496 - خطيئة
“هذا ينفع أيضًا” علق لوميان بلا مبالاة على إقتراح فرانكا “في المستقبل إذا أراد أي شخص إستخدام هذا الدرع فسوف أقوم “بالنقل الآني”… ماذا يسمى هذا؟ إنها يسمى سيل لخدمة البريد سيتم تسليمه على الفور!”.
بعد المزاح إقترب من درع الكبرياء الذي يقف بجوار طاولة القهوة وبدأ في حشو قفازه الأبيض الفضي في فتحة حقيبة المسافر.
بهذه الحركة تقلص الدرع الشاهق لكامل الجسم في حقيبة القماش السوداء الصغيرة.
طالما أن جزءًا واحدًا من أحد العناصر يمكن أن يدخل سيستطيع المرور عبر الفتحة بغض النظر عن حجمه – طالما أنه لا يتجاوز المساحة الموجودة بداخلها – عادة لا يمكن تخزين اللحم والدم المليء بالحيوية في حقيبة المسافر، مع الأخذ في الإعتبار هذه العوامل فإن فكرة لوميان الأولية عند حصوله على عنصر التجاوز و”دليل الشرح” هي إستخدامها لإخفاء الجثة.
“كم هو سحري…” راقبت جينا المشهد بحسد.
على الرغم من حضورها للعديد من تجمعات الغوامض إلا أنها لم تواجه مثل هذا العنصر من قبل أقرب شيء عرفته هو العالم الموجود داخل اللوحة.
أخفى لوميان حقيبة المسافر الخاصة به تحت ملابسه بإبتسامة ترتسم على شفتيه مخاطبًا أنثوني وجينا “بعد هذا الحادث يجب أن تعلموا أنني وفرانكا مدعومان من قبل منظمة سرية ليست نظام صليب الحديد والدم أو طائفة الشيطانة، إذا ما رأيكم؟ هل أنتما مهتمان بالإنضمام؟ إذا لم يكن الأمر كذلك فسأحتاج منكما للتوقيع على إتفاقية السرية أو أداء قسم ملزم بالسرية”.
بعد أن سمعت لوميان وفرانكا يناقشان المنظمة السرية ومعرفة أنهما يؤمنان حقًا بالسيد الأحمق أصبحت جينا على دراية بالإسم الرمزي لبطاقة التاروت.
“موافقة” بعد أن تلقت رد السيد الأحمق إتخذت قرارها سريعًا.
فكر أنثوني ريد في صمت للحظة قبل أن يتساءل “هل تتبع منظمتك كيانًا خفيًا؟”.
“إنه إله أرثوذكسي” إستجاب لوميان لمعالجة مخاوف أنثوني غير المعلنة “إذا كنت تشك بي أستطيع أن أريك الكاتدرائية”.
بملاحظة تعبير لوميان أكد أنثوني صدقه ثم أطلق ضحكة مريرة قائلاً “إذن ليس لدي مشكلة فقد علمتني تجربتي السابقة وهذه الحادثة أنني ما زلت أضعف من أن أتمكن من منع مثل هذه الكارثة، حتى أمامي لا أستطيع إلا أن أشاهد نفسي ومن حولي ينحدرون إلى الهاوية”.
بالنسبة لأنثوني بدا الإنضمام إلى منظمة سرية بمثابة خيار عملي لتقوية نفسه خاصة تلك التي تتبع إلهًا أرثوذكسيًا، كمؤمن بإله البخار والآلات فكر أنتوني في الأمر بعناية ليدرك أن الكتب المقدسة للكنيسة تفتقر إلى أي ذكر للعداء بين الآلهة الأرثوذكسية، على عكس كنيسة الشمس المشتعلة الأبدية التي تبشر دائمًا بالكراهية إتجاه لورد العواصف وإله المعرفة والحكمة.
بعبارة أخرى فإن إيمانه لن يمنع أنثوني من الإنضمام إلى مثل هذه المنظمة السرية.
دون إنتظار رد لوميان وفرانكا إبتسم أنثوني مستنكرًا نفسه قائلاً “خططت في الأصل للعودة إلى ساحل غرب ميدسيشاير والعيش في الريف لكنني الآن قلق من أنني لا أستطيع ذلك، أردت الهروب من الكارثة التي تلوح في الأفق تمامًا مثل أولئك الذين يعيشون في منطقة السوق، من سيرقص عن طيب خاطر على حافة الحياة والموت وسط التشوهات المتكررة؟ مما رأيته أصبحت الكوارث أكثر تواترا”.
“تحولت إلى شخص متذمر بعد أن تم حل مرضك العقلي” سخر لوميان من رفيقه “سنقوم بشرح التفاصيل بمجرد تأكيد بطاقة الأركانا الصغرى خاصتكما والحصول على مهمة”.
“أنا في الواقع أحب العيش في منطقة السوق…” عضت جينا على شفتيها بتعبير مظلم على وجهها.
يبدو أنها بحاجة إلى مغادرة هذا المكان.
“هذا في الواقع لحماية منطقة السوق فالصيادون والشيطانات يجلبون الكوارث دائمًا” هربت ضحكة مكتومة من شفاه لوميان.
‘دائما يجلبون الكارثة حتى لو لم يفعلوا شيئا؟’ ضاقت عيون جينا وغرقت في التفكير العميق.
“تبا لك! أنت الوحيد الذي هكذا!” لعنت فرانكا بمزيج من التهيج والتسلية.
في الأشهر القليلة الماضية معظم الكوارث في منطقة السوق تدور حول سيل.
‘ما علاقة الأمر بي وبجينا؟ ألا يثبت ذلك أن 007 على حق؟’.
بعد مناقشة أمور أخرى خرج لوميان وفرانكا من 3 شارع المعاطف البيضاء تحت شمس الصباح.
توجه أحدهما إلى المقر النفسي في شارع شير بطريق بوليفارد بينما شقت الأخرى طريقها إلى تروكاديرو.
إختار لوميان عربة مستأجرة ذات أربع عجلات ومقعدين بدلاً من العربة العامة المعتادة.
خارج نافذة العربة قام الباعة المتجولون ببيع الويسكي الحامض ورغيف اللحم وأسماك المياه العذبة وخبز البصل والصلصة الحارة ومعجون فول الصويا والعديد من العناصر الأخرى، توقف المارة مؤقتًا لإجراء عملية شراء أو إنتقلوا بسرعة بعضهم يرتدون زي الكتبة والبعض الآخر يرتدي زي مجموعة من العمال ذوي الألوان المختلفة.
بعد أعمال الشغب التي وقعت في الليلة السابقة والأمطار الغزيرة عاد هذا المكان إلى الحياة مرة أخرى.
بالنسبة إلى لوميان ذلك يذكره بمنطقة السوق في الماضي ولكن الآن أصبح مجرمًا مطلوبًا مرة أخرى – في هويته كسيل دوبوا – عضو في نظام صليب الحديد والدم وزعيم عصابة سافوا، مما لا شك فيه أن مقر الشرطة قد إستولى على قاعة رقص النسيم والمؤسسات الأخرى حيث تم القضاء تقريبًا على قبضة نظام صليب الحديد والدم على منطقة السوق، وجد لوميان الأمر مؤسفًا لأنه يعني فقدان مصدر دخل ثابت ومع ذلك بعد أخذ لودفيغ في الليلة السابقة وإبلاغ السيدة الساحر بالمعلومات عاد عمدًا إلى قاعة رقص النسيم قبل أن تستقر الفوضى، حصل على 30000 فير ذهبي من الخزنة ليصل إجمالي رصيده إلى 75000 فيرل ذهبي و1000 من الذهب.
تجول عقل لوميان مراقبا المارة ومستمعا إلى البائعين.
بعد “التقرير” فيما يتعلق بأمور الليلة السابقة للسيد K وحصوله على موافقة أوراكل نظام الشفق خطط لمغادرة ترير إلى مملكة فينابوتر.
قبل الشروع في رحلته لديه ثلاث أولويات:
أولاً هو بحاجة إلى تحديد موقع لوغانو توسكانو الذي فقد وظيفته مرة أخرى والإستفسار عن إستعداده لمرافقته إلى ميناء سانتا في مملكة فينابوتر، التسلسل 8 طبيب غالبًا ما سافر إلى مملكة فينابوتر كما أن يجيد يجيد لغة المرتفعات عكس لوميان الذي لا يعرف سوى الإنتيسية وفيزاك القديمة، مخاطرا بتحديات التواصل بدونه حيث سيضطر إلى اللجوء إلى لغة الجسد، ثانيًا إنتظر مهمات بطاقة الأركانا الكبرى لجينا وأنثوني لمعرفة ما إذا بإمكانهما التعاون ومساعدة بعضهم البعض، ثالثًا خطط لإستخدام معلومات مخلوقات عالم الروح المتعلقة بالرسول والتي جاءت مع صيغة الحاصد من السيدة الساحر لمحاولة الحصول على رسول، هذا من شأنه أن يجعل التواصل المستقبلي مع فرانكا والآخرين أكثر ملاءمة بالإضافة إلى ذلك عليه أداء طقوس لإكتساب قدرات التعاقد الإضافية.
…
– طريق بوليفارد في 19 شارع شير:
أسفل المنزل الفاخر ذو اللون البني إلتقى لوميان بالسيد K مرة أخرى في الطابق السفلي.
ظل وجه الأوراكل مخفي في الظلال المغطاة جالسا على كرسي أحمر بذراعين ونظرته العميقة مثبتة على لوميان.
“الليلة الماضية دخلت ترير العصر الرابع” وصل لوميان مباشرة إلى صلب الموضوع على أمل جذب إنتباه السيد K.
“أعرف” أومأ رأس السيد K المغطى “أخبرني القصة كاملة”.
‘أنت تعرف؟’ تفاجأ لوميان.
روى القبض على بوفارد بونت بيرو أثناء إنتقامه والأحداث اللاحقة لكيفية هزيمته لنسخة غاردنر مع رفاقه بإستخدام عالم المرآة الخاص للهروب من ترير العصر الرابع، طوال السرد بأكمله شارك فقط تجاربه متجنبًا أي ذكر لجينا والآخرين على سبيل المثال: حذف تفاصيل مثل العملة الذهبية المحظوظة أو صلاة جينا للسيد الأحمق – مشيرًا إلى أنه دخل عالم اللوحة لسبب غير مفهوم.
إستمع السيد “K” بإنتباه دون مقاطعة كلام لوميان.
بعد أن ذكر فقدان السيطرة على منكقة السوق التابعة لنظام صليب الحديد والدم وهويته المكشوفة وقف السيد K وتحدث بصوت أجش “لا مشكلة… لا تتردد في طلب مساعدتي بأي وقت”.
دون إنتظار رد لوميان إستدار أوراكل نظام الشفق وركع على الأرض.
ضغط وجه السيد K بقوة على بلاط الأرضية متمتما لنفسه بأفكار غير مفهومة بينما ينتظر لوميان في صمت ممتنعًا عن مقاطعته، تعمقت الظلال من حوله كما لو أن عيونًا غير مرئية مثبتة عليه مما أرسل الرعشات أسفل عموده الفقري، ومع ذلك ظل غير منزعج فقد بدا من الطبيعي بالنسبة لأفراد نظام الشفق أن يظهروا فجأة سلوكًا غير منتظم.
بعد فترة غير محددة سعل السيد “K” بعنف الدم على الأرض ثم نظر إلى الأعلى وتحدث بصوت عميق ومسعور “أيها الآب الرحيم أطلب رحمتك بسبب تجاوزاتي”.
بعد تكرار ذلك ثلاث مرات ضغط وجه السيد K على الأرض مرة أخرى مصدرا أصوات المضغ والإلتهام.
بعد قيامه بهذه الحركات الغريبة وقف لينقر أربع مرات – أعلى وأسفل ويسار ويمين – على صدره.
“ماذا حدث؟ لماذا التوبة؟” سأل لوميان بفضول.
“فشل نظام الشفق الخاص بنا للإستجابة في الوقت المناسب لكارثة الليلة الماضية” قال السيد K بصوت عالٍ “إن عدم التعاون معك في تدمير الطقوس بمثابة تقصير مني في أداء الواجب”.
“إنها ليست مسؤوليتك” أجاب لوميان بشفتين مرتعشتين.
أدت تصرفات نادي التاروت إلى دفع خطة الفندق إلى الأمام في المقام الأول من الجدير بالثناء بالفعل أن يتمكن نظام الشفق من تمييز ما حدث بسرعة.
لم تكن هناك حاجة لتوبة السيد “K” وتحمل اللوم على هذا الخطأ.
“بغض النظر عن السبب فإن عدم التصرف هو خطيئة” هز السيد K رأسه.
‘هل يجب أن تكون مسؤولاً إلى هذا الحد… أنت مجرد عضو بمنظمة سرية ولست مؤمنًا متعصبًا بالشمس المشتعلة الأبدية…’ تمتم لوميان بصمت.
كما لو أنه يستشعر أفكار لوميان فتح السيد “K” ذراعيه على نطاق واسع وتحدث بتعصب غير طبيعي “لأن نظام الشفق لدينا ولد ليتحمل كل الخطايا”.
‘أعتقد أنك متطرف للغاية…’ كافح لوميان للسيطرة على تعبيراته.
–+–