لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 744 - تقدم
في اللحظة التي رأى فيها لوميان تلك العيون السوداء الحديدية أصبح عقله فارغًا تمامًا.
عندما أفاق صُدم بعد أن وجد نفسه يسير خطوة بخطوة نحو العرش الحديدي الضخم دون أي نية للقيام بذلك، شعر بجسده يرتعش بشكل لا يمكن السيطرة عليه لكنه ظل عاجزًا عن منع ساقيه من الحركة كما لو أن جسده لم يعد ملكه مطيعا أوامر مجهولة أو توجيه شخص آخر!، هذا المشهد إلى جانب الشكل الموجود على العرش الحديدي الذي ربما يكون إمبراطور الدم أليستا ثيودور ذكّره على الفور بحادثتين سابقتين: إحداهما في ينبوع المرأة السامرية حيث فقد وهيلا وعيهما بسبب رد الفعل العنيف من شكل إمبراطور الدم، جعلم ذلك يسيرون عائدين إلى حافة الينبوع كما لو أنهم دمى يتم التلاعب بها أو جنود يطيعون الأوامر، الآخر في أعماق متاهة قلعة البجعة الحمراء حين فقد مع ألبوس وإلروس وعيهم بسبب سماعهم زئير فيرموندا ساورون.
تجوّلوا جميعًا بعيدًا عن المنطقة الأساسية نحو منطقة مختلفة أين يوجد نحاتوا الشمع!.
‘هل هذا وضع مماثل؟ هل هذه قدرة صياد على مستوى الملاك؟’ أجبر لوميان نفسه على الهدوء لإيجاد طريقة للخروج من مأزقه الحالي.
بالمقارنة مع المرتين السابقتين على الأقل تعافى وعيه بسرعة هذه المرة!.
‘لم إستيقظ وعيي أولاً بينما جسدي لا يزال يقبل السيطرة؟ هل شخصية أليستا ثيودور هنا أضعف وأقل قوة أم أن هناك سبب آخر؟’ فكر في أن هذا الشذوذ لربما يحمل مفتاح التغلب على السيطرة لذلك إجتهد في مد إرادته نحو أطرافه محاولًا إستعادة السيطرة عليهم.
بدأت خطواته نحو العرش الحديدي تتباطأ لذا إنتهز الفرصة لإلقاء نظرة أوضح على شخصية أليستا ثيودور على العرش: إمتلك إمبراطور الدم وجه صارم ذو ملامح حادة مع أنف بارز بالإضافة لشعر طويل بلون الدم وعيون سوداء حديدية باردة لكنها مليئة بالجنون المطلق، فجأة شعر لوميان بالرغبة في الخضوع متخليا عن المقاومة ولم يتلاشى هذا الدافع بسرعة بل تضخم ليملأ عقله.
‘لا… لا أستطيع المقاومة… لا مجال للمقاومة…. الخضوع سيحل كل شيء… إذا غضب سوف سيدمرني وكذلك فرانكا وجينا… سأستسلم… سأركع لطلب الرحمة متقبلا الأمر…’ تصاعدت هذه الأفكار في ذهن لوميان متحولة إلى موجات عنيفة ضربت وضوحه وعقلانيته وإرادته.
صر على أسنانه كأن أي إسترخاء سيكسر السد الأخير مغرقا إرادته وروحه تمامًا حيث تسارعت خطواته البطيئة سابقًا مجددا.
—
– على سطح المنتقم الأزرق:
حدقت الساحر والرجل المعلق في الستار المعلق في الهواء.
على خلفية ضوء النجوم أصبح شكل لوميان على الستار الشفاف غير واضح بالفعل والظلام المحيط يجعل كل شيء آخر غير مرئي.
هذا الغموض مقارنة بالوضوح السابق يشير إلى حدوث شيء غير عادي!.
رأت عيون الساحر والرجل المعلق جسد لوميان يزداد صلابة مع تسارع وتيرته وكذلك كون شعره الأسود يطول ببطء ملونًا بتوهج يشبه الدم.
تحدث الرجل المعلق ألجر مستديرا إلى السيدة الساحر بجانبه “هناك مشكلة”.
أومأت الساحر قليلاً مستعدة لسحب قطعة أثرية مختومة من شأنها أن تساعدها على تحديد موقع لوميان بدقة – ستسمح لها بالدخول المباشر إلى الفضاء المخفي خارج الأبعاد.
—
– في محيط خافت:
‘لا أستطيع أن أستسلم… لا يجب أن أستسلم… إذا فقدت إرادتي فلن أكون أنا بعد الآن… اللعنة… إبن العاهرة…’ سار لوميان إلى الأمام بتعبير فارغ لكن روحه ظلت تكافح وتصرخ من الألم.
بذل كل قوته لكنه شعر برغبة متزايدة في الخضوع إلا أن إنهار السد الذي يحمل إرادته حيث تغلب عليه الإستسلام ليصبح عقله فارغًا مرة أخرى، لم يكن لديه أي فكرة عن مقدار الوقت الذي مر حتى أصابه ألم قاتل يشبه البرد والعفن في راحة يده اليمنى.
‘الموت…البرد… تعفن .. ألم… ألم…’ إستيقظ لوميان مستعيدا أفكاره فجأة وقدرًا من السيطرة على جسده.
لم تكن المنصة ذات التسع درجات أو العرش الحديدي الضخم المميز باللون الأحمر أمامه بل ظهرت مرآة.
مرآة عتيقة كاملة الطول مؤطرة بتصميمات فضية متقنة عكست شكله!.
في المرآة رأى وجهه ملتويًا من الألم كما لو أنه سيستسلم في أي لحظة بينما تتغير ملامحه ببطء ويصبح أنفه بارزًا بشكل غير طبيعي، نما شعره الأسود مصبوغًا بتوهج دموي مع عيون زرقاء أكثر برودة تتغيران نحو الأسود الحديدي – كأنه يتحول إلى أليستا ثيودور!، بزغ هذا الإدراك عليه لذا دون المزيد من التفكير بينما جسده يطيع أوامره إلى حد ما إندفع إلى الجانب محاولًا الهروب من إنعكاسه، سرعان ما أخرجه الإندفاع الذي أعقبه لفة من نطاق إنعكاس المرآة لكن في الثانية التالية سمع زئيرًا شبحيًا مع صرخة مجنونة، تشوش عقله مرة أخرى إلا أنه بعد عودة أفكاره تدريجيًا وجد نفسه لا يزال جاثمًا على الأرض في مكان سقوطه بعد دحرجته، لم يتحرك جسده نحو المرآة من تلقاء نفسه لكنه لم يستطع التوقف عن الإهتزاز كما لو أن دمه تجمد.
ضرب!.
بدا كما لو أن شيئًا ما داخل المرآة يضربها بجنون مما جعلها تبدو وكأنها على وشك التحطم لإطلاق سراح ذلك الوحش، مع كل ضربة على المرآة شعر عقله بالتأثير مرارًا وتكرارًا حتى سيطر عليه الخوف وكاد أن يرسخ أفكاره، بعد فترة من الوقت هدأ الضرب داخل المرآة تدريجيًا ليصبح المحيط هادئًا بشكل مخيف.
‘إذا إقتربت حقًا من تلك المرآة وإكتمل الإنعكاس فهل يعني ذلك أن إمبراطور الدم سيتم إحيائه داخلي؟’ عندما توقف جسده عن الإهتزاز بدأ في محاولة فهم وضعه الحالي ومحنته الأخيرة ‘طالما لم أنعكس في تلك المرآة ولم تُلق صورتي عليها فسيكون التأثير ضئيلًا ولن تفقد إرادتي أو جسدي السيطرة… هل يدخل محفز هذا التغيير في نطاق إنعكاس المرآة؟ يبدو الوضع هادئاً الآن…’ دعم لوميان نفسه ببطء مراقبا محيطه بحذر.
أدرك أنه لم يكن في قاعة كئيبة بل في مساحة غريبة على شكل ضوء النجوم حيث بدت الأرضية شبه شفافة، كشفت عن ظلام لا نهاية له في الأسفل بدون قبة في الأعلى فقط نجوم متلألئة ولكنها أثيرية، على كلا الجانبين هناك أبواب من ضوء النجوم منتصبة في الظلام لتشكل ممرًا واسعًا كئيبًا ينتهي بالمرآة الفضية التي تغطي كامل الجسم.
في هذه اللحظة وصل لوميان إلى عمق هذا الممر على بعد حوالي 15 مترًا فقط من المرآة.
‘هل القاعة التي رأيتها سابقًا والكرسي الحجري والعرش الحديدي وشخصية إمبراطور الدم كلها أوهام؟ هل غرضهم هو جعلي أخضع؟، لا لو إنعكست صورتي في المرآة لأصبح الشخص الذي أطلق الزئير الذي سمعته للتو قد حقق هدفه…’ في ومضة من البصيرة خمن ‘ربما الأوهام التي رأيتها سابقًا – العرش الحديدي وصورة ثيودور والكرسي الحجري المكسور – بقايا ناجمة عن الهالة المتبقية من إمبراطور الدم بداخلي وتلك المرآة، تأثر المرآة بعلامة طاوي العالم السفلي هو ما ساعدني لفترة وجيزة على الهروب من الحالة الخاضعة للسيطرة’ بعد التفكير في ذلك رفع يده اليمنى لينظر إلى كفه.
نبضت الندبة الحمراء بالحياة كما لو أنها دخلت جسده للتو بينما أظهر الجلد الشاحب حولها علامات واضحة للتحلل – تسرب سائل أصفر شاحب كاشفا العظام تحته.
أكد هذا شكوكه الأولية لذلك وجه نظره مرة أخرى نحو المرآة الفضية كاملة الطول أمامه ‘هل يريد إمبراطور الدم إستخدام تلك المرآة وهالته المتبقية بداخلي من أجل القيامة؟’ بعد أن تعامل مع شعب المرآة عدة مرات عقد حواجبه قليلاً ‘يجب أن يكون هناك شيء مخفي داخل تلك المرآة يتضمن إعداد قيامة إمبراطور الدم في الواقع من عالم المرآة… نعم هذا ليس بالأمر الغير معتاد سواء عالم المرآة الخاص نفسه أو شعب المرآة من ذلك العالم فكلهم مرتبطون بترير العصر الرابع… إعتقدت أن عالم المرآة الخاص من بقايا حرب الأباطرة الأربعة لكن موران أفيني قال إن إرتباطهم تم تأسيسه قبل حرب الأباطرة الأربعة… اللعنة عالم المرآة الخاص لا يمكن أن يكون قد تم إنشائه بواسطة إمبراطور الدم أليس كذلك؟ كم من المشاكل ترك لهذا العالم؟.. كما هو متوقع من إمبراطور الدم المعروف بجنونه لكن من الواضح أن عالم المرآة الخاص لا يمكنه تجنب الشيطانة البدائية… هل من الممكن أن طائفة الشيطانة قامت بإغراء عائلة تمارا سرًا في محاولة للتأثير على إمبراطور الدم من خلال عالم المرآة الخاص؟… في النهاية تم إستخدامهم من قبل إمبراطور الدم؟ ترير العصر الرابع مليئة بالأسرار حقا…’ ريثما يفكر فهم فجأة لماذا منعه تيرميبوروس في البداية من إستكشاف المنتقم الأزرق.
للإستكشاف هنا سيحتاج المرء إما إلى علامة طاوي العالم السفلي لختم الجوهر المتبقي لإمبراطور الدم أو بعض القطع الأثرية أو السلطة المقابلة لمواجهة تلك الهيمنة – وإلا فإن المرء سيصبح دمية في يد أليستا ثيودور مما يسمح له بالإحياء في داخله.
بالنسبة لتيرميبوروس لم يكن هذا بالتأكيد أمرًا جيدًا!.
‘هل يمثلون كنوزًا مختلفة؟’ عادت نظرة لوميان للتركيز على أبواب ضوء النجوم.
–+–
داعم: DarklessNight