لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 662 - تلك الكلمات
“إن حدسي يخبرني أنه لا ينبغي لي أن أنظر إليه مباشرة” إستدار كولوبو أخيرًا بعد خلع نظارته الشمسية متحدثا باللغة الدوتانية بنظرة مرهقة “لا يمكنني سوى إلقاء نظرة سريعة على الأكثر”.
“لماذا؟” سألت ريا بفضول بينما تحمل قوس الصيد الخاص بها.
“مجرد حدس” أجاب كولوبو بحزم غير متأكد من السبب ولكنه مقتنع بأنه لا ينبغي عليه التحديق.
أظهر لوبان الفيزاكي تعبيرًا متأملًا.
“ما الذي يدور في ذهنك؟” إلتفت إليه ماسلو وسأله بوجهه المطلي باللون الأبيض.
عمل الثلاثة معًا في مدينة تيزامو لمدة عام لذا يفهمون بعضهم البعض جيدًا إستطاع ماسلو أن يعرف أن لوبان فكر في شيء ما من نظراته.
أثناء مراقبة كامو ونظرات الآخرين فكر لوبان للحظة قبل أن يقول “أثناء مغامرتي عبر البحار الخمسة مررت بهذه المقولة: لا تنظر مباشرة إلى إله”.
“لا تنظر مباشرة إلى إله…” إرتعشت جبهة كامو بعد أن همس بهذه العبارة.
بصفته سليل عائلة كاستيا رغم أنه من فرع جانبي لديه معرفة غامضة أكثر شمولاً من معظم المتجاوزين.
‘هل يمكن أن يكون لويس بيري وإبنه الروحي آلهة حقيقية لا يمكن النظر إليهما؟ لا هذا لا يمكن أن يكون صحيحا، تجنب كولوبو النظر إلى تواناكو مباشرة رغم أنه مجرد متجاوز في التسلسل 5 من مسار السجين والمجرم – ولا حتى نصف إله!’.
“سمعت ذلك من قبل خلال خطب القس يتعلق الأمر بإحترام الإله وعبادته أليس كذلك؟” قالت ريا كونها مؤمنة متدينة بالشمس المشتعلة الأبدية.
“لا إنها ليست من كتب الكنيسة المقدسة بل مسجلة في نص غامض” هز لوبان رأسه رافضًا تفسيرها.
“من المؤكد أن المغامر العظيم لا يمكن أن يكون إلهًا يمشي بيننا؟” أطلق ماسلو ضحكة مكتومة عميقة.
“ربما ليس إلهًا حقيقيًا لكن ملاحظات الكتاب تشير إلى مخلوق أسطوري” تذكر لوبان “لست متأكدًا مما يعنيه ذلك بالضبط ولكن إذا إحتوى على كلمة إله فيجب أن يمتلك مستوى معين من الألوهية… هل يمكن أن يكون هذا المغامر نصف إله؟”.
“لا يبدو الأمر على هذا النحو حاليًا” رد كامو مشكلا فكرة جديدة تدريجيًا “ربما يكون المغامر ببساطة أحد مباركي الآلهة ويحمل شيئًا إلهيًا أو هالة ممنوحة له، صحيح أننا لا نستطيع أن ننظر مباشرة إلى “الإله” لكن هذا لا يشير إليه بل يشير فقط إلى شيء ما يملكه”.
هذا يمكن أن يفسر الوضع مع تواناكو بشكل جيد للغاية.
“هل تعني مثل المغامر الأكثر شهرة؟” أدرك لوبان الفيزاكي.
أصبح المغامرون وصائدوا الكنوز والقراصنة والتجار عبر البحار الخمسة يعرفون الآن أن جيرمان سبارو أوراكل للأحمق قبل أن يصبح ملاكًا.
“أجل” أومأ كامو برأسه وفي الوقت نفسه لعن داخليا ‘اللعنة لماذا تم إرسالي لمراقبة الأمور المتعلقة بمباركي الآلهة؟ هذا بلا شك محفوف بالمخاطر لحظة إهمال ستؤدي إلى الموت!’.
لم يكن يريد قبول أمر نائب القائد ريزا في اليوم السابق ولكن على مدى السنوات الماضية أنقذه من حافة الموت 3 مرات لذا لم يستطع الرفض، بخلاف ذلك مع بادئة “دون” المرموقة وإسم عائلة كاستيا بإمكانه رفض أوامر رئيسه في أسوأ الأحوال يمكنه ترك فريق الدورية، بعد كل شيء إستوعب بالفعل جرعة التسلسل 7 مستجوب ووفر ما يكفي من الأموال لتقدمه اللاحق بفضل لويس بيري، حتى لو عاد إلى عائلته فلن يكون من النوع الذي يتم تجاهله ولكن لرد لطف ريزا وافق على الذهاب إلى بلدة تيزامو لمراقبة كل تحركات لويس بيري، شعر بالضيق ولم يستطع إلا أن يشتم داخليًا لكن بإعتباره مؤمنًا متدينًا ومثقفًا بالأم الأرض لم يكن ليلعن بعبارات مبتذلة مثل إبن العاهرة، من وجهة نظره الأمهات عظيمات فالولادة والتنشئة على نفس القدر من الأهمية تمامًا كما تغذي الأرض نمو كل شيء.
“عندما إنتقلنا إلى تيزامو قيل لنا أنه يمكننا العودة بعد عام وأننا لن نبقى إلى الأبد” بعد الحديث عن المغامر لويس بيري إلتفت لوبان الفيزاكي إلى كامو وكولوبو قائلاً “الآن مر عام تقريبًا وأنت هنا أيضًا هل هذا يعني أنه يمكننا العودة إلى ميناء بيلوس؟”.
‘بإعتبارك عضوًا فيزاكي تبدو طويل القامة وقويًا وفظًا وغير ذكي لكنك في الواقع غير أمين… هل إكتشفت أن مسألة لويس بيري ربما تكون مشكلة كبيرة وتريد عذرًا للهروب مبكرًا؟’ أحس كامو بشدة بأفكار لوبان الخفية لذلك قال مازحًا “لا يزال هناك أسبوع متبقي! لا تفكر حتى في العودة إلى ميناء بيلوس مبكرًا لسنا هنا لمناوبتك”.
—
– في فندق بريو:
إعتبر هذا المكان المفضل للسادة الذين أتوا إلى بلدة تيزامو للصيد على الرغم من أنه لا يمكن مقارنته بفندق أوريلا إلا أنه نظيف نسبيًا.
السبب الوحيد الذي دفع لوميان لإختيار هذا المكان هو توفر الجناح!.
بخلاف ذلك سيتعين عليه إستئجار غرفتين متجاورتين والإستفادة من قبضة الصياد الدقيقة لتفجير الجدار المجاور، عند المغادرة سيطلب من لوغانو إستبدال الطوب الحجري وإصلاح الفتحة خاصة وأن الطابق الأرضي مدعوم بأعمدة حجرية.
المبنى المكون من 3 طوابق أعلاه يحمل طابعًا إنتيسي مميزًا.
الجدران البنية ومنافذ التماثيل الغائرة والنوافذ المقوسة والستائر الإنتيسية جعلت لوميان يشعر وكأنه عاد إلى ترير، عندما أشعل لوغانو الشمعة الطاردة للبعوض مستخدما رائحتها النفاذة قليلاً لطرد الحشرات السامة أصبحت أكثر تذكيراً.
‘هذا مشابه جدًا لإستخدام شعب ترير لرائحة الكبريت لصد بق الفراش…’ تذكر لوميان وصوله الأول إلى ترير.
بعد إستخدام رائحة الكبريت لطرد البق إلى الغرفة المجاورة أشعل الكاتب المسرحي غابرييل الرائحة وأعادهم ذهابًا وإيابًا، إنتقل معظم بق الفراش إلى أماكن أخرى ولم يتبق سوى عدد قليل منهم قامت الرسول الدمية بالقضاء عليهم، تنهد لوميان بصمت متذكرًا وفاة غابرييل والمستأجرين في نزل الديك الذهبي قبل المشي نحو النافذة للنظر إلى الشارع، تحرك السادة الذين يرتدون ملابس الصيد وخدمهم عبر سكان البلدة متدفقين إلى فندق بريو ومطاعم الغابة والمؤسسات الأخرى مثل الأنهار، تحت شمس الظهيرة أصبحت بلدة تيزامو شديدة الرطوبة هذا الموسم مما جعلها غير مناسبة للأنشطة الخارجية، في الطابق الثاني ركز لوميان إنتباهه ملاحظا المارة في الأسفل مباشرة وحاول تمييز أي مشاكل محتملة مع ثرواتهم – بقي مستعدًا لرد الفعل العنيف أو الفساد.
‘حظوظ هؤلاء المارة طبيعي يبدو أن البعض لديه لقاءات رومانسية تلوح في الأفق والبعض الأخر ربما يخسر المال أو يواجه كارثة دموية ولكن لا شيء خطير للغاية…’ أبعد لوميان نظره مشيرا للوغانو “خذ لودفيغ للراحة سأذهب في نزهة”.
“حسنا” نظرًا لأن الرحلة إلى بلدة تيزامو ربما تكون خطيرة لم يكن لدى لوغانو أي نية للتجول إلا إذا طلب منه رئيسه إعداد الطعام للودفيغ.
لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدمًا وإلا سيكون هو الذي يؤكل!.
لم تكن بلدة تيزامو صغيرة لأن شوارعها تمتد في إتجاهين لذلك ظل لوميان يتمشى على مهل واضعًا يديه في جيوبه مرتديا قبعة القش الذهبية، لم يعد يرتدي قبعة القش لتعزيز شخصية لويس بيري بل لحماية نفسه من أشعة الشمس، أراد القيام بذلك عدة مرات من قبل ولكن التأثير السلبي لتحول الظل هو الخوف من أشعة الشمس أكثر من الناس العاديين، على الرغم من أنه يستطيع التحمل بالإعتماد على قدرات الزاهد إلا أن هذا سيؤثر على حالته إلى حد ما، لماذا يجعل الأمور صعبة عندما يستطيع حلها بقبعة من القش؟ مع ظهوره مرتديا قبعة القش الذهبية فإن العدو لن يعتقد أنه يخاف من أشعة الشمس.
عندما تحركت نظرته بشكل عرضي رأى فتاة نموذجية من القارة الشمالية بشعر أسود يتساقط على ظهرها مثل الشلال، أبرزت عيناها ذات اللون الأزرق السماوي أنفها الحاد والحساس مع هالة شبابية لا لبس فيها تشع بين حواجبها، إرتدت الفتاة فستاناً أبيض خفيف مزين بالدانتيل وبدلاً من الكعب العالي وضعت زوجاً من الأحذية الجلدية البنية، بينما تتحدث وتضحك مع رفاقها رقصت كما لو أنها غير مهتمة بآراء المارة لذلك نظر لوميان إليها مرة أخرى، لم يكن ذلك لأنها جميلة على الرغم من أنها جميلة جدًا إلا أن مظهرها لا يمكن مقارنته بالشيطانتان أو البشر الجميلين حقًا.
شعر لوميان ببساطة أن شخصيتها تختلف عن سيدات ترير!.
في ترير بغض النظر عن مدى إنفتاح نساء الطبقة المتوسطة والعليا المحترمات في الحياة الخاصة فإنهن ما زلن يهتممن علنًا بصورتهن وآراء الآخرين، هذا نتاج تربيتهن لكن هذه الفتاة نضحت بجو من الحرية يمكنها أن تضحك بصوت عالٍ أو تدور في أي وقت تشاء، هذا مختلف عن سلوك إمرأة من الطبقة الدنيا نشأت بشكل غير لائق لأن لباس هذه الفتاة وكلامها وهالتها يدلان على حسن التربية.
“أماندينا إبنة السيد بيتي من مزرعة النخيل وخطيبة السيد روبرت” تجسد كامو الذي يشبه الشبح من العدم بجانب لوميان.
تعتبر مزرعة النخيل بالقرب من بلدة تيزامو.
‘فتاة من جنوب القارة نشأت بدون القيود المجتمعية للطبقة الوسطى لترير…’ حكم لوميان مفكرا في أخته أورورا لأنها في بعض الأحيان أظهرت مثل هذا الجانب رغم أن الأسباب مختلفة بشكل واضح.
“أين وجهتك؟” تساءل كامو.
“الكاتدرائية” أبعد لوميان عن نظره مجيبا بإبتسامة “هل ستأتي معي لتمجيد الشمس؟”.
–+–