194 - أفعى الحراشف النارية
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لورد الشتاء القارص: البدء بتقارير الاستخباراتية اليومية
- 194 - أفعى الحراشف النارية
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 “وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ” (يوسف 76)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى مع استعدادها الذهني المسبق، لم تستطع إيميلي منع تقطيبة ظهرت على جبينها حين وطئت فعليًا المنطقة النواتية الحرارية في إقليم المدّ الأحمر
كان الهواء يطفو كأنه ضباب لافح، وموجات من البخار تتوالى، تشوي الصخور حتى السخونة، فيغدو حتى الشهيق كأنه استنشاق هواء من أعماق فرن
شدّت على الرداء الخفيف الملقي على كتفيها من غير وعي، مع أن الرداء لا يحجب أي حرارة، لكنه بدا كتعزية نفسية
“هل لا تزال قدماك تحترقان؟” استدار لويس الذي كان يتقدمهم، ووقع نظره على حذائها
أومأت إيميلي ثم هزت رأسها، وارتسمت على شفتيها ابتسامة خفيفة وقالت: “لا بأس، صحيح أنه حار قليلًا، لكن وجودك يطمئنني”
ضحك لويس ضحكة خافتة وعاد إلى جانبها وقال: “كنت أنوي المجيء وحدي أصلًا، فالمكان حار فعلًا”
“أعلم” قالت إيميلي وهي تمسح العرق عند صدغه برفق “لكنني أريد أيضًا أن أفهم ما الذي تفعله”
منذ أول يوم قابلت فيه لويس، كانت تعرف في قلبها أن خطى هذا الرجل لن تبقى بين البيوت الزجاجية والولائم
أرادت إيميلي أن تمشي إلى جانبه، لا أن تبقى في مكانها تنتظر
الأرض كانت لافحة كأنها صفيحة من حديد، وكل خطوة أشبه برقصة فوق لهب
مع أنها فارسة نخبوية وتستطيع بدرعها القتالي صد معظم السخونة، إلا أن العرق ظل يتسرب بلا انقطاع، ينزل من عنقها إلى ياقة قميصها ويلطّخ ثيابها القريبة من الجسد
“إذًا” التفتت إلى لويس الذي يمشي أمامها وهي تمسح عرقها وسألت “ما نوع الأفعى التي جئنا لاصطيادها تحديدًا”
لم يلتفت لويس، لكن نبرته كانت مسترخية كأنهما يتمشيان في الجبال وقال: “الحراشف النارية”
همهمت إيميلي بخفوت ولم تسأل أكثر
بالطبع كانت تعرف ما يعنيه
لم تكن فارسة متدربة جديدة في الجيش، ولا سيدة صغيرة تجلس في فناء وتلقي القصائد
نشأت في الشمال، وكانت لديها معرفة عامة بهذه الوحوش السحرية الخطرة التي تختبئ في شقوق الصخور الملتهبة
أفعى الحراشف النارية وحش سحري زاحف يعيش في بيئات ذات حرارة مرتفعة للغاية، وتوجد عادة في مناطق النشاط البركاني المتكرر، وحول الصدوع الحرارية الأرضية، وفي شقوق الصخور قرب حفر الكبريت
جسدها يقارب 3 أمتار طولًا، وحراشفها صلبة كأنها من حديد، ولونها كله أحمر داكن أو ذهبي برتقالي، وتتحمل حرارة متواصلة تتجاوز 90 درجة مئوية
لها طباع جماعية، وعدوانيتها عالية، وفي أسنانها سمّ مرتفع الحرارة إذا حُقِن في جرح تسبب في تفاعلات حرق شديدة وربما اضطرابًا عصبيًا
حراشفها وكبدها ومرارتها وغدد السمّ فيها كلها مواد عالية القيمة في الكيمياء السحرية
وبسبب خصائص خرجها الحراري المستقر، تنال تفضيل عدد كبير من الخيميائيين العسكريين
غير أن صعوبة اصطيادها وقسوة البيئة جعلا الحراشف النارية منذ زمن ضمن قائمة الموارد مرتفعة السعر
لهذا لم يكن هدف لويس في هذه الرحلة مجرد “إمساك بضع أفاعٍ”
بل كان الاستعداد لأبحاث الجاهزية القتالية اللاحقة في الإقليم، وتقنية القنابل السحرية، بل وحتى منظومة تدريب للوحدات الخاصة
“درجة حرارة السطح هنا تجاوزت بالفعل 90” قال لويس وهو يراقب التضاريس “غازات كبريت، وبخار من صخور متشققة، هذا بالضبط ما تفضّله الحراشف النارية”
“نعم، أشمّ ذلك” أومأت إيميلي، وقد امتلأت تجاويف أنفها برائحة كبريت خفيفة، ومعها عطر رطب فيه حلاوة
كانت الصخور المحيطة قد احمرّت كأنها احترقت مرارًا
وبين الشقوق، كان يرتفع أحيانًا دخان أبيض، يلتف ويتلوى في الهواء مع التيارات
وكانت جلود أفاعٍ باهتة تظهر على الأرض بين حين وآخر، وحبيبات حراشفها الدقيقة تلمع قليلًا تحت الضوء
“إنها تتحرك عادة جماعات، وتحب التقوت عند الفجر والغسق” همس لويس “علينا أن نجد عشّها قبل أن تعود إليه”
“وكم تنوي أن تمسك منها” سألت إيميلي
“إن حالفنا الحظ ووجدنا عشًا فسنحاول الإمساك بها حيّة” قال لويس بهدوء “يُستفاد من بعضها في التجارب، ونروض الباقي”
ترويض الحراشف النارية
لم تقل إيميلي ذلك بصوت عالٍ، لكن طرفًا من الاهتمام لمع في عينيها
وكانت الأرض الملتهبة ترتجف ارتجافة خفيفة
“وجدتها” لامس طرف إصبع لويس أثرًا حلزونيًا خافتًا يكاد لا يُرى “أثر زحف لحراشف نارية، وهو حديث”
نظرت إيميلي إلى الجهة التي أشار إليها، وخلف صخرة متشققة غير بعيدة لمع ظلّ قِشرٍ قرمزي، كطيف حار كامن
“عشّها يفترض أن يكون قرب ذلك الخندق الحِمميّ في الأمام” نهض لويس وربّت على بنطاله وقال ببرود
لوّح بيده فانقسم الفرسان المستعدون أصلًا إلى ثلاث مجموعات بسرعة
مجموعة الإغراء لجذب الهدف للظهور، ومجموعة الرصد لتسجيل الاستجابات السلوكية وإطلاق الضباب، ومجموعة الحماية تقف متأهبة بالدروع لمنع الهجمات المباغتة
الفارس الواقف إلى جانب لويس أخرج بسرعة جهاز تقطير محمولًا فضيًّا
كان الجهاز يشبه قارورة بلورية محمية بإطار معدني متين
وسكب فارس آخر سائلًا أزرق فاتحًا بعناية في حجرة النواة داخل القارورة
“تفعيل” همس الفارس وضغط بإبهامه آليةً على جانب الجهاز
انبعث صوت خفيف “هسس—”
وفي الثانية التالية ارتفعت خيوط من ضباب بارد أزرق فاتح من قمة الجهاز، يحمل الضباب عطرًا ممزوجًا بعشب ونعناع، فبدا شديد البرودة وسط الهواء الملتهب
هالة صامتة، كأجواء ما قبل أول ثلج، أخذت تلفّ الحرارة القريبة ببطء
وبدأت أجهزة الرذاذ الأخرى عملها تباعًا، فإذا بالمنطقة الصخرية كلها كأنها تُسحب بهدوء من الجحيم إلى مشهد ثلجي
الأفاعي ذات الحراشف النارية التي كانت تتلوى خافتة في شقوق الصخور بدا أنها شعرت بشيء، فبطؤت حركاتها، ولم تعد منفلتة، بل رفعت رؤوسها بحذر، وأنوفها تتمايل تلتقط رائحةً غريبةً تغمر الهواء
قطبت إيميلي قليلًا وهي تحدق بالجهاز الذي ينفث برفق، تناهت إلى أنفها نفحة خفيفة من عشب ونعناع
“ما هذا الإكسير؟ لا أذكر أنني رأيته من قبل” لم تستطع إلا أن تسأل
“عامل إرشاد من كرمة ورقة الصقيع” أجاب لويس عرضًا وهو مركز على مراقبة الظلال الحمراء التي تتلوى ببطء في الشقوق أمامه
“كرمة ورقة الصقيع” ردّدت إيميلي بخفوت “لمَ لم أسمع بها من قبل”
“أمر طبيعي” ارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ فيها مسحة تفاخر
“إنها نبتة كرمية منخفضة الحرارة نادرة جدًا في براري الشمال، تنمو متطفلة على الجدران الصخرية الباردة، وعند النضج تفرز عصارة زرقاء لزجة باردة لاذعة، جمعتُ دفعةً منها للتجربة، وبعد التنقية صُنِع منها هذا عامل الإرشاد”
أمالت إيميلي رأسها تنظر إلى الضباب الأبيض الذي ينتشر ببطء، وعلى وجهها مسحة جدية وقالت: “أتقصد أن هذا الشيء يمكنه التحكم بأفاعي الحراشف النارية”
“بدقة أكثر، إنه يثبط ردّ الفعل الهيجاني في غرائز جميع الوحوش السحرية” صارت نبرة لويس أكثر جدية
“حين تتعرض للتهديد، تدخل وحوش مثل الحراشف النارية مباشرة في هيجان انتحاري، فلا تكاد تقدر على الاقتراب منها فضلًا عن الإمساك بها، لكن هذا الإكسير ينفذ عبر الضباب البارد إلى جهازها العصبي ويثبط تلك الحالة”
توقف لحظة كأنه يراقب أفعى على وشك الحركة “كما الآن، إنها تتردد وتشمّ بدل أن تنقضّ وتُفجّر نفسها”
أومأت إيميلي، وقد انعكس ظل الأفعى في حدقتيها وهي تسبح في الضباب
لم يكن خيميائيًا، ومع ذلك صمّم مثل هذا الشيء، كعبقريةٍ برية الطابع
راحت تراقب صامتةً ملامحه المركزة وهو يعمل، وشعور لم تختبره من قبل أخذ يولد في قلبها
“كنت أظنك فقط من يعرف القتال” قالت بهدوء وعلى شفتيها انحناءة خفيفة “فاتضح أنك تبحث حتى في كيفية اصطلاح الوحوش السحرية وتربيتها”
“القنابل السحرية وزيت النار يحتاجان إلى مواد خام أيضًا” هز كتفيه بهدوء “هذا العالم يتجه إلى مزيد من الفوضى الآن، وإن لم نُعِدّ مبكرًا قوة لا تعتمد على الجنود البشريين فسندفع الثمن عاجلًا أو آجلًا”
كان الضباب قد انتشر تدريجيًا، يلتصق كخيوط بأطراف كل صخرة ملتهبة
والضباب الأزرق الفاتح كأنه حجاب رقيق ينساب في الهواء، كأن الخانقون الحراري كله التحف وشاحًا حالمًا من صُنع الصقيع
“طبقة الضباب مستقرة” رفع لويس بصره إلى انكسار الضوء في السماء، يثبّت الرطوبة واتجاه الريح “يمكننا بدء التماس”
تقدّم فارس نحيل ملثم بخطوات بطيئة
كان يرتدي بدلة وقاية بنية فضية مفصلة، إنه أدريان، المسؤول عن مهمة الاستدراج هذه
فارس من عائلة كالفين متخصص في الصيد
اقترب ببطء من منطقة الشقوق حيث تقبع الحراشف النارية
الأفعى القرمزية المدرعة بالحراشف الملتفة على الصخر الدافئ لم تعد ترفع عنقها كما قبل، بل تحركت ببطء، ولسانها يخفق على فترات أطول
فجأة قفز لسان صغير من اللهب من فمها، حار لكنه خاطف، لم يتشكل إلى نفَس ناري كامل
“لا شيء، إنها شعلة تحذير” أبلغ أدريان بصوت منخفض “ليس نفَس صيد، وحالتها الانفعالية ما تزال غضبًا منخفضًا”
همس لويس: “زد الجرعة 10% أخرى، نحتاج إلى تكوين حجاب ورقة الصقيع في هذه المنطقة”
ومع بدء الجولة الثانية من التقطير، انطلق ضباب أزرق أكثف ببطء، وامتزج برطوبة الوادي نفسها، كأن حجابًا رقيقًا يغلّف الأفعى
بدأت تبطئ حركتها، وأسندت رأسها إلى الأرض، وجفلت جفونها نصف إغماضة، ودخلت بوضوح حالة سكون
“ابدأ التماس”
اقترب أدريان بثبات، وارتدى قفازين خاصين مكسوين بطبقة صقيع، ومد يده برفق ليمسّ جانب عنق الأفعى، وهو من أكثر المواضع حساسية في جسدها
ارتج جسدها قليلًا لكنها لم تنسحب
ثم أخرج شريطًا صغيرًا من اللحم من حزامه وقدمه ببطء إلى رأس الأفعى
توقفت الأفعى لحظة، وخفق لسانها اللحم، وأصدرت فُسافسة خافتة
أضاءت عينا أدريان “إشارة حياد، لا تراني مفترسًا”
“ممتاز، لتبدأ مجموعة الاستدراج” تمتم لويس
انطلقت الفرق فورًا، فمجموعة الاستدراج تقودها إلى منطقة الترويض المُعدة مسبقًا
ومجموعة الحماية أخذت مواقعها تؤمّن المحيط
ومجموعة الرصد تابعت تحليل معدل التنفس وتبدلات توتر العضلات
وخلال العملية كلها لم تُبدِ الأفعى عداءً شديدًا، وحتى حين وُضع عليها قيد لين لم تفعل سوى الاهتزاز قليلًا، ثم انقادت مطيعة إلى منطقة الترويض ببطء وثبات
وحين أُغلق الشبك الحديدي البارد وأُقفلت القيود، خيّم الصمت العميق على الوادي كله
“تمّ الاصطياد بنجاح”
زفر الفرسان أنفاس ارتياح، وهتف بعضهم همسًا، لكنهم حافظوا على الانضباط
ومع نجاح توجيه أول أفعى إلى منطقة الترويض تسارع إيقاع العملية سريعًا
“كرّروا الإجراء نفسه” أمر لويس بصوت عميق وهو يمسح بنظره الحاد وادي الصخور الحرارية “اليوم نحتاج إلى تطهير أكبر قدر ممكن من منطقة النشاط هذه”
تقسم الفرسان سريعًا إلى مجموعات، ونُصبت أجهزة التقطير، كأنها مصابيح روحية تطلق ضبابًا أزرق، على جانبي الوادي
ومع ارتفاع الضباب البارد مجددًا وتزايد رطوبة الهواء، تشكّل حجاب ورقة الصقيع الرقيق المتجانس بهدوء، كأنه نقاب جليدي شفاف يغطي السهل الصخري الملتهب كله
شيئًا فشيئًا دخلت الأفاعي حالة سكون
وغدت حركتها في الضباب بطيئة متثاقلة، بل وبدأت تلتصق بشقوق الصخور، كأنها تستمتع ببرودة طال انتظارها
اقترب أدريان مرة أخرى بحركات ثابتة، ولمس بعناية عنق أنثى أكبر قليلًا بقفازيه المكسوين بالصقيع، وناولها شريط لحم
أطلقت الأفعى همهمة طويلة خافتة، فُسافسة لينة بلا عداء
أشار إلى لويس “إشارة حياد، لا ترى البشر مفترسين”
تحرك الفريق كله بتناسقٍ كامل، ثم جُهِّزت عدة أفاعٍ متتالية بقيود لينة، ووُجهت إلى خارج الوادي ببطء وثبات
بعد 3 ساعات، تم اصطياد أكثر من 70 أفعى حراشف نارية، وكادوا يقضون على تجمع الأفاعي في هذه المنطقة
وكان الأبرز بينها الفرد العملاق الملتف عند حافة شق الحمم
ملك أفاعي الحراشف النارية بطول 9 أمتار، أحمر قانيًا كله، وحراشفه تعكس لمعانًا معدنيًا
ومع أنه ظلّ حذرًا تحت تأثير الإكسير، فإنه لم ينفجر عدوانًا، وفي النهاية وُجه بنجاح إلى منطقة الترويض
وكانت بيئة الترويض قد أُعدت مسبقًا
كانت كهفًا حِمميًا طبيعيًا يقع قرب النواة الحرارية لمنطقة اللهيب في إقليم المدّ الأحمر، والكهوف ملتوية لكن وهج الحمم الطبيعية يضيء كل مكان
وفي الداخل رُكّبت عدة أجهزة تقطير معدلة تطلق ببطء خلاصة كرمة ورقة الصقيع المخففة لتبقى منطقة الترويض كلها في حالة تهدئة نصفية
كان الضباب رقيقًا متجانسًا، يغطي برفق الأرض ومسارات حركة الأفاعي
وأحيانًا كانت بعض الأفاعي القلقة تحاول نفث اللهب، لكن ما يخرج مجرد موجات حرارة بلا نار حقيقية، تتلاشى في الضباب طرفة عين
“كبح الغريزة ممتاز” أومأ أدريان بعد المراقبة “ما دامت الجرعة محافظة، ينبغي أن يضمن ذلك الاستقرار أثناء مرحلة الترويض”
وقف لويس ويداه خلف ظهره يراقب الأفاعي تتحرك في هدوء، وأفكاره تغلي في رأسه
هذه الأفاعي ستكون مواد خام لأدوات قتاله الأساسية ضد الأم الحاضنة، وهذا لم يكن إلا الخطوة الأولى، فكل شيء قد بدأ فحسب
ولذا، في منتصف عملية الاصطياد، أرسل في طلب سيلكو
وقف عند حافة الضباب الحار، والتفت يهمس لأدريان: “اختر بضع أفراد مُسنّين أقل خصوبة، كلما كان الحجم أكبر كان أفضل، ويجب أن تكون فيها طبقة دهنية كافية”
أومأ أدريان موافقًا، وسرعان ما اختار 3 أفاعٍ كبيرة عمرًا، طول كل واحدة يزيد على 4 أمتار، من المجموعة التي رُوِّضت
وبحركات خبيرة قيّد الأفاعي بسلاسل حديدية باردة، ثم جرّها فريق الفرسان معًا إلى خيمة التشريح خلفهم
دخل سيلكو مرتديًا رداءً أبيض وأكمامه مكسوة بطبقات من جلد مقاوم للنار، ويَحمل صندوق أدوات
لم يقل شيئًا، ولوّح بيده فانفتح الصندوق، وفيه طقم كامل من أدوات تشريح فضية وأجهزة تنقية
وبمساعدة أدريان شقّ بدقة حراشف بطن الأفعى وفصل برفق الدهن الرخو المحمرّ تحت بطنها
كان الدهن لزجًا تتلألأ فيه ومضات خافتة، وتنبعث منه رائحة غريبة تشبه احتراق المعادن
“نسيجه كثيف ويحتوي معادن ضعيفة التطاير” قال سيلكو بخفوت، وقد ومض بريق حماس في عينيه “كما توقّعنا، دهن الحراشف النارية ممتزج بأملاح بلورية طبيعية مساعدة على الاشتعال”
وبسرعة بدأ معالجة العينة التجريبية، مستخدمًا أسلوب “ضغط بارد مع امتزاز بالفحم الفضي” ليصفّي الشوائب طبقاتٍ طبقات ويثبت نشاط مكوناتها
ومع عمل الجهاز، نتج في النهاية معجون أحمر داكن شبه صلب يبقى مستقرًا في درجة حرارة الغرفة
وحين أشعل عينة صغيرة قفز اللهب فورًا واشتعل بهدوء بلا أثر سخام
“نجح الأمر” تمتم “هذه مادة وقود عالية الجودة”
ومع نجاح التجربة سرّ لويس أيضًا “لنسمهّيه معجون الحراشف النارية”
في منطقة التجارب الخيميائية داخل الكهف الحِممي كانت ألسنة النار تنعكس على الجدران الرطبة
ثم بدأت مرحلة الاختبار، وقف سيلكو أمام طاولة من الحديد البارد مرتديًا رداء حماية خيميائيًا سميكًا، وبيده المعجون الأحمر الداكن الطازج
مسح بقدْرٍ يسير منه على صفيحة من الحديد البارد وأشعله بلهب عادي، فاشتعل اللهب فورًا يBurn.. لا، يجب عدم إدخال إنجليزية— نصحح
فاشتعل اللهب فورًا، يحترق بسطوع واستقرار، ولم ينطفئ إلا بعد 9 دقائق، ولم يترك على الصفيحة أثر احتراق أو بقايا
“هذا الشيء ممتاز فعًا” تمتم بإعجاب “يحترق حتى في البيئات الرطبة، ويشتعل بلا دخان، ولو لم أكن صنعته بنفسي لظننته منتجًا جاهزًا من أكاديمية اليشم للخيمياء”
ثم قطر بضع خلاصات سحرية منقاة على قدر صغير من معجون الحراشف النارية، وتراجع خطوات، وأشعله
“بوم”
في الحال قفز لهب الانفجار إلى ما يقارب 2 متر، واجتاحت موجة حرارية لافحة وخزت الوجه قليلًا
رفع سيلكو حاجبه “درجة الاحتراق الانفجاري لا تقل عن 600 درجة، وهو أيضًا مادة جيدة لصنع القنابل السحرية، الاستقرار ممتاز، ودرجة الحرارة عالية”
دوّن البيانات بدقة، ثم نظر إلى لويس الذي كان يراقب بالقرب منه
وسأل بفضول: “ما خطتك لاستعمال هذا المعجون؟ للقتال أولًا أم للاستخدام اليومي”
كان نظر لويس هادئًا، لكن في نبرته توقع لطيف “أعطِ الأولوية لتطوير قنابل سحرية وزيت انفجاري، من المثالي أن تكون سهلة الحمل، وتأخير الاشتعال فيها ثابتًا، ولها تأثير انفجاري بنطاقٍ مساحي”
وتوقف قليلًا “وبالطبع إن خطرت لك أفكار أخرى فأخبرني بها في أي وقت”
ضحك سيلكو عند سماعه هذا “لديّ بعض الأفكار الصغيرة، لكن أحتاج بضعة أيام، فما زلت لم أفهم هذا الشيء بالكامل بعد”
أومأ لويس وقال باقتضاب: “بضعة أيام تكفيك، لكن إياك أن تفجّر المختبر”
تبادَل “المفتونان بالقنابل السحرية” ابتسامة، وتحت وهج النار المتراقص كانت فكرة خطِرة تتشكل تدريجيًا
وبينما كان لويس يهم بمواصلة متابعة تجارب سيلكو على القنابل السحرية، أقبل فارس مسرعًا وقال: “سيدي، حضر بعض من يزعمون أنهم سحرة السحرة ويطلبون المثول بين يديك”
أومأ لويس قليلًا عند سماع ذلك وقال بهدوء: “خذهم إلى قاعة الاجتماع لينتظروني، سألحق بهم حالًا”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
⚠️ تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك 🙏
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة ✨، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها 🌸
🤲 المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي 💐، وبالشفاء العاجل لوالدتي 💖، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية 🌙
📢 ندعو قرّاءنا الكرام القادرين إلى دعمنا ودعم فريق العمل من أجل الاستمرار في ترجمة الروايات بأفضل جودة ممكنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ