178 - الرقص تحت الألعاب النارية
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لورد الشتاء القارص: البدء بتقارير الاستخباراتية اليومية
- 178 - الرقص تحت الألعاب النارية
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 “﴿يَرْفَعِ ٱللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ — سورة المجادلة (الآية 11)”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج لويس لتوّه من باب المختبر فتوقفت خطاه فجأة
رفع حاجبه كأنّه تذكّر أمرًا مهمًا على حين غرّة
تمتم لنفسه وهو يلتفت نحو سيلكو الذي كان ما يزال يرتّب قوارير الجرعات: لحظة واحدة، لقد كدت أنسى الأمر الأهم
عاد أدراجه يمشي بين رفوف الجرعات ونادى العبقري الكيميائي المنشغل بالترتيب: سيلكو، جئت اليوم لأمر يتجاوز جرعة الفارس
رفع سيلكو رأسه مغمغمًا وقد بدت الحيرة في عينيه: ليس من أجلها إذن؟ لقد أتيت في الوقت المناسب، ظننت أن أنفك أشدّ حدة من قط المختبر
تنحنح لويس وقال على شيء من الحرج: أردتُ أن تساعدني في صنع… شيءٍ خاص
أمال سيلكو رأسه متقاطع الذراعين وقد بدا مهتمًا: من أي نوع؟ سلاح؟ جرعة؟ أداة سحرية؟ أم قنبلة سحرية
ليس أيًا من ذلك، أجاب لويس بعد برهة كأنه يزن الكلمات ثم قال ببطء: أريد شيئًا يزهر ضوءًا في سماء الليل
ويُفضّل أن يكون ملوّنًا، على هيئة زهرةٍ تنفجر في الهواء ثم تتناثر ببطء
لكن ليس انفجارًا حقيقيًا، بل شيء للاحتفال
تبدّل تعبير سيلكو تدريجيًا وانعقد حاجباه على شكل علامة استفهام: تقول تنفجر وتضيء وتُحدث صوتًا لكن لا تؤذي أحدًا
يبدو كأنها… قنبلة سحرية مخفّفة؟ أتريد الاحتفال بتفجير بعض الطيور أثناء حصار
ليست قنبلة انفجارية، قال لويس ملوّحًا بيديه مرارًا، لن تقتل أحدًا ولن تشعل البيوت، إنها جميلة ورومانسية، توضع في السماء ليلًا كزهرةٍ عملاقة تتفتح في الأعالي
وستنثر نقاط نار كالنجوم تومض، أحيانًا أحمر وأحيانًا أزرق، وكذلك ذهبي وأرجواني، ومن الأفضل أن تتتابع على بضع دفعات كأنها ترقص في الهواء
ارتسم على وجه سيلكو تعبير يقول: ما هذا الهراء العجيب الذي تصفه
غمغم حائرًا: أأنت تصف تعويذة سحرية؟ لِمَ تأتي إليّ إذن؟ أنا خيميائي لا ساحر
ليست سحرًا ولا خداعًا بصريًا، بل شيءٌ مادي، تنهّد لويس وقد أدرك للتو أنه يشرح شيئًا غير موجود في هذا العالم
تريد جهازًا كيميائيًا يطلق قنبلة سحرية في الهواء، لا تؤذي الناس، وتأثيراتها متنوّعة وجميلة قدر الإمكان، باختصار: قنبلة سحرية لا تقتل
نعم، هذا بالضبط تقريبًا، قال لويس وقد تنفّس الصعداء أخيرًا
حسنًا، سأحاول، هزّ سيلكو رأسه عاجزًا
مالت الشمس إلى المغيب، وسكب الشفق الذهبي الأحمر وهجه على الفضاء المفتوح شمال إقليم المدّ الأحمر، فكسَا البرّية المترامية سكينةً دافئة
هبت الريح خلال فجوات العشب البري فذرّت غبارًا يسيرًا إيذانًا بقدوم الليل
قاد لويس جواده إلى ساحة الاختبار المقفرة قليلًا
وبدا شكل سيلكو واضحًا من بعيد
كان واقفًا إلى جوار منصّة إطلاق خيميائية، وعيناه مركّزتان، يوجّه عدّة متدرّبين لوضع أجهزة خيميائية غريبة الشكل على المنصّة
وعلى الأرض سلالٌ عدّة من أنابيب معدنية غليظة مصطفّةٌ بعناية، وكانت خشنة بعض الشيء لصُنعها على عجل، كأنها جذور فجلٍ عملاق تستعد للصعود إلى السماء
قال لويس وهو يرمش: يا له من شيءٍ أغرب مما تخيّلت
أما المخترع نفسه، سيلكو، فكان بردائه الخيميائي الأسود بدخان السخام، يقف متحمّسًا أمام منصّة الإطلاق يوجّه المتدرّبين لصبّ مسحوقٍ ما في الأنابيب المعدنية
تمتمت سيف: لِمَ أشعر أن الهيئة تشبه قلعة المدّ الأحمر أكثر
انعقدت شفتا لويس، فأين الشبه، والقلعة تلك آية في الروعة
ثم جال ببصره على الأرض فتخطّف حاجباه قليلًا: ما المكتوب أيضًا على هذه الأسطوانات
【النموذج الأولي · قنبلة سحرية للزينة】
【لا تلعق!!!】
【آثار جانبية: طنين في الأذن / دوار خفيف / قد يسبّب مشاعر رومانسية】
قال لويس وهو يضع يده على جبهته وقد بدأ الصداع يلوح: من أين أبدأ التعليق
آنذاك تنبّه سيلكو إلى وصولهما ولوّح بيده فجأة: سيدي، أتيت في التوقيت المثالي، شارفنا على الجاهزية
وفي وسط الساحة المفتوحة وضِعت آخر مجموعة من الأجهزة في مكانها
شرح سيلكو للويس وهو يفحص: المكوّن الرئيس هو جوهر مسحوق السحر المُركّب حديثًا، وهو أحد مصادر الطاقة الأساسية، وممزوج بآثارٍ من بلّورة سحرية من بلاتين الرصاص الأحمر
هل الأمر آمن حقًا، سأل لويس بخفوت ونبرةٍ ملتبسة
آمن في الظروف الطبيعية، أجاب سيلكو بلا تردد
رمش لويس قليلًا، فهل يعني ذلك أنّه ليس آمنًا في الظروف غير الطبيعية
تابع سيلكو بنبرةٍ هادئة: أمّا الألوان فنعتمد فيها على رماد طحلب النار ومعه غبار الذهب والفضة، إذ يبدو رماد طحلب النار أحمرَ ناصعًا تحت الحرارة العالية، ويمكن لغبار الذهب والفضة أن يعكس ضوءًا أزرق وذهبيًا بحسب الإضاءة، وإذا ضُبطت النِّسب جيّدًا أمكن الانفجار بأطيافٍ متزامنة من الأحمر والأزرق والذهبي
ثم توقّف لحظة وقال وهو يلتفت إلى لويس: قد يكون الصوت مرتفعًا قليلًا، بحدود ضجيج قنبلة سحرية كبيرة
هزّ لويس كتفيه، فلم يكن الأمر يهمّه كثيرًا، فمكان الألعاب النارية سيكون بعيدًا عن موقع الحفل
هناك في البعيد كان المتدرّبون قد أتمّوا التحضيرات الأخيرة، وركض أحدهم ليبلّغ سريعًا: جميع الأجهزة جاهزة، جوهر المسحوق مُحمّل، والإجراءات واضحة ودقيقة
انتعشت روح سيلكو وارتسم على وجهه تعبير توقّعٍ نادر
لوّح للجميع قائلًا بصوتٍ واضح: الجميع يتراجع 30 خطوة، ابدأوا الإطلاق
تفرّق المتدرّبون بسرعة، وضغط سيلكو مفتاح التشغيل أمامه
وفي اللحظة التالية أطلقت عدّة أسطواناتٍ أزيزًا منخفضًا، ثم انطلقت مخترقةً السماء بصوت طرْقٍ معدني يمزّق الهواء
ثم دوّى على الفور دويّ
فوق صفحة الفضاء انفجرت أول زهرةٍ نارية بغتةً مثل لوتسٍ ملتهبة تزهر، وانهمرت شراراتٌ أحمر كالشلال ترسم خيوط احتراق على صفحة الليل
وانفجرت الثانية بضوءٍ أزرق باردٍ عميق، كبلّورة ثلجية تتفتح بين اللهيب الأحمر فأضاءت السماء دفعةً واحدة
دمدم، بوم، طَق
تتابعت الانفجارات كنبضات الطبول، وتشابكت الألوان الثلاثة، وخطّت ذُرّات ذهبية مساراتٍ في السماء كالشُّهُب
وتشابكت الألسنة النارية وتلوّت في الهواء كأن ريشة رسّامٍ سماوي ترسم ضرباتٍ واسعة، فصبغت سواد الليل لوحةً ملتهبة هائلة، لم يكن صخبها عصفًا حادًا بل هديرًا عميقًا كطبول حرب، بل كنبض قلبٍ يقرع في صدور الجميع
رفع لويس رأسه إلى أثر اللهيب الآخذ في التلاشي، فاهتزّت عيناه قليلًا وارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ خافتة
تمتم: هذا أفضل قليلًا مما توقّعت
صحيح أنّه لم يبلغ تراكُب البريق النجمي المتعدّد الطبقات الذي عرفه في ألعاب العام الجديد في حياته السابقة، ولم تظهر الأشكال المعقّدة والإيقاع الطويل، وبدا كلّه أكثر خشونة
لكن في عالمٍ لا يعرف معنى الألعاب النارية كان هذا المشهد كافيًا ليحرّك القلوب
خشنٌ لكنه صاعق، بسيط لكنه حقيقي
التفت ببطء نحو سيلكو الواقف بقرب منصّة الإطلاق غير بعيد
كان واقفًا مكتوف الذراعين بملامح تقول: ما هذا الانفجار بالضبط
قال لويس بجدية: ليس سيئًا، هذا ما أردته، فقط يلزم تحسينه قليلًا ليكون أجمل، مثل أن يكون أقل عنفًا، وألين لونًا، وأقرب في الشكل إلى زهرة لا انفجار
زهرة، كرر سيلكو وهو يقطّب حاجبيه كأنّما سمع هرطقة
وأومأ بإشارة غير معيارية رآها في مكانٍ ما: إن كنت تريد كرات نارٍ لينة لا تؤذي ولا تنفجر، فقد يلزمني أن أُعيد تعريف كلمة انفجار
قال لويس متنهّدًا: سأطلقها في حفل زفاف لا في ساحة قتال
على أيّ حال فالأمر ليس صعب التعديل، وما إن فرغ من التذمّر حتى عاد سيلكو إلى رباطة جأش الخيميائي الذي يحوّل أي طلب عاطفي إلى معادلات، وقال: عليك أن تخبرني أولًا أي جزءٍ من كلمة جميل أهمّ عندك
أ意هيئة الزهرة غير أنيقة كفاية؟ أم أنّ الألوان غير نقية؟ أم أنّ تواتر الانفجار غير منضبط الإيقاع؟ أستطيع بالطبع أن أجرّب كلّ ذلك
ثم ابتسم: المسألة بسيطة جدًا، أستطيع صنعها جميعًا
وقفت سيف إلى جانب لويس تحدّق في السماء
كانت الألعاب النارية تزهر ببطء فوق الرؤوس كأن شلّال شُهُبٍ معكوس معلّقٌ في الليل، ويتناوب الأحمر والأزرق والذهبي ويلتفّ، وكفّ يدٍ كُبرى ترسم حلمًا لا يُصدّق خطًا بعد خط
لمع في عينيها بريق دهشة وفرح، كطفلة ترى عجائب الدنيا للمرّة الأولى
كان مشهدًا رومانسيًا لم يخطر لها قط، كحكايةٍ خرافية، كحلم، كأمرٍ خارق يحدث في الأصقاع البعيدة
لكن ذلك الفرح لم يطل
إذ تذكّرت فجأة أمرًا
فالألعاب النارية ليست مُعدّةً لها
مع أنّها أوصت نفسها منذ زمن ألا تتوقّع شيئًا، وفهمت باكرًا أنّ علاقتهما لا تُعلن على الملأ
إلا أنها، وهي تشهد المعجزة رأي العين، شعرت بقليلٍ من الأسى في قلبها
تلاشت ابتسامتها تدريجيًا، وأطرقت بنظرها، وانخفضت أهدابها الطويلة
داعبت الريح شعرها، فعضّت شفتها السفلى بخفّة كأنها تكتم شعورًا لا ينبغي أن يظهر، ثم استدارت بهدوء تقصد أن تغادر وهج الضوء والنار
سمعت خلفها صوت لويس: أنتِ أيضًا ترين هذا للمرة الأولى، أليس كذلك
تجمّدت سيف فتوقّف خطوها
ولما التفتت كان يبتسم وقد اعترض طريقها وعلى وجهه مكرٌ رقيق، وفيه أيضًا رهافةٌ خجولة
كيف هو المشهد، جميل، سأل بنبرةٍ خفيفة كأنه يتحدّث عن قوس قزح بعد مطر
لم تجب على الفور
إذ كان جميلًا حقًا
لكن… لم تكن تلك الجماليات تخصّها، وأنزلت بصرها ولم تتلفّظ بكلمة لكن تعابيرها الهادئة قالت ما في داخلها بوضوح
نظر إليها لويس ولم يُلحّ، وسكت لحظة
ثم تراجع نصف خطوة وانحنى قليلًا ومدّ يده بحركة مبالغٍ فيها لكنها شديدة التهذيب وهو يدعوها
إذن… هل ترغبين في الرقصة معي
قالها مبتسمًا بصوتٍ وديع كأنه يخشى أن يُفسد حلمًا نازلًا بهدوء
رمشت سيف
لم تكن تتوقّع دعوةً كهذه في هذا الموضع وهذا التوقيت
ولم تتخيّل أنّ لويس، والشرارات لم تخمد بعد، سيستعمل هذه الطريقة كأنه يترك ذكرى خاصّة لها وحدها
أتجيد الرقص، سألت همسًا وفي نبرتها لمحة شكٍّ وتحدٍّ
لا، أجاب لويس بصراحة، لكنني سأحاول قدر الإمكان ألّا أدوس قدميكِ
عندها انفجرت سيف ضاحكة قليلًا، وأضاء وهج الألعاب النارية الخافت ما خامد من عينيها
ومدّت يدها برفق لتضعها في كفّه
وقفا في وسط الساحة المفتوحة بلا موسيقى ولا منصّة رقص، وإنّما بقايا لهبٍ معلّقة في السماء ورعشة نارٍ لطيفة في الريح
كانت خطواتهما غير أنيقة، وحركاتهما تفتقر إلى الصقل، لكنّهما لم يُباليا
أسندت سيف كتفها إليه وهي تشبك كفّها بكفّه وتحسّ دفء جسده الخفيف البارد كريح الليل، وكأنه… أمانٌ مفقود عادت إليه
كلما أطالت الوقوف قربه شعرت أنّ في عينيه نظرةً أعمق من عمره بكثير
وخلف تلك الرهافة إرادةٌ شديدة الصلابة وحُكمٌ هادئٌ مخيف
كان حقًا شخصًا يستطيع أن يقلب مجرى المعركة ويعيد تشكيل النظام
وعلى هذه البرّية الباردة كان واحدًا من القلائل المستعدّين لترك شرارة، لإشعال مصباحٍ للآخرين
تأمّلت خطواته غير المعيارية وسعيه الحثيث ليحافظ على هيئة رجلٍ مهذّب، ففاض في قلبها حنانٌ يصعب وصفه
ربما لم تكن مميزةً في قلبه
هو مقدَّرٌ له أن يتزوّج نساءً أُخَر في المستقبل، ولعلّهن أكثر من واحدة
وهذا العالم شديد التساهل مع الأقوياء، لا سيما مع سيدٍ نبيلٍ مثله، فأن يتزوّج ثلاثًا أو أربعًا من السراري ليس بالأمر النادر
كانت تعرف ذلك جيدًا
عرفته دائمًا
كما تعرف أنّ هذه الرقصة لم تُعدّ من أجلها، وأنّ الألعاب النارية لا تزهر بسببها، وأنّ المستقبل ليس محجوزًا لها وحدها
ومع ذلك مدّت يدها
ما دام، في هذه اللحظة، يرقص معها
وما دامت، في هذا الخيط الوجيز من الضوء الذي لم يخمد، تستطيع أن تقف إلى جانبه ولو مرة واحدة، ولو برهة خاطفة
فهي راضية بأن تخبّئ هذه الذكرى في ألين زاويةٍ من قلبها بلا مطالب ولا أسئلة
همست قائلة: لويس
لم تكن تعرف ما الذي ينبغي أن تتوقّعه منه
ربما لا شيء
لكنها رضيت أن تبقى إلى جواره، الآن على الأقل
لا من أجل قوّةٍ ولا من أجل مسؤولية، بل لأنّه، في هذه اللحظة، ينظر إليها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
⚠️ تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك 🙏.
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة ✨، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها 🌸.
🤲 المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي 💐، وبالشفاء العاجل لوالدتي 💖، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية 🌙.
📢 ندعو قرّاءنا الكرام القادرين إلى دعمنا ودعم فريق العمل من أجل الاستمرار في ترجمة الروايات بأفضل جودة ممكنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ