32 - عقد العزم
المجلد 2 | الفصل عشرون | عقد العزم
.
.
غادر شي جون نقطة المراقبة الأمامية وعاد إلى المقر البسيط للضباط عندما قفزت الدفعة الأولى من الجنود الألمان من الخنادق وبدأت الهجوم.
شعر أنه رأى ما يكفي من الدم اليوم. وضع المعركة يتطور كما خطط له بالضبط، ولا يوجد تشويق في رؤية مذبحة.
كان قلق شي جون الوحيد الآن هو كيف كان وضع الفوج السابع وما إذا كانت خطته هناك قد نجحت.
إذا فشلت خطته، فلن يتمكن فوج المشاة السابع والفوج المدرع 25 من منع القوات البريطانية الكبيرة من الهروب حتى لو كان لديهم دعم جوي قوي كما هو الحال هنا. وأي قوات بريطانية هاربة ستعيق تحركاتهم في المستقبل.
لم يقلق شي جون بشأن حالة معركة فوج المشاة الميكانيكي “جروس دويتشلاند”، فحتى لو لم يكن لديهم دعم جوي، فقد كانو لوحدهم كافين لتمزيق الفرق الفرنسية شبه العتيقة.
علاوة على ذلك، حصلوا أيضًا على دعم القوات الجوية، لذلك لا يتعين عليهم التفكير في الفوز أو الخسارة، كان النصر هو المسار الوحيد.
شعر شي جون بالإرهاق، فقد تسببت خططه في خسارة العديد من العائلات لأفراد منها، زوج، أبن، أب، لكل فرد حياته الخاصة. أماله وتطلعاته، وكلها تمزقت هنا. لم يجرؤ شي جون على التفكير كثيرا في الأمر، كان بإمكانه فقط أن يريح نفسه، ويذكرها أنه كان يقاتل من أجل البقاء الآن. لكن ما الذي يجب أن يقاتل من أجله بعد نجاته؟ لم يعرف شي جون بعد. الآن يمكنه فقط الجلوس بهدوء في ظل الملجأ وانتظار إنتهاء هذه المعركة من أجل البقاء.
اندفع راندولف بحماس “نائب رئيس الدولة!” نظر حوله ووجد شي جون جالسًا في زاوية مظلمة غارق في التفكير. ركض راندولف إليه بحماس حاملاً برقية في يده “معالي نائب رئيس الدولة، برقية من الفوهرر!”
استيقظ شي جون من دوامة أفكاره، وشعر بأن مزاجه سيئ للغاية بسبب مقاطعته، كما أنه لم يستطع إلا أن يصرخ على راندولف أمامه.
“ماهذا السلوك منك بحق الجحيم! ماذا تفعل بالصراخ هكذا؟ أنسيت كيف يتصرف الضباط؟ أم أنك نسيت ما تعلمته في قسم الأمن الخاص؟! أتريد أن أعيدك إلى الأكاديمية؟”
حين صرخ على راندولف وفرغ غضبه، شعر شي جون ببعض الراحة، في الواقع، في حين كان راندولف المسكين متوترا.
فوجئ راندولف. كانت هذه هي المرة الأولى التي يفقد فيها نائب رئيس الدولة أعصابه عليه بعد ما قاله في الطائرة، خفض رأسه وأجاب بخوف : “إنها برقية من رئيس الدولة، برقية من الفوهرر نفسه…”
فوجئ شي جون عندما سمع أنها برقية من هتلر.
على الرغم من أنه درس حياة زعيم الرايخ الثالث بشكل خاص، وورث ذاكرة جاك الآن، حيث كان هناك أيضًا أجزاء من الاتصال بهتلر، إلا أن هذا الرجل منقطع النظير لا يزال يمثل جزءًا من التاريخ في ذهنه، شخص يجب أن يظل دائما جزء من التاريخ، معجزة، وصورة يجب أن تظل دائما بالأسود والأبيض، وشخصية بعيدة المنال في الأفلام.
ربطته برقية هتلر أخيرًا بالتاريخ الذي كان فيه، كانت مثل البرهان الصارخ على أنه لم يعد شي جون بعد الآن.
إنتزع شي جون البرقية من راندولف وقرأها بعناية. وأول ما لاحظه كان الخط الأنيق، والكلمات المختارة بعناية. والذين يتناقضان مع صورة هتلر بعتباره سفاحا.
قال هتلر في البرقية إنه كان سعيدًا جدًا لأن شي جون كان آمنًا وسليمًا، وخاصص بضع كلمات للإعراب عن مدا قلقه خلال نصف اليوم عندما اختفى شي جون، وكم كان سعيدًا عندما تلقى الأخبار بأنه بخير. في البرقية، وافق بوضوح على جميع طلبات شي جون السابقة، وأعرب عن سعادته لانتصاره، وعن خالص تهانيه. أعرب هتلر أيضًا عن قلقه بشأن خطورة بقاء شي جون في الجبهة لفترة أطول، وأوضح أنه إذا حدث أي مكروه له، فسيكون ذلك خسارة لألمانيا والحزب النازي بأكمله، لذلك يجب على شي جون الانتباه إلى سلامته الخاصة من أجل الإمبراطورية والحزب النازي. في النهاية، وصل هتلر إلى المضمون، وهو أنه يريد من شي جون العودة إلى معسكر القاعدة بمجرد انتهاء الشؤون من حوله لمناقشة أمر في غاية الأهمية.
لم ينطق شي جون بحرف بعد قراءة البرقية مرتين تقريبا، بدأ في تحليلها. كان هتلر يهتم به حقًا و يعتمد عليه. هذا معروف منذ فترة طويلة.
أكثر ما أثار اهتمام شي جون هو الفقرة الأخيرة. كان هناك شيء مهم للمناقشته، فماذا كان؟
فجأة أدرك شي جون أن الأمر يجب أن يكون عن واقعة دانكيرك* الشهيرة.
(ملاحظة المترجم: كان انسحاب دونكيرك الذي أُطلق عليه اسم العملية دينامو والمعروف أيضًا باسم معجزة دونكيرك، أو دونكيرك فقط، عبارة عن عملية إجلاءً لجنود الحلفاء المحاصرين خلال الحرب العالمية الثانية من شواطئ دونكيرك ومرفئها في شمال فرنسا، بين 26 مايو و4 يونيو عام 1940)
اليوم 22 مايو. وفي 24 مايو، سيصدر هتلر حكمًا خاطئًا بسبب تقرير رونتشتيت و مانشتاين، وسيوقف كل هجوم المدرعات على القطاع البريطاني. في مساء يوم 26 مايو، ستبدأ خطة “دينامو” ، وسيتم إجلاء أكثر من 338 ألف جندي إلى المملكة المتحدة. وجد شي جون نفسه يقف على مفترق طرق حاسم للغاية حيث يتعلق الأمر بالحياة أو الموت.
لكن أيضا، وجد نفسه أمام معضلة أخلاقية حقيقية.
ماذا علي أن أفعل، أترك الأمر يمضي كما كان؟ أم أوقف قرار هتلر؟ عندها سيتمكن عدد قليل من الجنود البريطانيين والفرنسيين البالغ عددهم 338 ألف جندي من تطأ أقدامهم الأراضي البريطانية. إذا قاوموا بشدة، فسوف تمزقهم المدرعات الألمانية على الشاطئ، والذي سيصبح جحيمًا على الأرض.
وإذا استسلموا، سيكون الأمور أسوأ بالنسبة لهم، سيقعون في قبضة قوات الأمن الخاصة الSS. وسيذوقون الأمرين فالألمان ليسو رحيمين مع الأسرى. قد يتم إطلاق سراح بعض الفرنسيين، لكن الضباط والجنود من الدول الأخرى من المستعمرات سيعاملون كعبيد حتى نهاية الحرب.
كان على شي جون أن يقرر إستعداديته لأن يكون سبب في موت وتضرر أكثر من 300 ألف شخص.
إذن ماذا سيحدث إذا لم نوقف قرار هتلر وتركنا التاريخ يعود إلى مساره الأصلي؟ فكر شي جون في ذلك.
التاريخ سوف يعيد نفسه، بريطانيا تنقذ جيشها الثمين، من ما يمنحها القوة الكافية لمواصلة القتال.
سوف يستخدمون هذه القوات للدفاع عن جزيرتهم. وسوف يستخدمون هذه القوات لمحاربة ألمانيا وإيطاليا على المستعمرات في إفريقيا، وسيصمدون حتى دخول السوفييت الحرب، وسوف يستخدمون هذه القوات لإعادة الهبوط في فرنسا ودفن الرايخ الثالث بالكامل. لأنهم احتفظوا بهذا الجيش، كانت الولايات المتحدة على استعداد لتقديم أكثر الأسلحة تقدمًا لدعم المملكة المتحدة، والتي اعتقد الجميع أنها شكلت خطر في ذلك الوقت، وبالتالي تم وضع حجر الأساس الممهد إلى هزيمة الرايخ الثالث.
ماذا سيحدث لي إذا تركت هذا يحدث مرة أخر؟
فكر شي جون في رودولف هيس*، نائب هتلر الأصلي في التاريخ. أنا أقف في منصب هيس الآن، لذا سأعتمد عليه لتخمين ما سيحدث لي، سوف يسجن هيس مدى الحياة، حتى لو تم العفو عن جميع مجرمي الحرب النازيين وإطلاق سراحهم، فسيظل هو محبوسًا، وأخيراً شنق نفسه في زنزانته.
(توضيح المترجم: رودولف هيس هو وزير هتلر ونائبه وعضو بارز في الحزب النازي)
كان المصير القاتم لروندولف يذكر شي جون أن التعاون مع الحلفاء لم يكن خيارا.
فناهيك أن روندولف لم يأمر بشن هجوم على البريطانيين، حيث أنه شارك فقط في التخطيط الحربي لهتلر، وكان مغرمًا بالبريطانيين، لذلك قاد طائرة ME110 بنفسه دون أعلام أي أحد للهبوط في المملكة المتحدة. وزعم أنه جاء بمخطط للسلام، أراد هدنة بين بريطانيا العظمى وألمانيا.
لكن ما فعله البريطانيون لاستقباله كان وضعوه في السجن ولم يذهب تشرشل حتى لرؤيته، كما تخلى عنه هتلر وقام بعزله.
لكن راينهاردت فون شتايد فعل أكثر وأسوء بكثير مما فعله روندولف هيس في التاريخ، فلم يشارك راينهاردت في التخطيط الحربي لهتلر فحسب، بل كان أيضًا أحد العقول المدبرة. لقد فعل جاك بصفته راينهارت كل ما يمكن أن يفعله مجرم حرب تقريبًا، ولم يكن أقل إجرام من هيملر -رئيس قوات الSS-، وبعد ان أخذ شي جون مكانه، فعل ما لم يفعله أيضا، وقام شخصيًا بتوجيه الهجوم على الجيش البريطاني. على الرغم من أنه قام بذلك من أجل حياته، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن جيش الخصم قد تم محوه بوحشية تقريبًا. تخيل شي جون ما سيحدث له إذا هُزمت ألمانيا وفقًا للتاريخ.
مجرم حرب.
إذن لا يمكنني أن أفشل! اتخذ شي جون قراره بشأن مصيره.
الآن بعد أن غيرت التاريخ بالفعل مرة، ومنذ أن أتقنت القدرة والقوة على تغيير التاريخ، دع التاريخ والعالم يتطور في الاتجاه الذي أريده. أقسمت ذات مرة أني لن أهدر الفرصة إن منحت لي.
أضاءت عيون شي جون فجأة، وعلى الرغم من أن طريق المستقبل قد يكون مليئًا بالأشواك والدم، إلا أنه قرر المضي قدمًا بحزم.
سيرتفع الرايخ، لكي يتمكن من العيش.
-نهاية الفصل-