لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 696 - الريش
– في منزل تواناكو ببلدة تيزامو:
إستيقظت أماندينا وسط إهتزاز المبنى العنيف حيث وقفت بخجل لتنظر من النافذة أين تحولت السماء إلى اللون الرمادي مما أدى إلى حجب القمر القرمزي والنجوم، في الظلام شبه المطلق إستدارت لتلقي نظرها بعيدًا بينما يرتدي روبرت ملابسه الأنيقة واقفا ببطء – تشير حركاته البطيئة إلى أنه يكافح من أجل التكيف مع البيئة المظلمة.
عندما توقفت الهزات الأرضية أخيرًا إستخدم روبرت رؤيته الروحية لإكتشاف أماندينا.
بعد لحظة من التردد سأل “هل نحن مستيقظون؟”.
قبل دخول مهرجان الأحلام إستخدم الموعد مع أماندينا كذريعة للقاء وبعد أن إنتهى بهم الأمر في الحلم الخاص إفترقوا.
بقي أحدهم في مكانه بينما ذهب الآخر إلى كاتدرائية القديس سين.
نظرت أماندينا إلى الشارع الصاخب بالخارج مفكرة لبضع ثوان قبل أن تجيب “ربما… لكنني لا أعرف ما الذي يحدث”.
عندما تذكر روبرت لقاءات الحلم صمت كلاهما قبل أن يسأل بصوت عميق “ماذا حدث لك في النهاية؟”.
“لا شيء مهم” ضحكت أماندينا فجأة.
أغلق روبرت فمه مرة أخرى.
“هل هناك أي شيء آخر تريد أن تسأله؟” مستخدمة رؤيتها الليلية نظرت إليه بمشاعر مختلطة.
“ما الذي إختبرته بعد ذلك؟” تحدث روبرت بعد صمت طويل.
“رأيت الشخص الذي منحني القدرات” أخيرًا همست مستمتعة بصمت المنزل.
“الشخص الذي منحك القدرات؟” سأل روبرت متفاجئًا.
“لم نغفو” ضحكت أماندينا “في الواقع بعد لمس القبر الأسود القديم أغمي علينا بعد تلقي القدرات”.
“كيف يكون ذلك ممكنًا…” بدا روبرت متشككًا.
“عند الحصول على قوى خارقة يقع الشخص على الفور في غيبوبة أو سبات” لم تحاول أماندينا إقناعه بدلا من ذلك تمتمت “عندما يستيقظون يدركون هذه القوة حيث تخضع روحهم وجسدهم لتحول معين… هل يعتبر هذا موتًا منخفض المستوى قبل إعادة الولادة؟”.
“عن ماذا تتحدثين؟” نما إرتباك روبرت لأن الأمر بالنسية له غير مفهوم تماما!.
“أخبرني ذلك الشخص” إلتفتت عيون أماندينا حول المكان بإبتسامة “ربما يكون ذلك شكلاً من أشكال التوجيه”.
“التوجيه…” بإستخدام رؤيته الروحية – الطريقة الوحيدة للتأكد من حالتها في الظلام – حدق روبرت في أماندينا كما لو أنها كبرت بين عشية وضحاها.
أرادت أن تروي اللقاء بالتفصيل كالعادة لكنها إبتلعت كلماتها متحدثة بتنهد “ألن تقوم بالإطمئنان على الكاهن كالي؟ ربما لن يكون لديه وقت طويل ليعيشه”.
خرج روبرت من أحلام اليقظة متسائلا “هرب إلى القبر القديم وقُتل؟”.
“مات بالفعل” أكدت أماندينا.
تغيرت تعبيرات روبرت لكنه لم يستفسر عن هوية القاتل.
“قبل أن تذهب إلى الكاهن كالي أريد أن أخبرك شيئا” بعد لحظة من التفكير قالت أماندينا “الرغبة التي شعرت بها عندما قابلته للمرة الأولى لم تأت من قلبك فقد صلى إلى شيطان من خلال طقوس لذا تمكن من التأثير عليك”.
إتسعت عيون روبرت بفم مفتوح لكن لم يخرج أي صوت وبدون مزيد من اللغط تجاوزته أماندينا نحو الدرج.
“دعنا نجد عذرًا لإلغاء الخطوبة” ضغطت على الدرابزين ثم توقفت مؤقتًا متحدثة بإيجاز “يمكنني قبول أشياء أخرى عنك لكن لا يمكنني قبول كيف سمح لي خطيبي بإتباع لويس بيري وحدي للعثور على القبر الأسود القديم في ظل تلك الظروف… لا تقلق لن أخبر أحداً عن أمورك وأولئك الذين عرفوا في حلمي لن يخبروهم أيضًا”.
توقف روبرت مثبتا نظراته على الدرج بينما تنزل أماندينا خطوة بخطوة والظلام يجتاح نور روحانيتها إلى أن غادرت منزل تواناكو نحو الشارع، نظرت إلى السماء المظلمة المنخفضة والأضواء المتفرقة على الجانبين مستنشقة نفحة من الهواء المغبر.
بعد تغطية يدها لأنفها شقت طريقها نحو القصر بخطوات متسارعة تدريجياً.
—
– في الطابق الثالث من مقر الشرطة لبلدة تيزامو:
عندما شعر كامو بأن إرتعاش كولوبو يهدأ كما لو أنه تمالك نفسه ترددت شتائم متألمة من الغرفة المجاورة، تحرك قلبه لذا أضاء شمعة بينما يدفع الباب الخشبي حينها رأى لوبان الفيزاكي ملقى على الأرض ممسكا ركبته ويصرخ من الألم، إستيقظ عضو فريق دورية تيزامو بسبب الضجة التي تشبه حدوث زلزال محاولا النهوض من السرير بحثًا عن ملجأ، إلا أن إحدى ساقيه فقدت قوتها بشكل غريب مصحوبة بألم شديد ما أدى إلى إنهياره وقبل أن يتمكن كامو من تنظيم أفكاره تردد صوت ريا بجانبه.
“لا تقلق إنها الهستيريا الجماعية المذكورة في التحقيقات سوف تتعافى بعد الذهاب إلى القداس المناسب”.
بعد أن تعاون مع كامو للتحقيق في الأمور الشاذة بتيزامو سرعان ما فهم لوبان ما يجري.
قاوم بينما يشتم ليقف على قدميه مخرجا قارورة من تحت وسادته ليتناول بضع جرعات من المشروب الكحولي.
“أشعر أن ركبتي تعافت قليلاً” بعد الشرب عاد اللون إلى وجهه حينها تنهد بإرتياح “في بعض الأحيان يكون الكحول أكثر فائدة من القداس!”.
تنفس كامو الصعداء ملتفتا إلى ريا ليدرك أن تعبيرات زميلته في الفريق أصبحت أكثر برودة.
‘بعد ما حدث للتو إختفت نسخة أحلامها تمامًا… هل عادت العواطف والرغبات إلى جسدها؟ هل ستظل نسخة الأحلام الخاصة موجودة؟ هل سيكون هناك مهرجان للأحلام العام المقبل؟’ قام كامو على الفور بإجراء العديد من التخمينات.
“دعنا نخرج لنرى ما إذا بإمكاننا إنقاذ بعض الناس” تحدث ريا “أولئك الذين ماتوا خلال مهرجان الأحلام لا ينبغي أن يكونوا هم المصابين الوحيدين”.
“حسنًا” أجاب كامو متفاجئًا.
تدفّقت الفرحة في قلبه عندما أحس أن ريا لم تطرأ عليها أي تغييرات جوهرية بسبب عودة عواطفها ورغباتها.
—
بإتباع تعليمات مالك فندق بريو وصل لوميان إلى الطابق الرابع.
فتح الباب الخشبي للغرفة المقابلة حيث إنحسر الظلام شبه الأسود تحت إضاءة كرة نارية بيضاء مشتعلة ليكشف كل شيء، سقطت بعض العناصر بسبب الهزات وتحركت الطاولات والكراسي وتناثرت كمية صغيرة من الغبار من السقف، أغلقت النافذة بإحكام لكن الزجاج تحطم وبصرف النظر عن هذا لم يكن هناك شيء جدير بالملاحظة بدون أثر للبشر.
بعد بمسح المنطقة لم يعثر لوميان على أي أثر للرجل أو المرأة.
‘وفقًا لقواعد مهرجان الأحلام الأصلية فإن الموت في الحلم لا يعني الموت الفوري’ تمتم في نفسه عابسًا ‘هل غادروا تيزامو بعد الإستيقاظ؟ خططت للعناية بجثثهم ووراثة خصائص التجاوز الخاصة بهم…’.
لم يصدق لوميان أن الرجل والمرأة لا يستطيعان المغادرة فقط لأن الباب والنافذة مغلقين بإحكام.
بعد كل شيء هما إثنين من متجاوزي التسلسل المتوسط وأحدهما شيطان ربما لديهم قدرات خاصة لحل هذه المشكلة، مفكرا في البحث عن الآثار لمطاردة المتوفين نيابة عن مهرجان الأحلام قام بفحص تفاصيل الغرفة المختلفة بشكل عرضي، فجأة إتسعت حدقات عينيه حين رأى ريشة ملقاة بهدوء تحت الكرسي بجانب النافذة – ريشة بيضاء ملطخة بزيت أصفر فاتح!.
‘مثل ريزا هل الرجل والمرأة ميتين بالفعل وخضعا لحالة غير طبيعية؟ ماذا عن جثثهم؟ أين إختفوا؟’ شعر بوخز في فروة رأسه قبل أن يعود بصمت خطوتين إلى الممر ‘هل سيظهر البشر الذين صعدوا إلى الألوهية سلوكيات مختلفة بعد مغادرة مهرجان الأحلام؟’.
مع كرة نارية بيضاء مشتعلة تطفو خلفه قام بفحص الغرفة مليئا بالأسئلة مثل ربما جثتا الرجل والمرأة لا تزالان هنا لكنه لم يتمكن من رؤيتهما، دخل بحذر مقتربا من الكرسي لكنه لم يشعر بأي شيء غير عادي ولم يكتشف أي علامات على الجسم الذي لا شكل له، أخرج نظارات المتطفلين الغامضة وعين الحقيقة من حقيبة المسافر قبل إرتداهما واحدة تلو الأخرى، لم يستطع رؤية الرجل والمرأة رغم أن رؤيته مليئة بالظلام الفوضوي والنهر المظلم والريش الزيتي.
‘عند عودتهم إلى الواقع هل خضعوا على الفور للصعود الخالد مغادرين هذا المكان؟’ فكر لوميان لبضع ثوان قبل تفعيل العلامة السوداء على كتفه الأيمن منتقلا فوريًا إلى مكان في الغابة على محيط الحلم الخاص.
بصفته صيادًا حفظ الطريق الصحيح والخصائص البيئية بعد أن قادته أماندينا إلى القبر الأسود القديم، بعد ما يقرب من 15 دقيقة وصل إلى منطقة تبرز فيها جذور الأشجار العديدة من الأرض مثل الأوعية الدموية.
ومع ذلك فإن المكان الذي ينبغي أن يقف فيه القبر القديم الشبيه بالحجر الأسود فارغ!.
‘هل هذا القبر الأسود القديم موجود فقط في الأحلام ولا يمكن رؤيته في الواقع؟’ تكهن لوميان بجدية ‘إذن لا يمكن للإمبراطورة الشاحبة والملائكة الآخرين النزول شخصيًا بل إرسال أشخاص للمشاركة في مهرجان الأحلام؟’.
بأفكار متسارعة إنطلقت نظرة لوميان ذهابًا وإيابًا عبر الأرض المقابلة للقبر الأسود القديم.
إكتشف أنها مختلفة قليلاً عن المناطق المحيطة بها – لم تبرز جذور الأشجار المتشابكة من الأرض – ظلت مسطحة وخالية من الحجارة، إقترب بعناية مخرجا سيفه المستقيم ليستخدمه كمجرفة في محاولة لحفر التربة وبعد صنع حفرة رفت جفونه.
تم دفن ريشتين باللون الأبيض ملطختين بالزيت الأصفر الفاتح في التربة البنية الداكنة!.
أخذ نفسا بطيئا مكملا الحفر بشكل أعمق لتظهر كتلة من التربة داكنة اللون ورطبة ولزجة قليلا بحجم كف اليد.
–+–