244 - عهد وُلد من الانتقام (1)
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- مسار غير المذكور: القطعة المفقودة
- 244 - عهد وُلد من الانتقام (1)
في الزاوية الهادئة من المكتبة.
جلست إليزابيث على مكتب خشبي مصقول، عيناها السوداوان تحدقان في الكتاب المفتوح أمامها، لكن نظرتها لم تكن تقرأ الكلمات حقًا.
جاءت إلى هنا كعادتها بعد الحصص الدراسية، لتدرس. وبصفتها طالبة في السنة الثانية تتصدر الترتيب، كان من المتوقع أن تحافظ على مكانتها.
التقاعس في الجانب النظري سيمنح الآخرين فرصة للحاق بها.
لم تكن سيئة في الدراسة، فحتى لو لم تبذل جهدًا كبيرًا، كانت ستظل فوق المتوسط.
لكنها كانت تعلم أن الحفاظ على القمة يتطلب عملًا مضاعفًا.
ومع ذلك، لم يكن اليوم عن الدراسة.
لم تأتِ من أجل الصيغ أو النصوص التاريخية، بل جاءت لتشغل نفسها عن أفكارها التي لا تهدأ.
كان سكون المكتبة مريحًا، همسات تقليب الصفحات وخطوات خافتة متقطعة تمنح المكان حياةً ناعمة.
لكن عقل إليزابيث كان بعيدًا عن الكتب.
عيناها بقيتا معلقتين على نفس الصفحة لساعات، وأصابعها فوق النص دون حركة.
الكلمات تلاشت إلى خطوط لا معنى لها بينما تاهت أفكارها في مكان آخر.
قبل أسبوع.
عاد إلى ذهنها الحديث، واضحًا كما لو أنه حدث قبل لحظات فقط.
صوته.
«أريد أن أدمّر المركيز رايلان فيل.»
تلك الكلمات اخترقت صدرها كالنصل.
تجمدت في مكانها، قلبها قفز، والذهول اجتاحها.
لماذا قال ذلك؟
ولماذا يريد تدمير والدها بالتبني؟
والدها بالتبني…
المركيز رايلان فيل.
رجل تكرهه بقدر ما تخشاه.
ذكي، خطير، ينسج نفوذه بخيوط الخداع، يرتدي سحره كدرع، وكذبه كحرير.
شخص يبتسم لك وهو يخطط لسقوطك، يرى الآخرين أدوات تُستخدم وتُرمى حين تنتهي فائدتها.
كانت إليزابيث تعرف ذلك أكثر من أي أحد.
رأت وجهه الحقيقي — بروده، حساباته الباردة خلف المظاهر الودودة.
كان يطعن في الظهر بلا تردد إن كان في ذلك مكسب له.
لا يعرف ولاءً ولا ضميرًا، ومن يقف في طريقه يصبح عقبة تُزال.
ومع ذلك، سماعها أن كايل يريد تدميره… زعزعها.
ما الذي حرّك هذا الكره؟
هل يملك سببًا حقيقيًا؟ أم أنه غضب أعمى؟
الأمر الذي أقلقها أكثر من الكلمات، هو النظرة في عيني كايل حين قالها.
ذلك الحقد لم يكن غضبًا عابرًا أو استياءً عامًا.
كان عميقًا… شخصيًا إلى حدٍ مخيف.
كان نفس الحقد الذي تحمله هي تجاه الرجل الذي دمّر عائلتها.
نفس النار التي تشتعل في صدرها كلما تذكرت تلك الليلة الملطخة بالدم التي أنهت طفولتها.
أيمكن أن يكون… الجرح ذاته؟
هل دمّر والدها بالتبني حياة كايل أيضًا؟
هل امتد ظلم رايلان أبعد مما ظنّت؟
انقبض قلبها.
زفرت ببطء.
“هاه…”
للحظة سمحت لنفسها أن تشعر بالثقل في صدرها.
لكن صوتًا في عقلها همس بالمنطق.
«لا، هذا أفضل هكذا.»
إن استطاعا مساعدة بعضهما، فلكلٍ منهما ما يكسبه.
لم تكن إليزابيث تهتم بمؤامرات والدها بالتبني.
كانت تعلم أنه لا يراها سوى أداة — قطعة شطرنج يحركها متى شاء.
لولا إنجازاتها ومكانتها في الأكاديمية، لكان باعها منذ زمن إلى أحد النبلاء الصغار.
مكانتها وحدها كانت درعها الوحيد من الإهمال.
لم ترد أن تضيع حياتها تحت ظله، ولا أن تكون رهينة طموحاته.
إن كان كايل حقًا يسعى لسقوط رايلان، فهذه فرصة لا يمكنها تجاهلها.
مساعدته في تدمير والدها بالتبني قد تفتح أمامها طريقًا نحو الحرية، وربما الانتقام.
ولم يكن يطلب منها معروفًا بالمقابل.
فقد وعدها بشيء في المقابل — وعدها بأن يساعدها في معرفة الحقيقة.
تعهد بأن يقف معها، أن يساعدها في ملاحقة من قتلوا والديها.
وعد بدا متهورًا، بل مستحيلًا… لكن ما جعله ذا وزن هو شيء واحد.
العقد الروحي.
ليس عقدًا عاديًا، بل من أعلى مراتب العقود.
لا يمكن نقضه دون عواقب وخيمة. شروطه كانت واضحة:
إليزابيث فيل (أو دوفين)، ستساعد كايل فالمونت في تحقيق هدفه: تدمير المركيز رايلان فيل.
وفي المقابل، يتعهد كايل فالمونت بكشف هوية قتلة عائلتها، ومساعدتها في نيل انتقامها.
ولا يحق لأي طرف خيانة الآخر.
لم يكن حبًا، ولا ثقةً بالمعنى المعتاد.
كان عهدًا وُلد من الحاجة.
ومع ذلك، منحها العقد بعض الطمأنينة.
لكن الذي أرهق فكرها لم يكن العهد نفسه…
بل كيف سيتحقق.
كيف سيهدم كايل شخصًا قويًا كرايلان؟
ماذا إن فشل؟ ماذا إن انقلبت خطته ضده وضاعت فرصتها في الانتقام إلى الأبد؟
عادت عيناها إلى الصفحة، لكن الحروف بدأت تسبح أمامها.
قال إنه سيتواصل معها…
لكنه لم يفعل بعد.
ماذا إن لم يكن يملك خطة أصلًا؟
ماذا إن كانت كلماته مجرد حماسة بلا اتجاه؟
ارتجف جسدها بخيط بارد من القلق.
“توقفي عن التفكير.”
تمتمت بالكلمات بصوت خافت، بالكاد تحركت شفتاها.
لكن الأفكار لم تغادرها.
ساد صمت المكتبة من جديد، حتى اخترقه صوت هادئ:
“لقد كنتِ تحدقين في نفس الصفحة منذ ساعة الآن.”
انتشلتها الكلمات من دوامة أفكارها.
رمشت عيناها بارتباك. لم تدرك كم مضى من الوقت.
…ربما لم تكن ساعة كاملة، لكنها لم تهتم.
رفعت ببطء نظرها.
ابتسامة لطيفة قابلتها من الجهة المقابلة للطاولة.
كانت هناك زارا ستيرلنغ، صديقتها.
أقرب شخص إليها في الأكاديمية.
بشعر أرجواني ناعم يتدلى على كتفيها، وعيون بنفسجية تلمع بالدفء، كانت زارا تحمل هالة من الهدوء والثقة.
تنحدر من عائلة نبيلة مثل إليزابيث، لكنها لم تكن مغرورة ولا متكلفة كغيرها من النبلاء.
طيبة، ودودة، مخلصة — صديقة يمكن الوثوق بها.
“بماذا تفكرين بعمق هكذا؟”
كان صوت زارا رقيقًا، لكنه يخفي قلقًا حقيقيًا وهي تحدق في وجه إليزابيث.
قصة مختلف ولكن لا تجذبك لقراءتها
شكرا على الترجمة