لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 707 - إجبار
– في النفق المظلم الصامت:
تقدمت فرانكا ببطء ممسكة بتمثال الشيطانة البدائية المصنوع من العظام بخطوات ناعمة جدًا لدرجة أنها غير مسموعة تقريبًا.
أمسك لوميان بمصباحه الكربيدي بينما جينا تمشي خلفه بصمت.
مع فهم الصياد العميق للتضاريس إنتهى الثلاثة من إستكشاف المنطقة حيث حصلوا على المرآة الفضية الكلاسيكية، قاموا بتوسيع نطاق بحثهم ليشمل الأنفاق القريبة تحت الأرض وكهوف المحاجر المتصلة، لم يُظهر تمثال الشيطانة البدائية أي ردود فعل غير طبيعية ولم تشعر فرانكا ولا جينا بأي شيء خارج عن المألوف.
“حسنا هذا مخيب للآمال الإفتراضات الجريئة تؤدي إلى فشل مخزي!” تنهدت فرانكا.
لم تكن لديها نية للإستسلام لكنها أرادت العودة إلى السطح أولاً للإتصال برفيقها 007.
أرادت إستخدام سجلات السلطات التفصيلية للتشوهات تحت الأرض للبحث عن أي مناطق ربما تتسرب منها قوة شيطانة رفيعة المستوى.
“دعونا نحقق مرة أخرى لكن هذه المرة سأطفئ مصباح الكربيد” بعد أن شهد العديد من الحوادث الغامضة قام لوميان بمسح المنطقة مفكرا “في الغوامض ترتبط الشيطانات وعالم المرآة دائمًا بالظلام والشر والهدوء ربما تحدث ردود أفعال خفية في غياب الضوء”.
“ردود فعل خفية… ما هذا تجربة كيميائية؟” سخرت فرانكا لكنها إختارت الإمتثال ملتفتة إلى جينا “أمسكي جزء عالم المرآة الخاص بك في يدك إذا أردنا أن نستغل هذه الفرصة فيجب علينا تجربة كل شيء”.
أخرجت جينا جزء عالم المرآة الذي حصلت عليه من مقبرة عائلة تمارا حينها أدار لوميان المفتاح لإطفاء مصباح الكربيد، غرق النفق الصامت في الظلام المطلق وبصفته صيادًا لم يتمكن لوميان من رؤية أي شيء.
“يمكنك التمسك بكمي…” إقترحت جينا بهدوء “أو قم بتنشيط رؤيتك الروحية لتتبع نورنا الروحي”.
“هذا سيجعلني أبدو ضعيفًا! أظن أنك تتباهين عمدًا…” أجاب لوميان بإبتسامة “هل نسيت؟ يمكنني إكتساب الرؤية الليلية عن طريق تغيير شكل حياتي”.
“اللعنة!” صمتت جينا للحظة قبل أن ترد قائلة “هل سيقتلك أن تكون لطيفًا بعض الشيء حيال ذلك؟”.
“إنها على حق” وافقت فرانكا “أرادت جينا المساعدة فقط لا بأس إذا كنت لا تريد ولكن ليس هناك حاجة للسخرية منها”.
“أنا صياد” ضحك لوميان بينما قام بتنشيط العلامة السوداء على جسده متحولا إلى مخلوق ظل.
إندمج في الظل متبعا فرانكا وجينا أثناء إستكشافهما المنطقة للمرة الثانية.
عندما مرت فرانكا بزاوية كهف محجر شعرت فجأة أن التمثال العظمي في يدها يرتعش قليلاً.
“هناك رد فعل! هناك رد فعل!” صرخت بفرح.
غادر لوميان الظل على الفور متحولا مرة أخرى إلى الشكل البشري وعيناه الزرقاوان مشوبتان باللون الأسود الفضي.
في الظلام الدامس رأى أنهار القدر الزئبقية التابعة لفرانكا وجينا.
مستنفدا روحانيته بسرعة من الملاحظة القصيرة وجد إحتمالًا بين الروافد يرمز إلى قدر فرانكا المستقبلي، رأى شيء ربما يحدث خلال 10 ثوان مع إحتمال حدوث منخفض للغاية – أمر لا يمكن أن تؤثر عليه اللعنة أو بالأحرى تعظمه، دون تردد مد كفه الأيمن نحو فرانكا التي رأت برؤيتها الليلية أفعاله ملاحظة عينيه الفضيتين لذا قفزت من الخوف.
“ماذا تفعل؟” لم تتهرب لأنها تثق تمامًا في لوميان.
أيقظ لوميان روحانيته محولا إياها إلى نهر وهمي عنيف يتدفق من كفه ليتم دفع قدر فرانكا على الفور إلى المستقبل بسبب السيل العظيم.
القدر الإجباري!.
“هل تؤثر على مستقبلي مما يسمح لي بالإستفادة بنجاح من أجزاء القدر الفاسدة هنا لجعلها حقيقة؟” خطرت ببال فرانكا فكرة فجأة “اللعنة! لدي فكرة حقًا! ربما يجب أن أجرّبها!”.
ضحك لوميان رغم إنخفاض روحانيته إلى حد كبير “الحياة قصيرة لماذا لا تجربينها؟”.
“…” بإمكان فرانكا أن تكتشف بوضوح السخرية في لهجته لكنها صرّت أسنانها “سأتعامل معك لاحقًا!”.
وضعت التمثال العظمي للشيطانة البدائية على صخرة بارزة في زاوية المنجم ثم أخرجت مرآة ووضعتها أمام التمثال، إستحضر لوميان كرة نارية بيضاء مشتعلة مراقبا فرانكا التي تخرج الزيوت الأساسية من حقيبة المسافر إستعدادًا للطقوس، إلتفت لوميان إلى جينا التي نظرت إليه مرة أخرى حينها إستدارت فرانكا في نفس الوقت لمواجهتهم حيث فوجئوا للحظة قبل أن ينفجروا في الضحك.
“هل فكرتما في الأمر أيضًا؟” قالت فرانكا بسعادة “لا ينبغي لجينا أن تبقى هنا ربما تلقي الشيطانة البدائية نظرتها لاحقًا”.
بإعتبارها شيطانة أنثى نقية فمن المؤكد أنه لن يبشر بالخير أن تلاحظ الشيطانة البدائية جينا ويمكن أن يعني حتى موتها.
“سأعيد جينا أولاً ثم أعود بعد الطقوس” أجاب لوميان بإبتسامة قبل مد يده ممسكا بكتف جينا.
“كوني حذرة” قالت جينا لفرانكا.
“لا تقلقي أنا ماهرة” أجابت فرانكا بينما تلوح بيدها.
بصفتها عضوًا في طائفة الشيطانة صلت بإنتظام إلى الشيطانة البدائية من خلال التمثال العظمي بإتباع تعليمات شيطانة الأسود، في بعض الأحيان ستعقد قداسًا منفردًا – بالطبع هذه هي المرة الأولى التي تصلي فيها إلى الشيطانة البدائية من خلال الطقوس، بعد أن إنتقل لوميان بعيدًا مع جينا عاد كهف المحجر إلى الظلام ومع التمثال العظمي قررت فرانكا إستخدام طقوس ثنائية، بعد أن أشعلت الشمعة التي تمثل نفسها رسمت إحتياجاتها على جلد الماعز الصناعي مع الرموز والأنماط المقابلة مستفيدة من معرفتها الواسعة، بعد ذلك قدست الخنجر الفضي الطقسي لتنشئ جدارًا روحانيًا ثم قامت بتقطير زيت الورد العطري والمسك والعطور في لهب الشمعة، تخطى قلب فرانكا نبضة عندما دخلت الرائحة المعقدة الجذابة إلى أنفها بسرعة فلم تستطع إلا أن تستنشق بعمق، بعد الإنتهاء من جميع الإستعدادات إتخذت خطوتين إلى الوراء ورددت الإسم الفخري للشيطانة البدائية بهيرميس.
«مصدر كل الكوارث… رمز الدمار ونهاية العالم… الشيطانة التي تسيطر على الفوضى».
في المذبح نمت فجأة كمية صغيرة من الطحالب متشابكة مثل الكروم التي إرتفعت عاليا كما لو أنها تحدق في فرانكا، خففت الأرض وهبت رياح شديدة البرودة مما تسبب بإرتعاش فرانكا في الوقت نفسه شعرت بأن العطر بالمنطقة يزداد حلاوة، حمل سحرًا دافئًا جعلها تحمر خجلاً حيث أنعش ذلك رغباتها المحددة مظهرا مشاهد ساحرة في ذهنها، من خلال قمع الحرارة في جسدها روت بإيجاز كيف أن موران أفيني نسخة مرآة وأنها أرادت القبض عليه.
بإتباع الإجراء القياسي للطقوس قالت: «أدعو من أجل قوة المرآة… أدعو من أجل قوة الفوضى… أدعو من أجل الحماية… أدعو من أجل أن يظهر هنا مدخل ثابت لعالم المرآة… الورود عشبة تنتمي إلى الشيطانة… من فضلك قومي بتمرير قوتك إلى تعويذتي… المسك عشب تنتمي إلى الشيطانة… من فضلك قومي بتمرير قوتك إلى تعويذتي…».
بعد تلاوة التعويذة أشعلت جلد الماعز الإصطناعي ووضعته على المرآة أمام التمثال العظمي.
عندما إحترق جلد الماعز الصناعي شعرت بأن لهب الشمعة خافت كما لو أن طبقة من الزجاج الشفاف تشكلت حولها، تم تنشيط قوة غريبة وتجمعت في المرآة لتصبح المرآة التي بحجم رأس الإنسان مظلمة فجأة متحولة إلى ظلال عاكسة.
إندمجت مع الصخرة البارزة حيث تم وضع التمثال!.
في اللحظة التالية عاد لهب الشمعة إلى طبيعته لكن ظل العطر العالق في الهواء يزعجها حيث تسارعت أفكارها مستخدمة قوة هائلة للسيطرة على نفسها.
بعد ترتيب التمثال العظمي والأشياء الأخرى أخذت نفسًا عميقًا وزفرته ببطء ‘اللعنة! السحر والمتعة المنبعثين من الطقوس كادا أن يجعلني أفقد نفسي! كل ما أردته هو الإقتراب من مصدر السحر والإستمتاع بالملذات التي منحها لي!، كما هو متوقع من الشيطانة البدائية التي تتحكم في المتعة والسحر الأنثوي… اللعنة! أنا مغفلة لماذا أخذت نفسا عميقا؟ الرائحة هنا لم تتبدد! أحتاج إلى التأكد سريعًا من أن هناك مدخل إلى عالم المرآة…’ بينما تتسارع هذه الأفكار في ذهنها رأت هيئة لوميان تتجسد بسرعة على حافة كهف المحجر.
“لماذا عدت بالفعل؟” قفزت في حالة من الذعر.
“أنت في حالة جيدة جدًا” ضحك لوميان “ألم أقل أنني سأعود بعد طقوسك…؟”.
أثناء حديثه لاحظ أن عيون فرانكا ذات اللون الأزرق الداكن تتموج تحت ضوء الشموع الخافت كما لو أن بإمكانهما أن يأسرا روح المرء.
“جينا قلقة عليك لذا طلبت مني أن أتحقق من حالتك…” توقفت كلمات لوميان مضيفا بعد صمت قصير “أعتقد أن الشيطانة البدائية يمكنها أن تفهم أن شيطانة المتعة لديها صديق يهتم بها”.
“نعم” أومأت فرانكا بلطف وعضّت على شفتها مشيرة إلى الصخرة البارزة “يبدو أن هذه البقعة أصبحت مدخلاً ثابتًا لعالم المرآة دعنا نرى ما إذا بإمكاننا الدخول”.
لم يستفسر لوميان أكثر بل إقترب من الصخرة البارزة ومد مع فرانكا كفه الأيمن ليضغطها على الحجر البارد.
ومض ضوء خافت حينها إختفى الإثنان على الفور!.
بعد لحظة قصيرة من الدوار ظهر طريق مظلم وهمي أمام عيون لوميان وفرانكا.
أحاط بهم العديد من “الأنفاق” المتشابهة التي تتشابك لتشكل شبكة عنكبوتية ضخمة ومعقدة وغامضة.
–+–