لقد أصبحت الأمير الأول - 69 - اعتاد على العالم (2)
اعتاد على العالم (2)
——————–
هذين الأسبوعين الماضيين، كنتُ مستيقظ، مع ذلك نائم.
كنتُ حياً، لكن في نفس الوقت ميت.
كان كل ما أمكنني فعله هو الاستماع لعجلات العربة المزعجة التي كانت تحمي جسدي، والصرخات والأوامر العاجلة التي رنت وسط الهواء البارد. تمسكتُ بقلب المانا المحطم خاصتي، واختبرت طاقته باستمرار.
تلك اللحظة الأخيرة على ساحة المعركة، وأنا محمول على حصان الرماح، كررت نفسها بلا نهاية في رأسي.
رأيتُ خالي، المحاط بالأوركس وهو يقف الوقفة الأخيرة لإنقاذ قلعته، الناس الذين ضحوا بأنفسهم بإراداتهم حتى يتمكن الآخرون من الهرب. خفق قلبي بألم لتلك الذكريات الأليمة. مع ذلك، رحبتُ بالتعذيب هذه المرة.
كان عقابي لترك الكثيرين يموتون، حتى أستطيع أنا العيش.
على الرغم من أنني رغبتُ بأن أكون ملكاً، إلا أنني تركت خالي يعاني الهزيمة التي كانت لي لأعانيها.
أردتُ الوصول للتفوق، لكن لم أكن مستعداً لدفع الثمن.
لم تكن خططي تختلف عن متفائل كسول.
كان تصميم مثل طفل صغير.
كنتُ متغطرساً.
ثمل بأمجاد الماضي، رأيتُ كل شيء وكأنه تحت قدماي. نظرتُ للأسفل إلى الموت كشيء تافه منمش. موتات الكائنات الأخرى لم تكن لي. والآن….كان وكأن الموت نفسه تفوق علينا.
كل أفعالي كانت لا تختلف عن شخص يعتقد أن الوجود لعبة – مجرد فضول.
كنتُ رجل أحمق، متغطرس وأعمى.
وهكذا، فقدتُ الكثيرين.
فتحت عيوني حينها.
ضربني الإدراك أخيراً.
في تلك اللحظة، انحفرت دوائر مشتعلة جديدة على قلبي.
لم يتوقف الخفقان أبداً.
ثم…برزت رسالة في رأسي.
』قصيدة جديدة…..『
』صفة جديدة….『
لم أستمع؛ لم أركز.
لأن كل ما كان عليّ فعله منذ هذه اللحظة ليس صنع قصائد جديدة.
***
“جلالتك!”
كان من الجميل بالتأكيد رؤية الأمير الأول مستقيظ على قدميه. مع ذلك، لم يتجرأ أحد على الاقتراب منه والتفوه بفرحته لكونه حياً. في اللحظة التي نظر الجميع إلى عيونه الزرقاء الباردة، حل الصمت على القاعة. ابتلع أحدهم بصوت حتى. كان التوتر ينتشر في القاعة مع كل لحظة.
بدأ الأمير الأول بالسير، بصعوبة. بينما يترنح، ظل يتحرك للأمام. كان هناك النبلاء أمامه، والذين بدا وكأنهم لا يستطيعون الكلام. حدقوا به فحسب.
تبادل النبلاء النظرات. ثم، كان الكونت هيستين أول من قام من مقعده.
“حسناً، جلالتك….أنا سعيد أنك تبدو بخير.”
مع تحدث الكونت، مال جسد الأمير الأول للأمام وكأنه سيسقط. تصرف الكونت هيستين دون قصد، وتحرك لدعم الأمير المترنح. تم دفع الكونت للخلف، وأمكن سماع صوت حديد على قماش.
اتسعت عيون الكونت. لم يعد سيف عائلة هيستين مغمداً عند وسطه.
لا، كان في أيدي الأمير الأول.
السائل الأحمر المتدفق عبر السيف ملأ عيون الكونت.
أمسك الكونت بالأمير. لم يمكن الشعور بأي ألم.
“ج-جلالتك….ماذا….الآن….” لم يتفوه الكونت بكلمة أخرى حيث أصبح صوته غرغرة دموية. وضع يده على حلقه، وتدفقت الدماء بين أصابعه.
تدحرجت عيونه للخلف، وسقط مرتطماً بالأرض.
“كونت هيستين!”
“أيها الكونت!”
اندلع هياج متأخر بخطوة حيث أدرك النبلاء ما حدث.
“جلالتك!” صاح رجال بالاهارد المصدومين.
“أخي!”
أسرع الأمير الثاني وسد طريقه. كان الأمير الأول يسحب سيفه متجهاً نحو لورد آخر.
“اخرج من هنا.” صاح ماكسميليان بصوت عميق حيث نشر يديه أمامه. “أنا غاضب أيضاً، تماماً مثلك.” أضاف ماكسميليان.
لم يجب الأمير الأول؛ بالكاد أبعد ذراعي ماكسميليان وأخذ خطوة للجانب.
“لكن لا ينبغي أن نشبع غضبنا بهذه الطريقة! الآن هو الوقت لنتحد معاً ونواجه الأوركس!” تحرك ماكسميليان أمامه مجدداً.
“الاتحاد معاً؟” التوت شفاه الأمير الأول. “هذا ليس مضحك.” تحدث بصوت ملتوي.
“أخي!”
صاح ماكسميليان بتعجل.
“فينسينت….كم عدد الرسل الذين أرسلناهم؟” سأل الأمير الأول.
“لقد أرسلت رجلاً كل ثلاث أيام، لثلاثة أشهر سيكون ذلك حوالي 30 رسولاً قد غادروا جدراننا.” أجاب فينسينت بالاهارد بصوت بارد.
قابلت عيون الأمير الأول ماكسميليان مجدداً.
نظر ماكسميليان للأسفل دون قصد.
في تلك اللحظة، اندلع كفاح يائس من النبلاء الجبناء.
“جـ-جلالتك! اهدأ رجاءاً! نحن….نحن كان لدينا ظروفنا الخاصة أيضاً.”
“جلالتك الأمير الأول، مهما كان مذنبين، فلا يمكنك فعل هذا! هذا ليس صحيحاً! هذا ليس القانون!”
بينما توسل البعض بيأس، احتج الآخرون بقوة على موت الكونت هيستين.
“في وضع مشابه، رفضتُ أمراً مباشراً بعدم الذهاب للشمال. لا أرى سبب مبرر لمثل هذا الأمر الأحمق الطائش. أولئك الرجال، تلك الجراء، لا يستحقون شيئا سوى عرض مختصر للعدالة.” أعلن إيرهيم كيرينجر حيث تقدم للأمام. رن صوته في أنحاء القاعة.
“العائلة الملكية نفسها تظاهرت بأنها لا تفهم جدية مأزقنا. ينبغي أن يواجهوا كذلك هذا العرض المختصر.”
كان هذا الجدال ليرى كخيانة تحت أي ظرف آخر، مع ذلك كان إيرهيم كيرينجر متحدث جيد. رنت كلماته بالحقيقة. سرعان ما أدرك اللوردات شدة مأزقهم وعلموا أنه لا يمكنهم الفوز بأي أحد إلى صفهم. مازال، حاول البعض.
“أعتذر، أيها اللوردات، لكن كيف لنا أن نعلم حقاً بأزمة قلعة الشتاء؟”
“نعم! لدينا الحق للدفاع عن أنفسنا أيضاً. إذا كنا مذنبين، فنستحق محاكمة!”
بينما يستمع لصحياتهم المتعجلة، دفع الأمير الأول أخيه جانباً. لقد نهض للتو من سرير مرضه، وأظهرت حركته أنه مازال يفتقد للقوة الطبيعية.
“قلعة الشتاء لم تنكسر.” تحمل الأمير الأول.
“قلعة الشتاء تم هجرها!”
لم يكن هناك خيار لماكسميليان سوى التراجع من أمام غضب أخيه.
“الآن.”
عندما تحدث الأمير الأول، ظهر إيرهيم كيرينجر بجانبه كما لو كان ينتظر.
“كونت شورتول. البارون إيتون، كاردين، وبرانهايم.”
نظر أولئك اللوردات إلى بعضهم البعض عندما صاح إيرهيم.
“هؤلاء الرجال الأربعة. رجاء تراجعوا خلف خط الفرسان. فقط أنت من ساعدتمونا، حتى بأقل الطرق.”
ترددوا في البداية، لكن بعد ذلك اتبعوا أمر الفارس.
“ستة عشر نبيلاً أمامي، لكن أرى أربعة رجال فقط.” أعلن الأمير الأول، صوته جليدياً كشتاء قاسي.
كان حينها فقط أن أدرك النبلاء المتبقيين أن الحكم قد تم إصداره بدون أي كلمة دفاعية. نظروا في أنحاء القاعة، مثل أرانب برية خائفة. كان خط من الفرسان يحيط بجميع الجوانب. ثم، سحب حراس النبلاء سيوفهم، بنية واضحة لسفك الدماء الملكية.
انكشف القلب المتعفن للمملكة أمام عيون الجميع أخيراً. الفساد العميق الذي استولى على عقول ورؤوس النبلاء.
شعر ماكسميليان بالدوار.
فجأة، أمكن سماع أصوات مقززة ملأت القاعة بأكملها. تحول الجميع نحو المصدر. كان الفرسان الذين يحمون النبلاء الخائنين يسقطون على الأرض متقيئين الدماء. تحركت ظلال خضراء بخفة بين أولئك الرجال الموتى.
وخزت رائحة الدماء والأمعاء ورائحة العشب الطازجة أنف ماكسميليان.
كانوا منفذي الجن الذين انضموا للمعركة الأخيرة. في لحظة، مسح أولئك الجن الدماء من على الأنصال واصطفوا خلف الأمير الأول. حينها، تحرك فرسان الهيكل للأمام، وأجبروا النبلاء على ركبهم.
“جلالتك! أرجوك! أرجوك اعفو هنا!”
“إذا سامحتني هذه المرة، سأظل مخلصاً لك طوال حياتي!”
توسل اللوردات وتوسلوا حيث تحرك الأمير الأول نحوهم ببطء.
“حصلتم على فرصتكم بالفعل.”
في كل مرة أرجح الأمير الأول سيفه، فقد لورد حياته.
بارون، كان يطالب بمحاكمة حتى لحظاته الأخيرة، تم شق صدره.
كونت، كان يتوسل بينما ينبطح، سرعان ما أصبح جثة بلا رأس سقطت على الأرض. رجل حاول الهرب لكن بعد بضعة خطوات تم اختراق ظهره بضعة مرات.
تمكن بعض النبلاء حتى من سحب سيوفهم، راغبين في أخذ الأمير كرهينة. سحب الآخرون سيوفهم فقط في اللحظة الأخيرة. كان الأمير الأول مستمر في ذبحه بلا هوادة، بلا تردد. بينما كافح لالتقاط أنفاسه، حدق في النبلاء المتبقيين. هم رأوه يرمش عيونه الزرقاء، الدموية، وتعثروا أمام نظرته. ثم، هكذا فحسب، ماتوا صارخين في دمائهم وبولهم.
سقط الأمير الاول على الأرض من التعب. لم تعد ساقاه قادرتان على حمله.
“اه….جلالتك! أجوك…سامحني!”
تبقى نبيل واحد فقط. كان الكونت جولون، رجل قد تباهى بقربه لمونبيلر. توسل مثل خنزير صارخ بينما فاضت الدموع من وجهه.
ضرب الأمير الأول ذراعيه على الأرض وبدأ يزحف نحو الكونت.
“جلالتك….أرجوك! هذه المرة فقط!”
صعد الأمير الأول على النبيل الراقد حيث حاول التراجع بيديه وقدميه، ووضع سيفه في حلقه.
أمسك الكونت رقبته وتلوى مثل دودة قذرة.
حرر الأمير الأول يديه من النصل وأخذ أنفاس كبيرة. تلاشى الضوء الأزرق الذي كان مشتعلاً عبر جسده. نال منه الإرهاق.
مع ذلك، بقي وميض من الحياة على وجهه.
اقتربت امرأة ودعمته حيث سقط على كرسي.
تحولت جميع العيون في القاعة إليه.
كانت بعض الوجوه تحمل تعبيرات الندم، الأخرى ممتلئة بالخوف من المستقبل.
لم يكن الامير الأول مهتماً بأي من هذا.
“أنتوين.”
“جلالتك.”
“اجعل رجالك ينشرون الشائعة. أولئك النبلاء قرروا الذهاب في طريقهم. هربوا من جدراننا أثناء الليل.” قال ما عليه قوله فحسب، بلا تصنع.
عند ذلك، أومأ قائد الثعالب الفضية بالكاد وغادر القاعة.
“إيرهيم كيرينجر. اجمع رجالك وخذ كل وأي قلعة يمتلكها أولئك النلاء. هل عليّ أن أخبرك بالمبرر؟”
“ألن يكون كافياً إذا قلنا أن جلالتك تنظر بفقر لهؤلاء الرجال الذين هربوا بلا شرف، وأن بنعمتك، اخترت إرسال رجالك لحماية ممتلكاتهم وأقاربهم؟”
“جيد كفاية. الان أسرع.”
رحل إيرهيم بينما يقود فرسان الهيكل. استمر الأمير الأول بإطلاق الأوامر. غادر فرسان وجنود قلعة الشتاء القاعة بتعبيرات حياة أو موت على وجوههم. أولئك الذين تلقوا الأوامر لم يتجرأوا على الإحتجاج.
حتى الكونت الجديد، الذي أصبح الآن حاكم بالاهارد، قفز مثل ملازم شاب عندما تم إخباره بأن يعطي تقييمه للوضع العسكري الحالي.
شهد الكونت شورتول كل ذلك برعب تام.
بينما يراقب الأمير الأول الدموي يعطي أوامره، جاء شعور جديد إلى قلب بيرت شورتول. كانت ميتات زملاؤه النبلاء بشعة بكل تأكيد. مع ذلك، لم يشعر بأي اشمئزاز نحو الأمير لتنفيذ مثل هذا الحكم.
لكن مازال، لم يتجرأ بيرت حتى على التنفس بصوت عالي، دع عنك أن ينظر في عيون أحد.
كان التغير في سلوك الأمير الأول مفاجئاً وتاماً لدرجة أن الناس شعروا بالكآبة والرعب.
“كونت شورتول.”
“ن-نعم! نعم جلالتك!” أجاب في الحال.
“المملكة قد هجرت الشمال.”
تصلبت تعبيرات الكونت شورتول حيث تذكر المسألة الضاغطة التي نسيها في المذبحة. قرار العائلة الملكية بنصب خطوطها الدفاعية جنوب النهر كان يعني أنهم هجروا ستة عشر مقاطعة وممتلك للشمال. تماما مثل أدار اللوردات الشماليين ظهورهم لقلعة الشتاء، فعلت العائلة الملكية للشمال.
كان المستقبل المروع هو ما تبقى للأراضي الشمالية، مستقبل لحشود من الوحوش تتدفق عبر ممر لم تعد قلعة الشتاء تسيطر عليه.
“أنا لن أهجر الشمال.” تابع الأمير الأول، رأسه منخفضة بتعبيرات مروعة.
“سوف أبقى مع الفيلق الثالث. سأبدأ من جديد هنا، في هذا المكان.”
لم تلائم تلك الطريقة في الحديث أميراً في مملكة محكومة بواسطة والده.
لا، لقد بدت مثل تصريح من ملك.
————————————————————————————————————–
Ahmed Elgamal