لقد أصبحت الأمير الأول - 44 - فجأة، كان شتاء شديد قادم (1)
فجأة، كان شتاء شديد قادم (1)
——————————
توك توك. توك توك.
بعد نقر الزجاج بمنقاره، أخذ الطائر خطوة للوراء. بدا كأنه كان يشير لي بأن أفتح النافذة.
رغم أنني شعرت بالكسل وعدم الرغبة في فعل ذلك، إلا أنني فتحتها في النهاية، حيث كان لدي اشتباه مزعج بشأن هوية من أرسل هذا الطائر الغريب.
عندما انفتحت النافذة، حلق الطائر إلى غرفتي، رابضاً على حافة كرسي. حدق بي بعيونه الخرزية وفتح منقاره.
[هل أعجبتك الهدية التي أرسلتها؟]
الصوت المنعش واللحني الذي اخترق أذناي كان لشخص مألوف جداً لي. كان هذا الطائر اللعين رسول من تلك الجنية العالية القذرة.
“أي هدية؟”
بينما تحدث الطائر بصوتها، حول مرسول شيجرين نظرته نحو سلاح أورك قد كسبته كغنيمة معركة.
حينها فقط أدركت ماذا كانت تعني بالهدية. تجهمتُ باشمئزاز نحو الطائر.
“إذن، كانت فعلتك.”
[أنا رغبت بالكاد في أن يواجه جلالتك تحدي أعظم.]
“هذا لا يهم. أرى أن من الفظاعة أنكِ قدتي مائة أورك شرس إلى ساحة معركة، وتركتي المئات ليموتون في النهاية!”
[أنا أناشد جلالتك، أرغب بأن تكون سعيداً بكل قلبي من خلال هذا.]
كان صوتها يشبه إلى حد كبير صوت طفل صغير، تهمس باحثة عن الثناء. لم يكن في صوتها أي ذرة من الأسى ولا الحداد لعشرات الجوالة الذين ماتوا أثناء القتال.
لم يسعني سوى تذكر أنني لم أكن مغرماً كثيرا بالجنيات، لأنني كنتُ أعلم أفضل من أي أحد آخر كيف كانت تعمل جمائلهم. مع ذلك، كان هناك سبب آخر في كون الاهتمام الذي تظهره الجنيات أكثر ترويعاً حتى. كان أنهم يستمتعون بشدة باختلاس النظر على الآخرين.
[مثل هذه الكراهية تجاه عشيرة الجلد الأخضر بأكملها…..أنا مبهورة حقاً.]
كانت شيجرين بلا شك تراقبني من مكان ما.
ربما قد استعارت عين طائر كما كانت تفعل الآن، أو ربما عيون وحش آخر. الأسوا حتى، كان يمكن أنها تراقبني بعيوني الخاصة.
في كل الأحوال، لم يكن شعور سار. بدا فظيعاً أن تكتشف أن جنية مجنونة عمرها ألف سنة كانت تتسلل وتتجسس عليك.
كانت رأسي تخفق. فركتُ جبهتي الحارقة بغضب. لم يكن هناك شيء بلا جدوى أكثر من الغضب على الجنيات. إنهم لن يفهموا أو يتعاطفوا مع غضب الناس الآخرين أبداً، بل يبدون مستمتعين للغاية عندما يغضب شخص ما من أفعالهم.
“لا تتفوهي بالمزيد من الهراء. أخبريني بسبب قدومك فحسب.”
[لما يجب أن تكون باردا جداً؟]
بالنظر إلى الطائر الذي كانت رأسه منحنية كما لو كان يضحك، تصلب وجهي.
[أشعر بالألم قليلاً من قسوتك، لكن ما الذي يمكنني فعله؟ بما أن من الواضح أن مشاعرنا غير متبادلة حالياً، فسوف أنتظر فحسب اليوم الذي ستعيد فيه مشاعري.]
يمكنها الانتظار للأبد كما تشاء. لن يأتي يوم كهذا أبداً.
“هاه….هاهاهاها!”
عندما ضحكت، حدق الطائر بي وفتح فمه.
[هناك شيء عليّ إخبارك بشأنه، عميقاً في سلسلة الجبال.]
لم أجب. لم أرغب أن أتمايل بكلمات شيجرين.
مع ذلك، استمر تصميمي لفترة فقط.
[كائن قديم جداً نائم هناك.]
مع استمرارها، ارتفعت أذناي للأعلى حيث تجاوز الاهتمام فخري.
[إذا كتبتَ عنه في أغنية، أراهن أنها ستكون قصيدة رائعة!]
نعق الطائر بسعادة عندما لاحظ اهتمامي. مع ذلك، بدأ شكله بالانهيار تدريجياً.
[أخشى أن وقت هذا المخلوق الصغير قد أتى.]
بدأ منقار الطائر يتصدع، تدفقت الدماء للأسفل. تمددت كرات عيونه، كادت أن تصل لدرجة الانفجار.
[إذن، حتى نلتقي مجدداً…]
كان جسد الطائر ينتفخ بسرعة حتى انفجر أخيراً مع صوت سحق.
ترشش اللحم والريش في جميع أنحاء الغرفة. مددتُ يدي وأمسكت واحدة منهم بدقة. ما كان طائراً جميلاً قبل لحظات كان الآن قطع من اللحم.
“…..”
نادراً ما كانت الجنيات العاليات غير مباليات عند الحديث عن تلك القصائد المقرفة. لذا استنتجتُ أن الكائن القابع داخل سلسلة الجبال كان بطولي على الأقل.
“أن أكون بطل….”
كنت أعلم بالفعل لما كانت تعطيني هذه المعلومات. كانت تأمل أن تستمتع بمذاق أعمق مني خلال ثلاث سنوات. كلما ارتفعت جودة قصائدي كلما زاد ما عليها تذوقه. كانت نواياها واضحة.
قد تغني، لكن لا يمكنك إنشاء أغنية جديدة
قد تسرد، لكن لا يمكنك كتابة قصيدة جديدة.
كانت الجنيات عرقاً لا يمكن أبداً أن يكون جمهور، ولا راوي، ولا متحدث.
هذه الجنية العالية شيجرين كانت تأمل بأغنية جديدة.
“سأطابق الإيقاع هذه المرة.”
كنت راغبا في مسايرة ذلك الأمر وأتخذ قراري حينها وهناك.
***
كما هو الحال دائماً، كان النهار مرعب. زارت أديليا غرفتي.
“جلالتك؟”
عندما رأتني جالساً على الأريكة، أمالت رأسها. ثم رأت الريش الأبيض والأحشاء في كل أنحاء المكان. اتسعت عيونها حيث وقفت ساكنة، تحدق في بقايا الطائر.
بينما تستوعب المشهد، اتسعت عيونها أكثر حتى وكان وجهها شاحباً كالموت.
“أديليا، أيمكنك المساعدة بتنظيفه؟”
هي التقطت الريش وجمعته في مكان واحد. ثم ترددت لفترة ولفت جسم الطائر في بعض القماش.
شاهدتها بهدوء وهي تنظف.
كان لدي شعور بأنني أريد التأكد من أنواع الكائنات التي يمكن أن تستخدمها الجنيات لاستراق النظر.
بمساعدة أديليا، نظفت وجهي وارتديت الملابس. بعد ذلك ارتدت الفرو وغادرت.
كان حينها أنني توجهت إلى الثكنات باحثا عن فينسينت.
كان في مقر الجوالة.
“جلالتك، كيف يمكنني مساعدتك؟”
حنى فينسينت رأسه قليلا. كانت تحية أقصر من عندما تقابلنا لأول مرة لكنها بدت أكثر صدقاً.
بالنسبة لي، بدا وكأنه كان يقدم الاحترام لزميل قاتل في جانبه.
“أخبرني عن الوحوش التي تعيش في الجبال، فينسينت.”
أورك، عفريت، غنول، كوبولد؛ أخبرني العديد من أسماء الوحوش المختلفة. لكن لم يبرز أي منهم في عقلي.
تلك الوحوش الأدنى لا يمكن أن تكون موضوع قصيدة بطولية.
“هل هناك المزيد داخل الجبل نفسه؟”
عندما سألت هذا السؤال، أصبح فينسينت حذراً فجأة.
“الجوالة يتنقلون كثيراً في الجبال جلالتك، مع ذلك نفضل جميعاً ألا ندخله. لم يتمكن أي من أولئك الذين تجرأوا على الدخول من الخروج أحياء. أعتقد أن بعض الأشياء التي في الأسفل هناك تستطيع جعل الأوركس يبدون كقطط صغيرة.” هو أجاب.
“لم يعد رجل واحد حتى؟”
“لم يعد أحد. حتى أفضل الجوالة لا يدخلون الكهوف. مهمتهم هي القضاء على الوحوش التي تنزل من الجبل. إنهم جنود، ليسوا مستكشفين.”
تأملتُ كلماته لبعض الوقت.
“إذن، لم يعد أي رجل. هل هذا يعني أننا ليس لدينا أي معرفة بما يوجد في الداخل؟”
“هذا صحيح.”
حثثته مجدداً على مشاركة حتى أصغر الحقائق معي، مع ذلك ظل جوابه كما هو. المناطق الداخلية لسلسلة الجبال ظلت غموضاً تاماً.
“اعتقدتُ أنه لم تتبقى أي ألغاز، لكن لا زال لدينا واحد هنا.”
لقد تم تفسير وتصنيف معظم عجائب هذا العالم منذ وقت طويل عن طريق الفرسان الذين جالوا العالم، ساعين للتفوق.
تم القضاء على كائنات قوية متنوعة، وتم قهر الحظر الذي لا يسمح للبشر بالعيش.
مع ذلك هنا، بقي أحد تلك الكائنات. كلما فكرت، كلما بدا القدوم لبالاهارد قرارا ممتازاً.
“أنا فقط أعلمك، جلالتك.”
كنت محتجزاً في أفكاري حتى سمعته يتحدث مجدداً.
“لا تفكر في دخول الجبال جلالتك. هل تسمعني؟ لا تدخل.”
***
بعد ذلك اليوم، تم شن بضعة حملات إخضاع أخرى. لم أشارك في أي منها. قتال الوحوش الأدنى لم يكن مهماً لي.
كان تفكيري بأكمله موجه نحو استكشاف سلسلة الجبال.
ما سلوك الوحش الذي يعيش في الداخل؟
تخيل طبيعته فحسب جعل قلبي يخفق من الإثارة.
ربما كان ملك الأورك، الذي اعتقد أن سلالته قد قطعت قبل 400 سنة، أو ربما شيء مختلف تماماً.
في كل الأحوال، سيكون لقاءاً ساراً حقاً.
قمعت رغبتي في القفز نحو تلك الكهوف مباشرةً. كنت أعرف أنني لست مستعداً.
كان يتطلب الأمر المزيد من المعارك والمزيد من الانتصارات لإدراك شخصيتي الحقيقية، لأصبح المثالي الذي أوشك أن يكون في متناوي يدي.
لحسن الحظ، كانت بالاهارد أفضل مكان في القارة لرجل يسعى للمعارك. لن يكون من الصعب إيجاد الانتصار الذي رغبت به هنا.
في ظهيرة ما في الشمس الدافئة، وهذا شيء نادر في منتصف الشتاء، سمعت صوت بوق.
ااااااااو ووووو!
كان هناك جوال يأخذ قيلولة في ضوء الشمس. قفز فجأة، أمسك قوسه، ونادى أصدقاءه. بعد ذلك أخبر الجندي الذي ينفخ البوق بأن يخرس.
ااااااو وووو!
هذا الانفجار الصوتي الثاني أيقظ الجنود الذين لا زالوا نائمين.
“اوه شيت! لدينا بعض المشاكل أيها الفتية!” صاح أحدهم.
الجنود الذين لم يناموا أوقفوا ما كانوا يفعلوه. ركضوا نحو الجدار، الجميع يعرف أنه المكان المنشود. تأرجح باب خشبي صلب حيث تصبب الجوالة خارجين من الثكنات.
مروراً بي، ركضوا أسفل السلالم مثل طيور في رحلة. غير كبار السن، كان الجنود الذين يحملون السيوف والرماح يرتعشون أمام بوابة المدينة. سرعان ما ملأت الأوامر الهواء.
“فرقة النشابة خاصتي في مواقعها!”
“اطلبوا الجنود خارج القلعة!”
ارتدى قادة الجوالة أغطية وجوههم وصنعوا أصواتاً حادة وفقا لذلك. حلق هيو-شي في جميع الاتجاهات.
“أحتاج المزيد من الأسهم هنا!”
“فليتخلص أحد من جمع الغسيل!”
“تحرك أسرع أيها الحثالة!”
من أعلى السلالم، رأيت الجنود والقادة يوظفون معداتهم.
“اغلي الزيت أولاً أيها الأبله!”
كان هواء القلعة يرن بشهوة المعركة واللغة القتالية.
“جلالتك!” نادتني أروين. كان خالي قد أرسل أحداً لاستدعائي أيضاً.
“أين هو؟”
“السيد بالاهارد على الجدار!”
صعدت السلالم بعجلة.
كان هناك عدد لا يحصى من الجوالة أعلى الأسوار، كل منهم مسلح بقوس أو نشابة. كانوا يحدقون فقط خارج الجدران، لا أحد يتحرك.
وبينهم، كان هناك خالي الغريب.
“أيها الخال! ماذا يجري؟”
“انظر هناك.” قال الخال ببساطة من مقعده فوق جدار بيت المراقبة. بعد ذلك أشار نحو منطقة بين الحقل الثلجي والجبل القريب.
ضاقت عيوني لرؤية ما كان يراه؛ شيء أبيض على مسافة.
“اه… ما هذا….!”
ثم، جاء اثنا عشر ظل راكضين عبر الثلج الأبيض النقي. كانوا جوالة بالاهارد.
كانوا يرتدون دروه متصدعة ومهترئة، حاملين سيوف ودورع مكسورة. وكانوا يركضون بوتيرة تشير إلى أنه كان هناك شيء يلاحقهم بسرعة.
بووف….بووف….بووف…
اندلعت آثار حمراء في السماء خلفهم حيث تم إطلاق الشعل الضوئية من نقاط عديدة في الجبل.
كانت هذه البداية.
بووف….بووف…
رددت الأبواق الجبارة ندائهم في جميع أنحاء القلعة، مرحبةً بصوت ومشهد الشعل الضوئية التي تمزق السماء.
شاهدت الجوالة على الجدار يتنقلون بتوتر، أصبحت أنفاسهم أكثر توتراً مع كل لحظة مارة. كان هناك عدم صبر هائج في عيونهم حيث راقبوا زملائهم يعبرون الحقل الثلجي البعيد.
“هيا، أيها الأوغاد!”
“اركضوا! اركضوا بسرعة!” اندلعت صيحات التشجيع من البعض.
عند سماع هتاف زملائهم، سرع الجوالة من وتيرتهم.
كان في تلك اللحظة أن ظهر ذئب ضخم خلفهم مباشرة.
“إنه راكب ذئب!”
وهناك، فوق الذئب، كان أورك أخضر عظيم.
“هيا أيها الحمقى! تبقى القليل فقط!”
جهز الجوالة على الجدران الأقواس.
“مازال بعيداً جداً أيها الفتية!”
هدأ القادة الجوالة المثارين، غير راغب في تضييع الأسهم.
انضم المزيد من الراكبين للصيد الآن.
ااااهوووو! اااهوووو!
هدرت ذئابهم بوحشية تامة حيث زادت سرعتهم. كانت الفجوة بين الجوالة وراكبي الذئاب تضيق بشكل سريع.
ااااهوووووووووو!
استدار العديد من جوالة المؤخرة فجأة. كانوا سيحاولون كسب الوقت حتى يتمكن الآخرين من الهرب. جهزوا أسلحتهم بشجاعة وواجهوا راكبي الذئاب مباشرة.
مع ذلك، سحقهم راكبي الذئاب بسهولة، الأفكاك الكبيرة عضت للأسفل بينما اخترق الأوركس الأجساد بأسلحتهم. ترششت الدماء والأحشاء على الثلج حيث سقط الجوالة للوحوش.
بدأ الجوالة الناجون بالركض مجدداً لكن سرعان ما توقفوا. أدركوا أن الهرب من راكبي الذئاب كان بلا جدوى، وواجهوا موتهم.
“لا! لا تتوقفوا! أيها الحمقى!”
“هيااا! المسافة ليست كبيرة! هيا أيها الفتية!”
كان الجوالة على الجدار يصيحون بصوت أجش، كادت تنهمر دموع البعض.
هؤلاء الذين لا زالوا على الثلج أمسكوا أسلحتهم المكسورة ودروعهم المحطمة، واندفعوا بجنون نحو راكبي الذئاب.
انتهت حياتهم بحيوية، مثل أزهار حمراء تفتحت على حقل ثلجي.
التشجيعات الهائجة من الجوالة قبل لحظات تلاشت ببطء هي الأخرى حيث نزلت الحقيقة على الجميع. أخفضوا الأقواس ببطء، لم يطلق أي سهم أو نشاب حيث لم يصل أي شيء للمدى من البداية.
بووم!
كان الصوت المدوي لإغلاق البوابة فقط هو ما كسر الصمت المحزن.
———————————————————————————————————-
Ahmed Elgamal