لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 659 - الوحش المسكين
بمراقبة تعبيرات كامو كما لو أنه مجبر على التصرف تحت تهديد السلاح لم يتراجع لوميان بل أجاب مبتسماً “سأحب ذلك”.
من الواضح له أن ضباط فريق الدورية أو حتى الأدميرال كواراريل نفسه قلقين بشأن تجول لويس بيري في أراضيهم، تقع تيزامو حيث يتجه بالقرب من الغابة البدائية ولها علاقات وثيقة مع التسلسل 5 مبعوث الرغبة، لذلك تم إرسال عضوين إضافيين من فريق الدورية لهما علاقة معينة مع لويس بيري لمرافقته، حتى لو لم يتمكنوا من منع حدوث مشكلة يمكنهم على الأقل إرسال تحذير قبل أن تصبح كارثة، أما عن سبب عدم منعهم للويس بيري مباشرة من التوجه إلى بلدة تيزامو فذلك يرجع جزئيًا إلى كونه ألمح إلى الفصيل الذي يدعمه.
بسبب تسليم رأس تواناكو وبدون تضارب المبادئ من المرجح أن الأدميرال كواراريل لن يجعل الأمور صعبة عليه، ثانيا يبدو أن تحقيقات ومغامرات لويس بيري جلبت الكارثة لكنها كشفت عن أخطار خفية في وقت مبكر، إذا ظلت المشكلة المخفية تتطور فربما لن تتمكن ماتاني والأدميرال كواراريل من التعامل معها خلال عام أو عامين حينها سيتدفق الدم مثل النهر، حدق كولوبو الذي يقوم بدور سائق العربة للأمام بنظرة متحجرة قبل أن يخرج نظارة شمسية ليضعها على جسر أنفه – ولم تكن هناك إصابات واضحة على جسده.
عندما فتح كامو باب العربة رأى أن لويس بيري يقود صبيًا صغيرًا من يده.
“هل سيذهب إلى تيزامو أيضًا؟” بادر كامو بالسؤال.
إفترض أن لويس بيري سيترك خادمه وإبنه الروحي في فندق أوريلا ثم ينضم إليهما لاحقًا بعد التعامل مع مشكلات بلدة تيزامو، خلاف ذلك سيأخذ المغامر طفلاً صغيرًا إلى تيزامو ومن الواضح أن هذه لم تكن رحلة ممتعة لأن الأمر خطير جدًا!.
ظلت قدم لوميان اليسرى على الأرض وتوقفت قدمه اليمنى عند حافة العربة قبل أن يقول “إن إبني الروحي مفتون بثمار الغابة والوحوش الفريدة التي أصطادها بالإضافة للتوابل المختلفة”.
في وقت سابق ذكر الأفراد من تيزامو تخصصات مسقط رأسهم وسلطوا الضوء على تميز اللحوم المشوية، ساهم مزيج التوابل والنكهة الجذابة المميزة للوحوش البرية في الغابة بتقديم الأطباق الشهية الفريدة لبلدة تيزامو.
إبتلع لودفيغ الذي إستقر بالفعل في العربة لعابه على ما يبدو متزامنًا مع كلام لوميان.
‘ألا تشعر بالقلق من تعريض إبنك للخطر؟ لماذا أنت واثق جدا؟’ لم يضغط كامو بل أشار ببساطة إلى لوغانو بعينيه للإسراع.
ألقى لوغانو نظرة سريعة على سائق العربة الغريب الذي يرتجف قليلاً تحت نظارته الشمسية السوداء ثم دخل العربة ليجلس مقابل لوميان ولودفيغ.
أغلق كامو باب العربة مستقرا بجانب كولوبو بينما يتنهد “يمكنك إزالة نظارتك الشمسية الآن”.
“حسنا” بدا أن كولوبو يرتجف كما لو أن رياحًا جليدية ضربته حيث إصطكت أسنانه وزاد إرتعاشه.
“ألم تبرم صفقة وجهاً لوجه مع لويس بيري؟” إلتفت إليه كامو متفاجئًا “لماذا لا تزال خائفاً للغاية؟”.
لم يستطع رؤيته مرة أخرى بشكل مباشر!.
“حسنا” خلع كولوبو نظارته الشمسية مستغرقا أكثر من 10 ثوانٍ لضبط نفسه وبلهجة خافتة إعترف بخوف “أشعر وكأن أصابعي وذراعي وأحشائي وحتى رأسي… كلها تؤكل من قبل ذلك…”.
“ذلك ماذا؟” كافح كامو لفهم سبب تغير سلوك الوحش بشكل جذري حيث شعر أن المشكلة ربما تكون مهمة.
“ذلك الطفل… أيضًا… خطير جدًا!” إبتلع كولوبو بصعوبة مكملا “على الرغم من أنني لم أره إلا أنني أشعر بتهديد يلوح في الأفق مثل مواجهة أسد أو نمر أو ثعبان مستعد لأكلي في أي لحظة”.
“…” أصيب كامو بالذهول مخرجا هسهسة من شفتيه.
حتى الآن لم يُظهر كولوبو مثل هذا الخوف أبدًا إلا في وجود ثلاثة أفراد يشعون خطرًا: مبعوث الرغبة تواناكو مع قوى الروح ولويس بيري القادر على صيد تواناكو.
‘هل يمكن لهذا الصبي أن يضاهيهم؟ هل هو أيضًا متجاوز ربما في التسلسل 5؟ لا إنها ليست مجرد مسألة تتعلق بالتسلسل 5، قائد فريق الدورية لدينا في التسلسل 5 ومع ذلك لم يذكر كولوبو أبدًا شعوره بالقلق في حضوره، يجب أن يكون هناك شيء فريد في هؤلاء الأفراد الثلاثة! بغض النظر فإن الصبي بلا شك غير عادي وخطير!، لا عجب أن يقوم لويس بيري بإحضار إبنه الروحي إلى تيزامو دون قلق ربما يشكل الطفل تهديدًا أكبر…’ كشف كامو عن إرتباكه السابق متنعا عن التحقيق أكثر مع كولوبو.
في حدود العربة ذات العجلات الأربع حتى مع وجود الحاجز بينهما سمع لويس بيري تبادلهما الصامت!، بالنظر إلى المعلومات المستمدة من بحر الضباب لدى كامو شكوك في أن لويس بيري متجاوز في التسلسل 5 من مسار الصياد، إشتهر الذين ينتمون إلى هذا المسار بحواسهم الحادة مثل الرؤية الإستثنائية وحاسة الشم والسمع الشديدين.
‘يعد مسار الوحش مثيرًا للإهتمام للغاية حتى من دون أن يضع عينيه على لودفيغ أو يسمع صوته يمكنه أن يشعر بهالة مشؤومة لكائن يلتهم كل شيء…’ لعب لوميان المتكئ على جدار العربة بقبعته الذهبية المصنوعة من القش مطلقا على لودفيغ إبتسامة فهم ‘هل يمكن أن يكون هذا “الطفل الصغير” قد أعجب حقًا بكولوبو وكامو كونهما متجاوزان لم يستسلما للفساد الشديد؟، من المحتمل أن لودفيغ تعرض لزلة مؤقتة في السيطرة بحيث لم يلاحظ كامو لكن كولوبو رد بعد إستشعار الخطر؟’ أومأ لوميان برأسه للودفيغ “أحسنت ضبط النفس الخاص بك مثير للإعجاب”.
عندما يتصرف الطفل بشكل صحيح يكون الثناء مستحق فهو يعزز العقلية والعادات الصحية!.
بقي لودفيغ صامتًا بتعبيرات تشير إلى أنه لا ينبغي معاملته كطفل!.
رتسمت إبتسامة باهتة على شفتيه قبل أن يخرج علبة بسكويت من حقيبته المدرسية القرمزية ليقضمها.
‘أي ضبط نفس؟… ماذا قصد بكلمة “أحسنت”…’ وجد لوغانو الجالس أمامهم نفسه في حيرة من أمره.
تعتبر تيزامو البلدة الأكثر بعدًا عن ميناء بيلوس حيث تقع على حافة الغابة البدائية لذلك يلزم القيام برحلة تستغرق ساعتين بالعربة للوصول إليها، بطبيعة الحال بالنسبة لأولئك الذين هم في عجلة من أمرهم هناك طريق بديل: ركوب قاطرة بخارية من الميناء إلى كاهيرت المدينة الواقعة في أقصى الجنوب، من هناك يمكن إستئجار عربة أو نعش للتوجه نحو الشمال الشرقي مما يقلل وقت السفر إلى تيزامو بنحو ساعة واحدة لكن لم يُظهر لوميان أي ميل نحو التسرع، عندما غادروا ميناء بيلوس ضاقت الطريق وتدهورت تدريجيًا رغم ذلك إستمرت العربة في السير بثبات، عمل كولوبو سائق العربة بدقة تشبه مثل آلة مزيتة تقود الخيول والعربة دون تعثر حتى مرت ساعة بعد أن شقت العربة طريقها عبر الغابة، فجأة تظاهر لوميان بالنوم قبل فتح عينيه حينها أصبح جسده مظلمًا وطيفيًا مختلطا بالظلال التي تلقيها النافذة.
تحول الظل!.
في لحظة إخترقت طلقات نارية هدوء الغابة!.
إنطلقت الرصاصات من بعيد بعضها يرتطم بالأرض ويقذف سحبًا من التربة بينما يستهدف البعض الآخر كامو والعربة والحصان، وسط الفوضى إنهار الحصان نازفا بغزارة لتسقط العربة على الأرض أما كولوبو فقد تخلى بالفعل عن مكانه كسائق، قفز كامو بعيدًا عن العربة جاثمًا على إرتفاع منخفض مع مسدس في يده بينما يناور بخفة أو يتدحرج أحيانًا نحو الشجيرات أخرى، مع كل حركة أطلق النار في محاولة لقمع المعتدي غير المرئي لأنه في هذا النطاق تم تقييد العديد من قدراته، حفنة من الأجرام السماوية القرمزية النارية بيضاء اللون تقريبًا مرت أمام كامو قبل أن تختفي في أعماق الغابة.
إنفجار!.
وسط الإنفجارات المدوية توقف إطلاق النار فجأة وبعد فترة وجيزة إنطلقت اللعنات باللغة الدوتانية من أعماق الغابة.
“إذهبوا إلى الجحيم يا قطاع الطرق من القارة الشمالية!”.
“تعفنوا مع أبناء العاهرات خاصتكم!”.
“تعالوا خلفنا إذا إمتلكتم الشجاعة!”.
“…”.
تدريجيا تلاشت اللعنات في أعماق الغابة حينها خرج لوميان من ظلال العربة دون مطاردتهم.
“إنها المقاومة! ماذا يفعلون في ماتاني…” عبس كامو متمتما لنفسه في إرتباك.
في القارة الجنوبية كثرت فصائل المقاومة لذلك لم يتمكن من تحديد الفصيل الذي ينتمون إليه أو دوافعهم، لم تشهد ماتاني المستقلة ظاهريًا عن جمهورية إنتيس – ويحكمها الأدميرال كويراريل كونه مواطن من القارة الجنوبية – سوى القليل من نشاط المقاومة الذين مطلبهم الأساسي هو طرد المستعمرين.
‘هل يمكن أن يكون فصيلاً من المقاومة مكرساً للموت بهدف إحياء نفوذه في ماتاني؟… أتمنى أن لا يكونوا أولئك المجانين من مدرسة روز…’ عاد كامو إلى العربة في حيرة.
فكر لوميان في مسألة أخرى لأنه على الرغم من الوصول إلى التسلسل 5 إلا أن حياته لا تزال هشة وعرضة للقتل بالرصاص!، إذا إمتلك أحد أعضاء المقاومة مهارات الرماية الحادة وظل خارج نطاق المراقبة بينما يقوم بالقنص من مسافة تزيد عن 100 متر فمن الممكن أن ينهي حياته، يفتقر الحاصدون إلى أجساد الشياطين المرنة فعلى الرغم من إفتقارهم إلى الإدراك الخبيث ربما يصاب الشيطان بجروح طفيفة فقط من طلقات البندقية، إن عدم إمتلاكه لهاجس الخطر الذي يميز مسار المتنبئ جعله غير قادر على التهرب لكن من المؤكد أن سماته كزاهد عززت إدراكه الروحي ما جعله يتوقع الخطر، إذا تمكن الخصم من إبطال إدراكه الروحي أو التلاعب به بشكل فعال فإن البنادق التقليدية يمكن أن تعرضه للخطر بالفعل.
‘نعم يمكن أن يكون تحول الظل بمثابة درع من الرصاص الذي يفتقر إلى المؤثرات الخاصة فهو لا يشكل أي تهديد حقيقي لكائنات الظل…’ أعاد لوميان توجيه أفكاره مبلغا لوغانو الخارج من العربة “تحقق من الحصان”.
إذا نجا سيعالج إصاباته على الفور للقيام بواجب النقل إذا لم يكن الأمر كذلك فإن لودفيغ سيأمر جثة الحصان بسحب العربة، بعد كل شيء إكتسب القدرة على قيادة حفنة من اللاموتى ذوي المستوى المنخفض بفضل خليط مخمر من مقل عيون هيسوكا.
–+–