معركة الرايخ الثالث - 135 - ستوكا
المجلد 5 | الفصل الرابع | ستوكا
.
.
“الأحمر 2 ، الأحمر 2 ، هذه طائرة الكابتن الأحمر ، حافظ على التشكيل”.
حمل الكابتن ديمو ريك جهاز الاتصال قرب فمه وهو يحدق ببرود في طيار الجناح على يساره. ربما شعر الطيار ببرودة نظرات الكابتن أو سمع عدم الرضا من نبرته ، لذلك سرعان ما تباطأ طيار الجناح على الفور وتراجع ببطء إلى موقعه في التشكيل.
“ستيفن، من أين جائنا هذا الرجل؟” ترك الكابتن ديمو جهاز الإرسال ، وخاطب مساعده الرائد ستيفن الذي كان يجلس خلفه بصوت عالٍ.
“أوه؟ هل تقصد الأحمر 2؟ لست متأكدًا ، لكن أعتقد أنه قادم من هامبورغ.” كان ستيفن ينظر إلى أسفل في مقياس تردد الاتصال ، وعندما سمع سؤال ديمو رفع رأسه بسرعة وأجاب بصوت عالٍ.
“هامبورغ؟ أعتقدت أن هذا الرجل من بافاريا*. هذا الرجل متمرد مثل الخنزير البري. لا بد أن القائد لا يزال مستاءًا لأنني شربت نبذه تلك المرة ، لذلك قام بنقل مثل هذا الصعلوك الجامح إلى سربي. هذا الرجل يسبب المتاعب منذ انطلاقنا ، سأوقفه بالتأكيد لتأنيبه بعد أن نهبط. من الجيد أن يكون المرأ نشيطًا ، لكنني لست بحاجة إلى هذا النوع من الحمقى النشيطين لدرجة أنه يتجاهل الانضباط اثناء المهمة”.
(*ملاحظة المترجم: بفاريا هي أقليم كبير في ألمانيا على الحدود مع النمسا، وهي منطقة ريفية تطل على جبال الألب، وغالبا ما كان ينظر إلى سكان الريف البافاري بإعتبارهم مزارعين ورعات بسطاء و أقل تعليما، رغم أن في بافاريا تحوي مدن كبيرة ومهمة مثل ميونخ)
كره ديمو انتهاك المرؤوس الذي تم نقله حديثًا للانضباط. إذا لم يكن في مهمة ، فسيريد تلقين هذا الرجل الذي انتهك التشكيل مرارًا وتكرارًا درسا، ثم يغسل مؤخرته وينتظره ليركله بقوة.
“هاها ، ريك ، لا تغضب منه فهو مجرد فتى ، كما ترى ، لقد تخرج للتو من كلية الطيران. ومن الطبيعي أن يكون أكثر اندفاع من الطيارين المحنكين ، هل تتذكر ايامك الأولى في الفوج؟ حينها كنت أنت أيضا متهورًا جدًا. في ذلك الوقت ، كان قائد الفوج غاضبًا أينما كنت. فقد كنت اشبه بقاطرة خارجة عن السيطرة ، ولا تترك سوى الفوضى أينما ذهبت” قال ستيفن بابتسامة.
“هذان شأنان مختلفان. في ذلك الوقت كنت صغيرًا جدًا وعديم الخبرة ، و …” بدا ديمو محرج اذ برر بسرعة.
“كيف يكون ذلك مختلفا؟ فهذا الطفل أصغر بسنتين مما كنت عليه عندما دخلت سلاح الجو لأول مرة، على أي حال ، لدينا متسع من الوقت لتعليمه ، سوف ينضج في المعركة ، مثلك تمامًا. فلا داعي للقلق” قاطع ستيفن دفاع ديمو عن نفسه.
“ربما ، ربما يجب أن أمنح هذا الطفل بعض الوقت حقًا. هذه هي مهمته القتالية الأولى. سأولي اهتمامًا لأدائه لاحقًا في المعارك. إذا كان يمتلك بالفعل الصفات القتالية ، فسأفكر في منحه فرصة للنمو. لكن الآن … هذا اللقيط الصغير يدمر التشكيل ثانية!” سرعان ما ضغط ديمو على زر الاتصال المحلق وصرخ بصوت عالٍ:” أحمر 2 ، أحمر 2 ، لقد خرجت عن التشكيل ، عد مكانك. رقيب رالف ، هذه هي المرة الأخيرة التي أحذرك فيها. إذا انتهكت التشكيل مرة أخرى ، أقسم بالله أنني سأركل مؤخرتك على حامل الذخيرة الخاص بي ، وأرميك من ارتفاع 5000 متر في الفناء الخلفي الخاص بك. هل تفهم؟”.
“فهمت يا سيدي! … ” أجاب رالف بصوت عالٍ في أذن ديمو ، وبدا غير سعيد بعض الشيء حيال تأنيبه. قامت الأحمر 2 بأرجحة جناحيها مرتين ، ثم تذبذبت وعادت مرة أخرى إلى التشكيل ، وجاءت ضحكات الطيارين الآخرين من سماعات الأذن.
“أنتم أيضا. لا تبقو الإتصال مفتوح دون سبب!” صرخ الديمو بغضب.
“الكابتن ، أعتقد ان عليك الا تشتم بصوت عال أمام مرؤوسيك فهذا ليس سلوك لائقا” ابتسم ستيفن وهز رأسه وهو جالس في الخلف.
“لماذا أنت ضدي دائما؟ تذكر آخر مرة …”
“انتظر لحظة …” قاطع ستيفن ديمو ، وقام بتغطية سماعات الأذن بإحكام بيديه.
“ماذا تلقيت؟” نظر ديمو إلى المخطط التوضيحي على الآلة الإتصال ، ثم نظر إلى شريكه في مرآة الرؤية الخلفية وسأله بريبة.
“مكالمة طوارئ ، إنها من محطة القيادة بالقاعدة. لقد تلقيتها على جهاز الاتصال الخاص بك.” قال ستيفن بجدية ، ثم قام بتشغيل مفتاح الاتصال ، ودفع المكالمات العاجلة إلى سماعات أذن ديمو.
“هذا عرين التنين ، اتصل بالتنين الأحمر ، من فضلك أجب إذا كنت تسمعني. التنين الأحمر. من فضلك أجب إذا كنت تسمعني.”
“معك التنين الأحمر ، معك التنين الأحمر، أسمعك” رد ديمو بصوت عال.
“التنين الأحمر ، لقد تغير هدفك ، تم إلغاء المهمة الأصلية ، ولديك الآن مهمة جديدة ، يرجى تغيير إحداثياتك. أكرر ، تغير هدفك ، تم إلغاء المهمة الأصلية ، وستقوم بتنفيذها مهمة جديدة”
“التنين الأحمر يفهم. أطلب التعليمات”.
“تم إستدعائك كدعم جوي قريب ، الموقع قرية إيتنا ، أنت ذاهب لإزالة العوائق الأرضية لطليعة الجنرال جوديريان ، وقد واجهوا مقاومة عنيدة من القوات الفرنسية”.
“تم استلام الأمر”
“الآن استدر إلى 210 ، المنطقة المستهدفة تبعد 90 كيلومترًا منك. الخصم لديه قوة نيران خفيفة مضادة للطائرات ، سيتم إرشادك من خلال التوجيه الأرضي ، هذا كل شيء ، حظًا سعيدًا.”
“مفهوم، تم تغيير المهمة، انتقل إلى 210” نقر ديمو على جهاز الاتصال برفق ، وعدل ستيفن بسرعة تردد الاتصال لتواصل مع الطائرات الأخرى.
“اسمعوا جميعًا ، لقد تم إلغاء المهمة الأصلية ، سنقوم الآن بمهمة دعم جوي قريبة لتمهيد الطريق لجيش الجنرال جوديريان. ليتبعني الجميع الان. انتبهوا للحفاظ على التشكيل.” قال ديمو بصوت عال.
ثم ضغط برفق على عصا تحكم الطائرة ، وأمالت جناحيها وبدأت ببطء في الدوران ، واستدار التشكيل بأكمله واتجه نحو المنطقة المستهدفة تحت قيادة الطائرة الرئيسية.
كانت ستوكا الضخمة تتقدم ببطء على ارتفاع 5000 متر ، وبدا الطلاء الأخضر الداكن مشرقا قليلاً تحت ضوء الشمس. ربما تكون آلة القتل العظيمة هذه هي أبشع رفاقها ، بأجنحتها الضخمة والسميكة مقلوبة على شكل نورس ، ومعدات هبوط ثابتة ضخمة متساوية ، والعجلات بارزة، وقمرة قيادة مرتفعة وطويلة و ذيل عمودي ، وخاصة المبرد الضخم للمحرك الذي يشبه حوض الاستحمام ، كل من هذه التصاميم يمكن أن يطلق عليه كابوس لخبراء الديناميكا الهوائية ، وهذا أمر فظيع يكاد يفسد جميع قواعد تصميم الطائرات. لكي يتمكن مصممو الطائرات الألمان من جعل هذه الطائرة الشبيهة بالوحش تحلق في السماء ، من الواضح انه كانت لديهم شجاعة ومثابرة غير عادية.
هذا الطائر الغريبة و المرعبة لديها محرك JUMO211DR بقوة 880 حصان فقط ، وهو صغير جدًا بالنسبة لهذا الوحش الذي يبلغ وزنه ستة أطنان ، وهذا يمثل ضربة لثقة الطيار.
بالنسبة لمفجرات الغوص الإحترافية، فإن سرعة الطيران والارتفاع ليسا مهمين بشكل خاص ، فالاستقرار الطولي وصلابة الجسم أثناء الغوص هي القضايا التي يجب أن تقلق مهندسي الطيران. أعطت هذه الطائرة المصمم إجابة مرضية لهذه المشاكل، فثباتها أثناء الغوص مدهش ، ويرجع ذلك إلى تروس الهبوط الضخمة الثابتة ومكابح الغوص الضخمة تحت الأجنحة. وهو تأثير ما يسمى “فرامل الديناميكية الهوائية”. إن جهاز الهبوط الضخم يعادل اثنين من المثبتات الرأسية عند الغوص ، كما أن فرامل سرعة الغوص تجعل هذا التأثير أكثر أهمية. لكن هذا تسبب أيضًا في مشكلة أخرى. الاستقرار الطولي لستوكا جيد جدًا. إنه جيد جدًا بحيث يصبح من الصعب جدًا القيام بمناورة مفاجأة ، وغالبًا ما يكون هذا النوع من الحركة السريعة هو الطريقة الأكثر شيوعًا لتجنب هجوم الخصم المقاتل.
يمكّن لجسم ستوكا الصلب تحمل قوى الالتواء الهائلة التي لا يمكن تصورها للطائرات الأخرى ، مما يمكّنها من التعافي من حالة الغوص فورًا بعد الإنقضاض بسرعة عالية. وأثناء هذه العملية ، يجب أن يتحمل جسم الطائرة ستة جي على الأقل. الطائرات المقاتلة العادية قد يتم تحطيمها إلى أشلاء قبل أن تصل إلى نصف هذا الضغط.
هذه المؤهلا الرائعة جعلت من هذه القاذفة أفضل قوة دعم أرضي في الأيام الأولى من الحرب العالمية الثانية. لقد أدى ظهورها إلى تغيير نمط القتال للجيش الألماني بشكل كبير. وتم التخلي عن بعض أساليب القتال بالدعم الجوي القديمة. وأصبح تكتيكات الدعم الجوي الجديدة قريبة من تطوير التكتيكات على أساس مخطط استخدام الطائرة.
عندما بدأت الحرب ، كان تطوير هذا التكتيكات التي أنشأتها لوفتوافا بالتعاون مع الجيش متقدمًا بفارق كبير عن نظرائهم الأوروبيين. وكان لها تأثير كبير، خاصة في بريطانيا ، عندما ابتكر الألمان هذا التكتيك لأول مرة ، اقترح بعض الأشخاص في الجيش البريطاني أيضًا نظريات مماثلة ، لكنهم حصلوا على النتيجة المعاكسة لما حصل عليه الألمان. فقد تم توبيخهم بلا رحمة لممارسة مثل هذه التكتيكات التي نعتت بأنها “غباء العدو”، وغني عن القول أن البريطانيين دفعو ثمنًا باهظًا لقاء قصر نظرهم.
يتيح أداء ستوكا الممتاز للغوص إمكانية إسقاط القنابل بدقة على رأس الهدف في القتال ، مع وجود هامش خطأ أقل من 30 مترًا. و إذا كانت في يد طيار متمرس ، فيمكن تقليل نسبة هذا الخطأ أيضا، ويمكن أيضًا تقليل هذا الخطأ لبعض الأشخاص إلى مدى خمسة أمتار. ضمن هذه المسافة ، لا يمكن لأي هدف تجنب الضرر الناجم عن انفجار القنبلة.
ومع ذلك ، فإن أداء ستوكا هذا جلب أيضًا بعض المشاكل إلى قتال الطيار. كانت قدرات ستوكا على المناورة مروعة إلى أقصى الحدود في تناقض حاد مع أداء الغطس الممتاز الذي تمتلكه ، على الرغم من أن الجناحيها الضخمين يمكن أن تجعلها تهرب من الغوص عالي السرعة ، إلا أن البطء الناتج عنهما يجعل الطيار يصاب بالجنون أحيانًا.
عند مواجهة هجوم مقاتلات عدو ، فإن سيطرة الطيار على الجناحين تكاد تكون معدومة ، وسوف يتأخر كل عمل يقوم به لمدة ثانية أو ثانيتين للحصول على رد ، وتكفي ثانية أو ثانيتان لتلك المقاتلات الخفيفة لملئ قاذفات ستوكا بعشرات الثقوب. يجعل إستقرار الرأس ستوكا غير قادرة على القيام بمناورات حادة في الوقت المناسب ، وحتى المقاتلان الأبطأ يمكن أن تكون أكثر مرونة منها. على الرغم من أن جسم الطائرة القوي يجعلها أكثر قدرة على تحمل الضرر أكثر من الطائرات المقاتلة الخفيفة، إلا أن هذا يؤدي فقط إلى إطالة وقت بقائها على قيد الحياة ، وستكون مسألة وقت قبل أن يتم إسقاطها إذا واجهت العدو.
أضف إلى ذلك سرعتها المحرجة ، فإن سرعتها التي تقل عن 200 كيلومتر في الساعة عندما تكون محملة بالقنابل تجعلها فريسة مثالية لطائرات العدو المقاتلة ، خاصة عند الغطس ، فأي اضطراب خارجي سيجعلها خارجة عن السيطرة في ذلك الوقت ، مجرد ضربة خفيفة من طائرة مقاتلة كافية لتحويلها إلى كتلة من الشظايا المعدنية المحترقة التي تتهاوا على الأرض.
أداءها يجعل منها سلاحًا ممتازًا بلا شك في ساحة المعركة وهدفًا ممتازًا لا يمكن إنكاره للعدو. هذه هي ستوكا ، سلاح مليء بالتناقضات.
كان طيارو لوفتوافا على دراية بمكامن ضعف وقوة هذه الطائرات ، وقد أكدت معركة في 12 مايو حكمهم. في ذلك الوقت ، كان تشكيل ستوكا قد أنهى مهمته الهجومية وكان في طريقه للعودة ، ولم تكن هناك طائرات مقاتلة لمرافقتهم. ولسوء الحظ، واجهوا تشكيلًا كاملاً من الطائرات المقاتلة الفرنسية. كان الفرنسيون يحلقون بطائرة كورتيس هوك 75 قديمة الطراز. وقد فاجأت نتيجة المعركة الجميع. تم إسقاط جميع طائرات ستوكا الاثني عشر ، ولم تنجو منهم واحدة، كانت معركة من جانب واحد.
كان هذا الحادث بمثابة دق ناقوس الخطر لجميع طياري ستوكا ، مذكرا إياهم بأن الطائرة التي كانوا على متنها كانت في خطر دون رفقة مقاتلة. لكن ما جعلهم يشعرون بالاكتئاب هو أن هذه المعركة لم تأثر على منظومة قيادة القوات الجوية. ولم يأخذو هذا الخطر على محمل الجد ، وكأن هذا الحادث لم يحدث أبدًا. ولا يزال طيارو ستوكا يرسلون لأداء المهام بمفردهم في المجال الجوي للعدو دون مرافقة طائرات مقاتلة.
“نحن هنا ، هل رأيت الوضع أدناه؟”
شاهد ديمو المواقع الفرنسية المحترقة أدناه من خلال النافذة. و قاد مجموعته من طائرات ستوكا وبدأ في الدوران فوق ساحة المعركة. هم الآن على ارتفاع 4500 متر ، والسحب هنا تمنحهم غطاءً جيدًا للغاية. ومن خلال الثغرات في السحب ، يمكنهم بوضوح مراقبة الوضع في ساحة المعركة ، لكن من الصعب على العدو ملاحظة تلك الأجسام السوداء تحفر من خلال السحب.
“انتباه إلى جميع الأطقم ، استعدوا لدخول المعركة.” أعطى الكابتن ديمو الأمر بجدية ، ثم قال لستيفن الذي كان جالسًا في الخلف: “هلا اتصلت بمقر القوات الأرضية؟”
“نعم ، سأتولى الأمر من أجلك” أجاب ستيفن بصوت عالٍ.
“هذا هو التنين الأحمر ، لقد وصلنا إلى السماء فوقك. يمكنك أن ترينا الهدف الآن.”
“التنين الأحمر ، هذا كلب السلوقي ، سعيد بلقائك. سأريك الموقع المستهدف الآن.”
جواب فريق التوجيه الأرضي واضح وصاخب. رأى ديمو أن هناك مجموعات من أعمدة الدخان الأحمر تتصاعد على الأرض ، والتي كانت عبارة عن أواني دخان أضاءتها القوات البرية لهم. وكل مجموعة من الدخان المتصاعد تمثل جيشًا ألمانيًا هناك. ويمكن أن تتجنب طريقة التحديد البسيطة هذه بشكل فعال مأساة إسقاط القنابل على رؤوس رفاقك حين يبدأ القصف. وتم نشر علم عسكري ألماني ضخم ، ورسمت القوات على الأرض أيضًا سهمًا ضخمًا بمسحوق أبيض أمام العلم ، مما يشير إلى موقع العدو.
في الواقع ، ليس عليهم القيام بذلك. لقد رأى ديمو بوضوح موقع العدو من الجو. هناك موقعان لخنادق العدو على شكل حلقة تحيط بقرية صغيرة. ويمكنه حتى تمييز عدد كبير من الشاحنات المتوقفة على الطرقات في قرية … وشخصيات تجري ذهابًا وإيابًا. و كانت خمس دبابات ألمانية تحترق بين الخندقين ، وملأ الدخان الأسود المتصاعد السماء فوق الموقع. أمام الخندق ، رأى ديمو ثلاث عربات مدرعة محترقة ، ومن بين الحطام ، كان لا يزال بإمكانه رؤية جثث الجنود الألمان وبنادق مختلفة متناثرة في جميع الأنحاء.
“التنين الأحمر ، هل تعرف موقع الهدف الآن؟”
“نعم ، سنقوم بشن هجوم على الفور.” بإجابة وحدة التوجيه الأرضية ، عرف ديمو ومرؤوسوه الموقع الدقيق لكل هدف يجب أن يتم قصفه.
“الكل يعرف الموقع المستهدف الذي سيهاجمونه. تدخل كل مجموعة الموقع الهجومي واحدة تلو الآخرى، دع الفرنسيين يتذوقون طعم قنابلنا. لتتبعني المجموعة الأولى.” صرخ ديمو بصوت عالٍ ، ثم قاد بمفرده تشكيل ثلاث طائرات ، وسارع فوق الموقع الفرنسي.
كان ديمو في المقصورة يقوم بالتحضيرات النهائية قبل قصف الغطس. وضع اللوحات في موضع الرحلة ، وضبط المصعد والدفة ، وضبط درجة المروحة. ثم قام بتشغيل مفتاح الطاقة لمقياس الارتفاع وضبط ارتفاع القصف. هذه أداة مهمة للتأكد من أنه يمكنه الخروج من حالة الغطس قبل الدخول إلى ارتفاع خطير. يمكنه حساب متى يجب أن تسقط الطائرة القنبلة وتنسحب لأعلى. كان مقياس الارتفاع ارتفاع اسقاط القنبلة الذي ضبطه هو 500 متر ، وهو الحد الأقصى للارتفاع الذي يمكن للطائرة عنده الهروب بأمان من الغطس. إذا كان أقل من ذلك ، فسيكون من الصعب على الطائرة ألا تصطدم بالأرض قبل الانسحاب.
قام ديمو بتحويل مفتاح المحرك المعزز إلى التلقائي وقام بتحويل اللجام إلى الحد الأدنى ، ثم قام بإغلاق مدخل هواء المبرد.
“أحمر 2، أحمر 3 ، هل كل شي جاهز؟”
“أحمر 2 جاهز.”
“أحمر 3 جاهز.”
رد الطياران بصوت عالٍ عبر السماعات.
“جيد جدًا ، الآن دعونا نبدأ العرض ، ليرتجف العدو تحت أجنحتنا.”
حرر ديمو فرامل سرعة الغوص ، وفي تلك اللحظة ، انحرفت مقدمة الطائرة بحدة ، ودخلت ستوكا تلقائيًا في حالة الغوص.
يتم تنشيط نظام التحكم في سلامة الطيران من خلال آلية الربط ، ونظام التسريح من الغطس نشط الآن ، ويبرز عمودان صغيران لتحديد الهوية باللون الأحمر من السطح العلوي للجناح. هذه آلية هيدروليكية مساعدة. تبدأ في العمل في الوقت الحالي ، ويمكن أن تحد من زاوية الطائرة عند سحبها ، وتجنب الضرر الذي يلحق بالجسم أو الضرر الدائم الناجم عن جاذبية الحمولة الزائدة التي لا يستطيع الجسم تحملها بسبب الغوص الحاد.
دفع ديمو عصا التحكم بثبات ، قام بمسح الزجاج المحيطي الأمامي. تم نحت سلسلة من الخطوط على الزجاج ، وهي أداة فعالة لمساعدة الطيار في الحكم على زاوية الغوص. ويمثل كل سطر الاحتفاظ بزاوية الغوص ، بدءًا من 30 درجة إلى 90 درجة ، لأن الإدراك النفسي للطيار لزاوية الغوص أكثر حدة من زاوية الغطس الفعلية. في الماضي غالبًا ما كانت دقة الضربة تتأثر بزاوية الغطس غير الكافية ، ولكن الآن على الطيار أن ينظر فقط إلى أي خط هو بالمتوازن مع الأرض لمعرفة الزاوية التي تغطس فيها ستوكا.
سيقوم ديمو بالغطس بزاوية كبيرة تبلغ 80 درجة هذه المرة، وهو يريد بذلك ضمان دقة ضربة القنبلة. ويريد أيضًا أن يعرف المستوى الفني لطياريه الجدد ، لأن هذا النوع من الغوص الحاد هو مجرد قطعة من الكعكة لمحارب متمرس مثله ، ولكنه نوع من التحدي للمبتدئين. اختبار لمهارتهم وشجاعتهم ، يعتقد ديمير أن الطيارين الذين اجتازوا هذا الاختبار هم وحدهم المؤهلون لقيادة طيار الجناح.
“جيد جدًا”.
رأى ديمو من مرآة الرؤية الخلفية طائرات ستوكا تتبعه عن كثب كما لو كانو مربوطين به بحبل، وهو ما جعله راضيًا ، طارت طائرات ستوكا الثلاثة مثل مثلث مصنوع من الحديد ، يندفع نحو المواقع الفرنسية على الأرض. بدأت المواسير الهوائية المثبتة على معدات الهبوط في العواء بشكل رهيب ، مما يشير إلى أن السرعة الحالية قد تجاوزت السرعة القصوى في مستوى الطيران ، وسرعان ما تدلت القنابل من الطائرة.
صرخت ستوكا وانقضت ، مثل طائر غريب في الجحيم ينزل فجأة من السماء.
كانت الطائرة تقترب بسرعة من الأرض، وأصبحت روح ديمو متحمسة أكثر فأكثر مع اقترابه من الأرض بسرعة ، وبدأ جسده في إفراز كمية كبيرة من هرمون الغدة الكظرية ، مما جعل رد فعله أسرع مرتين تقريبًا من المعتاد.
ركز ديمو كل انتباهه على الهدف ، مع الاحتفاظ بقدر صغير فقط من الرؤية المحيطية على القراءات على لوحة القيادة. واصلت الطائرة الغوص ، ووصلت سرعتها إلى 560 كيلومترًا ، وكانت الطائرة الآن على بعد أكثر من 1300 متر عن سطح الأرض. ويمكن لمن يجلس في قمرة القيادة أن يرى بوضوح الجنود الفرنسيين المذعورين وهم يركضون على الأرض ، ويطلقون سلسلة من الطلقات المضادة للطائرات نحوهم. أصبحت الدفة ثقيلة جدًا ، ويجب على ديمو أن يستخدم قدرًا كبيرًا من القوة للسيطرة عليها. بدأ في استخدام تفاضل الجنيحات لضبط نقطة التصويب والحفاظ عليها. وقام بتثبيت الأنف بإحكام في اتجاه الخنادق الفرنسية ، في انتظار وقت إلقاء القنبلة.
أصاب خيطان من طلقات الرشاشات سقف قمرة القيادة ، ثم أطلقت رصاصتان أخريان من مدفع رشاش ، وارتدت احداهما بالدرع الخرجي واصطدمت الأخرى بالزجاج الأمامي لقمرة القيادة.
مرت الرصاصة على بعد بضعة سنتيمترات من رأس ديمو ، وتدفق الهواء العنيف إلى قمرة القيادة من ثقب الرصاصة على الزجاج الأمامي ، والضجيج الذي أحدثته تجاوز صافرة ستوكا. صر ديمو بأسنانه وحدق في هدفه ، ولم يكن هذا الحادث جديدا أو مقلق بالنسبة له ، فقد واجه مواقف أسوأ من ذلك من قبل ، إلا إذا لم تصب الرصاصة رأسه فإن كل شيء تحت السيطرة.
كانت الطائرة قد نزلت إلى ما دون 1000 متر ، ووصلت سرعتها إلى الحد الأقصى البالغ 600 كيلومتر ، واندفعت نحو الأرض مباشرة ، وكانت ستوكا تقطع آخر كيلومترات لها وسط الرصاص المسعور للجنود الفرنسيين. في هذا الوقت ، أضاء مؤشر الإنذار على مقياس الارتفاع أخيرًا ، مما يشير إلى أن الطائرة وصلت إلى ارتفاع القصف. ضغط ديمو على زر القصف على عصا التحكم بقوة ، وتساقطت قنابل من نوع 250 معلقة أسفل بطن الطائرة، وقد سقطت القنابل الأربع التي يبلغ وزنها 50 كيلوجرام المعلقة على أجنحة الطائرة على الفور ، ثم اندفعت نحو الاتجاه المستهدف كما لو كانت منجذبة إلى الأرض.
ضغط ديمو على زر التحكم في التسوية الأوتوماتيكي على عصا التحكم ، وبدأت مقدمة الطائرة في الارتفاع بسرعة. ضغطت جاذبية ستة جي ديمو بقوة في مقعده، وتحركت الطائرة عشر درجات في الثانية.
تغيرت حالة الطائرة من غوص للأسفل إلى الصعود نحو السماء. عندما عادت مقدمة الطائرة للتو إلى الحالة الأفقية ، قام ديمو على الفور بسحب فرامل سرعة الغوص ، وضبط ميل المروحة إلى وضع الإقلاع ، وفتح الحاجز البارد ، ثم دفع دواسة الوقود بالكامل. مع هدير ضخم بدأت ستوكا الزحف ببطء بجسمها الضخم نحو السماء.
بعد خروجه من نطاق القوة النارية البرية للخصم ، تنهد ديمو بهدوء ، وبدأ يحوم في الأعلى دون المغادرة ، وأراد أن يراقب نتائج القنابل التي أسقطها أمامه وحالة قتال مرؤوسيه.
النتيجة جعلته راضيًا جدًا ، أصابت قنابله الهدف بدقة ، ولم تفجر فقط مخبأ القيادة ، بل دمرت تمامًا خندقًا على بعد حوالي خمسين مترًا ، وكان دخان البارود المتصاعد يرتفع بإستمرار من تحت الأنقاض. كانت نتائج القصف ناجحة أيضًا ، وانهارت الخنادق التي استهدفوها تمامًا ، وكانت الحفرة الضخمة في حالة من الفوضى.
أكملت طائرات ستوكا الآخرى مهامها بشكل جيد ، ومعظمهم يتراجع عن الغوص. في هذا الوقت ، كانت المجموعة الأخيرة من ستوكا على وشك انزال حمولتها. ومع سقوط عدة بقع سوداء من أجنحة طائرات ستوكا الثلاثة الأخيرة، انفجرت أكثر من اثنتي عشرة كرة نارية رائعة على الموقع الفرنسي. وكان الطين وجثث الجنود وحطام البنادق يتطاير في الهواء ، ومرت ستوكا فوق تلك الأنقاض ، ثم شدت أنفها وبدأ في التحليق ببطء.
لقد تغير مظهره المواقع الفرنسية تمامًا ، فقد اختفت الخنادق والمخابئ التي كان من الممكن تمييزها بوضوح من قبل ، ولم يتبق سوى سلسلة من الحفر الضخمة للقنابل والجثث في كل مكان. غلف الدخان المتصاعد الموقع بأكمله. كان هذا مشهد بائس مثل نهاية العالم.
“أليبلغ كل شخص عن حاله. هل هناك أي خسائر؟”
قام ديمو بمناورة بطائرته وحلّق في الهواء. وبعد إلقاء 450 كيلوغرامًا من الحمولة ، أصبحت الطائرة أخف وزناً. واصلت التشكيلات المكونة من ثلاث طائرات الصعود من جميع الاتجاهات ، وبدأوا في التجمع ببطء نحو تشكيل ديمو.
يعد الاستماع إلى تقارير مرؤوسيه ، تنفس ديمو بارتياح ، حيث لم يخسر أسطوله أي طائرة في هذا الهجوم ، لكن اثنين منهم تعرضو لطلق اصاب الأجنحة بواسطة رشاشات فرنسية مضادة للطائرات ، لكن ذلك لم يؤثر عليهم. ويمكنهم العودة بسلاسة.
“السلوقي ، هذا هو التنين الأحمر. لقد أكملنا مهمتنا الهجومية ، وتم تدمير خط الدفاع الأول للخصم بنجاح. لقد أسقطنا جميع القنابل ، وسنعود إلى المقر” استدارت طائراه في السماء إذ غير اتجاهه.
“التنين الأحمر ، هذا السلوقي ، أحسنت ، لقد اكتملت مهمتك بشكل جيد. التشكيل التالي في طريقه إلى هنا ، وسيتولون إكمال بقية المهمة. يمكنك العودة ، الجنرال راضٍ جدًا عن أدائك ، وطلب مني أن أنقل شكره لك.”
“هذه واجبي ، يرجى التعبير عن احترامنا للجنرال ، الوداع”
قاد ديمو تشكيل طائرات ستوكا حول المواقع الفرنسية مرة أخرى ، ثم طار ببطء في الاتجاه من القاعدة التي اقلع منها..
من خلال الزجاج السميك المضاد للرصاص في مقدمة قمرة القيادة ، رأى ديمو من الأفق أسطولًا كبيرًا مثل أسطوله يخرج من بين السحب ، وكانوا يطيرون ببطء في اتجاههم. إنعكس إشراق نور الشمس الذهبية على الأجنحة الضخمة لتلك الطائرات.
مزيد من ستوكا.
-نهاية الفصل-
سأخذ إجازة عاجلة! على الأكثر ثلاثة أو أربعة أيام بسبب أمور متعلقة بالعيد لكني سأحاول العودة بشكل أفضل إن شاء الله. 🙂
سأحاول رفع فصل أو اثنين خلال الإجازة لكي لا تكون قطعة كاملة، -بالطبع سأكون أكملتهم على تراخي، ولا اعرف إن كنت سأستطيع إكمال شيء اصلا، لذا لا يمكنني إلا أن أقول أنني سأحاول، فأنا كما ترون أترجم في اوقات فراغي بين المهام التي اقوم بها في يومي. والأمر أشبه بهواية ثانوية.
مبارك عليكم العيد مقدماً.
-بالناسبة إعذروني على سوء جودة الفصل، وأن كانت فيه مصطلحات غريبة فلم أجلد وقت للبحث أو التدقيق فقد انهيته على عجل بما أنني لا أعرف متى سأتفرغ اليوم، وما إذا كنت سأتفرغ غدا، ولم أرد أن اختفي فجأة. –