592 - خداع
‘أقتلوه ووجهوا روحه؟’ حدق الشاعر في لوميان لي المتنكر كموغل بقشعريرة تسري في عموده الفقري بينما شعره يقف على نهايته.
شعر بنوايا القتل الواضحة المنبعثة منه مما تسبب في شد قبضته من الخوف لكن الشك بقي في ذهنه.
إعتقد أن لوميان يحاول التلاعب به مظهرا غضبه وكراهيته عمدًا لكسر دفاعاته النفسية فقد نشأت شكوكه من كون توجيه الروح ليس الحل الأمثل، يمتلك المستحق السماوي مستوى أعلى من الآلهة الشريرة ويمكن أن يؤدي الفساد منه إلى فشل توجيه الروح – فما بالك بشخص يتمتع بهبة المستحق السماوي؟، عند إدراكه لهذا إستقر قلب الشاعر بإعتباره محتال حافظ على تعبير مرعوب متراجعا خطوتين إلى الوراء بينما ينظر إلى لوميان.
“سأكشف كل شيء بدون أكاذيب يمكنك التحقق من ذلك! لا تقتلني!”.
إقترب منه لوميان خطوة بخطوة ملوحا بخنجره.
إلتفت الشاعر إلى هيلا وغاندالف وفرانكا متوسلاً بلهجة “مذعورة”.
“لقد فقد عقله هل سوف تسمحون له بذلك؟ توجيه الروح ليس قويًا تمامًا!”.
إستخدم الشاعر “هو” عمدًا كضمير للإشارة إلى أنه يعرف أن لوميان ليس موغل كما لو أنه يحثهم على عدم السماح له بالتمادي، في خطوتين وصل لوميان أمامه ملقيا نظره على العضو الرئيسي لكذبة أفريل الذي لم يتمكن من تغيير مظهره مؤقتًا.
رفع الخنجر في يده.
سخر الشاعر من الداخل وأصبح أكثر إقتناعا بأن لوميان لي لن ينهي حياته فعليًا من أجل توجيه الروح – على الأقل ليس بعد.
لو لم تكن أفعاله الحالية تمثيلا لتدخل غاندالف وهيلا مهما حدث فلن يقفوا مكتوفي الأيدي فحسب!.
“سأتعاون معك بصدق! سأساعدك على تحديد موقع لوكي وقلعته القديمة!” توتر الشاعر كما لو أنه مرعوب “أنظر لم أستخدم قواي حتى للمقاومة في مثل هذا الموقف!” صرخ مثبّتا نظره على لوميان وطرف الخنجر.
حاول التوسل من خلال عينيه لنقل الخوف وطلب الرحمة لكن طوال هذه العملية ظل قلبه مليئًا بالسخرية وخاليًا تقريبًا من الذعر.
‘هل تحاول خداع محتال؟ يا لها من فكرة سخيفة! أراهن أنك ستتوقف بعد أن أعد تنازليا من 5!… 5… 4… 3…’.
طعن!.
تحولت رؤية الشاعر فجأة إلى اللون الأحمر الدموي عندما دخل الخنجر في عينه اليسرى ليصنع فجوة في مقبس العين متجها إلى دماغه.
‘مستحيل! غير ممكن! هل سيقتلني حقاً؟’.
سيطر الألم الشديد على عقله مما دفعه إلى رفع يده اليمنى بشكل غريزي للضغط بها على الخنجر في وجهه بينما يسحبه في الإتجاه المعاكس، حاول وضع مسافة بينه وبين الخنجر الذي يسبب المؤلم لكن لوميان مد يده اليسرى ليثبته في مكانه ما جعل كفاحه عقيمًا.
بعد ذلك إنحنى لوميان إلى الأمام قليلاً وهمس في أذن العضو الرئيسي لكذبة أفريل.
لمح الشاعر وجه موغل الجميل بينما شفتاها الورديتان تتحركان هامسة – همسًا مليئًا بالرضا والسخرية “قضم إبني الروحي نصف ذراع لوكي وصار يعرف الكثير عنه أعتقد أن معرفته تفوق خاصتك…”.
‘تفوق معرفتي… لو عرفت مسبقا كنت سأستخدم قوتي…’ حتى في خضم الألم والنضال أصيب الشاعر بالذهول للحظات بينما يشعر بالإحباط واليأس والإحراج.
سرعان ما تبددت هذه المشاعر حين أمسك لوميان بالخنجر المغروس في مقبس عينه ولواه عدة مرات مما أدى إلى سحق الفص الجبهي، عند رؤية الشاعر الذي هدأ الآن أومأ بإرتياح قبل سحب خنجره ليساعد الطرف الآخر بجدية على إيقاف النزيف وتضميد الجرح.
“إعتقدت أنك تخيفه فقط” إقتربت فرانكا ونقرت بلسانها فلهذا السبب لم تتدخل.
رأت تقدم لوميان بينما يحمل خنجرًا في يده نحو الشاعر الذي يتوسل من أجل الرحمة – إعتقدت أن هيلا وغاندالف لهما توقعات مماثلة.
عندما إخترق الخنجر محجر عين الشاعر تفاجأت حينها أدركت أن لوميان جاد!.
لم يكن ينوي حقًا قتل الشاعر بدلاً من ذلك خطط لإستخدام مزحة كذبة أفريل للتعامل معه وإعادة إنشاء الحالة الأصلية لـ “أعرف شخصًا ما”.
“متى أتقنت عملية فصل الفص الجبهي؟” دون إنتظار رد لوميان سألت فرانكا بفضول.
“تعلمت ذلك من مشاهدة الطبيب وهو يجري عملية جراحية على أعرف شخصًا ما” مسح لوميان الدم عن الخنجر بحزام أبيض مبتسما بسخرية “إنه إجراء بسيط بإعتباري متجاوزًا ماهرًا إذا لم أتمكن من حفظه وتقليده بعد مشاهدته مرة واحدة فهذا يثبت فقط أن عقلي قد تم إتلافه بسبب الجرعة”.
منتحلًا شخصية موغل تعمد لوميان التحدث بصوت أخته كما لو أنها لا تزال على قيد الحياة.
نظرت فرانكا إلى وجه أورورا تحت الغطاء مستمعة إلى صوتها ولم تغضب من السخرية بل تمتمت فقط “الجراحة لا تتعلق بالإدخال والتحريك عدة مرات فلا تزال هناك العديد من النقاط الرئيسية قبل وبعد العملية وحتى أثناء الجراحة إذا قمت بإدخاله بشكل أعمق قليلاً ستكون النتيجة مختلفة”.
سكب لوميان مصل الحقيقة المتبقي بشكل عرضي في فم الشاعر المذهول الذي لم يبد أي مقاومة.
“فليكن إذا مات حقًا سنبدأ في توجيه الروح” أضاف بعد الإنتهاء من هذه المهمة “ذكرت السيدة هيلا أن هذا المكان يمكن أن يقلل من تأثير الآلهة الشريرة”.
“إنه الحد الأدنى فقط وليس الصفر بالإضافة إلى ذلك ماذا لو أن المشكلة تكمن في روحه مما يجعله يقوم بتدمير نفسه؟” ردت فرانكا بشكل غريزي.
لهذا السبب لم تقم هيلا بسحب الشاعر مباشرة إلى الحلم لإستخراج إجاباته الحقيقية ففي نهاية المطاف سيعرضها الحلم إلى مشاهد لا ينبغي رؤيتها.
هذا أكثر خطورة من الأوصاف اللفظية البسيطة!.
تنفس غاندالف المغطى بثوب من الكتان وقلنسوة تنهدًا ناعمًا رغم أنه لم يستطع تحمل رؤية معاناة الشاعر لكنه لم يثبط من الإجراءات المتخذة، لم يكن هو الشخص الذي تضرر من كذبة أفريل لذا ليس له حق إنتقاد عائلة الضحية بسبب أفعالهم المتطرفة، قبل هذه العملية أطلعته هيلا على وفاة موغل ودور لوميان لي لذلك تعاطف مع محنة الأشقاء لكنه ألقى باللوم على نفسه أيضًا.
شعر أن جمعية الأبحاث غير مقيدة وبصفته الرئيس تحمل مسؤولية ثقيلة.
بعد لحظة بدأ الشاعر الذي خضع لـ”القداس” وتعافى تدريجياً من آلامه بالإجابة على إستفسارات الحاضرين.
أول من إستفسر هو غاندالف الذي نظر إلى سارق الأحلام قائلا “كيف أصبحت تؤمن بهذا المستحق السماوي؟”.
جمع غاندالف وهيلا معلومات عن المستحق السماوي من فرانكا ولوميان معتبرين ذلك أمرًا بالغ الأهمية.
“منذ البداية كنت سارقًا للآثار الثقافية وحصلت على مجموعة من العناصر القديمة…” أجاب الشاعر بهدوء
“أثناء دراستي لتاريخها للتأكد من قيمتها قمت بفك رموز بعض النقوش…”.
فجأة قاطعت هيلا حديث الشاعر قائلة ببرود “ليس عليك أن تشرح المعنى كاملاً ما عليك سوى ذكر بعض الكلمات الرئيسية”.
لم يكن لدى الشاعر أي نية للجدال بل ظل مطيعًا كالخروف “تشمل الكلمات الرئيسية: الخداع… الحماقة… باب كل الأبواب… لورد الغوامض…”.
عندما إنتهى الشاعر من الحديث أصبح القصر القديم الذي هم فيه فجأة ضبابيًا وغير واضح في الوقت نفسه إحترق صدر لوميان الأيسر مرة أخرى.
في اللحظة التالية أظلمت سماء الليل خارج القصر أكثر حينها إختفى كل الضباب.
“لماذا أحسست وكأن الديدان تنمو بداخلي الآن؟” شعرت فرانكا بالخوف المستمر.
مجرد أسماء شرفية غير مكتملة جعلتها تشعر بعدم الإرتياح لسبب غير مفهوم كما لو أن كل شبر من لحمها نبض بالحياة على وشك أن يتحول إلى ديدان تزحف من جلدها، إحدى خطط الشاعر الأولية هي الإجابة على أسئلة لوميان بشكل غير أمين ودون تحفظ قبل أخذ زمام المبادرة للكشف عن جميع التفاصيل المتعلقة بالمستحق السماوي.
أراد أن يرى إمكانية إفساد أعدائه سرًا لهز إخفاء أمة الليل الدائم لإنشاء “باب” للهروب.
‘إذا إستطعت إستخدام هذا لإفساد غاندالف وهيلا فلم يقتلونني عندما نكون جميعًا مؤمنين بالمستحق السماوي؟ سنعمل معًا للتعامل مع لوميان لي!’.
بطبيعة الحال لم يعد الشاعر يحمل مثل هذه الأفكار لأنه حصل على سلام لا مفر منه.
“إن أوصاف الوجود رفيع المستوى غالبًا ما تشير إلى الخطر في هذا العالم قد لا يكون الجهل أمرًا سيئًا” تنهد غاندالف وقام بتقييم ما حدث للتو.
“بعد فك رموز الكلمات فقدت الوعي وعندما إستيقظت كنت قد إنتقلت بالفعل إلى هذا العالم” بقي تعبير الشاعر دون تغيير مكملا “بعد التكيف مع جسدي الجديد تذكرت غريزيًا لقاءاتي السابقة والكلمات التي فككت شفرتها حينها رأيت ضبابًا رماديًا رقيقًا ينبعث من محيطي ثم تلقيت الوحي منه”.
“بعبارة أخرى كنت تؤمن بهذا المستحق السماوي بمجرد إنتقالك قبل إنشاء مجتمع الأبحاث؟” قام غاندالف بالإستقصاء أكثر.
“نعم في ذلك الوقت إعتقدت أنني إذا لم أختر الخضوع أو الإيمان به أو إتباعه فقد أموت على الفور” بقيت عواطف الشاعر دون أي تقلبات “عندما يحدث ذلك فقد لا تتاح لي فرصة للإنتقال والإحياء لكن لاحقًا بدأت تدريجيًا أدرك عظمته فيمكنه حتى خداع أمة الليل الدائم لمنع إكتشاف مشاكلنا”.
“كيف أصبح لوكي يؤمن بهذا المستحق السماوي؟” سأل غاندالف بعد لحظة تفكير.
–+–
الكلمة الثانية بعد الخداع هي fooling تركتها الغباء…