2 - بداية الكارثة
المجلد 1 | الفصل الثاني | بداية الكارثة
.
.
وقتها، كان شي جون راضيًا جدًا عن حياته. كان مشغولًا للغاية في استكشاف الأسلحة والمواد طوال اليوم، ومن ثم ذات يوم، جاء المدير بهذه الفكرة اللعينة، معلنا بذلك نهاية الوقت الجامعي السعيد للمؤرخ المستقبلي لعائلة شي، لقد ذهب إلى الأبد دونما رجعة.
لم يفهم ما هو الخطأ الذي طرأ على المدير في ذلك اليوم، فالمدينر الذي لم يكن يهتم أبدًا بالفوائد الاقتصادية، بدأ يهتم بإيرادات التذاكر. ربما لأنه يخسر الكثير من المال في عمليات ترميم للأسلحة العتيقة؟ قال شي جون لنفسه.
المدير المسن هو بالفعل ثعلب عجوز، وقد كسب المال من خلال ما هو متاح عنده بطرق لا تخطر علا بال لتغطية إنفاقه. كأن يضع سياج دائري حول قطعة من الغابة خلف المبنى لإنشاء محاكاة مشروع أداء الحرب. وخطط لسحب الدبابات المفرغة التي يمكنها التحرك بعد الإصلاحات لأداء العرض، وذلك لجذب السياح الأجانب للزيارة.
نظرًا لعدم وجود موظفين محترفين لفترة من الوقت، تم حشد جميع الموظفين في المتحف لأداء واجباتهم، واندفع جميع القيمين على المعرض إلى “ساحة المعركة” المزيفة هذه، للعب أدوار جنود من مختلف البلدان يقاتلون بعضهم البعض. بعد “توجيه وتثقيف” المدير نفسه لهم عن كيفية إستخدام الأدوات المتاحة لهم، يمكن لجميع الدبابات المفرغة أن تؤدي أداءً لائقًا، وهو أمر مثير للإعجاب حقًا. من المؤكد أن هذه الحيلة تسببت على الفور في ضجة كبيرة، وتوافد عليها السياح الأجانب لمشاهدة العرض، وبدأت الأعمال في الازدهار.
لكن فريق شي جون التقني عانى كثيرًا أثر هذه المسرحية.
وبسبب مهاراتهم، كانت عملية قيادة دبابة وإطلاق مدفع مزيف سهلة نسبيا، يعتبر شي جون أكثرهم قدرة ويتولى أدوارًا متعددة في العرض. فعلى سبيل المثال كان في بداية كل أداء يقود الدبابة رقم 3 لمهاجمة موقع “العدو”، ثم يتظاهر أن قد تم “تدميره” بواسطة المدافع المضادة للدبابات “للعدو” الصطنع، وعليه أن ينسحب من الفتحة بعد أن يتراجع بضع خطوات، ستضربه المدفعية الرشاشة، وعليه أن يتشقلب ويسقط في الخندق المجاور له. ويقوم هناك بتغيير زيه العسكري إلى زي “العدو” في أسفل الخندق، وثم الالتفاف حول الخندق إلى الأدغال خلفه، حيث يقوم بقيادة M4 التي كانت جاهزة هناك، ومعاود إطلاق النار، ثم “يهزم” بواسطة “المطارد” لم يتمكن شي جون من أخذ استراحة حتى خرج من باب الهروب ودخل في منخل بواسطة MG42.
نتيجة للعروض اليومية، تم تحسين اللياقة البدنية والجودة الفردية للموظفين بشكل ملحوظ. كما أصبحت مهارات القيادة لدى شي جون والفنيين الآخرين أكثر كفاءة، وهناك مواهب فنية شاملة يمكنهم إطلاق النار بينما يركبون السيارة أو ينزلون منها.
مع ذلك كان هذا العمل شاق ومتلف للأعصاب، إذا لم ير الجميع أن الرجل العجوز قد ضاعف جميع رواتبهم في اليوم الأول، لكانو قد ستقالو منذ دهر. ومع ذلك، اكتسب شي جون فهمًا أعمق وأكثر بديهية لاستخدام الذخائر خلال الحرب العالمية الثانية في هذا النوع من “التمرينات”، وهي عبارة عن لعبة أطفال تقريبًا بالنسبة له الان، كما أنها جلبت مساحة جديدة لإلهام أطروحته، والتي وجدها مجزية للغاية.
سرعان ما تم جذب أنظار العديد من المتاحف العسكرية الكبيرة في ألمانيا عندما سمعوا أن هناك دبابات أصلية رقم 3 ورقم 4 بانزر يمكن تشغيلها. وجأت عروضهم تباعا راغبين في شراء جميع هذه الدبابات. بالطبع، لم يقبل المدير أي من تلك العروض، لكن بعض هذه الأطراف لم تستسلم، وعرضو السماح للمتاحف بتأجير هذه الكنوز بشكل مشترك من أجل معرض سياحي، فكر مدير المتحف لفترة طويلة قبل أن يوافق على مضض.
تم تعليق مسرحية الحرب بسبب تأجير الدبابات، ونتيجة لذلك، ذهب كل الموظفين إلى حانة قريبة للاحتفال بيوم عطلة جميل اخيرا، ولكن في ذلك الوقت، لم يكن أحد منهم ليعتقد أن المدير العجوز قد أصبح مدمنًا على جني الأموال في الأسابيع القليلة الماضية. بعد مشاهدة المشاهد الصاخبة المليئة بالسياح، شعر بالوحدة قليلاً وهو ينظر إلى قاعات العرض وأماكن الأداء الفارغة. أعطته رسالة وصلته من فرنسا وميض إلهام جديد.
في وقت مبكر من صباح اليوم الثالث بعد تأجير الدبابات، كان شي جون يمسد الأنف الأمامي لطائرة Heinkel III باهتمام كبير اثناء تصفح دليل الطيار، وتخيل ما سيفكر به كابتن هذه الطائرة عندما حلق في السماء مليئة بنيران المدفعية المضادة للطائرات، أو مناورة طائرات معادية خلفه. يا له من أمر مخيف. في هذا الوقت، دخل أحد الموظفين إلى قمرة القيادة وسحب شي جون الذي كان يتخيل المشاركة في معركة جوية وتم تعقبه بواسطة طائرات Spitfire البريطانية فوق البحر من خياله…
“شي، بحثت عنك كثيرا، لذلك أنت هنا”. اشتكى الموظف.
“أوه. كنت هنا أتحقق من حالة صيانة رأس هذه الطائرة. هذا … عصا التحكم فضفاضة بعض الشيء … هاها.”
لم يهتم بما كان يفعله شي جون أمام الطائرة، وتجاهل العذر الأخرق الذي قدمه له، أومأ برأسه وقال “أوه، هكذا إذا، بالمناسبة، يريدك المدير أن تذهب إلى مكتبه على الفور. جعلني أبحث عنك لفترة طويلة، لابد انه لشيء مهم، أعتقد أنه يجب عليك الذهاب إلى هناك على الفور” ثم قال بابتسامة وهو يغطي أنفه:” شي. يمكنك تحمل مثل هذه الرائحة القوية لزيت المحرك هنا، أنا معجب بتفانيك حقًا، لا يزال يتعين علي المغادرة، لذا أسرع ولا تجعل الرجل العجوز ينتظر” بعد التحدث، خرج بسرعة من قمرة القيادة ليجد مكانًا للتنفس.
سمع شي جون أنه تم استدعاءه من قبل المدير، لذلك قام بتعبئة المواد والأدوات على عجل وتوجه إلى مكتبه.
يقع مكتب المدير في الطابق الثالث، مختبئًا بين عدة غرب، ومن الصعب حقًا على السياح العاديين العثور عليه. وقف شي جون أمام باب مكتب المدير من خشب البلوط، وقام بترتيب ملابسه قبل أن يطرق الباب.
“أدخل”
عند سماع إجابة المدير، فتح شي جون الباب ودخل. كان المدير جالسًا خلف مكتبه يقرأ بعض المستندات وما شابه ذلك، عندما رفع رأسه ونظر إلى شي جون إبتسم على الفور.
“آه، ها أنت ذا شي، تعال إلى هنا بسرعة، هل تعرف كم أردت أن أراك اليوم؟ هاها، أوه، لا تقف هكذا، تعال اجلس” سار المدير حول المكتب وقاد شي جون للجلوس على الأريكة المقابلة للمنضدة، كانت الابتسامة على وجهه مشرقة لدرجة أن شي جون ارتجف من باب الغريزة.
“سيدي المدير، لا أعرف لماذا طلبتني بهذه السرعة. إذا كان الأمر متعلق بالمدفع عيار عشرين، أعتقد أني استطيع شرح ذلك-” تلعثم شي جون “إنها معبأة، ولا تزال مبعثرة في ورشة العمل. أقوم بالبحث عن الخطأ في التصميم الإنشائي في ذلك الوقت لمعرفة سبب عدم زيادة معدل إطلاق النار. ولكني أرجح ان السبب هو كون تلك المدافع تحتاج ذخيرة أكثر شبه بالذخيرة الألمانية في ذلك الوقت…”
“إسمي كارل، عزيزي شي، نادني بي كارل، الآن، لا تنادني بالسيد المدير، ولا تقلق بشأن تلك المدافع، فقد أردت منك القدوم لأمر اخر” قاطع المدير شرح شي جون بابتسامة وقال:” أتعلم عزيزي شي، لقد أثرت إهتمامي منذ أن أتيت إلينا. لم أتردد في تكليفك بهام حساسة وأثق في أنك تقوم بعملك بإخلاص، هل تعرف ماهو منبع ثقتي هذه؟”
‘أليس لغرض استغلال العمالة الأجنبية بالطيع-‘ فكر شي جون سخرا. لكنه لم يستطع قول ما يفكر به، لذا قال: “لا أعلم سيدي المدير…”
“طلبت من أن تدعوني بكارل، لا تنادني بالسيد نحن نتحدث مثل الأصدقاء”.
“حسنا، كارل… أعتقد أنك كلفتني بهذه المهام لصقل مهاراتي وزيادة خبرتي” شعر شي جون أنه يجيب مجاملا غريزيا، فلماذا لم يدرك أنه يمتلك مثل هذه الموهبة من قبل؟
“هاهاها” بدا المدير راضيا جدًا عن إجابة شي جون: “لم أخطئ في فهمي لك. عزيزي شي، يجب أن تعلم أنني قد راقبتك لفترة طويلة. أنت هادئ، صارم، مثقف، صادق، شجاع. لديك كل الصفات النبيلة المحببة لدا أمتنا الجرمانية. في بعض الأحيان أتمنى لو كان لي حفيد مثلك”
“أنت تبالغ للغاية كارول… في الواقع هذه الصفات النبيلة هي كل ما لا يمت لي بصلة”.. ثم إبتسم بتواضع “كل ما تعلمته كان إثر الفرص النيرة التي منحتها لي”
شعر شي جون بقليل من الغرابة، يجب أن تكون هناك بعض المؤامرة في هذا، كارل لينستر العجوز. لم يمتدح أي من موظفيه بهذه الطريقة من قبل، لا بد أن شيء ما سيحدث.
“لا تقل ذلك، هاهاها. أنا مجرد رجل عجوز، وليس لدي ما أعلمكم أياه أيها الشباب”
“آه، إذا كارل، دعني أسأل هل هناك أي عمل مهم تريد مني القيام به لتطلب مني القدوم؟” اعتقد شي جون أنه سيكون من الأفضل الذهاب مباشرة إلى صلب الموضوع.
“أنت ذكي جدًا، من المريح أني لم أختر الشخص الخطأ. في الواقع، هناك مهمة أود أن أعهد إليك بها” بعد التحدث، سلم المدير المستندات التي كان يتفحصها سابقا إلى شي جون.
-نهاية الفصل-
-المترجم متحمس لإنهاء ترجمة المقدمة والبدأ في القصة-