189 - نهاية الملكة الأم
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لورد الشتاء القارص: البدء بتقارير الاستخباراتية اليومية
- 189 - نهاية الملكة الأم
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” (الأنفال: 10)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رفع لويس يده اليمنى بإيماءة موجزة وحاسمة وقال بصوت منخفض وواثق: تابعوا واستعدّوا للمرحلة الثانية
نعم كان رد حامل الراية وهو يرفع راية الإشارة عاليًا ويهز ذراعيه مرات عدة بحركات نظيفة وحادّة
أعلنت راية المعركة الهجوم
تحت الهضبة تحرّك فورًا فريق خط النار الذي كان في كمين طويلًا
الأوامر وصلت تقدّموا بخط النار
زأر قائد الفرسان بصوت منخفض ودرعه يقرع بقوة في الليل ولوّح بسيفه الحربي فوثب جواده إلى الأمام وقاد خلفه الفرسان النخبة في اندفاع مفاجئ
رفعت المشاعل الثقيلة عاليًا ثم صُبّ الزيت الحار المتفجّر
التهمت النيران الخط الأمامي على الفور وجدار النار كأنه حيّ يزأر ويهبّ ويقسم الموقع كله إلى عدة قطاعات
أطلقت حشود الحشرات صرخات ملتوية مبحوحة تشبه عواء الوحوش ما إن لعِقت النار أطرافها
لكن في اللحظة التالية ورغم احتراق نصف أجسادها واصلت الزحف والانقضاض كأن الاحتراق قوة أخرى تدفعها إلى الأمام
حثّ قائد فرسان النخبة جواده فلطّخت شرارات رمادية سوداء عباءته الزرقاء وأمر ببرود خذ الميسرة يا براير والبقية معي إلى الميمنة لا تدعوهم يخترقون خط النار
مفهوم
انتشر فرسان الشمال النخبويون
هؤلاء محاربون خبروا جبال الجثث وبحار الدم وطعنوا حناجر الوحوش السحرية وسط الثلوج وكل واحد منهم قادر على قتال ثلاثة أعداء
لكن هذه المرة العدو ليس بشرًا
ابتعدوا
هوى أحد الفرسان بسيفه قاطعًا رأس جثة من حشد الحشرات غير أنّ العدو حتى وهو يحتضر ظلّ مسعورًا إذ صعد ذراعه المبتور على واقي ساق الفارس وعضّ عليه بقوة رافضًا أن يفلت
شون شون أنت
اندفع فارس آخر وصفع الذراع بعيدًا لكن ذلك الفارس كان قد سقط بالفعل والدم يتفجّر من واقي عنقه مصبغًا درعه الرمادي الأبيض قرمزيًا في لحظة
واصل خط النار التقدّم والتوى جدار النار كأفعى عملاقة يحاصر قطاعات من حشد الحشرات
غير أنّ بعض فرسان النخبة جُرّوا إلى اللهيب وسط المعمعة ففَنوا مع العدو
انتظر ذلك بينيتو
هتاف مذعور جعل عدة فرسان يشرُدون طرفة عين ذلك الظل كان رفيقهم يومًا ضاحكًا شاربًا معهم نائمًا في الخيمة نفسها وحالفهم أن يرعوا بعضهم في ساحات القتال
الآن جسده متعفّن وبؤبؤاه يلمعان بأخضر وهو يطلق صرخات حادّة من فمه يجرّ خلفه خيوطًا عصبية طفيلية كالأشواك
لم يعد بشرًا
اطرحوه أرضًا
اندفع بينيتو عاويًا وعيناه خاليتان من أي شعور إنساني
وفي أتون النار والدموع تعاون رفاقه على تطويقه وقتله حتى طرحوا صديقهم السابق صريعًا في اللهيب
وحين ارتطم رأسه بالأرض بدا كأنه ما زال يتمتم بمقاطع غير واضحة
دارت النيران وتلبّد الدخان في السماء وحبس جدار النار جثث الحشود كالقفص وقطع طرقهم
أما جثث الحشود العليا التي حاولت التعزيز من الضفة الأخرى فقد اتّقدت عليها الحرارة الهائلة فتدحرجت وعانت وسط القيظ قبل أن تتحوّل إلى عظام متفحّمة
في مقدمة خط النار كان فرسان وحدة الحجز يصُدّون بيأس أي شارد يحاول اختراق الحاجز
شكّلت السيوف جدارًا وصنعت الأجساد متراسًا فإذا سقط واحد قام آخر مكانه
ما دام جدار النار قائمًا يمكننا قمعهم
صرخ فارس مغطّى بالدم وهو يجزّ على أسنانه
وقف الدوق إدموند على العلو يحدّق في معركة تموج كالمَدّ
قبض على مقبض سيفه وبدا الجد نادرًا في عينيه
هكذا إذن تمتم هذا ليس قتال فوضى بل هو لعبة شطرنج لويس يدفع العدو خطوة خطوة إلى طريق بلا عودة
واصلت النار الانتشار وحاولت جثث الحشود خرق الخط لكنها ووجهت بجدار النار المحكم
سعت جثث الحشود العليا للانعطاف للتعزيز لكنها ارتدّت بارتداد موجة الحرّ الراجعة
بدا ميدان القتال كله كأنه محكوم بشبكة نار عملاقة
انتهى الأمر قال قائد الفرسان وهو واقف وسط الدخان واللهب ينظر إلى الحشد المقطوع أمامه لقد قطعنا جذورهم فلم يعودوا قادرين على التحرّك جماعيًا أو العودة إلى الملكة الأم
لكن هذا ليس الختام ونظر أبعد إلى المنطقة الصامتة عند نهاية جدار النار
هناك هدف وحدة الاقتحام
الآن حان وقت أن يطلق ذلك السيد الشاب ضربته القاتلة الحقيقية
غطّى الدخان الكثيف الشمس وهدر الميدان نارًا كالموج
شقّ فرسان النخبة بالدم والنار صدعًا لا يلتئم في تشكيل العدو وفازوا بالنافذة الوحيدة الحاسمة لأشدّ الضربات فُجاءة اقتحام وحدة الصدمة
وسط الدخان المتقلب وقف لويس على السفح ورداؤه يرفرف بعنف وانعكاس النيران يرقص في عينيه
رأى الشقّ على ميدان القتال وقد تكوّن أخيرًا
مزّق خط النار جثث الحشود وانقطع هيكل القيادة وسقط تشكيل العدو يعوي كوحش بلا قائد في فوضى عمياء
الآن همس وعلى شفتيه قوس يشبه حدّ الناب البارد
ارفع الراية ابدأوا الاقتحام
رفع حامل الراية البيرق عاليًا ولوّح به بقوة فشقّ اللواء قوسًا عبر الدخان المتلاطم
صدرت إشارة الاقتحام
على خط النار البعيد استدار لامبرت فجأة ورأى البيرق المألوف يرتفع من بحر اللهب
تحرّكت شفتاه تحت قناع وجهه وصوته كتمزّق المعدن الآن
تحرّكت وحدة الاقتحام
قرعت الدروع الثقيلة وخطت الأقدام كالرعد
كان الجميع يعلم أنهم يسيرون في درب دموي لا يسمح بتردّد
اندفعوا إلى الجحيم المنسوج من النار والجثث كسيف حادّ صيغه قصد القتال قاصدين قلب عشّ الحشرات بلا حياد
زمجرت النار خلفهم كوحش هائج وهاجت أمواج اللهب تولّد رياحًا حارقة وأنف الروائح المتفحّمة تكاد تخنقهم
تكوّمت جثث الحشود المتفحّمة كيفما اتفق بعضُها ما زال ينتفض قليلًا وبعضُها أفواهُه مفتوحة كأنها تمضغ الموت
افتحوا الطريق أمر لامبرت
خطف ظلّ داكن واندفع ما تبقّى من حشرة لتثب في الهواء فاخترقها سيف رفيع من محجر عينها وسُحقت رأسها تحت قدم جندي مدرّع ثقيل أثناء احتضارها
الساعة الثالثة يسار اقتراب سريع
وبمجرد السماع سحب فارس آخر نصلَه بعكس القبضة ولمع بريق بارد وانفصل ظلّ الحشرة على الفور وتطايرت أطرافها إلى اللهب فتفحّمت في الحال
تقدّموا أكثر
اندفعت بقايا الحشود من الظلال كأنها أسماك قرش جذبتها رائحة الدم متتابعة الانقضاض لكن جميعها سُحقت في سيمفونية الحديد والنار
قوسَت زجاجة سائل الحريق في الهواء وسقطت بين مجموعة من جثث الحشود المتلوّية
أشعلوا
انفجرت النيران بزئير وصرخت الحشود تتلوّى في اللهيب وأطرافها تضرب الأرض كأنها تعزف موسيقى لعالم الجحيم
تفجّرت جلودهم واندفعت سوائل أجسادهم وامتلأ الجوّ برائحة حارقة خانقة
لكن وحدة الاقتحام تجاهلت ذلك كلّه ومضت بلا هوادة
ليس لأنهم بلا خوف بل لأنهم يعلمون أنهم الحدّ الأمضى الذي وُجد ليُغرَز في قلب العدو
أخيرًا وطِئوا أعماق عشّ الحشرات
كان الهواء كالمخاط المتجلّط وأصبحت الأنفاس ثقيلة
لم تستطع النيران إضاءة الدرب كاملًا إذ بدا الضوء في هذه المنطقة يُبتلَع كأنه يصطدم بمادة غير مرئية فلا يكشف إلا خطوات قليلة أمامهم
الجدران ليست حجرًا ولا ترابًا بل مادة حمراء داكنة رطبة دافئة
كأحشاء وحش عملاق تنبض بخفة كأنها تتنفس ببطء
تموّجات غير منتظمة من الثنيات تحيط بهم كاشفة في الخفاء ظلالًا سائلة ووجوهًا بشرية
لم يكن ذلك وهْمًا بل وجوهًا حقًّا على سطح جدار اللحم ضبابية مشوّهة بل ومألوفة أحيانًا
عيون مغمضة وشفاه تتموّج همسًا
وفي اللحظة التالية انفتحت العيون وحدّقت في الفرسان
هل رأيتم ذلك همس فارس فجأة وصوته يرتجف ذاك وجه أخي
اصمت صرخ لامبرت بصوت عميق قاطعًا الكلام انتباه الجميع العشّ قادر على العبث بإدراككم لا تنظروا لا تصغوا
لكن كيف للإنسان أن يغلق حواسه تمامًا
بعضهم سمع أمّه تناديه للعودة وبعضهم سمع كلمات رفيقه المحتضر
وبعضهم سمع صوت موته هو نفسه أجشّ جافًا ينادي اسمه
اندفعوا للأمام ولا تلتفتوا كرر لامبرت بنبرة جليدية
في الأمام قلب عشّ الحشرات
فجأة انكشفت فجوة هائلة كأنها معبد لا ينبغي أن يوجد في عالم البشر
غطّت الجدران الداخلية للفجوة مجسّات لينة وطبقات تفريخ حلزونية تطفو فيها آلاف بيوض الحشرات كفقاعات في سائل عفن
وفي مركز الفجوة كانت النواة الكيسية معلّقة
لم تكن تنتمي إلى هذا العالم
بنية حيوية شفّافة تنبض بخفة كقلب أو كعين لم يفتَحها بعد كائن عظيم قديم
مع كل نبضة كانت الجدران المحيطة ترتعش في تناغم تتنفس وتخفق وتطنّ
بدت محصلة العشّ كله امتدادًا لتلك النواة الكيسية
هي هي همس الرامي
بدت نبرته مكبوتة في مؤخرة الحلق كأن نفورًا فطريًا وخوفًا يمنعانه من رفع صوته
ثم فتحت هي عينيها
شقّ ثقبٌ ببطء في مركز الكيس كاشفًا ضوءًا أحمر شبحيًا هائجًا في الداخل
لم يكن ذلك ضوءًا بل صورة خالصة من تلوّث ذهني كحدقة تحدّق كفغر جحيمٍ فاه
حبس الفرسان أنفاسهم للحظة
ارتعشت ركبتا بعضهم وتصلّبت أجساد آخرين وتشبّع العرق قمصانهم الداخلية
لكن لا أحد تراجع
دروعهم متّقدة وقلوبهم تخبط بعنف وأنفاسهم مطارق ثقيلة ومع ذلك رفعوا أسلحتهم وخفضوا هيئاتهم واندفعوا
هؤلاء هم حماة إقليم المدّ الأحمر الحدّ الوحيد القادر على شقّ الفوضى وسط الحريق
قنبلة السحر البلاتيني الأحمر أطلقوا دوّى أمر لامبرت
لم تتردّد فرقة الاقتحام لحظة
دووم
شقّت عشرات قنابل البلاتين الأحمر الهواء مع خيوط طويلة متلألئة من اللهيب متّجهة بدقّة نحو الكيس
انسحاب صرخ لامبرت ولم ينتظر أحد النتيجة ففي اللحظة التالية كان الجميع قد استدار بالفعل وبدأ الانسحاب بأقصى سرعة
لم يحتاجوا إلى تأكيد الإصابة فمجرد الاقتراب يكفي
انفجرت خلفهم سلسلة انفجارات
هبطت حرارة عالية كأنها شمس لافحة وكسرت موجة صدمة القنابل بنية التجويف من أساسها كمطرقة غير مرئية
زمجرت النيران واخترقت طبقات التفريخ فأضرمت النار وحوّلت البيوض المتلألئة والأنابيب الطفيلية اللينة إلى سحابة من اللهيب المتصاعد
التوى الكيس وارتجّ داخل توهّج الانفجار واندلَت من سقف الفجوة عشرات المجسّات السوداء تحاول بجنون اعتراض القنابل
لكنها لم تصمد ثانية في ذلك القيظ فاشتعلت كالعشب اليابس يلامس نار المطهر وتفحّمت في لحظات
وبدا ذلك البناء الضخم الشبيه بالقلب يشعر بفنائه
ارتعش وتقلّص وظهرت في عينه المشرعة سعةً رعبٌ وبغض قبل أن ينهار تمامًا وسط اللهيب والاهتزاز
وكوحشٍ عند سكرات الموت جنّ جنون الحشد لحظة الهلاك
اندفع ما تبقّى من حشود الحشرات بدافع مجهول ككلاب مسعورة يفجّرون أنفسهم ويعضّون ويحترقون محوّلين ذواتهم إلى قربان أخير
لم يعودوا جيشًا بل لعنات منفلتة لا سيطرة عليها
كل جسد متعفّن كان يئنّ وينفجر ليعيق فريق الاقتحام المنسحب جاذبًا إياهم إلى عتمة مشتركة
اصمدوا
زمجر لامبرت وهو يرفع يده ويهوِي بها شاقًا جثة حشرة هائجة نصفين فتناثر دم أسود
تبعه النائب لصيقًا وضرب أخرى متفجّرة بضربة دوران
وفي اللحظة التالية انفجر رذاذ الحامض كحديد مصهور
آه آه آه
فارس غافل تآكل قناع وجهه كله فجأة بالحامض فانهار واشتعل المعدن واللحم معًا وتفحّما
ومع ذلك لم يتراجع خطوة بل عضّ على أسنانه وصرخ بصوت مشوّه سأصدّ الطريق انطلقوا
رفع ترسه عاليًا كجدار حديد مشتعل ووقف عرضًا عند المخرج الوحيد ضاغطًا ترسه الملتهب بذراع متفحّمة على الحافة المنهارة ليحجز سيل الحشود المتدفّق
تتصاعد منه الدخان وقامته تتمايل في وهج النار لكنه ثابت كحارس بوابة لا تزعزعه حتى المنية
سحب الفرسان القلائل الأخيرون جسده خارج المعبر وخلفهم كانت الانفجارات تهزّ الأرض وانطوى ممرّ عشّ الحشرات كله فجأة كثوران بركاني ملتهمًا كل شيء
جرفتهم موجة حرّ لافحة فطرحتهم في الهواء وأسقطتهم أرضًا
خلفهم كان الانهدام تحت الأرض ولهيب يندفع إلى السماء كأن قلب وحش قد اقتُلع من جوفه
لقد فعلوها
في الخارج تغيّر الميدان فجأة تغييرًا جذريًا
انهار جيش الحشود المهيب الذي كان يندفع كالمدّ في لحظة الانفجار تمامًا كأن نصلًا ذهنيًا اخترق جوهره
توقّف الوحوش واحدًا واحدًا ثم ارتعشوا وأنّوا وخبت عيونهم من النور وامتلأت فوضى عمياء وتفكّك النظام في لحظة وصارت الكائنات التي أرعبت الفرسان تركض بجنون وتخرّ وتمرّغ نفسها وتطحن ذواتها ورفاقها في الطين
اختلطت الأطراف الممزّقة والأجساد المبتورة والدم والأحشاء وتشكلت مستنقعات قرمزية مقزّزة
في خضم المدّ الأحمر تلاقت الصرخات والصيحات وأصوات المضغ وطقطقة العظام في سيمفونية من الجحيم
ومع ذلك لم يصدر أحد في الميدان أمرًا بالهجوم
لأن الجميع كانوا يشهدون هذا المشهد في ذهول
حتى فرسان الرماح الجليدية المخضرمون لم يروا من قبل جنونًا مرعبًا كهذا
وقف لويس بهدوء على المنصّة العالية وعيناه معلّقتان بالميدان
لم تهتزّ نظرته بل لمعت فيها شرارة دفينة
تمّ الأمر
كان صوته هادئًا كأنه يثبت نتيجة متوقعة منذ زمن
الجميع ينسحب وفق المسار المحدّد
وأمر حامل الراية بقوله اكسروا الطوق وشكّلوا خطًا دفاعيًا ولا حاجة لهجوم نشِط بعد الآن
هزّت الراية وتبعت الأوامر كالظل فانفصل سلاح الفرسان في الخطوط الأمامية عن الميدان بسرعة ونظام كمدٍّ يتراجع بلا أثر هلع
كان الدوق إدموند إلى جانبه ولم يستوعب في البداية
نظر إلى حشد الحشرات يتقاتل بعضه بعضًا وقطّب جبينه ما الذي يحدث لماذا يقاتلون فجأة
ثم ومض بصره متذكّرًا الانفجار الهادر
اكتمل اللغز واتّضح كل شيء
هل فُجّر عشّ الحشرات حقًا
وبعد انفجار العشّ فقد الحشد السيطرة فجنّ جنونه بالكامل
التفت إلى لويس فالشاب لم تهرأه الحروب بعد وشعره الأسود يغبرّ بنار المعركة وملامحه ثابتة بلا فرح ولا خيلاء كأن كل شيء كان ضمن حسابه
أهو الذي فعلها فعلها حقًا
بهذا القطع الناري فقط بضربة اقتحام واحدة بفريق صغير من الرماة والفرسان
لم يُظهر إدموند ما يعتمل في صدره لكن بصره ظلّ معلّقًا بظهر الشاب طويلًا
لم يكن يومًا يستخف بلويس
في معركة الناب البارد أحسّ بالفعل أن هذا الشاب غير عادي
جرأة استثنائية وحسم وعلى الرغم من لمسة حظ فإن حكمةً تكتيكية فورية وفهمًا للميدان كانا أوضح
هناك كوّن حكمًا في قلبه آنذاك إنه غرس طيب قابل للتشكيل وربما يصير في المستقبل ركيزة للشمال لذا زوّجه ابنته
لكن الدوق لم يتوقّع أن بريق لويس ليس مؤجّلًا إلى المستقبل بل حاضرٌ الآن
سكون لويس ورباطة جأشه ليسا قناعًا
تخطيطه وحسابه ليسا محض حظ
قدرته على التحكّم في الميدان وقراره البارد بقطع نواة العدو تجاوزت حدّ الوعد إلى حقيقة القيادة
هكذا إذن تنهّد بهدوء وارتسم على وجهه مركّب معقّد
ولأول مرة في قلبه تخلّى الدوق حقًّا عن نظرة المتعالي
وحلّ محلّها احترام صامت مركّب
لم يدم فوض العدو بعد فقدان السيطرة طويلًا
فجماعات الحشود وقد حُرمت من قيادة العشّ كأصداف فارغة تُستنزف أرواحها بدأت بعد جموح قصير في هضم نفسها بسرعة
مئات الآلاف من الكائنات انقلبت في زمن وجيز إلى طين دموي يغطي الأرض وقطع دروع محطّمة
وحين عاد العالم إلى السكون أمر لويس بهدوء نظّفوا الميدان واحصوا الخسائر
لكن عندما عادت الحصيلة سكت لويس
في فرسان المدّ الأحمر سقط ثلاثة من فرسان النخبة واثنا عشر فارسًا نظاميًا
وعلى الرغم من أن النسبة ممتازة ظلّ في قلبه قدر من الأسى
بعضهم كانوا رفقاءه منذ عبورهم السهول الثلجية في الشمال وبعضهم كان يضحك ويمزح معه حتى الليلة الماضية
على الميدان لم يزل ضباب الدم بعد وتلمع ذيول نار هنا وهناك
عاد الفرسان وهم يجرّون أجسادًا مجروحة إلى الصفوف دروع النار مثقوبة ودروعهم مسوّدة لكنهم واقفون في أماكنهم بوجوه تمتزج فيها الكآبة بالفخر
عرفوا أنهم انتصروا وعرفوا كذلك ثمن هذا النصر
في تلك اللحظة لاحظ إدموند شيئًا
لم يُبدِ لويس فرحًا
كان واقفًا فحسب حاجباه منعقدان قليلًا يحدّق في أنقاض عشّ الحشرات طويلًا بلا كلام
كأن هذا النصر في عينيه غير كامل بل وفيه ما يُؤسَف عليه
أهو غير راضٍ بعد اهتزّ قلب إدموند قليلًا
لو كان أحد غيره وبعد تدمير العشّ وسحق المدّ الأحمر فحتى أكثر الناس رباطةً كان ليرتاح ويتهلّل أما هو فلا
لم تكن تلك رباطةً متصنّعة بل شعورًا صادقًا بأن هناك حلًا أفضل وأرواحًا كان يمكن إنقاذها
وهذه الصرامة جعلت الشيخ يحسّ أن الجيل الشاب شديد المضاء بالفعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
⚠️ تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك 🙏
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة ✨، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها 🌸
🤲 المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي 💐، وبالشفاء العاجل لوالدتي 💖، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية 🌙
📢 ندعو قرّاءنا الكرام القادرين إلى دعمنا ودعم فريق العمل من أجل الاستمرار في ترجمة الروايات بأفضل جودة ممكنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ