لورد الغوامض 2: حلقة الحتمية - 427 - تعاون الصيادين
ظهر عنكبوت الصيد الأسود المشتبه به ثم إختفى في الظل على الجانب الآخر من القاعة.
رأى لوميان ذلك فقط لكنه لم يتفاعل في الوقت المناسب كما تفاجأ ألبوس ميديتشي وإلروس إينهورن بنفس القدر، بحلول الوقت الذي أحس فيه إيرايتا بالأمر غير الطبيعي ونظر إلى السقف غادر العنكبوت الأسود الضخم بالفعل.
“إلى ماذا تنظرون؟” سأل الشاعر بفضول وعلق بشكل عرضي “لا توجد لوحة جدارية على جدران المتاهة تحت الأرض وهذا لا يتطابق مع مجد عائلة ساورون السابق”.
في القارة الشمالية الجداريات ضرورية عند تشييد المباني الكبرى فجميع الرسامين يفخرون بدعوتهم لإنشاء هذه الأعمال الفنية الرائعة، عندما يتعلق الأمر باللوحات الملحمية على قباب الكاتدرائية وجدرانها لم تكن رمزًا للمكانة فحسب بل تتطلب أيضًا أشهرًا أو حتى سنوات حتى تكتمل.
سحب لوميان نظرته وإبتسم “رأيت عنكبوتًا سامًا… لم يأت أحد إلى هنا منذ فترة طويلة ويبدو أنه أصبح ملاذًا للمخلوقات الخطرة” دون إنتظار رد إيرايتا أكمل “أنا وألبوس وإلروس نتمتع بمهارات رائعة وخبرة واسعة في الصيد من الواضح أنك تفتقر إلى التدريب الكافي، لماذا لا تعود إلى السطح في وقت مبكر؟ الإستمرار في التقدم قد يكون محفوفًا بالمخاطر بالنسبة لك كما أنك لا تصدق حقًا أنه يمكنك العثور على التاج لتصبح ملكًا أليس كذلك؟”.
“لا مشكلة أنت كفيلي بعد كل شيء” تمتم إيرايتا “إذا لم أكن سأرافقكم يا رفاق لأحصل على بعض المرح فلن أغامر بالدخول إلى هذا المكان المظلم تحت الأرض فقد تجاوزت عصر المغامرة وفنون الأداء، حسنًا سأعود إلى السطح الآن وأنتظركم في غرفة المعيشة يوجد هناك المشروبات والشاي الأسود والمرطبات والتبغ إنه أكثر راحة من هنا”.
إستدار الشاعر إيرايتا متجها نحو الدرجات الحجرية عند مخرج القاعة وتمامًا بعد أن إتخذ عدة خطوات إندلع لهب من الظل على يمينه متجها نحوه مثل الرمح القرمزي، خلف لوميان تصاعدت ألسنة اللهب حول ألبوس ميديتشي عضو نظام صليب الحديد والدم ليتحول إلى رمح قرمزي وطار بصوت عالٍ مصطدما بالرمح المشتعل الذي هاجم الشاعر، بصوت مدوي تفكك الرمحان المشتعلان وكشفا عن ألبوس ميديتشي والعنكبوت الأسود الضخم ذو القلب الذابل.
أطلق العنكبوت صريرًا عالي التردد ورفع جسده مأرجحا أطرافه الأربعة ذات الفراء السميك مثل المناجل التي تومض بضوء بارد على ألبوس ميديتشي، في الوقت نفسه طار رمح شديد الحرارة وضرب جانب العنكبوت الأسود مما أدى إلى حرق قشرته الصلبة وثقبها، هوجم من قبل إلروس إينهورن التي بدت مستعدة وغيرت موقفها بهدوء في إنتظار ظهور العنكبوت الأسود الضخم، في اللحظة التالية إتبعت غربان النار القرمزية الرشيقة مسارات مختلفة مندفعة إلى الجرح الذي أحدثه الرمح الأبيض المحترق.
إنفجار!.
خلق الإنفجار الناري داخل جسم العنكبوت الأسود الضخم عاصفة فوضوية من النيران مما أدى إلى تمزيق درعه الخارجي ولحمه، لم يوقف لوميان قدراته المثيرة للإعجاب فقد بدأ في تكثيف غربان اللهب في اللحظة التي واجه فيها ألبوس ميديتشي المهاجم.
أخطأت أرجل منجل العنكبوت الأسود الضخم ألبوس الذي إنتهز الفرصة للتراجع.
في ظل الهجوم المتواصل أطلق العنكبوت صرخة خارقة ترددت أصدائها داخل قوقعته وفجأة توهج القلب الأسود المنكمش خلفه باللون الأحمر الداكن مما أدى إلى خلق كرات نارية مشتعلة، شكلت هذه الكرات النارية شبكة غطت العنكبوت الأسود الضخم وإنطلقت نحو لوميان وألبوس وإلروس تاركة وراءها آثارًا قرمزية.
في المقابل تم تجاهل إيرايتا الذي أذهل من المعركة الخارقة ولم يصب بأذى.
إنفجار! إنفجار! إنفجار!.
بينما لوميان والآخرون يتفادون الكرات النارية القادمة أطلق أحدهم اللهب على عمق القاعة وتبدد بسرعة.
إنتهز العنكبوت الأسود الضخم المختبئ داخل الكرة النارية الفرصة لإختراق تطويق لوميان والآخرين مختفيا مرة أخرى بينما تستمر النيران القرمزية من حولهم في الإحتراق، نظر ألبوس ميديتشي إلى السائل الأحمر الداكن الذي يقطر من العنكبوت الأسود المصاب بجروح بالغة لكنه لم يلاحقه على الفور.
“طُعم جيد” نظر ألبوس إليه.
لم ينكر لوميان ذلك فقد طلب من الشاعر إيرايتا العودة إلى السطح بمفرده لإغراء العنكبوت الأسود الضخم كطعم، لو لم يأخذ العنكبوت الطعم لغادر إيرايتا تحت الأرض دون أي خطر ولكن إذا خطط العنكبوت لإصطياده فإن لوميان مستعد لإستخدام إجتياز عالم الروح وتعويذة هارومف لحماية الهدف، أراد القضاء على المخلوق المشتبه في أنه أحد مكونات الجرعة في أسرع وقت ممكن فمع مثل هذه الفرصة لم يكن على إستعداد للتراجع وإخفاء أوراقه الرابحة، أراد إنهاء المعركة بسرعة لمنع أي حوادث مؤسفة وبشكل غير متوقع كان رد فعل ألبوس ميديتشي أسرع منه لذلك توقف في الوقت المناسب وإستخدم غربان اللعب.
أراد مراقبة أسلوب قتال العنكبوت الأسود وكشف أي أسرار قد يحملها لكن الآن أصبح على يقين من أنه أكثر روعة من عنكبوت الصيد الأسود، لو أنه الأخير لما تمكن أبدًا من الهروب من تطويق ثلاثة صيادين وسيموت من الإنفجارات المتكررة، على الرغم من أنه تم التأكيد على أن العنكبوت الأسود لم يكن معادلاً لعنكبوت الصيد الأسود إلا أنه بلا شك من مسار الصياد، مع قوى التجاوز المقابلة يمكن بالتأكيد إستخدام الأجزاء الخاصة الموجودة على جسمه لتحضير الجرعات.
إلتفت لوميان إلى إلروس وقال بصراحة “هذا الوحش يختلف عن عنكبوت الصيد الأسود هناك شكل يشبه فلب الإنسان على ظهره… ما الذي يحدث هنا؟”.
حدقت إلروس في الدم الأحمر الداكن الذي تقطر في ظلال القاعة مفكرة “لم يسبق لي أن رأيت مثل هذا المخلوق من قبل” توقفت للحظة قبل أن تتابع “كل ما أعرفه هو أنه إذا لم يجن مالك قلعة البجعة الحمراء – والعديد من الأعضاء الأساسيين لعائلة ساورون ويغامروا بالدخول إلى أعماق القصر – فسوف يستخرج شخص ما قلبهم ويرسله إلى مكان ما تحت الأرض”.
عند سماع ذلك تذكر لوميان فجأة مشهدًا حلم به بسبب التأثيرات المتبقية للعبة فطيرة الملك.
في تابوت برونزي محاط بعدد لا يحصى من الشموع البيضاء إمتدت يد ذات أوعية دموية حمراء داكنة وسوداء تقريبًا تحمل قلبًا أسود ذابلًا يتسرب منه بعض الدم.
‘ما الذي تفعله عائلة ساورون بحق الجحيم؟’ لم يستطع لوميان إلا أن يلعن داخليًا ‘ما الذي يكمن في أعماق هذا القصر تحت الأرض وكم عدد الوحوش المتحولة الكامنة في الداخل؟’.
في تلك اللحظة خرج الشاعر إيرايتا أخيرًا من ذهوله محدقا في لوميان والآخرين بحالة صدمة وخوف وإثارة “هل جميعكم من المتجاوزين القادرين على إستخدام قوى التجاوز؟”.
“هل تعرف شيئًا عن المتجاوزين أيضًا؟” أظهر ألبوس ميديتشي تعبيرًا يشير إلى أنه لا يستحق المعرفة.
عندما إقترب إيرايتا من لوميان أوضح بسرعة “قبل 7 أو 8 سنوات ذهبت إلى ساحة المعركة لجمع المواد ورأيت شيئًا ما، كنت أعرف أن هناك العديد من الأشخاص في جيشنا الذين يمكنهم إستخدام القوى الخارقة ويُطلق عليهم إسم المتجاوزين”.
“لدينا قوى خارقة تبدو متشابهة تمامًا” رد لوميان مبتسما “هل تريد متابعتنا بشكل أعمق أم العودة إلى السطح بنفسك؟”.
“بالطبع سأتبعكم” لم يخفي إيرايتا خوفه وتمتم “على الرغم من أنه من المحتمل جدًا أن أواجه العنكبوت الكبير مرة أخرى إلا أنه أفضل من المشي بمفردي في الظلام مع وحوش مجهولة تتربص حولي… لا أريد أن تكون آخر قصيدة في حياتي هي إيرايتا الأحمق”.
فكر لوميان لبضع ثوان ثم قال بهدوء “إذا كنت ترغب في العودة إلى السطح فيمكنني مرافقتك إلى مدخل القصر تحت الأرض”.
“سأختار بالتأكيد العودة!” غير إيرايتا رأيه دون تردد.
إلتفت لوميان إلى ألبوس وإلروس وسألهما “هل تريدان الإنضمام إلي أو الإنتظار هنا أو المغامرة بشكل أعمق بمفردكما؟”.
ألقى ألبوس ميديتشي نظرة عميقة على لوميان وسخر منه “لم أتوقع منك أن تكون شخصًا أخلاقيًا إلى هذا الحد يمكنك مرافقة هذا الشاعر ذي السمعة المشكوك فيها بنفسك”.
مضمونه واضح: لا بد أن يكون لديك دوافع خفية لمرافقة شخص ما إلى الخارج مع الأخذ في الإعتبار إفتقارك إلى الأخلاق… كما أنه لم يحدد ما إذا سيبقى أو يغامر بمفرده.
“أنا مع ألبوس” أجابت إلروس التي وقفت بجانب ألبوس بإبتسامة بينما تحمل مصباح الكربيد.
لاحظ لوميان قطرات الدم الحمراء الداكنة التي تركها العنكبوت الأسود وشرع في صعود الدرجات الحجرية مع إيرايتا مستخدمًا مصباح الكربيد للإضاءة.
في الظلام الدامس تحت الأرض عادوا إلى الممر حيث حرفي تمثال الشمع والجنود الحديديين.
نظر الشاعر إيرايتا إلى الظلام الدامس بالأسفل وقال لموجهه “لا ينبغي أن يكون هذان الشخصان بسيطين”.
“أعلم” أجاب لوميان بلا مبالاة ممسكا مصباح الكربيد الذي ينبعث من توهج مصفر وتقدم بوتيرة معتدلة.
مشى إيرايتا بجانبه وإستمر في لهجته المعتادة “لقد إنتهت الحرب بين مملكة لوين وإمبراطورية فيزاك منذ أكثر من 7 سنوات لكن الآنسة إلروس ذكرت أن والدها توفي في الحرب قبل 6 سنوات، إذا كنت أتذكر بشكل صحيح فإنه من المحتمل أن يكون ذلك بسبب عدم الرضا عن معاهدة إمبراطورية فيزاك الخاسرة مما أدى إلى التمرد، هذه حرب أهلية في إمبراطورية فيزاك لماذا ذكرت الآنسة إلروس مملكة لوين؟ هل والدها من الفصيل المتطرف أو أحد أفراد العائلة المالكة الذين لقوا حتفهم في التمرد؟”.
‘عضو في العائلة المالكة وقت التمرد؟ هل هذا هو سبب هروبهم إلى ترير؟’ أخذ لوميان بعين الإعتبار المعلومات التي قدمها المتحمس السياسي إيرايتا.
نظر إيرايتا إلى كفيله وتابع “في الواقع قبل اليوم رأيت ألبوس ميديتشي في مكان آخر”.
“أين؟” أثير فضول لوميان متسائلا.
نظر إيريتا حوله وأخفض صوته “دير القلب المقدس”.
–+–