لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 750 - مصدر الحياة
“هل يمكنك فعلا أن تأكل هذا؟” بعد بضع ثوان تلعثم لوغانو ‘ماذا سيحدث إذا أكله؟ ما هي التغييرات؟ هل يتسبب في ولادة طفل الإله؟’.
نظر لوميان إلى ذراع لوغانو قائلا “ما الذي لا يمكن أكله؟”.
شعر لوغانو فجأة بألم وهمي حاد لذلك هز رأسه بقوة “لا لا يهم!”.
أراد الإبتعاد عن لودفيغ ولوميان لكنه لم يستطع إيجاد عذر على الفور.
“المكونات عالية الجودة لا تحتاج إلى الكثير من الأغراض أو التوابل نحن بحاجة فقط إلى إعطائها رمزا” بعد أن إبتلع لودفيغ لقمة من خبز الجبن تحدث ببطء “يتضمن ذلك 9 مكونات أساسية رئيسية: القمح والشوفان والجاودار والأرز والبطاطس والبطاطا الحلوة والذرة ونبات المنيهوت والفول، أطبخهم مع بقايا السرة في حليب البقر أو الغنم لمدة نصف ساعة حينها سيصبح جاهزا للأكل وهذا الطبق يسمى مصدر الحياة”.
‘هل تطبخ أو تؤدي طقوس غوامض؟’ تمتم لوميان تحت أنفاسه.
رئيس الطهاة في مسار الذواق الذي قام بتحضير المشروبات الكحولية وطهي أطباق مختلفة يقوم في الأساس بإجراء طقوس غوامض مقابلة.
“في الواقع ليس من الضروري أن تكون هذه المكونات التسعة أليس كذلك؟” سأل لوميان بعناية “ما دام مفهوم المكونات الرئيسية وكميتها كافيا؟ وبالمثل فإن أنواع الحليب الأخرى ستعمل أيضًا؟”.
“لا” هز لودفيغ رأسه “هذه الطريقة مذاقها أفضل”.
‘إذن ما تقوله هو أن الطريقة التي ذكرتها ستعمل ولكن لن يكون مذاقها جيدًا؟ إنه حقا مسار الذواق الذي يسعى دائمًا إلى الكمال في الطهي…’ أمر لوغانو بشراء بعض المكونات.
تحتوي حقيبة المسافر خاصته فقط على حصص غذائية جافة يمكن تناولها مباشرة من العبوة!.
بالنسبة إلى ترير المدينة العالمية الرائدة تم جمع المكونات التي يحتاجها لودفيغ بسهولة بحلول الظهر، عاد لوميان ولوغانو لرؤية لودفيغ يضع المكونات الرئيسية جنبًا إلى جنب مع الحبل السري في قدر يخنة مملوء بالحليب، لا بد من إكمال هذه الخطوات من قبل الطاهي لإضفاء طابع الغوامض وإقناع التفرد المحدد للمكونات – للحفاظ عليهم في درجة تساعد على الإمتصاص، إذا قام به شخص آخر فربما لن يكون للطبق أي تأثير أو يتحول إلى سم، بعد الغليان لفترة من الوقت إشتم لوميان رائحة النشويات الممزوجة بالحليب ورأى بخارًا أبيض حليبيًا كثيفًا يتصاعد فوق القدر، لم يتفرق البخار بل تكثف في الهواء مستقرا ببطء مرة أخرى في الوعاء حاملًا رائحة محيرة مشوبة بالدم.
في تلك اللحظة إلتفت لودفيغ إلى لوميان ليسأله “هل تريد إضافة السكر أو الملح؟”.
“ما هي الإختلافات التي يجلبونها؟” سأل لوميان بحذر.
“الطعم” أجاب لودفيغ بجدية “أحدهما حلو والآخر مالح أيهما تفضل؟”.
شعر لوميان بالحيرة لذا إسترخى وسأل بإبتسامة “أيهما تفضل؟”.
“لا أستطيع أن آكله…” قال لودفيغ بأسف متمتما “الحلو لذيذ والمالح جيد أيضًا لو من الممكن تقسيمه إلى قسمين جزء حلو والآخر مالح…”.
قام الصبي الصغير الذي بدا مضطربًا برش بعض الملح ثم إضافة بعض السكر بينما يراقبه لوميان بتسلية دون إيقافه، بالنسبة له لم يكن طعم مصدر الحياة مهما بل تأثيره – أخيرًا أمر لودفيغ لوغانو بإطفاء اللهب وإزالة محتويات القدر، رأى قطعة بحجم كف اليد من النشويات المتجمدة بيضاء وناعمة ولزجة بسطح مغطى ببقع حمراء كما لو أن الدم تسرب من الداخل.
“إنها جاهزة للأكل” حاول لودفيغ جاهدًا ألا يسيل لعابه.
“هل ستكون فعالة بقضمة واحدة فقط أم سأحتاج إلى أكلها كلها؟” سأل لوميان بفضول يذكره بالأيام التي قضاها في تعلم تجارب مختلفة الأمر الذي غالبًا ما أحبط أورورا بسبب أسئلته.
“فلتأكلها كلها” قال لودفيغ بنظرة خيبة أمل.
إلتقط لوميان الطعام المبخر المحترق قليلاً ووضعه في فمه بينما يأخذ قضمة منه.
إمتزجت النكهات الحلوة والمالحة معًا مما يوازن حدة بعضها البعض بطريقة فريدة تريحه من أي عبء عقلي – سرعان ما إلتهم مصدر الحياة.
“هل سينجح الأمر على الفور؟” سأل لوميان المتحمّس.
“سوف تحتاج إلى النوم أولا” أشار لودفيغ إلى غرفة النوم الرئيسية.
‘النوم؟’ بتنهيدة خفيفة ترك لوميان طاولة الطعام وعاد إلى غرفته ليستلقي على سريره.
عندما أغمض عينيه شعر أن جسده يسخن تدريجياً وأصبح وعيه أثقل…
في الظلام سمع تنهدات ناعمة وحينما أدار رأسه ميز الصوت بعناية ليدرك أنه لطفلة صغيرة تهمس: “ماما… ماما…”.
“أمي! أمي!” أصبح الصوت أعلى وأكثر نضجا.
“أمي! أمي!” إقتربت الصرخات كما لو أنها بجانب لوميان حيث تردد صداها بداخله.
‘داخل جسدي…’ إستيقظ لوميان فجأة مستعيدا حواسه.
إنقشع الظلام ودخل ضوء الشمس إلى عينيه لذا جلس فجأة ليحرر نفسه من الحلم مع صرخات “ماما” لا تزال تتردد في ذهنه بصوت ضعيف.
‘هل سمعت طفل الإله يبكي؟’ نظر لوميان إلى نفسه.
خلع ملابسه ولم يجد أي شيء غير عادي لكنه عرف أنه أصبح مختلفًا الآن بتغيير لا يوصف لكنه لم يشعر بنظرة الأم العظيمة مما جعله أكثر حذرا.
إرتدى ملابسه مغادرا غرفته ليجد لوغانو يلقي نظرة خاطفة عليه.
“هل أنت بخير؟” سأل لوغانو الذي تم القبض عليه متلبسًا بشكل غريزي.
“نعم” ضحك لوميان “لن أصبح إبن الإله للأم العظيمة” أضاف عندما رأى لوغانو ينظر إلى بطنه “ولست حاملا به”.
بعد أن تحدث ترك لوغانو الذي لا يزال يشعر بالقلق مغادرا الشقة.
شمس الظهيرة مثالية ومع عدم وجود الكثير للقيام به في اليومين المقبلين قرر زيارة مكان معين – هذا المكان هو سراديب الموتى في ترير، خاصة بعد أن علم أن هاريسون من جزيرة القيامة ربما يظهر في أماكن مرتبطة بالموت والظلام والغسق والإضمحلال، دارت أفكار لوميان الأولى حول مهرجان الأحلام وسراديب الموتى في ترير – وهي مواقع مليئة بالموت والغوامض المظلمة.
—
– في المستوى الأول من سراديب الموتى بالقرب من “مدخل تابوت العظام القديم” المؤدي إلى عمق أكبر:
جلس لوميان بجوار هيكل عظمي ذابل ومتناثر ومعه شمعة بيضاء مضاءة يراقب بهدوء كل زائر ينزل إلى الأعماق أو يعود منها.
سرعان ما مرت مجموعة من الطلاب رأوه يجلس بجانب عظام سراديب الموتى.
سأل القائد وهو رجل طويل القامة ونحيف يرتدي نظارات بفضول “لماذا تجلس هنا؟”.
“بعد أن نزلت إلى المستويات الأدنى عدة مرات فقدت الإهتمام” أجاب لوميان بشكل عرضي “الآن أريد فقط أن أجلس هنا بهدوء وأراقب الجميع لأرى من لا يغادر أبدًا”.
“يبدو هذا مثيرًا للاهتمام” قال الطلاب وهم يحملون شموعهم البيضاء.
قرروا الجلوس أيضًا وملاحظة ما إذا كان أي من العائدين من الأعماق قد أظهر علامات الخوف.
إختار الرجل طويل القامة الذي يرتدي نظارة طبية الجلوس بجانب لوميان ليبدأ محادثة “هل تعتقد حقًا أن عدم إضاءة شمعة بيضاء هنا ربما يؤدي إلى وقوع حوادث مؤسفة؟”.
“يمكنك تجربة الأمر وسنرى جميعًا ما سيحدث” نظر إليه لوميان ضاحكًا وقبل أن يتمكن الطلاب من الرد تحدث بنبرة مريحة “لم أؤمن بهذه الأشياء من قبل ولكن بعد ذلك…” فجأة خفض صوته.
“ماذا حدث؟” صرخت طالبتان.
“ثم…” أظهر تعبيرًا تذكيريًا “إلتقيت بشخص واجه شبح مونتسوريس… أنتم تعرفون أسطورة شبح مونتسوريس أليس كذلك؟”.
أومأ الطلاب معا.
‘أنتم تعرفون حقًا حكايات ترير المخيفة جيدًا… يبدو أنها نموذجية لمخلوقات تحت أرض ترير…’ تنهد لوميان “ماتت عائلته كلها لكنه إعتقد أنه يستطيع الهروب من الأمر… في أحد الأيام عندما ذهبت لرؤيته وجدته مشنوقًا على إطار النافذة ومنذ ذلك الحين أصبحت أتبع بدقة كل قواعد تحت أرض ترير”.
نظر الطلاب إلى بعضهم البعض خائفين قليلاً من الحكاية التي رواها أحد أقرانهم.
قال الطالب طويل القامة ذو النظارات بأسف “يبدو أنه لا ينبغي لنا حقًا أن نطفئ هذه الشمعة”.
“هل واجهتم شيئًا كهذا من قبل؟ هناك كتب وبطانيات وملابس إضافية في مساكنكم – لا شيء يخصكم – لكن المدير يخبركم أنه لا يوجد أحد يعيش هناك” أخفض لوميان صوته مرة أخرى.
تحول إثنان من الطلاب إلى شاحبين كما لو أنهما يسمعان قصة الأشباح الأكثر رعبا لكنهم سألوا “نعم يحدث ذلك هل تعرف لماذا؟”.
“سمعت أن أولئك هم الأشخاص الذين أطفأوا شموعهم هنا” هز لوميان رأسه “إختفوا تمامًا ولم يتذكرهم أحد”.
عند سماع ذلك إرتجف الطالب طويل القامة بشكل غريزي وفجأة شعر بشيء يضغط على كتفه حين إلتفت لينظر رأى يدًا هيكلية شاحبة ومروعة.
“آه!” صرخ برعب.
سحب لوميان اليد العظمية التي إلتقطها من مكان ما بإبتسامة ساخرة “أنت قط خائف! هل شعرتم بالخوف حقا؟”.
أصيب الطلاب بالذهول وبعد فترة قالوا بقوة “لا! ذلك مجرد رد فعل!”
بينما يفكرون جديًا في ضرب المخادع صعد أحدهم الدرجات الحجرية من المستوى الثاني.
إرتدى قميصًا أزرقًا وسروالًا أصفر بوجه متجعد بشدة وشعر أبيض متفرق وجاف يحمل شمعة بيضاء قصيرة مضاءة – مسؤول سراديب الموتى العجوز، عبس لوميان قليلا فقد رأى مسؤول سراديب الموتى هذا من قبل في غرفة المقبرة العملاقة التي تضم ينبوع المرأة السامرية.
المسؤول لم يستخدم شمعة بيضاء في ذلك الوقت!.
–+–
دعم: DarklessNight