35 - التنمية الكبيرة في الصيد والزراعة
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لورد الشتاء القارص: البدء بتقارير الاستخباراتية اليومية
- 35 - التنمية الكبيرة في الصيد والزراعة
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مغادرته ساحة التدريب، سار لويس مع سيف على طريق ترابي، ثم توقف فجأة وسار نحو بيت خشبي بسيط لكنه نظيف
قال وهو يدفع الباب ليدخل: “سألقي نظرة بالداخل”
في الداخل، كان الضوء خافتًا، والجو مشبعًا برائحة الأعشاب الخفيفة
كان فارس ممددًا على سرير خشبي بمحاذاة الجدار، وجهه ما زال شاحبًا، لكنه بدا أفضل بكثير من قبل عدة أيام
كان هو السير خافيير، الفارس الذي أصيب في المعركة مع عمالقة الصقيع قبل بضعة أيام
عندما رأى لويس يدخل، حاول غريزيًا أن ينهض ليحييه، لكن لويس ضغط عليه برفق ليظل مستلقيًا
“لا تتحرك”، قال لويس بعبوس، “إصابتك لم تلتئم تمامًا بعد”
ابتسم خافيير ابتسامة محرجة قليلًا: “سيدي، أنا أفضل بكثير”
“لا ترهق نفسك”، سحب لويس كرسيًا قريبًا وجلس، “ماذا قال الطبيب؟”
“حالتي مستقرة الآن، لكن التعافي سيستغرق بعض الوقت”، خفض خافيير رأسه، لكن بدا عليه بعض عدم الرضا، “آسف لأنني أقلقتك”
“يكفي أنك عدت حيًا”، تنهد لويس بهدوء، “لا تقلق، سأجد جرعة مناسبة في أقرب وقت لمساعدتك على استعادة الزراعة الروحية مبكرًا”
“شكرًا لك، لن أنسى معروفك أبدًا يا سيدي. بمجرد أن أتعافى من إصابتي، سأواصل خدمة إقليم المد الأحمر”
كان صوت خافيير يحمل بحة خفيفة، وكلماته مفعمة بالولاء
وقفت سيف جانبًا، تراقب هذا المشهد، وشعور بالاضطراب يتشكل في قلبها
كانت قد ظنت أن لويس مجرد متظاهر يقوم بأعمال سطحية
لكن وهي ترى الولاء الصادق في عيني الفارس الجريح، اهتز اعتقادها قليلًا
“لا تتحدث وكأنها وداع”، قال لويس بابتسامة وهو ينهض ويربت على كتفه، “ارتَح جيدًا ولا تتعجل بالعودة لتجعل نفسك أضحوكة”
وقبل مغادرته، أوصى الحراس بالاعتناء به جيدًا، مما جعل عيني خافيير تدمعان مرة أخرى
بعد توديع خافيير، أخذ لويس سيف شرقًا، نحو ضفة النهر
تناثرت أشعة الصباح على الماء، مكوّنة تموجات متلألئة، وكانت عدة قوارب صيد مربوطة بهدوء عند الشاطئ، والصيادون منشغلون بترتيب شباكهم، تتخلل عملهم ضحكات قوية بين الحين والآخر
تأمل لويس المكان؛ فقد دخلت تنمية قطاع الصيد مرحلة الاستقرار، وزاد عدد قوارب الصيد قليلًا مقارنة بالبداية، لكن المحصول لم يعد وفيرًا كما كان
لم يتفاجأ بهذا، فقد كان ذلك نتيجة مقصودة من أفعاله
لتجنب الصيد الجائر وضمان استمرار تكاثر الأسماك، أمر بتوسيع فتحات الشباك لتسمح للأسماك الصغيرة بالهروب
وفي الوقت نفسه، كان الصيد يجب أن يلتزم بمواسم محددة، مع وجود فترة إغلاق، للسماح للنهر ومخزون الأسماك بالتعافي، لضمان التنمية المستدامة للمصايد
رأى مسؤول المصايد لوك لويس، فسارع إليه بوجه يحمل مسحة من التودد
أومأ له لويس قليلًا، ومسح بنظره النهر: “كيف تسير أمور الاستزراع المائي؟”
“بدأنا التجربة”، قال لوك وهو يربت على صدره
“اخترنا عدة أنواع من الأسماك المتأقلمة مع المياه الباردة، ونجرب التربية شبه المغلقة”، قال بحماس وهو يشير إلى الطوافات على الماء
“إنها بصيرتك يا سيدي التي فكرت في التنمية طويلة المدى لنا مبكرًا، وإلا، بعد بضع سنوات، كانت الأسماك ستختفي!”
“همم، أحسنت”، أثنى لويس ببرود
ابتسم لوك على الفور، ولوّح بيديه مرارًا وهو يقول: “لا، لا، كل الفضل يعود إلى قيادتك الحكيمة يا سيدي!”
ضحك لويس بهدوء دون أن يرد
راقبت سيف المشهد من الجانب، وهي تزم شفتيها في سرها
سخرت من هذا التملق لـ”السيد الحكيم”، لكنها اضطرت للاعتراف بأن شعب إقليم المد الأحمر يثقون به حقًا
نظر لويس إلى سيف، وارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة، مدركًا تمامًا ما يدور في داخلها، لكنه لم يكلف نفسه عناء التوضيح
“لنذهب”، قال لويس وهو يتجه نحو أراضي إقليم المد الأحمر الزراعية
امتدت الحقول الواسعة تحت ضوء الصباح، سيقان الجاودار أصبحت أكثر سماكة، وأوراقها الخضراء الداكنة تتمايل برفق مع النسيم، وأوراق البطاطا كثيفة، وكذلك اللفت ينمو بشكل جيد، في مشهد ينبض بالحياة
كان مسؤول الشؤون الزراعية مايك يقود عدة مزارعين في جولة بين الحقول
وعندما رأى لويس، تقدم بسرعة، وربت التراب عن يديه، وعلى وجهه ابتسامة بسيطة
“بعد حوالي عشرة أيام، سيكون اللفت جاهزًا للحصاد. الجاودار ينمو جيدًا، ولا توجد مشاكل مع البطاطا، لذا من المتوقع أن نحصل على محصول وفير”
قال مايك ذلك بنبرة تحمل شيئًا من الفخر
أومأ لويس، وجال بنظره في الحقول، ولاحظ أن الحواف مرتبة بعناية، والتربة رطبة، مما يدل على حسن العناية
“عمل جيد يا مايك”، أثنى لويس
تجمد مايك للحظة، ثم اتسعت ابتسامته أكثر، بل ظهر على ملامحه بعض الانفعال
قبض يديه وكأنه يحاول كتم فرحته، لكن الابتسامة انفلتت من زاويتي فمه
لقد كان يدين بمنصبه الحالي لهذا السيد الشاب
ففي الماضي، لم يكن سوى عبد يكدح في الحقول، غير مؤهل حتى لأن يرفع نظره نحو النبلاء
لكن لويس لم يحرره فقط، بل وضعه مسؤولًا عن جميع الأراضي الزراعية في إقليم المد الأحمر، محولًا إياه من عبد متواضع إلى مشرف زراعي
والآن، كان أعظم هدف له في حياته أن يبذل قصارى جهده لتطوير الزراعة في إقليم المد الأحمر
ليجعل هذه الأرض تطعم المزيد من الناس، ويجعل هذا الإقليم أكثر ازدهارًا من أي مكان آخر
“سيدي، لن أخذلك”، قال مايك بجدية، وصوته يرتجف قليلًا
ابتسم لويس وربت على كتفه: “واصل العمل الجيد”
ثم نظر إلى مايك المشرق الوجه، فتذكر فجأة شيئًا، ورفع حاجبه قائلًا: “كيف حياتك الزوجية؟ هل اعتدت عليها؟”
تجمد مايك لحظة، واحمر وجهه العجوز، وبدأ يتلعثم وهو يلوّح بيديه: “م-ماذا تقول يا سيدي، لا تحرجني”
ضحك لويس بصوت عالٍ وربت على كتفه: “لكن عليك أن تكون أكثر اعتدالًا؛ لا أريد أن أراك يومًا عاجزًا عن النهوض”
ضحك المزارعون المحيطون أيضًا، وأصبح الجو أكثر ارتخاء
منذ الصباح وحتى الآن، في نظر سيف، كان لويس قد تحول تدريجيًا من نبيل ماكر إلى قائد يهتم بإقليمه، قريب من الناس، ويمتلك سلطة
سواء كان صادقًا أو متظاهرًا، على الأقل شعبه يحبونه ويحترمونه بصدق
شعرت بالقلق قليلًا، فلو أن كل إقليم في الشمال تطور بثبات مثل إقليم المد الأحمر، لواجهت قبيلة هان يويه تهديدًا كبيرًا
لكنها فكرت بعدها: وما المشكلة إن كان تهديدًا؟
هؤلاء هم الخونة الذين قتلوا عائلتها، ومن الأفضل أن يموتوا!
سحبت سيف أفكارها، ونظرت إلى لويس غير البعيد
كان الرجل واقفًا في الحقول، يتحدث بهدوء مع المزارعين والعبيد، بنبرة مسترخية، وفي عينيه لمحة من المرح الكسول
ومع مرور النسيم، تطاير شعره الأسود قليلًا، وتحددت ملامحه بوضوح تحت أشعة الشمس
لا تدري لماذا، وجدت سيف نفسها شاردة وهي تحدق فيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ