629 - إزالة الفساد
لم تؤكد السيدة الساحر تكهنات لوميان أو تتعمق في حقيقة أساطير الشياطين بجزيرة هانث.
أدرك أن هذا على الأرجح يتضمن شيئًا لا ينبغي له أن يتطفل عليه في الوقت الحالي أو ربما من الأفضل عدم فهمه حتى يتم القضاء على الفساد المتراكم.
‘هل تعني عبارة “إيجاد الوقت” أنه يمكنني الذهاب وقتما أريد متجاهلاً جدول المعالج؟ هل توقعت السيدة الساحر أنه لن تكون هناك أي مشاكل؟’ أمسك لوميان بالورقة التي تحتوي على إحداثيات عالم الروح وقام بتنشيط العلامة السوداء على كتفه الأيمن.
إختفى جسده من سفينة التوت منتقلا عبر دوامة من الألوان في بعض الأحيان سيشعر بنظرات لا يمكن تفسيرها أو يلتقط لمحات من أشكال لا توصف، بعد فترة غير معروفة وصل إلى الموقع المطابق لإحداثيات عالم الروح أين ظهرت أمامه قبة شاهقة تنيرها نوافذ زجاجية لامعة مع لوحة جدارية تصور مشهدًا ملحميًا، في وسط القاعة لاحظ لوميان كرة من ضوء الشمس أين أصابه الإدراك الذي دفعه إلى الإقتراب، وبينما يمشي بدا أن ضوء الشمس “ينتشر” طاردًا الظلال والظلام أينما لمسه وسرعان ما وجد نفسه محاطًا بأشعة الشمس.
شعر أن ضوء الشمس النقي يخترق جلده ولحمه وعظامه وأعضائه الداخلية ليكشف روحه.
تم طرد أجزاء من الغاز الأسود الوهمي من روحه بواسطة ضوء الشمس مصورا تعبيرات لوميان المختلفة – شرسة أو متألمة أو متوسلة أو مخيفة، بعد بضع ثوان تبدد الغاز الأسود تحت ضوء الشمس المنقي كما نبض قلبه مستشعرا الحرق في صدره الأيسر.
يبدو أن ضوء الشمس الحارق يطرد ويطهر كل شيء في طريقه.
وسط وجع القلب المؤلم شعر بتغيير في الختم الموجود على صدره الأيسر كما لو أنه يخفي نفسه متزامنًا مع ضوء الشمس، ومع ذلك قبل أن تنجح المحاولة بالكامل أخذ ضوء الشمس زمام المبادرة للتوقف متراجعا مثل المد في أعماق القاعة، عاد لوميان بسرعة إلى حالته المعتادة وبصرف النظر عن الإنزعاج المستمر في قلبه أحس براحة أكبر بشكل ملحوظ، كما لو أنه إستقبل فجأة نسيم الصباح ولمح شروق الشمس بعد فترة طويلة من الظلام القمعي.
لفت إنتباهه رجل طويل القامة يرتدي ثوبًا أبيض بسيطًا يقف في أعماق القاعة.
من خلال مراقبة الرجل قدر أن عمره حوالي 22 أو 23 عامًا لكن يبلغ طوله أكثر من مترين مع هالة مهيبة – إلا أنه يتمتع بمزاج هادئ مع شعر أصفر بني مصفف بدقة.
“لقد تمت إزالة الفساد المتبقي عليك” تحدث الرجل طويل القامة بلغة فيزاك القديمة.
“هل أنت السيد الشمس؟” إستفسر لوميان بشك.
“نعم” أجاب الشاب طويل القامة بأدب خاليًا من الغطرسة أو نفاد الصبر.
‘إنه في الواقع صغير جدًا لكن لا يمكن للمرء أن يحكم على عمره من مظهره…’ أعرب لوميان عن إمتنانه دون الخوض في المزيد من الأسئلة ثم سأل مشيرا نحو مخرج القاعة “هل يمكنني الخروج للنزهة؟”.
على الرغم من عدم علمه بموقعه أشارت الجداريات إلى أنها كاتدرائية أساسية لكنيسة الأحمق.
إستنتج لوميان أن حامل بطاقة الأركانا الكبرى – الشمس – يشغل منصبًا بارزًا في الكنيسة أو ربما حتى المركز الأعلى.
“بالتأكيد” أومأ الشمس برأسه.
من خلال مراعاة آداب الكنيسة ضغط لوميان بيده على صدره وإنحنى قبل أن يستدير للخروج من القاعة، بمجرد خروجه عج العالم بالحياة حيث أحاطت به الأصوات والشخصيات مع فكرة أولية هي: هل دخلت عن طريق الخطأ إلى أرض العمالقة؟…
أقصر الأفراد في الشارع يبلغ طولهم 1.89 مترًا على الأقل ويصل طولهم في بعض الأحيان إلى
3 أو 4 أمتار، إرتدى الرجال قمصانًا بيضاء ومعاطف سوداء مع قبعات نصف عالية حاملين عصيًا تشبه الرماح مطلقين إحساسًا بالعبثية لا يمكن تفسيره، حتى السيدات تطابقن مع الإرتفاع الشاهق وإخترن في الغالب المرونة بالسراويل الطويلة بدلاً من التنانير.
قام لوميان بمسح المنطقة بينما نظراته تجتاز الأبواب التي يزيد إرتفاعها عن 4 أمتار.
للحظة صمت لأنه شعر وكأنه ولد من جديد في هذه البيئة الغريبة رغم ذلك فإن هذا الإدراك أدى إلى إضعاف مزاجه للإستكشاف لفترة وجيزة فقط…
…
– ترير في تروكاديرو عند مدخل مزرعة العنب:
أوضحت فرانكا للخادم أن هدفها هو زيارة السيدة كلاريس لذلك تنحى جانبًا دون أن يرشدها – أشار موقفه إلى أنها تعرف الطريق ويمكنها المضي قدمًا بشكل مستقل، إتبعت فرانكا دون رادع المسار المتأصل في ذاكرتها حيث وصلت إلى الجناح الدائري الذي يقع بين أشجار العنب.
جلست هناك شيطانة الأسود كلاريس مزينة بفستان المحكمة الأسود.
“صباح الخير سيدة كلاريس” إستقبلت فرانكا بحرارة مبدية إعجابها العلني بالوجه الجميل والسلوك الحزين قليلاً.
أومأت شيطانة الأسود كلاريس برأسها قليلاً مستفسرة “هل هناك تقدم في تحقيقات نسخ المرآة؟”.
لم تكن فرانكا في عجلة من أمرها للرد لذا قابلت عيون كلاريس ذات اللون الرمادي الداكن قائلة “أليست براونز موجودة هنا؟”.
“إنها ليست خادمتي كما أنها تهتم بأمورها الخاصة” ردت شيطانة الأسود كلاريس بإيجاز.
“ليست في مقهى المنزل الأحمر أو في أرض الصيد بجانب الغابة أيضًا” لاحظت فرانكا رائحة الهواء لذلك إختارت الدخول في محادثة مع شيطانة الأسود.
“لديها أمور أخرى يجب أن تحضرها” تهربت كلاريس من الخوض في شؤون براونز.
على مضض روت فرانكا تفاصيل موقف وزير الصناعة موران أفيني منذ الإستشعار الأولي لهزات جزء عالم المرآة بعد المسرحية مستبدلة نفسها بالشخص المعني.
ظلت كلاريس صامتة مخفضة عينيها في تأمل.
لم تتعجل فرانكا في سؤال شيطانة الأسود بل وجهت نظرتها نحو لون العيون الرمادية والبشرة النقية والإنحناءات التي أثارت الروح مع الشفاه الحمراء الجذابة بشكل غير طبيعي…. علمت أن هذه ليست فكرة جيدة لكنها لم تستطع كبح إندفاعاتها.
سخن قلبها تدريجياً وأصبحت أفكارها مشوشة قليلاً حيث جف فمها مما أجبرها على عض شفتيها بشكل متقطع.
‘اللعنة! لماذا أشعر بهذه الطريقة الآن؟… في حين أن البشر يمكن أن يكونوا عرضة للغرائز إلا أنني حافظت دائمًا على رباطة الجأش خلال المناقشات الجادة واللقاءات مع شخصيات رفيعة المستوى، أظهرت إعجابي على الأكثر هل يمكن أن تكون شيطانة الأسود تشع بسحرها عمدًا لجذبي؟ أو هل هناك تفسير آخر؟، نعم ربما الفساد المستمر من حادثة الشيطان أثر علي! على الرغم من أنه أمر خفي ولا يظهر في حياتي اليومية إلا أنه يجعل من الصعب علي التحكم في رغباتي، وجود شيطانة رفيعة المستوى معروفة بجاذبيتها الأنثوية جعلني أجد نفسي أنزلق إلى حالة من الإثارة…’ صرّت فرانكا على أسنانها رافضة الإستسلام لإغراءات الرغبة.
“هل مر وقت طويل منذ أن شعرت بالمتعة؟” نظرت كلاريس إليها.
“ليس منذ أن مات عشيقي الأخير” أجابت فرانكا بصدق مدركة أن شيطانة الأسود تشير إلى نوع معين من المتعة أوضحت “كما ذكرت سابقًا للتقرب من إبنة موران أفيني غير الشرعية إستخدمت أداة غامضة، لسوء الحظ لها آثار جانبية تؤدي إلى لقاءات مع الشياطين والكيانات الشريرة الأخرى لإجراء صفقة يبدو أنني تأثرت إلى حد ما”.
“إن القدرة على التحمل ليست حلاً مستدامًا” تحول صوت كلاريس إلى بارد “أغمري نفسك في المتعة وإلا فإن مسار الشيطان سيصبح عدوك”.
تغيرت هالة شيطانة الأسود على الفور إلى حالة مقدسة وكريمة ومصونة.
شعرت فرانكا أيضًا أنها لا تستطيع التفكير في أفكار فاسقة حول مثل هذا الجمال الآسر لذا هدأت رغباتها تدريجيًا وصفى عقلها متحررة من حالتها.
أعادت كلاريس توجيه المحادثة “هل تهدفين إلى التعامل مع موران أفيني؟”.
“يجب أن يكون نسخة مرآة حاسمة إذا تمكنا من القبض عليه أو توجيه روحه حينها سنستطيع الكشف عن معظم نسخ المرآة المختبئين في ترير” قالت فرانكا بعد أن شرحت أفكارها “سيدتي أطلب مساعدتك”.
تجنبت الإشارة إلى أن موران أفيني شارك عيون كلاريس ذات اللون الرمادي الداكن فقد قدمت بدلاً من ذلك صورة ملونة.
“يمكنك الآن وضع إستراتيجية لعمليتك” أومأت كلاريس برأسها قليلاً قائلة “سأساعدك خلال اللحظات الحاسمة ولكن في معظم السيناريوهات يجب عليك الإعتماد على نفسك أو على الفصائل الخاضعة لسيطرتك”.
“لا مشكلة” لم تخف فرانكا حماستها.
عندما خرجت فرانكا من الجناح الدائري المحاط بالكروم تحولت عيون الشيطانة الأسود كلاريس ذات اللون الرمادي إلى البرودة قبل أن تقف ببطء.
—
في حانة ذات إضاءة زاهية قرع لوميان كأسًا من البيرة أكبر من رأسه مع “العملاق” الذي يبلغ طوله حوالي 3 أمتار مبتلعا المشروب الذهبي.
“إذا هذه هي مدينة الفضة الجديدة في الكتاب المقدس” مسح زوايا فمه ضاحكا.
عرف لوميان من الخطب التي سمعها أن مدينة الفضة الجديدة بمثابة المقر الرئيسي لكنيسة الأحمق الواقعة في بحر سونيا، تم تأسيسها من قبل البشر الباقين على قيد الحياة الذين أنقذهم جيرمان سبارو من القارة الملعونة في أرض الآلهة المنبوذة.
بشكل غير متوقع يعتبر البشر الناجون شخصيات شاهقة تقريبًا مثل العمالقة!.
“هذا صحيح جميع المحاربين هنا على إستعداد للدفاع عن كنيسة السيد الأحمق في جميع الأوقات!” أعرب العملاق الذي يبلغ طوله حوالي 3 أمتار عن إرتياحه “أنت لست سيئا لأنك تقدس ملاك الفداء وتؤمن بالسيد الأحمق هاتان النقطتان فقط تجعلنا إخوة!”.
مدد كفه الأيمن لصفع لوميان الذي كاد أن يسقط حيث شعر وكأنه طفل يواجه مخلب دب بني.
“هل يمكنك مشاركة المزيد عن أعمال ملاك الفداء في أرض الآلهة المنبوذة؟” إبتسم لوميان.
–+–
هذا يعني أنه إلتقى بجميع أعضاء النادي بشكل مباشر (الساحر-العدالة-الرجل المعلق- النجم-الشمس) أو غير مياشر (الحكم-القمر-الناسك)