مملكة الجوبلن - 0 - مقدمة 'الولادة'
مدخل
الولادة
أين يوجد هذا المكان؟
على امتداد البصر أمامي يوجد الظلام. و في داخلي صرير جوع يتكرر صداه مرارا.
الجوع؟لا. من الأصح أسميه مجاعة.
“غررررر”¹
أنا جائع.
لم أستطع حتى أن أقولها بشكل صحيح.
ما خرج من فمي هو شيء شبيه بصرير صرخة غامضة بلا معنى.
أغمضت عيني.
ضربات الجوع استمرت في مهاجمتي،لكن فتح عيني صعب أيضا.
” غارررررررررر”
سمعت ما يشبه ضجيجا غير بعيد عن مكاني.
“غو” ؟
الضجيج السابق ازداد قربا ثم وقف أمامي، ومن ثم رمى أمام عيني نوعا من اللحم تفوح منه رائحة كريهة.
بدون أن أتوقف و أفكر ما نوع اللحم،وضعت جزءا منه في فمي.
لذيذ!
هههههههههه!لذيذ!
لا أعرف أي نوع من اللحم هذا،لكنني لم أعرف يوما أن اللحم يمكن أن يكون بهذه اللذة.
وضعته في فمي،عضضت قليلا منه ثم مضغته.
بدون أدنى تردد، عضضت حتى العظام المتصلة باللحم.
“غررر”
بدون أن أحس،اللحم الذي كان أمامي أصبح في معدتي الأن.
“المزيد!أريد المزيد”
هذا ليس كافيا!أريد المزيد!المزيد!المزيد!المزيد!
الإشتهاء الموجود في هذا الجسد أصبح أشد نهما للحم.
فجأة مؤخرة عنقي تم الإمساك بها و تم رفعي بقوة شديدة.
“غيي”
لو اطلعت على نفسي لرأيتني محمولا عن طريق يد ضخمة يمشي صاحبها ببطىء.
يمكنني أن أحس بالريح.
تدريجيا…الضوء غمر نظري، بعد لحظات ضاقت عيناي.
هذا ساطع للغاية. كما لو أنني كنت أعيش في كهف طيلة حياتي،ذاك الضوء دخل عيناي مثل فيضان من الضوء يحرق شبكية عيني.
ضيقت عيني،إذا تركت عيني تألف الضوء ببطىء، فعند ذلك…
“غيغي”؟
ما يوجد أمامي كان غابة كثيفة.
عند ذلك،عرفت أن مجال بصري كان يهتز.
أتسأل،طيلة عشرين سنة التي عشتها إذا كنت حملت يوما شيئا بهذه الطريقة.
لا،حتى عندما تكون صغيرا ستحمل الأشياء بطريقة طبيعية.
البشر منذ البداية…
متسائلا بالضبط من هو،حركت عيني.
لكن ما يلوح بي كان شيئا لا يمكنني أن أتصوره سوى كمزحة.مخلوق ذو هيئة ضخمة.
“غي”؟
لا،كيفما نظرت لأمر…
هذا ليس مخلوقا بشريا.
بعبارة أخرى،هو ذلك.
بسبب معرفتي المحدودة لا أعرف كلمات أخرى لوصفه،لكن…
غوبلن.
صحيح،مع هذا المنظر المشابه للوحش،لا يوجد شيء غيره.
و أنا أغمم،ذاك الشيء الذي لا يمكن وصفه بأي شكل سوى بوجه قبيح مليء بالكره،نظر لي.
هذا سيء،سوف أموت.
فقط النظر له كان كفيلا بجعلي أستعد للموت.
لكنه بشكل مفاجىء،نظر لي، و من ثم استمر بالمشي مرة أخرى.
و هكذا بعد تركنا الغابة الكثيفة تم رميي بخفة لشاطىء بحيرة.هذا النوع من البحيرات الجميلة هو شيء غريب هاته الأيام.
-” كل.امسك.لست جيدا.أذن مت.”
بعد أن أخبرني بعبارة واحدة،أدار ظهره لي و من ثم مضى بعيدا.بالنظر إليه لاحظت أن الوحش الأخضر عنده سلاح فتاك يشبه مضربا على ظهره.
احصل على أكلك.و إن لم تكن جيدا.إذن مت.
الأكل؟
هل هي تتحدث عن اللحم الذي أكلته سابقا؟لكن هذا…أي نوع من اللحم بالضبط كان ذلك؟
لم أشعر برغبة في معارضة ما قاله الوحش،إذن في الفترة الحالية لنشرب على الأقل قليلا من الماء من البحيرة.
هذا لا يمكن أن يكون سكرا،أليس كذلك؟
يبدو أنني يمكنني أن أشتت نفسي عن الجوع حتى بالماء.
هل يجب أن أجرب أن أهرب بعيدا؟
لكن الأمر أنني لا أعرف حتى ما هي هاته الوضعية.نظرت لسطح الماء رغم كونه على هادئا بشكل غريب، بشكل مفاجىء،أفكاري توقفت.
“غي”؟
هاه؟
إنه ينعكس.على سطح الماء،منظر ذلك الوحش القبيح ينعكس.
“غيغي”؟
اهه؟
عند رؤية ذلك، قلبت يدي.الإنعكاس قلدني بجرأة و أدار يده.
غير معقول،لمست وجهي عدة مرات.و أنا أفعل ذلك الإنعكاس فعل ذلك أيضا.
وضعت يداي في الماء.و في نفس اللحظة الأمواج التي خلقها الماء أدت لإختفاء الإنعكاس.
“غيغو؟غو؟”
أنا؟وحش؟
و أنا غير مصدق، وجهت للأسفل بإتجاه يدي.
هذا اللون الأخضر القبيح.إذا كنت مصرا على كون هذه يدا بشرية،إذا أظن أن يد الكلب و يد الخنزير يجب أن تكون يدا بشرية أيضا.
لمست وجهي بتلك اليد،و نظرت للإنعكاس في الماء.
“غيغي.”
وحش.
مستحيل.قرصت وجهي،مددته،و حتى أنني فعلت أشياءا أخرى فقط لأثبت أن ما يجري لي غير حقيقي.لكن لا. مهما فعلت،لم أستطع
إثبات هذا التخمين.
“غوغغغوووو”
—كوكككوووو
“غياغاغغغوغوغوغو”
—ههههههههههههههه
يمكنني فقط أن أضحك.ما نوع هاته المزحة؟
ليخرج شخص ما من فضلكم و يشرح لي.
لماذا أنا؟
كان يجب أن أكبر بدون أي مشاكل.
في سنوات قليلة كنت سأعثر على عمل.
لكن رغم ذلك،لماذا؟
وحش؟لماذا؟هل هذا حلم؟
و أنا مستمر في الضحك حتى جف الضحك، ما انفجر بداخلي بعد ذلك هو الغضب.
لماذا؟غضبي لا يوجد أحد يجاوبه.أدرت عيناي بعيدا عن سطح الماء و ضربت الأرض.
الإحساس بالأرض، الشعور بالعشب.
و حتى سوائل تلك الخنفساء التي سحقت منذ قليل. كلهم يغرزون في داخلي حقيقة هذا الواقع المر.
“قيقوريا!”
أردت الصراخ.لكن رغم ذلك ما خرج من حنجرتي كان صراخا بلا معنى و لا يمكن حتى تسميته كلمة.
هذا لا يمكن تسميته سوى بصراخ دابة،أو ربما،هو ليس مختلفا عن عويل طفل حديث الولادة.
مباشرة بعد صرخة المنطق. كان هناك صراخ الغريزة.
أنا جائع.
لقد استهلكت ذلك اللحم منذ وقت ليس بالبعيد،رغم ذلك…ما هذا الإشتهاء؟
و أنا مثبت عيناي بعيدا، غمرت وجهي في الماء و تجرعته بقوة.
حنجرتي تحركت و أنا أشرب حتى ملأت بطني. و عند ذلك أبعدت نفسي عن البحيرة و تمددت على الأرض.
أشعة الضوء التي تحرق جسدي، و أشعة الضوء القادمة من الشمس التي تحرق عيني مزعجة.
اللعنة،أحس كالأحمق.
سأخلد للنوم.
دخلت ظلا لشجرة، و رغم أنه ليس كبيرا، قلل أشعة الشمس المزعجة،و أغمضت عيناي.
يبدو أن حتى ذلك الجوع المضطرب نقص بشكل ما بفعل كل ذلك الماء. بفضل ذاك، استطعت أن أخلد سريعا للنوم.
عند فتحت عيناي ذلك المكان الذي كان دون أدنى شك ظلا و الذي نمت فيه،تحول منذ زمن لظلام.
“غي”
تبا.
فتحت عيناي و أنا أسب.
الصوت الذي خرج كان كما هو متوقع،لا شيء سوى أنين لا يمكن فهمه.
حاولت أن أرفع يدي،و بطبيعة الحال،كانت تلك اليد الخضراء القبيحة.
لدي بثور هنا و هناك،إنه شيء لا يمكنك بتاتا القول عنه إنه جميل.
“غي”؟
مرحبا؟
و أنا أغادر ظل تلك الشجرة و أنظر للسماء،بوم!كان الأمر كأن صاعقة ضربتني.
في الأعلى في السماء كان البدر الساطع.
لكن ما يوجد في السماء كان أكبر بكثير مما أتذكر.و بالإضافة لذلك،كان هناك اثنان منهما.
فجأة،مثل لمعان البرق،تذكرت ما قرأته يوما في رواية خفيفة.
عالم مختلف.
لكن،في تلك القصة،الأشخاص الذين نقلوا اكتسبوا قوى خاصة،أصبحوا أبطالا و اخضعوا ملك الشياطين. كانت من الكلشيهيات ذات النهاية السعيدة.
لا أتذكر حتى المحتوى ولكن…
لكن بسبب تشابه الوضع،للمرة الأولى تصبب العرق البارد مني.
رغم ذلك،لكي أتجسد وحشا و ليس إنسانا،هل هذا واحد من مقالب الألهة؟
سخيف.
سخيف.بالطبع…حتى لو ظننت ذلك،في النهاية أنا وحش قبيح.
أنا جائع.
و أنا أفكر، هاجمتني فجأة ضربات الجوع.
بدون أن أكون واعيا بها،ذلك الجوع شل عقلي لدرجة أن عيناي بدأتا تسبحان في الأرجاء، بحثا عن الطعام.
في الوقت الحالي،لنشرب من البحيرة مجددا.
شربت حتى امتلأت معدتي،و من ثم وقفت.
يبدو أن هذا يكفي الأن.
أما بالنسبة للوضع الحالي،و هل يمكن أن أرجع أم لا سأتركه جانبا الأن.
حاليا،أريد أن أكل اللحم.
اللحم.
أريد أن أكل .
أريد أن أكل .
أريد أن أكل .
أريد أن أكل .
أريد أن أكل .
أريد أن أكل.
أريد أن أكل.
أريد أن أكل.
يمكنني أن أرى بوضوح شديد في الظلام.
أظن هذا من ايجابيات أن تكون وحشا.
عيناي مسحتا الأرجاء،بحثا عن فريسة.
في اللحظة الذي دخل فيها ظل مجال بصري،ركضت تلقائيا.
“غورارا!”
يتحرك بين الأدغال،لقد كان أرنبا.
في اللحظة التي أحس بي حاول الهرب بعيدا.
لكن،بغرابة، استطعت أن أقفز و أحاصره. و بعد ذلك بحركة واحدة،خنقته حتى مات.وضعت رأسه في فمي، و ابتلعته.
في اللحظة التي سال فيها الدم من المكان الذي غرزت فيه أظافري في فراءه.
لحست خط الدم بانتشاء و أنا أتمتع بكل جزء من الفريسة.اه،لقد أصبحت مغرما تماما.
سحقت الجمجة،و مصصت بمتعة كبيرة سوائلها.
و أنا أسكت جوعي قليلا،تذكرت شيئا.
في الماضي،ألم يكن هناك قصة لرجل تحول لنمر؟