631 - علم الشيطان
مسترشدًا بالعلامات الموجودة على الحائط صعد إلى الطابق الثالث مكتشفا صفوفا من أرفف الكتب المهيبة، أشرف أمين المكتبة – رجل مسن يرتدي رداءً من الكتان – على المكان ورغم جلوسه ما زال طوله مطابقًا لطول لوميان بجلد رمادي قليلاً يحمل علامات التقدم في السن، إنشغل أمين المكتبة بكتاب مغلف بجلد الماعز ولم يعر أي إهتمام لدخول لوميان مركزا نظراته بقوة على النص – كما أن الأخير لم يتعجل في طلب الإذن للإستكشاف، دخل المكتبة متبعا الإرشادات المنشورة على كل صف من أرفف الكتب المؤدية إلى القسم الذي يضم الكتب الأسطورية.
مرر إصبعه على الكتاب ذي الغلاف الجلدي وعلى كتاب آخر يحتوي على صفحات منسوخة حديثًا قبل إختيار مجلد يؤرخ لأساطير الخلق، أمام رف الكتب قلب لوميان الصفحات بشكل عرضي فقط ليضع الكتاب في مكانه مرة أخرى لأنه لم يستطع فهمه، كتب الكلام بلغة جوتون القديمة المرتبطة بعرق المتجاوزين العمالقة وتمتلك القدرة على التلاعب بقوى الطبيعة، تم تصنيف جوتون جنبًا إلى جنب مع التنينية والإيلفية وهيرميس القديمة لأن لها أهمية كبيرة في الغوامض، على الرغم من أنه أتقن هيرميس وهيرميس القديمة إلا أن لغة جوتون ظلت لغة يعرفها ولكنه لم يتقنها بالكامل.
بالكاد يستطيع فك شفرة عنوان الكتاب القديم لكنه لم يتمكن من فهم محتوياته!.
كشفت نظرة سريعة عن نسخة مقابلة من الكتاب القديم مكتوبة هذه المرة بلغة فيزاك القديمة – وهي لغة بشرية خالية من التأثير الخارق للطبيعة، إرتفعت الفرحة داخل لوميان قبل أن يجذب الكتاب ذو الغلاف الناعم مستقرا في منطقة القراءة بالقرب من النافذة.
طوال العملية برمتها لم يتدخل أحد أو يصدر تحذيرا.
‘هذه المكتبة مفتوحة بالكامل للجميع حتى أولئك الذين لا يقيمون في مدينة الفضة الجديدة يمكنهم الإطلاع على محتوياتها، يبدو أن الإقتراض أمر غير وارد؟ أو ربما لا تعتبر المعرفة على هذا المستوى سرية؟’ فكر لوميان محافظًا على وتيرة ثابتة.
مر عبر القسم المخصص لمخلوقات التجاوز أين عثرت عيناه الثاقبتان على كتاب بعنوان “علم الشيطان”.
‘علم الشيطان…’ مستذكرًا المواجهات الأخيرة سحب لوميان النسخة المقابلة.
في منطقة القراءة إختار مكانًا محميًا من أشعة الشمس المباشرة ومع ذلك يتمتع بإضاءة كافية قبل الجلوس للبحث في صفحات كتاب “علم الشيطان”.
بينما يقرأ إتسعت عيونه وفتح فمه قليلاً لأن كل قطعة من المعلومات لا تقدر بثمن!.
بالنسبة لأولئك الذين يحتمل أن يواجهوا متجاوزي مسار الشيطان في القتال فإن قيمة هذا الكتاب تنافس قيمة قطعة أثرية مختومة قوية من الدرجة 2 أو العنصر الغامض المقابل لها.
‘كيف حصلت مدينة الفضة الجديدة على هذه المعرفة؟ من غير المحتمل أن يتمكنوا من تجميع الرسوم التوضيحية للمخلوقات دون قتل مئات الشياطين، هل يمكن أن يكون النصف عمالقة والعمالقة هنا صائدي شياطين؟ ربما في العصور القديمة عندما نشط الشياطين تبادلوا المعلومات مع الفصائل الأخرى؟’ أصبح لوميان أكثر إنزعاجًا مواصلا القراءة.
في منتصف الطريق قام بتدليك صدغيه النابضين بعد أن شعر بإستنزاف سريع لروحانيته.
أغلق مؤقتًا “علم الشيطان” بهدف إستكشاف أساطير الخلق لمدينة الفضة الجديدة وأخذ إستراحة يستحقها.
منذ البداية أسطورة الخلق تقول: <>.
فجأة نقر إصبع ذو بشرة باهتة ورمادية قليلاً على مكان معين في الصفحة مرددا بصوت خشن “لا تنطق هذا الإسم بأي لغة من لغات التجاوز”.
نظر لوميان إلى الأعلى متفاجأ عندما وجد أمين المكتبة المنغمس في كتبه سابقًا يقف بجانبه على ما يبدو من العدم – بصفته صيادًا ظل غافلًا!، يرجع ذلك جزئيًا إلى الدوخة المستمرة من قراءة “علم الشيطان” إلا أن أمين المكتبة أظهر الكفاءة في إخفاء التنفس والحركة رغم قامته الشاهقة التي تزيد عن 3 أمتار.
أعاد لوميان توجيه إنتباهه إلى الإسم الذي أشار إليه أمين المكتبة “العاهل الشيطان فارابوتي”.
دون إنتظار إستفسار لوميان قام أمين المكتبة الذي يحمل سمات شبيهة بالعملاق بتحريك إصبعه بضعة سنتيمترات قائلا “من المستحسن تجنب نطق هذا الإسم بأي لغة تجاوز أيضًا”.
تابع لوميان حركة الإصبع الذي يشير بصمت إلى الإسم المقابل في ذهنه “سلف مصاصي الدماء ليليث”.
“لم لا يجب أن أنطقه؟” أعرب لوميان عن جهله دون تحفظ.
“العاهل الشيطان لا يزال على قيد الحياة ويشتبه في أن سلف مصاصي الدماء على قيد الحياة أيضًا” تحدث أمين المكتبة بصوت عميق “في الآونة الأخيرة تعرض أحد الأشخاص في المدينة إلى إضطرابات بعد نطق إسم “ليليث” بجوتون، على الرغم من أن حياته لم تكن في خطر إلا أنه تحمل معاناة طويلة”.
‘الآلهة القديمة؟ الكيانات التي حكمت العالم قبل عصر إله الشمس القديم؟’ تذكر لوميان أجزاء من معرفته المحدودة لذلك سأل بتعبير مدروس “هل أنقذ إله الشمس القديم البشرية من سيطرة هذه الآلهة القديمة؟”.
قرأ لوميان الوصف: <>.
‘في الواقع من بين الآلهة الثمانية القديمة العاهل الشيطان فارابوتي لا يزال على قيد الحياة ويشتبه في أن سلف مصاصي الدماء ليليث كذلك أما البقية فهلكوا؟… الملك العملاق أورمير… لماذا يبدو هذا الإسم مألوفًا؟ مثل عاصمة المقاطعة المشهورة بالنبيذ الأحمر والشمبانيا… ما هي العلاقات التي تتقاسمها مع الملك العملاق؟’ تساءل لوميان بحذر “هل يمكن نطق هذين الإسمين باللغة البشرية العادية؟”.
“إن سلف مصاصي الدماء أمر مقبول ولكن من المستحسن الإمتناع عن محاولة نطق العاهل الشيطان وتوخي الحذر حتى في كتابته” أجاب أمين المكتبة الضخم “نحن غير متأكدين من إمتلاك العاهل الشيطان لأي قدرات خاصة”.
‘الحذر حتى في الكتابة هل كل الشياطين هكذا؟… نعم لا يزال إله مسار الشيطان على قيد الحياة وهو كائن قديم منذ العصر الثاني…’ غمغم لوميان الذي تحرك قلبه مخرجا ملاحظة بها تعويذة الحب من حقيبة المسافر الخاصة به “هل واجهت هذا الإسم من قبل؟ لقد صادفت شيطانًا عرّف نفسه على أنه هذا”.
قبل أمين المكتبة الملاحظة بيد قادرة على سحق رأس لوميان أين إجتاحت نظرته إسم “نابوريديسلي”، دخل في تفكير عميق وبعد دقيقة أو دقيقتين أخرج بصمت نسخة من مكان مخفي داخل رف الكتب.
جاء في عنوان الكتاب: {{خلاصة الإشاعات والأقاويل قبل الكارثة}}.
‘يا له من إسم بسيط…’ لاحظ لوميان عندما فتح أمين المكتبة الكتاب الذي تم الحصول عليه حديثًا مشيرًا إلى سطر معين من النص.
“كما هو متوقع إنه هنا”.
ثبت لوميان نظرته وقرأ بصمت.
<>.
‘الإسم المستعار للعاهل الشيطان فارابوتي؟’ شعر لوميان بالهزة عندما غطت طبقة رقيقة من العرق ظهره ‘هل يمكن أن يكون نابوريديسلي هو العاهل الشيطان؟ هل الشيطان ذو اللون الدموي المختوم هو العاهل الشيطان؟، لا يبدو ذلك محتملًا لو أنه إله قديم حقيقي فإن مجرد إلقاء نظرة خاطفة على شكله لم يكن ليؤدي إلى إنفجار عيني في الحلم بل سأفقد السيطرة على الفور… نعم ربما يكون الإسم المستعار لفارابوتي من بين هذه الأسماء لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه نابوريديسلي’ مسح لوميان جبهته بيده اليمنى مخاطبا أمين المكتبة بإبتسامة “كأجنبي هل مسموح لي حقاً أن أقرأ هذه الكتب؟ إن المعرفة التي تحتويها ثمينة للغاية”.
“أبلغنا الرئيس بالفعل أنك مبارك اللورد” أجاب أمين المكتبة بهدوء.
“جيد جدا” وجد لوميان الأمر مسليا.
على ما يبدو لا يمكن لكل أجنبي الوصول إلى هذه المكتبة.
لم يقدم الأمين أي تحذيرات أخرى بل أخذ الكتاب الذي يؤرخ لشائعات ما قبل الكارثة مغادرا المنطقة المجاورة، واصل لوميان التناوب بين قراءة “علم الشيطان” و”حكايات الخلق” مع أخذ فترات راحة حسب الحاجة، مع إقتراب المساء أنهى الكتابين بالكاد مغادرا البرجين التوأمين ثم أطلق روحانيته المضغوطة منتقلا فوريًا إلى التوت بميناء هانث، عند بمسح السماء التي لا تزال مشرقة أكد أن التحقيق في أساطير الشياطين بجزيرة هانث قد وصل إلى نهايته.
دخل الأمر في تعقيدات بعيدة عن متناوله لذا لم يعد مترددا في خطواته وخططه التالية!.
نظرًا لأنه لم يستوعب جرعة المتآمر بشكل كامل فقد قرر التوجه إلى غرب بالام لصيد هيسوكا من أجل إكمال طقوس التقدم!.
–+–
إذا أي شخص منهم هو العاهل الشيطان؟… سأختار ألموس أو سمائل…