثيوسبان! أطفال، رجال، نساء، شيوخ! ما كان ذنبنا؟ لماذا قتلتنا؟!”
قلبت عيني وواصلت المشي.
نعم، بعض هذه الجثث كانت تفعل ذلك — تنتفض وتصرخ بي.
في البداية، كان ذلك مقلقًا.
بعد ساعة، أصبح مخيفًا.
الآن كان مجرد مرهق.
أعني، لا لأتحدث بسوء عن الموتى، لكن ألا يمكنهم على الأقل التوصل إلى شيء جديد؟ لم يكن لديهم حتى الإبداع ليسبوني بطرق مثيرة للاهتمام.
كلهم كانوا يكررون نفس الشيء اللعين مرارًا وتكرارًا.
وعلاوة على ذلك—
“تأمّل هذا الخراب والدمار، يا ثيوسبان! أنظِر إلى وجوه الراقدين في الموت! أكثرهم كانوا يعانقون أهلاً، أحبّوهم وأُحبوا! لكنك أنتَ من ألقى بهم في لظى الجحيم! لقد ألقيت عليهم لعنة الدمار!”
نعم. هذا الصوت المشوه الغريب كان يهمس في أذني منذ فترة.
في هذه النقطة، كنت أشعر بالضجر حقًا.
“اهدأ،” قلت لنفسي. ” تذكر التدريب، يا سام. تذكر التدريب. ”
في المنزل، أثناء نشأتي، كان لدي معلم خاص دربني على أساسيات ما يجب فعله إذا وجدت نفسي محاصرًا في وهم عقلي.
كانت هناك نصائح كثيرة جدًا لسردها، لكن الأهم كانت:
1. ابدأ بالصلاة. (للأسف، كنت دائمًا نوعًا مِنْ مَنْ لا يصلون.)
2. لا تجب على أي سؤال، لا تعترف بأي اتهام، لا تعطِ أي رد فعل. وإذا سمعت شخصًا خلفك، بحق الملوك، لا تلتفت.
3. إذا استطعت التحرك، افعل ذلك. الحركة تعني أن لديك إرادة كافية متبقية. واصل المشي. حافظ على تشتيت نفسك بأي شيء غير ما يريد السحر تركيزك عليه.
“معظم الأوهام السحرية تتغذى على التفاعل،” حذرني معلمي ذات مرة بينما كان يحرك شايه بهدوء. ” مثل الفئران على الفتات. جَوِّعها، وستظهر الشقوق. ”
حسنًا، كان ذلك أسهل قولًا من فعله عندما تعاني من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة الشديد وتشعر بالملل الشديد.
“أنت وحش، يا سمائيل ثيوسبان! وحش!” يوبخني الصوت مجددًا، يبدو منزعجًا بشكل واضح من قلة رد فعلي.
…لذلك أعطيته رد فعل صغير.
أعلم، أعلم — كان يجب ألا أفعل. لكن كما قلت، كنت أشعر بالضجر اللعين.
كنت بحاجة إلى بعض التغيير.
كنت بحاجة إلى إلقاء سخرية أو اثنتين.
“تعلم،” ضحكت، “لست أقول إنك سيء في عملك… لكنك نوعًا ما كذلك. ظننت أنك ستعذبني نفسيًا. لكن كل ما تفعله هو التحدث بكلام فارغ. لو أردت ذلك، لكنت ذهبت إلى جولي. صدقني، إنها أفضل بكثير منك في هذا.”
[المترجم: ساورون/sauron]
كانت هناك لحظة طويلة من الصمت.
لثانية، ظننت أنني انتصرت.
…ثم أدركت أن ذلك كان خطأ.
“من هي جولي؟” سأل الصوت، مستمتعًا بشكل مظلم لسبب ما. “أوه انتظر — أهي الفتاة التي عذبتها فقط لأنها لم تسمعك مرة واحدة؟”
دون سابق إنذار، تغير المشهد حولي.
في لمح البصر، قبل أن أستوعب ما حدث، كنت أقف داخل غرفة نومي القديمة في قصر عائلتي.
كانت الغرفة مزينة بأناقة بستائر فاخرة، وخشب مصقول، وأثاث باهظ الثمن.
لكن لم يهم شيء من ذلك.
لأن أمامي مباشرة كان أنا الصغير.
كان يقف شامخًا فوق جوليانا الصغيرة وهي تتلوى على الأرض عند قدميه، تصرخ وتبكي من ألم لا يطاق.
…تذكرت هذا.
كان هذا اليوم الذي استخدمت فيه دودة الدم على جوليانا لأول وآخر مرة.
كان هذا اليوم الذي أفرغت فيه كل ذرة من الغضب والإحباط المكبوت عليها… رغم أنها لم تكن إلا طيبة معي.
رأيت يديها تخدشان صدرها، عند الشيء الخفي الذي يتلوى تحت جلدها.
كانت تختنق بنحيبها، تحاول التحدث، تحاول شرح نفسها أو ربما التوسل… لكن كل ما خرج من فمها المتلهف كان صوت مكتوم ومكسور.
ثم رفعت نظري ورأيت نفسي الصغيرة بنوع من الرعب المنفصل.
ذلك الشاب لم يكن حتى يصرخ.
لم يكن يتفاعل على الإطلاق.
كان يقف هناك فقط، هادئًا وصامتًا، عيناه الذهبيتان باردتان كالجليد. وجهه خالٍ من أي عاطفة.
لم يكن يشعر بشيء.
…لكن أنا، الآن، شعرت بالاشمئزاز التام من مجرد رؤيته.
كرهته لما كان يفعله. أردت لكمه، تحطيم رأسه، وخنقه.
“يا لها من قطعة عمل مذهلة،” تمتمت للوهم، صوتي جاف حتى وأنا أشعر بالغثيان في معدتي. “تهانيّ، يا صغير. أنت تستحق كل سوء حظ سيأتي في طريقك.”
كدت أشم رائحة الحديد في الهواء، أشعر برعشة أطرافها وهي تتلوى.
كان الأمر حقيقيًا لدرجة أنني أردت الوصول إليها، لإيقاف يدي من إلحاق ذلك البؤس الذي لايطاق بها وسحب جوليانا الصغيرة بعيدًا.
لكنني لم أستطع.
لأن ذلك لم يكن حقيقيًا.
لقد حدث بالفعل.
“بالضبط، يا سمائيل! بالضبط!” همهم الصوت خلفي. “تختبئ خلف نكاتك غير المضحكة وشجاعتك المزيفة، لكنك تعرف بالضبط من أنت.”
شددت قبضتي.
“لا تعرف شيئًا عني بحق الجحيم،” قلت بهدوء، وبدأت ألتفت لأغادر.
…لكن بمجرد أن فعلت، تغير العالم حولي مرة أخرى.
هذه المرة، كنت أقف على بلاط بارد في حمام مدرسي فارغ. كان هناك عدد قليل فقط من الطلاب في الأفق.
واحد منهم كنت أنا.
وآخر كان مايكل، لا يزال ممتلئًا ببطن مستدير. كانت خداه متورمتين وعيناه الكبيرتان واسعتان بالخوف.
الباقون كانوا أصدقائي — أو، بصراحة أكثر، أتباعي. كان جيك هناك أيضًا، يحرضني.
كان الجميع يضحكون ويهزءون بينما كنت أوجه ضربات قاسية لمايكل.
حاول الصبي الممتلئ أن يتكور على نفسه، ليجعل نفسه يبدو صغيرًا بما يكفي لأتوقف.
ظل يهمس بشيء — “أنا آسف”، ربما — لكن كلماته غرقت في صخب السخرية.
ضحك جيك بأعلى صوت. كان يعشق القوة في الغرفة. انضم الآخرون في جوقة من القسوة.
كان الجميع يستمتع بالعرض.
وأنا… واصلت ضرب مايكل حتى تقلصت حدقتاه كحيوان مذعور.
واصلت ضربه حتى تحولت ملامحه إلى لا شيء سوى كدمات وتورم.
رؤية ذلك الآن جعلتني أرغب في التقيؤ.
لكنني هززت رأسي فقط، أجبرت نفسي على التحدث. “هذا غير عادل! هذا لا يُحسب! فعلت ذلك فقط لأنه قبل الفتاة التي كنت معها! لم يكن لدي عداوة معه قبل ذلك!”
ضحك الصوت بحدة — أشبه بالقهقهة، حقًا. “صحيح! وكأنك، قبل هذا، لم تسيء معاملة أحد، أو تضايقه، أو تتسلط عليه. وحتى لو لم تفعل، لم توقف ذلك من الحدوث، أليس كذلك؟”
قبل أن أرد، تغير المشهد أمامي مرة أخرى.
هذه المرة، وجدت نفسي واقفًا وسط حديقة فخمة، أواجه قلعة مهيبة.
نظرت حولي وتعرفت على تلك القلعة على الفور تقريبًا. كانت الحصن الإمبراطوري للملك الغربي.
كانت سلاسل من الأضواء الخيالية والرايات متقاطعة فوق رأسي، معلقة عبر الشرفات والأسوار.
كانت الفوانيس العائمة ترسم سماء الليل بألوان دافئة، وهجها يلقي وميضًا حالمًا على جدران القلعة.
كان الهواء مملوءًا بروائح مختلطة من الأطباق الغريبة وأنغام ناعمة من كمانات لا حصر لها تعزف لحنًا احتفاليًا.
كانت همهمات بعيدة للبالغين يتحدثون عن أمور الكبار تتسرب من داخل القاعة الرئيسية للقلعة — ضحكات مهذبة، نقاشات مقتضبة، وصوت خفيف لتلامس كؤوس النبيذ بين الحين والآخر.
امتزجت أصواتهم مع الموسيقى، تبدو راقية تمامًا كما كانوا يريدون أن يظهروا في هذا الموقف.
أما الأطفال، فكانوا يتجولون خارجًا، بعيدًا عن عالم الكبار.
كانوا يركضون بين السياجات النباتية، يضحكون ويطاردون بعضهم تحت سماء مضاءة بالفوانيس.
كان بعضهم يصنع أصدقاء بسهولة كما يفعل الأطفال غالبًا. وكان آخرون يحاولون بجهد أن يبدون أكبر من سنهم بالبقاء بمفردهم.
كان الخدم في زيهم الأنيق يتحركون بنعمة مدربة، يقدمون وجبات خفيفة للأطفال قبل العشاء الرئيسي، يوازنون بين الصواني المحملة بالكؤوس والمأكولات الشهية التي لم أستطع حتى أن أبدأ بتسميتها.
كانت ليلة احتفال.
كل نبيل، وصاحب مكانة، ومشاهير، وحتى المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى في الغرب قد دُعوا من الملك للاحتفال بخطوبة ابنه الأكبر.
تذكرت تلك الليلة.
…لكنني لم أتذكر ما كان يحدث أمام عيني.
أمامي، رأيت نفسي الصغيرة — حوالي الثالثة عشرة من عمري — يضحك مع أصدقائه وهم يجرون فتاة صغيرة إلى البعيد في الحديقة.
كانوا يسحبونها نحو متاهة السياج — جدران خضراء طويلة من الشجيرات المشذبة تتشابك في مسارات ضيقة مربكة.
كانت الفتاة قصيرة، نحيفة وجميلة، بوجه يشبه الدمية وخصل سوداء تتساقط حتى أسفل ظهرها.
كانت ترتدي تونيكا طويلة بأكمام متدفقة، القماش يعانق جسدها بنعومة. فوقها، كان شال زعفراني ملفوفًا عبر كتفها ومربوطًا بدقة عند خصرها — كان يسمى بالا، إذا تذكرت بشكل صحيح.
لكن لم يجذب انتباهي شيء مثل ما وقعت عليه عيني بعد ذلك.
الفتاة… كانت تمسك بعصا طويلة بقوة، مفاصلها بيضاء على الخشب الأملس.
كانت تنقرها على الأرض بعصبية، صوت النقر الحاد يتردد خافتًا من المسار الحجري.
كانت تحاول قول شيء، وإن كان غير مفهوم. صوتها المرتجف كان مكتومًا إلى همهمات بنحيبها وهي تذرف الدموع على وجهها.
كانت تبكي. كانت خائفة.
وكانت… عمياء.
غاص قلبي.
“…ألــيــكــســيــا؟”