لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 751 - المساعدة
إفترض دائمًا أن مسؤول سراديب الموتى الذي يتميز ببقع عمرية بنية فاتحة تم إستيعابه ليصبح جزءًا من هذا المكان الغريب، سيصبح بمرور الوقت أكثر شبهًا بالجثة فاقدا كل مظاهر الحياة وينام بداخلها إلى الأبد في تابوت منتصب ومتحلل، رغم ذلك تمكن من مغادرة غرفة القبر الضخمة التي تضم ينبوع المرأة السامرية ولا يزال يحمل شمعة بيضاء مشتعلة.
‘بسبب التناوب في حراسة مدخل ينبوع المرأة السامرية كلما طالت مدة بقائه تعمق التآكل الغريب من سراديب الموتى ما يجعله أقل شبهًا بالأحياء… لم يعد بحاجة إلى شمعة بيضاء مضاءة لمنع أن تبتلعه سراديب الموتى؟ هل يمكن للمرء أن يتعافى ببطء عند مغادرتها؟’ خمن لوميان مراقبا مسؤول سراديب الموتى العجوز يصعد الدرج.
عند إقترابه أضاء ضوء الشموع ملامحه حينها حصلت مجموعة الطلاب أيضًا على نظرة أوضح على الوافد الجديد، تعرفوا على الزي الرسمي لمسؤول سراديب الموتى لكنهم لم يلتقوا قط بشخص كبير في السن لدرجة أنه بدا متحللًا تقريبًا، وجهه المرقط ببقع بنية فاتحة بسبب التقدم في العمر وعيونه السوداء إلى جانب أنفاسه الخافتة التي تكاد تكون معدومة، غرس فيهم خوفًا لا إرادي مما دفعهم إلى التجمع معًا من أجل الدفء والشجاعة، بعد مدة توقف العجوز عند مدخل تابوت عظام الموتى القديم ثم إستدار ملقيا نظراته على لوميان.
“أحتاج إلى التحدث معك” قال مسؤول سراديب الموتى بنبرة واقعية.
‘أنا؟ هل نعرف بعضنا؟ جئت إلى هنا لمجرد نزوة ولم أخبر أحدًا بخططي لم تحتاج لرؤيتي؟’ تفاجأ لوميان وكذلك طلاب الجامعة.
لم يتوقعوا أن يعرف هذا المخادع المثير للفضول مسؤول سراديب الموتى المخيف ‘هل يستكشف سراديب الموتى كثيرًا لدرجة أنه أصبح صديقًا للمسؤولين؟’.
وقف لوميان في حيرة من أمره وتبع المسؤول المسن إلى جانب مدخل تابوت عظام الموتى القديم فقد أراد أن يسمع سبب كل هذا ولم يبحث عنه.
في الظلام الكثيف مع وجود شمعة بيضاء فقط تجعل وجهه يبدو أكثر فظاعة قال المسؤول عديم المشاعر “هناك حالة شاذة مع جثة في الزاوية الجنوبية الغربية للمستوى الرابع تعامل معها”.
“أنا؟” أشار لوميان إلى نفسه بيده اليمنى الفارغة ‘لماذا تطلب مني التعامل مع هذا؟ هناك مسؤولون آخرون لسراديب الموتى ومتجاوزون رسميون لهذا النوع من الأشياء… لماذا أنا؟ وأنت تأمرني كما لو كنت مرتزقًا يتقاضى أجرًا للتعامل مع مثل هذه الأمور دون حتى مناقشة التعويض…’.
“نعم” أومأ المسؤول العجوز بلطف “جسدي وروحي يقتربان من الإضمحلال ولم يعد بإمكاني المشاركة في القتال”.
نظر لوميان إلى المسؤول بفضول متسائلاً “هل تعرفني؟”.
تجلت التجاعيد العميقة على وجه المسؤول في إبتسامة غريبة “أنت واحد من نوعنا”.
‘واحد من نوعنا…’ فكر لوميان مشكلا تخمينا في ذهنه.
“تعامل مع الأمر الآن كلما طال إنتظارك أصبح الأمر أكثر إزعاجًا” إستدار المسؤول عائدا نحو “مدخل تابوت العظام القديم”.
‘أتيت لمراقبة هاريسون من جزيرة القيامة وليس للعمل لديك…’ تمتم لوميان بصمت.
أثير فضوله لذا تبع المسؤول الذي يشبه الجثة أكثر من كونه مسؤولًا حيًا أسفل الدرجات الحجرية وخلال ذلك إبتسم ملوحا للطلاب لإرعابهم.
لم يجرؤ أحد على الرد!.
بمجرد أن إختفى شكل لوميان والمسؤول العجوز في عمق السلم الحجري إسترخى الطلاب أخيرًا مطلقين زفير الإرتياح.
‘هذا الرجل يعرف حقًا مسؤول سراديب الموتى جيدًا!’.
‘يجب أن يكون على دراية كبيرة بهذا المكان!’.
‘هل الشائعات التي شاركها صحيحة بالفعل؟’.
مستذكرين وصف لوميان لحالات الشذوذ في السكن وعواقب إطفاء الشمعة إرتجف الطلاب في إنسجام تام مقربين شموعهم من أجسادهم.
—
طبقة بعد طبقة مرورًا بمقبرة فرانسوا وقاعة نظام الدم تبع المسؤول القديم حتى وصلوا إلى الركن الجنوبي الغربي من المستوى الرابع لسراديب الموتى، بإستخدام الثلث المتبقي من شمعته البيضاء رأى هيكلًا عظميًا عملاقًا يبلغ طوله حوالي 4 أمتار يتكون من عظام جثث مختلفة، بدا على شكل إنسان له 8 رؤوس وجميع تجاويف عيونه داكنة وخالية من أي لهب ملون، في تلك اللحظة فتح الهيكل العظمي العملاق توابيت القبور مستخرجا العظام الحادة ليضيفها إلى سيفه الضخم، إنتشر ضوء الشموع قليلاً فقط مضيئا المنطقة إلى الحد الأدنى بينما تدفق الظلام مثل الماء مما أدى إلى برد ورعب لا يوصفان.
حتى دون الإقتراب شعر لوميان قسريًا بالخوف والمقاومة كما لو أنه يسير نحو الموت!.
تحولت عيناه الزرقاوان إلى اللون الأسود الحديدي مما يعكس الشحوب المروع للهيكل العظمي الشاذ.
شعر من أعماق صدره كما لو أنه عليه أن يشق طبقات من العظام البيضاء للوصول إليه!.
“هل ترى ذلك؟ تخلص منه” أشار العجوز كما لو أنه يأمر أحد مرؤوسيه.
“ما هي القدرات التي لديه؟” لم ينفر لوميان من تقديم المساعدة فقد حصل للتو على غرض قوي.
أراد إستخدامه لكنه لم يستطع الإندفاع إلى المعركة دون فهم قدرات الوحش والتخطيط لإستراتيجيته.
أصبحت الشمعة التي في يد المسؤول الآن مجرد لهب خافت متمسك بعناد.
“لست متأكدًا ولكن يتم قمعه بواسطة سراديب الموتى لذا هو غير قادر على إظهار الكثير من إمكاناته” هز العجوز رأسه “عند حلول الظلام في الخارج ربما لن نتمتع بهذه الميزة يجب عليك التخلص منه الأن”.
‘سراديب الموتى تقمعه…’ تأمل لوميان بصوت عالٍ “كم مرة حدثت هذه الحالات الشاذة مؤخرًا؟ هل هي متكررة؟”.
“إنه أمر طبيعي مرة أو مرتين في الشهر” أجاب مدير سراديب الموتى العجوز بصوت خشن.
‘حتى لو أنها مختومة على نطاق واسع لا تزال هناك بعض التشوهات؟ هذا مشابه للمناطق الأخرى في تحت أرض ترير…’ عندما أراد طرح المزيد من الأسئلة بدا أن الهيكل العظمي العملاق المغطى بالطين والعفن لاحظهم.
إستدار فجأة بسيفه العظمي الضخم!.
إشتعلت النيران في سطح السيف العملاق باللون الأبيض الشاحب لذلك تحرك بقوة وسرعان ما إندفع نحو لوميان ومسؤول سراديب الموتى، إرتفع الظلام المحيط جالبًا معه بردًا تقشعر له الأبدان ورعبًا بدا أنه وصل إلى أرواحهم لذا دون تردد أخرج سيف الشجاعة.
‘لم الخوف؟ قتال! قتال! قتال!’ إندفع الدفئ بسرعة عبر جسده.
قام لوميان بسحب السيف العظيم ذو اللون الأسود الحديدي متجها نحو الهيكل العظمي العملاق بسيفه العظمي المرعب، قام بأرجحة سيف الشجاعة للأعلى حيث إنفجر لهب أبيض ساطع مع لمسة من اللون الأزرق من النصل.
إنفجار!.
إصطدم السيف العظيم ذو اللون الأسود الحديدي بالسيف العظمي المصنوع من العديد من العظام الحادة في الجو.
إنحنت ركبتي لوميان بينما غرقت قدميه في الوحل فقد إتضح أن قوة الهيكل العظمي هائلة!.
تشابكت النيران ذات اللون الأبيض والأزرق الساطع مع النيران البيضاء الشاحبة مما أدى إلى إطفاء بعضهما البعض، لم يكن خائفا بل شدد فخذيه وقوم ركبتيه متقدما بدلاً من التراجع قاطعًا بسيفه الحديدي الأسود الكبير نحو المخلوق الضخم.
إستجاب السيف العظمي بقوة كصخرة ساقطة!.
ضرب!.
أدى الإصطدام إلى إنفجار عنيف وضربت موجة الصدمة التي تحمل لهيبًا أبيضًا وأزرقًا ساطعًا سطح الهيكل العظمي مما دفعه إلى الخلف خطوتين.
طارده لوميان مهاجما مرة أخرى بسيف الشجاعة!.
إنفجار!.
مع كل إشتباك للسيوف الضخمة وفي كل إنفجار هائل سقط عدد كبير من العظام من الهيكل العظمي وتفحم حتى عظم السيف نفسه تضاءل بشكل كبير.
أخيرًا إخترق لوميان دفاعه وصدره بضربة واحدة!.
ضربة!.
توسعت الكرة النارية ذات اللون الأبيض والأزرق اللامع هناك مخترقة جسده بالكامل حينها تجمد الهيكل العظمي العملاق على الفور.
إنهار بالكامل مثل قلعة مكدسة!.
سحب لوميان سيفه العظيم ذو اللون الأسود الحديدي ملتفتا إلى مسؤول سراديب الموتى العجوز بإبتسامة قائلاً “تم تحييده”.
أعاد سيف الشجاعة إلى حقيبة المسافر ومباشرة بعد هذا الإجراء إستيقظ فجأة ‘على الرغم من أنني خططت للإنخراط في قتال مباشر قبل سحب السيف إلا أنني لم أفكر في الهجوم المباشر فقط… سيف الشجاعة حقا…’.
عند سماع كلمات لوميان إقترب مسؤول سراديب الموتى العجوز ببطء حاملا الشمعة البيضاء تقريبًا.
سأل لوميان مستفيدًا من تقديم المساعدة للتو بشكل عرضي “هل قام أحد بزيارة ينبوع المرأة السامرية في الأشهر القليلة الماضية؟”.
من المفترض أن تكون هذه أقوى نقطة من طاقة الموت في سراديب الموتى بأكملها ربما يتم جذب هاريسون إلى هنا.
نظر مسؤول سراديب الموتى العجوز إلى لوميان بحركة بطيئة قبل الرد بصوت أجش”أطفئ الشمعة”.
‘ماذا؟ إطفاء الشمعة؟ هل تحاول قتلي؟’ رد فعل لوميان الأول هو أن مسؤول السراديب أمامه يقصد إيذائه.
بدون شمعة بيضاء مضاءة هنا سيتم مسح شخص ما ونسيانه بشكل مخيف من قبل الجميع!.
في تلك اللحظة إحترقت الشمعة في يد المسؤول حتى النهاية وومضت قبل أن تنطفئ تمامًا – إندفع الظلام نحو الرجل العجوز ليغمره في صمت مميت.
لم يختف!.
في تلك اللحظة تذكر لوميان أشياء كثيرة بما في ذلك إعتباره من قبل مسؤول سراديب الموتى كواحد منهم وتخمينه الخاص بشأن ذلك، قبل أن يتخذ قراره النهائي والمجنون إنتشر الظلام حول المسؤول بشراسة محيطا به.
إنطفأت شمعته البيضاء فجأة!.
–+–
دعم: DarklessNight