102 - تحويل
كلاانغ! كلاانغ! كلاانغ!
تراجع ريان، بالكاد إستطاع صد هجوم الراعي بيير بيري الذي لا هوادة فيه.
كانت عيون بيير بيري حمراء دموية، اللطف قد إختفى، وحل محله غضب شرس.
بينما إمتدت أذرع شريرة، إما سوداء أو بيضاء شبحية، من الظلال للإمساك بريان، قام بيير بيري بأرجحت فأسه على رأس ريان.
هذه المرة، لم يتراجع ريان أو يتفادى. لم يرفع سيف الفجر حتى.
بدلاً من ذلك، قام بلف جسده، سامحا للأذرع المخيفة بإمساك ساقيه وفأس بيير بيري بضرب كتفه.
كلاانغ!
إنتشرت الشقوق الشبيهة بشبكة العنكبوت عبر درع الكتف الفضي، الأضواء تتساقط كالغبار وتتبدد.
متجهما في الألم، ركع ريان على ركبة واحدة، طاعنا سيف الفجر على الأرض.
لقد عرف أنه قد فُصل عن حلفائه لفترة طويلة. إحتاجوا لأن يتجمعوا معا بأي ثمن.
قوة الفريق تفوق قوة أي فرد!
في جزء من الثانية، انفجر السيف العظيم الخفيف.
تحطم إلى شظايا ضوئية غير معدودة، وتحول إلى إعصار انطلق باتجاه بيير بيري.
ومض الذعر عبر عيون بيير بيري بسبب الضربة المدمرة.
متجاهلاً الأذرع الحاقدة، تراجع إلى ظله.
اجتاحت عاصفة شديدة من الضوء النقي المنطقة، مقطعةً الظلال والشر إلى أشلاء.
كهجوم منطقة واسعة، أثر إعصار الضوء حتمًا على محيط ريان، على الرغم من جهوده القصوى لتوجيهه نحو عدوه.
بصمت، انهارت جدران غرف نوم لوميان وأورور، تتحول إلى شظايا صغيرة في العاصفة المرعبة.
بالقرب من الشرفة، ذبلت الكروم السوداء المتدلية من السقف كالأعشاب المعذبة. حتى الأب غيوم بينيت، المعلق في الجو، لم يمتلك أي خيار سوى المراوغة على عجل.
شوهت الخدوش الدموية جسده بينما فر من منزل أورور.
كلاانغ!
دُمر نصف السقف، ومُلئ الطابق الثاني بالثقوب. في العديد من الأماكن، أمكن رؤية الموقد بالأسفل.
تم إمساك ليا أيضًا في عاصفة الضوء، هيئتها تذبل وتتقلص بسرعة، متحولة إلى دمية ورقي.
عندما هدأت العاصفة، عاودت الظهور في غرفة الدراسة، بالكاد سليمة.
عرف ريان أنها قد إمتلكت بدائل الدمى الورقية، مما سمح له بشن مثل هذا الهجوم الوحشي على بيير بيري في مكان ضيق.
أما بالنسبة لأورور ولوميان وفالنتين، فقد وفرت مواقعهم بعض الحماية من الهجوم. حاول ريان السيطرة على اتجاه العاصفة، بنجاح محدود.
بعد تقييمه للوضع، قرر استخدام هذا الهجوم الحاسم.
تدفق ضوء القمر القرمزي وضوء النجوم الخافت عبر السقف المدمر. قام ريان بمسح المنطقة لكنه لم ير أي علامة على أورور أو لوميان. ليا، شاحبة الوجه، إندفعت نحوه. إستلقى فالنتين فاقدًا للوعي على الشرفة، بالعديد من الجروح الناجمة عن إعصار الضوء، لكن لم تكن هناك جروح قاتلة.
برؤية حلفائه المصابين، توقف ريان عن البحث. أمسك بكتف ليا وقفز إلى الشرفة.
بيد واحدة، رفع المحارب فالنتين وقفز من مسكن لوميان.
معتمدا على درع الفجر الذي لم يتم تحطيمه بعد لتحمل المزيد من الكمائن، تسارع نحو حافة قرية كوردو، هاربًا إلى أقرب مرعى جبلي.
لقد إمتلكوا خطة: إذا لم يتمكنوا من الدفاع عن منزل أورور ولوميان، فسوف يتراجعون إلى المرعى.
هناك، سيستطيعون استخدام التضاريس لصالحهم، هاربين من خلال القفز من الجرف، وتفعيل الحلقة.
حلق الأب غيوم بينيت في الهواء، غير قادر على مجاراة سرعة بالادين الفجر القصوى.
تحته، ظهر الراعي بيير بيري من الظل على حافة المنزل.
مُزق رداءه الداكن، وغطاء رأسه قد اختفى منذ فترة طويلة. عانى وجهه، صدره وساقيه من جروح عميقة، والدم ينزف بلا هوادة. كان مشهدا تقشعر له الأبدان.
لو لم يستبدل ظله بظل قروي في اللحظة الحاسمة، لكان قد مات وتمزق جسده إلى أشلاء!
القروي الذي خدم كبيدقه أصبح الآن بلا شك كومة مشوهة من اللحم والدم.
…
مع تدمير ريان لزهرة شيطان الهاوية بإعصار الضوء، تضاءل شلل فالنتين. استعاد وعيه قبل مغادرتهم قرية كوردو.
“ما الوضع؟” سأل، صوته مكتوم بفعل الريح.
ريان، راكضا بأقصى سرعة، لم يستطع إعطاء أي تفاصيل. أجاب باقتضاب، “ساعد ليا أولا!”
نظر فالنتين إلى ليا، ممسوكة بذراع ريان الأخرى، ولاحظ وجهها الشاحب الرمادي.
بدون تردد مد يده بجهد كبير ووضع راحة يده على كتف ليا.
“شمس!”
صرخ في هيرميس القديمة.
تشكلت قطرات ذهبية متلألئة من العدم، ممطرة على ليا.
انحرفت تعابير وجهها وارتفع البخار من جسدها.
في غضون ثوانٍ، تم طرد شخصية سيبيل الأثيرية، وجهها مليء بالصدمة والرعب.
لم تستطع أن تفهم كيف تم إخراجها من جسد ليا.
بعد ذلك مباشرةً، اندلعت ألسنة لهب ذهبية شبحية من الفراغ، تبتلع الروح الغريبة كالشمعة، تحولها إلى قطرات سائلة.
صرخت سيبيل ولعنت، لكنها لم تستطع تفادي مصير تطهيرها.
هذه المرة، فشلت في إعادة الولادة في جسد فالنتين.
“مخلوق حقير!”
تمتم فالنتين تحت أنفاسه.
…
نظر الراعي بيير بيري إلى غيوم بينيت، الذي حلق في الهواء، وسأل، “أيجب أن نطاردهم؟”
على الرغم من إصاباته، رفض الاستسلام.
فكر غيوم بينيت للحظة وأجاب، “لا حاجة. أولويتنا تكمن هنا.
“لن يقوموا بفعل أي شيء على المدى القصير. سوف يراقبون ويقيمون الوضع فقط. ذلك يكفي بالنسبة لنا.”
عندما أنهى حديثه، جعد جبينه وهمس، “سيبيل قد ماتت”.
“ألا يمكن أن تولد من جديد؟” سأل بيير بيري، بتفاجئ.
لم يكن مذهول بشكل خاص من وفاة أخته.
لم يستطع غيوم بينيت إلا أن يلعن، “لقد حذرتها من استخدام إعادة الولادة أمام المتجاوزين الرسميين الثلاثة. من السهل ان يتم التصدي لإعادة الولادة من هذا المستوى من قبل قوة مسار الشمس، لكنها لم تستمع.
“بلهاء! يا لها من مضيعة لهبة الإله!”
…
انفتحت عينا لوميان، ورأى الضباب الرمادي الضعيف والسقف المألوف أعلاه.
لقد استيقظ داخل أنقاض الحلم بعد أن فقد وعيه.
لاهثا لالتقاط أنفاسه، كافح لوميان للجلوس بشكل مستقيم.
عندما ضربه هجوم أورور، إمتلئ باليأس، مفكرا أنه من الأفضل أن يستسلم.
يمكنها استعادة الحياة الجميلة التي منحتها إياه، إلى جانب السنوات الخمس التي منحتها له.
فوووه… زفر لوميان بحدة بينما اخترق إدراكان أفكاره.
لم تكن تلك أورور. كانت ممسوسة من قبل وحش!
الاستسلام الآن عنى التخلي عنها للمخلوق وإطفاء أملها الأخير!
نهض لوميان واقفا على قدميه، عزمه يقوى بداخله.
نظر إلى النافذة ورأى زجاجة من الكحول، زهرة صريمة الجدي، بعض فروع العنب ومسحوق السرخس.
‘أرسلت تلك المرأة هذه المواد؟ هل رأت الهجوم؟ لماذا لم تقم…’ هز لوميان رأسه، وبدد أفكاره المتطفلة.
في هذا الظرف العصيب، لم يستطع إلا الاعتماد على نفسه وعلى حلفائه. مهما كانت قوة الآخرين، فقد أصبحوا عديمي الفائدة له الآن!
بدون تضييع المزيد من الوقت، استرجع لوميان الأدوات التي استخدمها لإعداد جرعة الصياد وصب 50 مليلترًا من الكحول في كوب بيرة.
أضاف زهرة صريمة الجدي، مسحوق فروع العنب ومسحوق السرخس واحدة تلو الأخرى. أخيرًا، ‘الحجر’ البغيض بسطحه السائل الداكن المتدفق.
رافق صوت أزيز تحلل خاصية تجاوز المستفز، واختفت زهرة صريمة الجدي
تحول السائل عديم اللون في الكوب إلى الأسود الغامق، وأصبح لزجًا. مرأى التركيبة فقط جعل لوميان يريد أن يقذفها بعيدًا ويدوسها لغياهب النسيان.
ثبّت نفسه، مستخدمًا التأمل السطحي لتهدئة أعصابه وتركيزه.
بعد لحظات، رفع لوميان كوب البيرة دون تردد، مبتلعا جرعة المستفز الكريهة واللاذعة.
واضعا الكوب على الأرض، شعر على الفور بأحشائه تزداد ثقلا، كما لو أنها تنهار.
معتمدا على تجربته، جلس لوميان متربعًا على الأرض وعيناه مغمضتان، يستعد للتحول التالي.
أصبحت أنفاسه ساخنة، وعواطفه تتأرجح بين الغضب، الحزن، الإحباط والبهجة.
في الوقت نفسه، هاجم صوت- بعيد بلا حدود ولكنه قريب جدًا- أذنيه، وحفر في صدغه كالسنبلة الحديدية.
غُمر عقل لوميان بألم شديد مألوف، لكنه لم يستطع رمي من بعض الأفكار.
‘يجب أن أنجح!’
‘يجب أن أفتح سر الحلم!’
‘يجب أن أنقذ أورور!’
‘يجب أن أحطم الحلقة في كوردو!’
مع تحمل الإحساس الحارق والدموع ووهم فقدان السيطرة، لم يفتح لوميان عينيه أو يغير وضعه.
شعر وكأنه سفينة صغيرة في عاصفة، تضربه الأمواج والعواصف. عاجز، لكن ليس مغمور بعد.
بعد ما بدا وكأنه أبدية، بدأ الألم في الانحسار مع انحسار الأفكار المجنونة المتعطشة للدماء من وعي لوميان.
فتح عينيه، عارفا أنه قد تقدم إلى التسلسل 8 المستفز.
~~~~
الفصل الأول~~