لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 737 - رأي
بعد إرسال الرسالة جلس لوميان على مكتبه محدقا في الستائر الداكنة التي تسرب منها ضوء القمر القرمزي ومنتظرا بفارغ الصبر وصول السيدة الساحر، بعد فترة غير محددة من الزمن ظهر ضوء نجمي متألق في الغرفة المظلمة مشكلا شخصية الساحر التي غيرت ملابسها حيث إرتدت فستانًا قطنيًا أصفر اللون مع زركشة بيضاء.
“مساء الخير سيدتي الساحر” قال لوميان ببنما ينظر حوله “لدي شيء مهم للمناقشة”.
أدركت الساحر المعنى لذلك قامت بتكثيف الظلام المحيط في حاجز زجاجي وهمي لمنع تسلل ضوء القمر القرمزي والأصوات من الخارج.
“ما هو المهم جدا؟” إستفسرت السيدة الساحر بمجرد ضمان السرية.
إستحضر لوميان لهبًا أبيض مشتعلًا لإستخدامه كثريا وبعد لحظات قليلة من الصمت أجاب “تأكدت من أصل السحلية الشبيهة بالإيلف”.
“إنه ليس إله شرير من خارج الحاجز؟” أظهرت السيدة الساحر تعبيرا مدروسا.
“إله شرير بطريقة ما لكنه ليس من خارج الحاجز” تجعدت شفاه لوميان في إبتسامة طفيفة.
عبست الساحر قائلة “أعطني التفاصيل”.
روى لوميان بصوته العميق إتفاقه مع التائب باينفيل والآثار السلبية المقابلة.
وصف رؤية تمثال الخالق الحقيقي والسحلية الشبيهة بالإيلف بالكاتدرائية السرية لنظام الشفق مع المشهد الوهمي المشتبه في أنه مملكة إلهية.
“في الواقع كنت أشك في أن السحلية الشبيهة بالإيلف مرتبطة به” لم تقم السيدة الساحر بمقاطعته حيث إستمعت بإهتمام قبل أن تطلق تنهيدة طويلة “سواء شكل المخلوق الأسطوري لمسار المتفرج أو الرجل المعلق فقد صارا مختلفين تمامًا عن تلك الإيلف في السنوات الستة الماضية، بالإضافة إلى ذلك الخبيران في فك رموز الأحلام أكثر ميلاً إلى الإعتقاد بأن الإيلف جاء من إله شرير خارج الحاجز، من مظهر الأمر تورط هذا الكيان في كارثة كوردو قبل فترة طويلة هذا هو التفسير الوحيد المكتمل، كيف يمكن له الذي يستمع ويراقب ألا يلاحظ مثل هذه الحادثة الكبرى التي تتعلق بأعضاء مجتمع الأبحاث؟ كيف لا يمكنه الإستفادة من ذلك الوضع؟”.
“ماذا يريد؟” تغير تعبير لوميان بمهارة.
“لا أستطيع إلا أن أؤكد هدفًا واحدًا وهو إنشاء متجاوز قادر على الهضم والتقدم السريع في مسار الصياد” حدقت الساحر في لوميان لبضع ثوان قبل أن تتتنهد مرة أخرى “مر أكثر من نصف عام منذ أن أصبحت صيادًا لكنك بالفعل متجاوز في التسلسل 5 هضم جرعة الحاصد بشكل كبير، ربما في غضون شهرين إلى 3 أشهر يمكنك التفكير في إختراق الألوهية للتقدم إلى التسلسل 4 حتى تصبح نصف إله، في هذه “الرحلة” سواء حالة الملاك المزيفة الناتجة عن ختم تيرميبوروس أو الهبة التي تم الحصول عليها من مسار الحتمية – أو بعض فرص التمثيل والهضم المليئة بالترتيبات المحسوبة – ساهموا جميعا بشكل كبير في نموك، إنه يريد كاهنًا أحمر ليدفع نحو معركة حاسمة ضد الشيطانة البدائية ورغم أنني كنت قلقة من تقدمك السلس لكن الآن يبدوأنه تم بالفعل دفع الثمن لما منحه لك القدر”.
تحت النيران البيضاء المشتعلة تحدث لوميان بصوت عميق وخشن “أفضل أن أبقى شخصًا عاديًا”.
“بسبب إقتراب نهاية العالم وخلفية أورورا وحالتها حتى لو لم تحدث كارثة كوردو فمن المحتم أن تواجه واحدة في النهاية” هزت السيدة الساحر رأسها بإبتسامة معقدة “هل نسيت العجز والألم لكونك شخصًا عاديًا في تلك الكارثة؟”.
“أنا لا أريد الحصول على القوة بهذه الطريقة” قام بشد قبضتيه بشكل لا إرادي مخفضا رأسه.
“لديه بالتأكيد دوافع خفية” لم تتطرق السيدة الساحر إلى الموضوع “على سبيل المثال يمكن لقطعة أثرية بشرية مثلك أن تجذب بشكل فعال أتباع الألهة الشريرة أينما ذهبت، ستكشف مخططاتهم مسبقًا ما يمنحنا المزيد من الوقت للتعامل معهم”.
ظل لوميان صامتا ولم يرد.
نظرت إليه السيدة الساحر قبل أن تسأل بتنهد واضح “ما هي خطوتك التالية؟”.
إرتعد جسد لوميان قليلاً كما لو أنه لا يستطيع قمع عواطفه لكنه صر على أسنانه قائلا “أريد أن ألكمه!”.
عند قول هذا أصبحت عيون لوميان دموية لكن في الحقيقة لم يكن لديه أبدًا رغبة قوية في الإنتقام من إله، خطته الأصلية هي القضاء على الأعضاء الرئيسيين لكذبة أفريل وعائلة سانسون من منظمة الخطاة، بعد ذلك سيعمل بجد ليصبح ملاكًا مستخرجا معظم قوة تيرميبوروس ثم يطلق ملك الحتمية الضعيف لقتله، أدرك أن مصدر كارثة كوردو هو في الواقع الكيان المعروف بالحتمية لكن بسبب التباين الكبير بينهما – وخوفه الطبيعي من الآلهة – لم يشتمه بكلمات قاسية إلا في بعض الأحيان.، لم يضع الطرف الآخر حقًا على قائمة الإنتقام الخاصة به لكن الآن أراد أن تسقط تلك الآلهة اللعينة مثل الشهب في سماء الليل!.
نظرت السيدة الساحر إلى لوميان بتعبير جدي متسائلة “هل تعرف ماذا تقصد بذلك؟”.
“أنا أعلم” أومأ لوميان ببطء “إنتظرت طوال اليوم قبل أن أطلب مقابلتك لأنني بقيت أسأل نفسي بجدية”.
فكر مراراً وتكراراً – أحياناً بغضب وأحياناً بحزن – وعندما هدأ قليلا تساءل مرة أخرى.
نظرت إليه السيدة الساحر بشفقة مألوفة في عينيها لكن هذه المرة عرف بوضوح ما تشفق عليه لذلك نظر إلى حاملة بطاقة الأركانا الكبرى بثبات.
“أنت تخبرني بالهدف لأنك تريد مني تقديم نصيحة فعالة حول فكرتك وجعلها أكثر جدوى؟” بعد فترة من الوقت أومأت الساحر برأسها قليلاً قائلة “نعم إقتراحي هو أنه قبل أن يستيقظ السيد الأحمق إلى حد ما تحمل دوافعك وإعمل بجد لتحسين نفسك، فقط عندما تصبح نصف إله يمكنك الحصول على فرصة للجلوس على طاولة البطاقات تلك – بالطبع يعتمد ذلك على سواء ظهرت هناك على شكل بطاقة أو رقاقة، الأمر نفسه بالنسبة لي ولك ولأنصاف الآلهة الآخرين يمكن أن تلعب إرادتنا وخياراتنا دورًا مهمًا في اللحظات الحرجة بحيث نؤثر على لاعبي البطاقات”.
“هل سيساعدني السيد الأحمق؟” سأل لوميان بصوت عميق.
“نعم السيد الأحمق سوف يحمينا” أومأت السيدة الساحر برأسها دون قصد حعى أصبحت عيناها أكثر إشراقا “كل واحد منا على إستعداد لتقديم التضحيات من أجل هذا العالم ولكن لا يمكن التضحية بنا”.
تنفس لوميان الصعداء كما لو أنه فقد كل قوته ولم يتمكن من الوقوف بثبات مأرجحا جسده قليلاً لأنه قمع عواطفه بكل قوته حتى الآن.
“يجب أن أذكرك أن ذلك الكيان على علم بأفكارك بالفعل لأنك أظهرت شذوذًا أمام تمثاله – أنا لا أنتقدك لكنني أذكر الحقيقة” نظرت إليه السيدة الساحر متأملة للحظة قبل أن تقول “في هذه الحالة حتى المهرج والمتفرج سيواجهون صعوبة للتحكم في عواطفهم وتعبيراتهم ناهيك عن زاهد مثلك”.
“أعلم…” أجاب لوميان بصعوبة لكن قبل أن توضح له السيدة الساحر إمتلك بصيصا من الأمل.
“هذا أيضًا شيء إيجابي فحقيقة أنك لا تزال على قيد الحياة تشير إلى أنك لا تزال مفيدًا له ويمكن إستخدامك” ضحكت الساحر قائلة “أنت لم تدفع الثمن الكامل الذي فرضه عليك القدر وطالما أنك لا تتخلى عن نفسك أو تشارك في أفعال يمكن أن تعطل خططه المهمة، فسوف يتجاهل كراهيتك حتى أنه سيستمر في السماح لك بمقابلة الفرص للحصول على الأشياء إلا أن تخطو إلى المسرح الذي تقرره، إنه أمر محبط ولكن هذا هو الواقع ففي نظر وجود مثله أنت مجرد ذرة من الغبار يمكنه سحقك في أي وقت دون القلق بشأن أفكارك”.
بعد صمت طويل سأل لوميان بصوت أجش قليلاً “هل تقصدين أنه قبل أن يستيقظ السيد الأحمق يجب علي الإستفادة الكاملة من ترتيبات ذلك الكيان؟”.
“إستخدام موارد العدو لتقوية نفسك هو أيضًا وسيلة للسعي للإنتقام وبالطبع يتطلب هذا قدرًا أكبر من الحذر وضبط النفس” أومأت الساحر برأسها قليلاً “كما ذكرت سابقًا يتم فرض ثمن دائمًا على ما يمنحه القدر لتقييم ما إذا كنت على إستعداد لدفع السعر المقابل في المستقبل”.
“حسنا” نظر لوميان إلى الأرض المضاءة بالضوء الأبيض المتوهج مجيبا ثم سأل “متى سيستيقظ السيد الأحمق؟”.
“لا أحد يعرف” ردت السيدة الساحر بإبتسامة “لا داعي للإحباط من هذه الإجابة أتوقع أننا حاملي بطاقات التاروت سنلعب دورًا مهمًا في هذا الأمر فلنعمل بجد معًا”.
“كيف؟” ضغط لوميان.
فكرت السيدة الساحر للحظة قبل الرد “أولاً ركز على نفسك ثم إنتظر بصبر الفرصة المناسبة”.
‘الفرصة المناسبة؟’ لم يتمكن لوميان من فهم كيف سيشارك حاملي بطاقة الأركانا الصغرى في إيقاظ السيد الأحمق لذا كل ما إستطاع فعله هو أن يسأل بحذر “سيدتي هل تعمدت وضع التائب على قائمة الرسل؟”.
لولا تأثير باينفيل السلبي لم يكن ليحظى بفرصة رؤية السحلية الشبيهة بالإيلف في كاتدرائية الخالق الحقيقي المخفية.
“نعم ولا” أجابت السيدة الساحر “أعلم أن لديه علاقة معينة بذلك الكيان خاصة وأن تعاوننا مع نظام الشفق هش فقد، تم إرسالك كعميل سري وليس عضو حقيقي لذا ربما تواجه مشاكل معينة في المستقبل مع إحتمال أنه سوف يجلب إمكانيات جديدة، لهذا السبب وضعته على القائمة فقد أردت معرفة هل القدر سيسمح لك بإختياره؟ لكن لم أتوقع أبدًا أن يكشف هذا عن لغز مهم للغاية”.
إعتاد لوميان منذ فترة طويلة على ردود السيدة الساحر المبهمة لذلك قام بتصفية أفكاره بسرعة متحدثا بصوت عميق “سيدتي أود أن أستكشف المنتقم الأزرق قريبًا”.
–+–
دعم: chakir