430 - غورسا المشع
الفصل 430: غورسا المشع
———-
ساحران رسميان من الرتبة الأولى—داخل برج السحرة، كانا بالفعل من أقوى الشخصيات باستثناء سيد البرج نفسه.
ومع ذلك، عند مواجهة غورسا المستعاد بالكامل، لم يكن لديهما أي فرصة على الإطلاق.
استنزفت التشكيلة السحرية السوداء القاتمة ساحرين قويين من الرتبة الأولى تمامًا في غضون وقت قصير.
كان أنزي، الذي استنفد بالفعل إلى حدوده من المعركة، أول من مات. حتى في لحظته الأخيرة، ظلت عيناه مثبتتين على برج السحرة خلف غورسا.
من ناحية أخرى، استمر روم—المحترق بالكامل والذي يحمل أسوأ الإصابات—لفترة أطول.
لكن مع استمرار تشغيل التشكيلة، بدأ هيكله الضخم ذات يوم في التقلص، شيئًا فشيئًا.
عندما تلاشى الضوء الأسود والأبيض المتناوب، تقلص الرجل الذي كان يقف ذات يوم بطول أكثر من مترين إلى جسد ذابل بالكاد يبلغ مترًا ونصفًا في الطول.
ومع ذلك، بشكل غريب، أعاد اختفاء كل تلك العضلات إلى روم مظهرًا أكثر طبيعية.
“غورسا… سأقتلك…” كان لا يزال يتمتم.
مشى غورسا ببطء خارج مركز التشكيلة ونظر إلى روم.
تساقط شعر بلاتيني ناعم جديد نماه حديثًا بجانب أذنه.
“تكرهني لهذه الدرجة؟ أنا من أنقذ حياتك، كما تعلم.”
“أنت… ذبحت عشيرتي بأكملها…” ارتعش روم وهو يمد يده، أصابعه تلتف حول رقبة غورسا في الهواء، كما لو أنه يستطيع خنقه هكذا.
هز غورسا رأسه. “لقد أخبرتك بالفعل—كنت مجرد عابر سبيل يجمع الجثث… لكن حسنًا، اكرهني إذا أردت.”
انحنى ببطء، مد يده ليلمس جسد روم المدمر. كان تعبيره كما لو أنه يداعب قطعة جلد فاخرة.
“إذن هذه هي قمة سحرك العنصري الضوئي؟ تحويل الطاقة إلى مادة، مع الحفاظ على دفاع وهجوم مزدوجين ضد كلا الشكلين. لا عجب أنك تمكنت من الصمود هذه المدة.”
بدأت عينا غورسا تضيئان، شيئًا فشيئًا. “حقًا… المادة المثالية لوعاء.”
فجأة، استدار، ناظرًا نحو الطابق العشرين من برج السحرة. بعد لحظة من التفكير، أطلق ضحكة خفيفة وهز رأسه.
“حسنًا، ذلك الفتى أنقذني مرة واحدة.”
تحركت يد غورسا من ظهر روم إلى مؤخرة جمجمته.
“هم. أولاً، سنحتاج إلى إزالة الشوائب.”
ومض بريق خافت، واختفى رأس روم في الحال.
كل ما تبقى على الأرض كان أثرًا من الرماد، ربما آخر بقايا ما يمكن أن يُطلق عليه بقاياه.
الباقي، جمعه غورسا بلا مبالاة بموجة من يده.
على مسافة ليست بعيدة، كانت مونيكا تساعد كاز وهما يتوجهان إليه.
كان كلاهما يرتجفان، ووجوههما شاحبة كالجثث.
وقف غورسا. “أين غودو؟”
عضت مونيكا شفتها. كانت أقواس الكهرباء لا تزال ترقص عبر جسدها، وبقع من جلدها كانت تتناوب بين الأسود والأبيض.
كان هذا هو الثمن الذي تدفعه في كل مرة تستنفد فيها سحرها على نطاق واسع، وأيضًا خطر كامن خطير.
“بينما كنت… تتقدم… هرب.”
رفع غورسا حاجبًا.
الآن بعد أن أصبح لديه حواجب مرة أخرى، كان لونها أغمق قليلاً من قزحياته.
“تركتِه يذهب عمدًا؟”
بجانبها، كان كاز يمسك برقبته—كانت قد شفيت إلى حد ما، لكن الإصابة كانت لا تزال خطيرة بما يكفي ليحتاج إلى دعم مونيكا للمشي فقط.
“سيد البرج،” أرسل كاز إلى غورسا عبر نقل صوتي، “لدى غودو سم إشعاع ألفا. لم نتمكن من الاقتراب منه.”
“ألفا، هاه؟” لم يبدُ غورسا غاضبًا. “يُفترض أنه اسم غريب توصل إليه سول. الآن حتى مطورو سم ألفا قد انهاروا تحت تأثيراته—غير واضح إذا كانوا سينجون حتى. عدم جرأتكما على ملاحقة غودو منطقي.”
أما بالنسبة لما حدث لكيلي، فقد كان لدى الجميع شكوكهم.
[المترجم: ساورون/sauron]
نظر غورسا إلى مونيكا، فارتعدت بشكل غريزي.
بسبب عدم قدرتها على القتال لفترات طويلة، اختارت مونيكا البقاء خارج المعركة في البداية.
على الرغم من أنها حمَت سول في اللحظة الأخيرة، كان ذلك الفعل أيضًا تحت تهديد ووعد بعلاج حالتها الحرجة. لذا عندما تقدم غورسا فجأة إلى الرتبة الثالثة، سيطر الخوف بالفعل على قلب مونيكا.
السبب الوحيد الذي جعلها لا تزال تملك الشجاعة للمشي نحوه كان لأن غورسا كان دائمًا يفي بكلمته.
على الرغم من أنه في معظم الأحيان، كان كذابًا كاملاً.
“الآن بعد أن تقدمت إلى الرتبة الثالثة، يجب أن أعود إلى عائلتي وأرث برج السحرة الذي هو حقي. ستأتين معي.”
نظرت مونيكا فجأة إلى الأعلى، عيناها مملوءتان بالخوف والفرح معًا.
لم تفهم تمامًا لماذا يحتاج غورسا، الذي يملك بالفعل برج سحرة، إلى وراثة برج آخر، لكن مجرد سماع أنه يعود إلى عائلته جعلها أكثر ثقة بأنه يستطيع شفاء جسدها.
كانت عائلة الغلار التي ينتمي إليها غورسا عشيرة قوية تضم ساحرًا من الرتبة الرابعة بين أعضائها! قيل إنهم أنتجوا حتى ساحرًا من الرتبة الخامسة في الماضي—على الرغم من أن أحدًا لم يظهر في المائة سنة الأخيرة، ولم يعرف أحد إذا كانت تلك الشائعة صحيحة.
لولا الشائعات التي تقول إن غورسا قد نُفي إلى المناطق الغربية من قارة ستات، لما جرؤ أنزي والآخرون أبدًا على التطلع إلى برج سحرة غورسا.
بعد أن قرر أخذ مونيكا، استدار غورسا لينظر إلى كاز.
كان الرجل العجوز بالفعل على وشك الانهيار.
رفع غورسا يده وضغطها على جرح كاز. عندما تركها، كانت الرقبة ناقصة النصف قد عادت بالفعل إلى حالتها الأصلية.
“ما هذا؟” لمس كاز رقبته—شفيت بهذه السرعة؟
“حصلت على الفكرة من روم—تحويل الطاقة إلى مادة. لكنها هشة، لذا اعتنِ بعمودك الفقري العنقي.” بابتسامة، سأل غورسا بعد ذلك، “سأسلم هذا البرج إلى سول. هل تريد القدوم معي إلى الغلار، أم البقاء هنا؟”
تردد كاز بوضوح، لكن قبل أن يتمكن من اتخاذ قرار، انفجر صوت فجأة من داخل غورسا—
“اقتلني… اقتلني…”
“استيقظتِ بالفعل؟” سحب غورسا ظلًا أسود متلويًا من عباءته. في أعماق الظل، كانت تيارات سوداء أغمق تتلوى بلا نهاية.
عبس غورسا. “سمحت لكِ بامتصاص الكثير من الأفكار الشريرة، والآن تفاقم التلوث.”
استقامت مونيكا ظهرها، قلقة على رئيسها أولاً. “سيد البرج، لم تُلوث للتو، أليس كذلك؟”
“كنت كذلك. وإلا، لما كنت على وشك التحور من تلك الشغب في الطبقة… لكن وراثة الغلار لها طرقها في التعامل مع التلوث. لقد أعدته إلى يورا، ولهذا هي الآن في حالة أسوأ.”
بينما كانت المجموعة تتحدث، ترددت صيحات يورا “اقتلني” حولهم كموسيقى خلفية، تصبح أكثر حدة.
لم يعد كاز يتحمل. كان من دوقية كيما وكان يعرف يورا الحية. الآن، بعد رؤية فشل تجربة الإحياء وأن غورسا قد وصل إلى الرتبة الثالثة، حاول التوسل، “سيد البرج… هل يمكنك… ربما تترك يورا تذهب؟ لقد كانت هكذا لفترة طويلة—إنه تعذيب.”
ابتسم غورسا. كانت المنحنى في زاوية شفتيه مطابقًا تمامًا لما كان عليه عندما كان وجهه ملفوفًا بالضمادات.
“يمكنني أن أتركها تذهب، لكن فقط بعد اكتمال تجربة الإحياء. ثم سأقتلها بنفسي. نظيفًا وسريعًا.”
ارتجف كاز في جميع أنحاء جسده، وشعر كما لو أن أنفاسه خرجت مع شظايا من الجليد.
سحبت مونيكا بسرعة على رداء كاز، تتوسل إليه بصمت ألا يتحدث مرة أخرى.
عندها فقط عاد كاز إلى رشده، وأنزل رأسه ببطء.
“حسنًا، سأذهب للتحقق من سول…” بوضوح لم يرد غورسا التحدث أكثر. دس روح يورا، المكثفة الآن إلى كرة ضيقة، مرة أخرى تحت عباءته.
كان قد وصل إلى منتصف حديثه عندما لاحظ فجأة أنه من الطابق العشرين إلى الأسفل، بدأت الشقوق تظهر على طول الجدار الخارجي لبرج السحرة—تنتشر حتى الطابق الأول ثم تغرق في الأرض.
بدأ البرج بأكمله يهتز بعنف. من الداخل جاءت عدة صرخات مرعبة.
هل كان برج السحرة ينهار؟!
لكن في تلك اللحظة، من داخل تلك الشقوق التي تقسم الجدران الخارجية، امتدت أذرع بيضاء نحيلة لا حصر لها.
التفت بعضها حول البرج لمنعه من الانهيار، بينما امتدت أخرى إلى الأرض، ترفع الهيكل لمنعه من السقوط.
أمسكت مئات الأذرع البيضاء الرقيقة ببرج السحرة، بالكاد حافظت على شكله الأصلي.
استدار غورسا برأسه ليحدق في كاز ومونيكا، مرتبكًا بشكل غير معتاد. “أتريان ذلك؟! وما زلتما تتحدثان عن تركه يرث البرج؟ لقد نهب بالفعل تقريبًا كل أسراري!”
في تلك اللحظة، فهم غورسا بوضوح تام—بعد الفم والعيون، حتى آخر أطراف الطبقة—الأذرع—قد تحول ولاءها.
==
(نهاية الفصل)
التعليقات على الفصل "430 - غورسا المشع"
مناقشة الرواية
ربما يعجبك ايضاً
