50 - عودة

المجلد 3 | الفصل السادس عشر | عودة

.

.

كانت تجربة الأمس مثل الحلم بالنسبة إلى شي جون، لقد أسقط بالفعل مارشال القوات الجوية جورينج، ثاني أقوى رجل في القيادة العليا للرايخ الثالث. ولم يحصل فقط على ما أراد، بل حصل أيضًا على قيادة سلاح الجو الألماني بالكامل.

‘بالتفكير في الأمر الآن ، ما زلت أشعر أن هذا مستحيل، فربما أنا محظوظ حقا’.

في الواقع ارتكب جورينج خطأين فادحين ، أولهما أنه لم يحضر أيًا من مساعديه إلى معسكر القاعدة. وهو خطأ يحذر منه القادة النازيون عادتا، لكنه لم يعتقد أبدًا أن شيئًا كهذا سيحدث له. كان جورينج واثقًا جدًا في أن هتلر سيستمر في دعم آرائه طالما كان حاضرًا، لذلك لم يهتم إذا كان هؤلاء الأشخاص حاضرين أم لا. كما أن جورينج إعتقد دائمًا أن هذا مجرد اجتماع روتيني، وكان يعتقد أن هذا الاجتماع سينتهي سريعا وسيكون قادرًا على العودة إلى نطاق سلطته. ولهذا السبب لم يأخذ جنرالاته معه.

وفقًا للأخبار الواردة في الصباح، أحضر جورينج فريقه، لكنه تركهم جميعًا في قطاره الخاص “آسيا”. من قبيل الصدفة غاب كارل، الممثل الدائم لجورينج المتمركز في معسكر القاعدة. كما غاب عن الاجتماع الجنرال بودينشاد ، الذي نُقل إلى المستشفى في ذلك الصباح مصابًا بإسهال حاد.

لقد وضع جورينج بغطرسته نفسه في موقف غير موات. ولم يتوقع أبدًا أن يهاجمه أحد في الاجتماع. وكان جُل الحاضرين تقريبا هم من أعداءه. ولم يتمكن جورينج من العثور على أي شخص يتحدث نيابة عنه أو يأيده في هذا الاجتماع. ونتيجة لذلك ، تم سحقه إلى أشلاء، وسقط أرضًا تمامًا. إذا كان جميع رجاله حاضرين في ذلك الوقت ، فلن ينتهي الأمر بجورنج على هذا النحو. لذلك إستغل شي جون هذه الفرصة التي لا تتكرر للقضاء على جورينج تماما وهو محاط بأعدائه.

الخطأ الجسيم الآخر الذي ارتكبه جورينج في هذا الحادث هو أنه هاجم هتلر ، الذي كان بمثابة حفر قبره بيديه. لم يكن يرى ما يدور في عقل هتلر على الإطلاق.

في الواقع ، إذا كان قد أحنى رأسه وعتذر وتوسل بمرارة، لكان هتلر قد طرده في ذلك الوقت، لكنه سيجد بالتأكيد فرصة لإعادته إلى وضعه السابق بعد أن تهدأ موجة الغضب. بعد كل شيء ، لقد كانوا رفاق في السلاح منذ عقود، وكان على هتلر اتخاذ قرار فصل جورينج وقتها لإرضاء الجيش والبحرية، لكن هذا لا يعني أزاحة جورينج للأبد، لذلك من الغباء حقًا أن جورينج لم يفهم ذلك. وبفضل ما قام به، أوقع النازي الثاني نفسه في طريق مسدود بسبب مزاجه الناري، ولكن قد يكون ذلك أيضًا لأنه تذكر النهاية المأساوية والمخيفة لشريك هتلر روم، من ما جعله خائفا. لكن هذه كلها تخمينات، والآن يبدو من المستحيل أن تطلب من جورينج التأكيد على سبب سلوكه.

إذا نظرنا إلى الوراء وتفكرنا في الأمر، إن لم يهاجم جورينج هتلر، فلن يهُزم حقًا. ويمكن لشي جون فقط أن يربح نصف اللعبة، كما أنه سيخلق عدوًا مزعجًا. ومؤامرات لا نهاية لها ضده في صراعات السلطة المستقبلة. في ذلك الوقت، أعتمد شي جون فقط على دافع لحظي، ولام نفسه الآن على ذلك.

‘كنت محظوظ، فكرت بسذاجة وقتها أنني أستطيع أن أسقاط جورينج تمامًا بهذه المؤامرات الصغيرة ، ولم أفكر في هذه القضايا والتبعات على الإطلاق. هذا يجعلني أشعر بالخوف عندما أفكر في الأمر الآن ، ويبدو أن رؤيتي لا تزال ضيقة الأفق ، وما زلت عديم الخبرة في الإستراتيجيات السياسية. إذا واصلت شن هجوم بتسرع دون التفكير في عواقب مثل ما فعلت هذه المرة في المستقبل، فمن المحتمل جدًا أن يكون دوري قد حان للسقوط في المرة القادمة. لا يمكنني أن أكون محظوظًا إلى الأبد، ويجب أن أكون أكثر حرصًا في المستقبل’.

لكن الآن كان محظوظ. في النهاية ، انهار جورينج بأعجوبة تمامًا ، والآن ليس لدى مرؤوسيه أي قوة حتى لو أرادوا القتال ضده، لأنه في وقت مبكر من صباح هذا اليوم ، أصدر هتلر أمرًا إلى القيادة العليا ومكتب أمن الرايخ لإجراء تحقيق شامل مع كل من يعرف بتبعيته لجورينج في القوات الجوية والحكومة. يبدو أنه فكر أيضًا في الحاجة إلى تطهير القوات الجوية والحكومة من أتباع جوريج الذي حاول قتله في أسرع وقت ممكن، وإلا فقد تكون هناك مشاكل ومتاعب إضافية في المستقبل. لذا من المحتمل أن مساعدي جورينج ومقربيه من الحكومة وسلاح الجو لوفتوافا يبكون الآن في غرفة استجواب هيملر.

بالتفكير في مصير جورينج ، لم يعتقد شي جون أنه كان مثيرًا للشفقة على الإطلاق، لم يكن ذلك بسبب دوره في ارتكاب جرائم حرب فشي جون ليس معني بتحقيق العدالة، لكنه ايضا شعر ان لا بأس في تحقيق بعض العدالة التي تصب في مصلحته، في الأصل، شعر أنه لابد من إسقاط جورينج للحفاظ على الرايخ الثالث، بالنظر إلى التاريخ، علم أنه إذا ظل جورينج في هذا المنصب ، فستهزم ألمانيا بالتأكيد ، كما سيفقد عشرات الملايين ارواحهم بسببه. استحق جورينج ذلك، فعلى الرغم من أنه لم يكن لديه الوقت لارتكاب بعض الجرائم حتى الآن. بالتفكير في هذا ، شعر شي جون بالارتياح الشديد. ربما كان هذا هو أول فعل خير فعله منذ قدومه إلى هذا العالم. رغم أنه فعله بدوافع شخصية في الأصل.

في النصف الثاني من اجتماع الليلة الماضية، كشف شي جون أخيرًا عن خطته الضخمة والخبيثة لجميع القادة الألمان وشرحها لهم بالتفصيل الممل. في ذلك الوقت ، أعجب هتلر والمارشالات والجنرالات بفكرته ، وخاصة المارشال شترايشر ، الذي امتدحه شي جون كما لو أن كلاوزفيتز

و شليفين

قد بعثا من جديد.

(ملاحظة المترجم: * كارل فون كلاوزفيتز ‏جنرال ومؤرخ بروسي. من أهم مؤلفاته كتاب أي: من الحرب. تركت كتاباته حول الفلسفة والتكتيك والإستراتيجية أثرا عميقا في المجال العسكري الغربي. تدرس أفكاره في العديد من الأكاديميات العسكرية حتى اليوم، * أما ألفريد شليفين، فهو يعد أفضل إستراتيجي معاصر في وقته، ورغم انتقاده لاتمسك بالأعراف العسكرية القديمة، إلا أنه يعد أب روحي لتكتيكات القرن العشرين، ومن اهم اطروحاته “كاناي” التي يدرس فيها غزو حانبعل لروما، كما اطلق اسمه على كل من الخطة الألمانية لغزو روسيا في الحرب العالمية الأولى، وغزو فرنسا في الحرب العالمية الثانية)

نتيجة لذلك، أستغرق بعض الوقت للإجابة على أسئلة الجميع وتوضيح تفاصيل معينة، قبل أن يوافقوا بالإجماع على الخطة. بدأت القيادة العليا في الفيرماخت على الفور بالتحرك بأقصى سرعة. واصل شي جون و الجنرالات والحراس وضباط الأركان إصدار الأوامر والبدء في تعبئة القوات أثناء مناقشة نقاط العمل الرئيسية. وحتى هتلر رافقهم بسعادة طوال الليل.

في وقت مبكر من صباح هذا اليوم ، أرسله هتلر شخصيًا إلى السيارة ، حتى يتمكن من الاندفاع إلى خط المواجهة لتنفيذ هذه الخطة. لأن توقعات شي جون لأفعال العدو جعلت من هتلر يشعر بعمق أن الوقت المتبقي لألمانيا ينفد بسرعة، وكل دقيقة ثمينة الآن ، وأي تأخير سيجعل هذه الخطة عديمة الفائدة.

إنطلق شي جون على متن قطار جورينج الخاص “اسيا” وهرع إلى كولونيا ، ثم قفز على متن الطائرة الخاصة المعدة له دون توقف وتوجه إلى الجبهة الفرنسية. في السابق كان برفقته فقط هانس وراندولف ودوجان ، لكنه الآن سار مع حشد كبير.

نظرًا لأن شي جون لم يستطع قيادة مثل هذه المعركة الكبيرة مع قلة من الأشخاص الموجودين في متناول يده، أقرضه المارشال كايتل تقريبًا نصف مكتب قيادة عمليات الجيش. يمكن لضباط الأركان والأمناء ذوي الخبرة هؤلاء أن يقدموا له بالفعل الكثير من المساعدة. ومع ذلك ، فإن الرقم أعلى قليلاً ، حيث أن أكثر من 40 شخصًا بالإضافة إلى فرق اتصالات وشخصيات رفيعة المستوى والكثير من الأمتعة لملء طائرتين، بالإضافة إلى اثنين من معدات اتصالات قيادة النقل وإمدادات، لحتواء كل هذا، شكلت خمسة طائرات JU52s تشكيل النقل. عندما طاروا إلى الحدود ، انضم سرب من طائرات مقاتلة من طراز ME109 لمرافقتهم ، وشكلت الطائرات السبع والأربعون أسطول وتوجهت نحو أراس.

عادت الطائرة أخيرًا إلى أجنيز مرة أخرى ، ودارت حول المطار البسيط عدة مرات وهبطت ببطء.

عندما كانت الطائرة على وشك الهبوط، كان شي جون قد رأى بالفعل أنه بجانب مدرج الطائرات الصغير ، كان جنود ودبابات الفرقة السابعة المدرعة قد اصطفوا بالفعل في طابور ضخم وأنيق للترحيب بعودته ، وهؤلاء الضباط المألوفون هم في الطليعة. بمجرد توقف الطائرة تمامًا على المدرج، هرعت مجموعة الضباط نحو الطائرة.

وقف شي جون وخرج من المقصورة مع مساعديه. ما إن وضع قدمه ظهر خارج البوابة، سمع أحدهم يصرخ “تحية!” مصحوب بأصوات عشرات الأقدام تضرب الأرض معا في انسجام تام.

حياه جميع الجنود الألمان بالبنادق في نفس الوقت ورفعو رؤوسهم.

لوح شي جون بيده ونزل درج الطائرة.

كان مولر أول من تقدم للقائه، حياه ووقف منتصبا أمامه، ثم نظر إلى شي جون بعيون مليئة بالامتنان والإعجاب. كان متحمسًا جدًا للتحدث.

“كيف حالك أيها العقيد مولر ، ما شعور كونك قائد الفرقة المدرعة السابعة؟”

حيا شي جون مولر بابتسامة على وجهه. أعاد مولر التحية بسرعة.

“أولا أود أن أرحب بكم هنا في فرنسا مرة أخرى، و أشكرك جزيل الشكر على تقديرك لي، عندما تلقيت الأمر من القيادة العليا الليلة الماضية لم أصدق ذلك، لقد أعطيتني بالفعل قيادة الفرقة المدرعة السابعة. جنرال! أقسم لك اليوم، أني لن أخذل توقعاتك. سأبذل قصارى جهدي في قيادة الفرقة المدرعة السابعة لخدمة الرايخ الثالث والقتال من أجل شرف ألمانيا!” على الرغم من أنه يعمل بجد ليكبح إثارته، كان صوت مولر لا يزال يرتجف قليلا. “بالإضافة إلى ذلك، اسمح لي أن أهنئك على ترقيتك جنرال! لقد حققت معجزة جديدة. أنت الآن أصغر ملازم في الجيش الألماني”.

“هاهاهاها …” ربت شي جون على شارة كتفه. “إنها محض نجمتين إضافيتين، لا تستحقان المباركات. ما مقدار العمل الإضافي الذي يتعين علي القيام به بسبب هاتين النجمتين؟ بالتفكير في الأمر ، كان من السهل أن أظل عميدا، لكن القيادة رأت أن ذلك غير مناسب للمهامة التي أوكلت إلي هذه المرة”

ثم أشار شي جون إلى المساعدين الذين يقفون خلفه وقال ببتسامة “كما تخطى هانس أيضًا رتبتين ، والآن هو عقيد مثلك ، أصبح راندولف الآن قائدًا في قوات الأمن الخاصة ، وأصبح دوجان أيضًا مقدمًا. كما تمت ترقية مرؤوسيك. ألست أنت من تمت ترقيته أسرع من الجميع عقيد مولر؟ لقد قفزت ثلاث رتب على التوالي. كنت مجرد قائد قبل يومين. إذا واصلنا تهنئتك واحدًا تلو الآخر ، أخشى ألا ننتهي غروب الشمس”.

“جنرال ، لولا توصيتك، ما كانت قيادة الجيش لتوافق أبدًا على مثل هذه الترقية غير العادية. شرفي مُنح لي”.

“كلا عقيد مولر ، شرفك هو ما تكسبه بنفسك، هو ما تثبته بناءً على شجاعتك وموهبتك. على الرغم من أنني قدمت توصيتي للقيادة العليا، إلا أنه إذا لم تكن لديك القدرة على جعلي أرى فيك ما رأيت، ما كنت لأقدم هذه التوصية أبدًا. الآن آمل فقط أن تتمكن من استخدام صلاحياتك الجديدة لتثبت للجميع أن توصيتي في محلها ويمكنك بالفعل تحمل هذه المسؤولية التي وضعت على عاتقك”.

“جنرال! أقسم لك بشرفي! سأثبت ذلك للجميع… ”

كانت عيون مولر تترقرق بالدمع.

-نهاية الفصل-

أعتذر عن تأخير فصول اليوم، حسنا، وصلنا الفصل خمسين؟ إنه رقم جيد.