لقد أصبحت الأمير الأول - 38 - بعد أن وجدتُ مكاناً لي أخيراً (2)
بعد أن وجدتُ مكاناً لي أخيراً (2)
——————————-
في كل مرة تهب الرياح، تتناثر رقاقات الثلج. في كل مرة أزفر، يخرج ضباب أبيض نقي من فمي.
كان الشتاء يحيط بي.
لا أعلم ما إذا كان الشتاء قد حل أثناء رحلتنا الطويلة، أو أن الطقس قد تغير مع اتجاهنا نحو الشمال. كان هناك شيء واحد أعرفه.
“أوه، أنا أتجمد حتى الموت!”
“إذا لم تستطع التحمل فينبغي أن تعود داخل العربة.”
قمت بهز رأسي عند كلمات الخال.
إنه طقس عليّ الاعتياد عليه على أي حال. لن أدخل عربة في كل مرة، لذا كان علي التعود على البرودة. بالإضافة، كان الجو خانقاً في الداخل هناك.
“يبدو أن هذا الرجل العجوز يسبب المتاعب لسموك.”
انفتحت نافذة العربة، وبرز وجه مألوف.
“إذا كنت تعتقد ذلك، فانزل إذن.”
“إذا تعبتُ من البرودة، سيكون هذا أكثر إزعاجاً لسموك.”
“أنتَ من قلت أنك تريد القدوم والتعلم.”
لقد طلب نيكولو الانضمام لبعثتنا، قائلاً أنه لن يحصل على فرصة أخرى لرؤية الشمال القاسي بجسده العجوز الكريه الذي كان يقترب من نهايته.
“المعرفة الغير ناضجة سم، سموك. لذلك أردت أن أرى بنفسي. بالإضافة، الكتاب الذي سأكتبه هذه المرة سيساعدك.”
“لابد أنه سيكون شيء أخرق مجدداً.”
“هيا، إنه ليس كذلك. لما لا تأتي تشارك الحديث معي؟ كلما كانت استراتيجيات وخطط القائد أكثر دهاءاً، كلما أصبح الأمر أقل صعوبة على جنوده. كتابي هذه المرة عن فوائد الخطط والاسترتيجيات…”
إذا تركتُ الأمر هكذا، فسأضطر لسماع تلك الكلمات المسهبة حتى نصل للمعسكر، لذا تظاهرتُ بعدم سماعه وتقدمتُ أمام العربة.
كانت أروين في مقدمة الصفوف.
رفرف رداء أحمر خلفها. كانت ترتدي فراء رمادي فوق رداء أحمر، زي مخصص للفرسان الملكيين. كانت تقود حصاناً أبيضاً نقياً.
كان مشهداً جميلا حقاً.
استطعت رؤية الخيالة القادة من عائلة بالاهارد يسترقون النظر نحوها بينما يقودون للأمام. كانوا مبهورين من جمالها.
بينما هي كانت تعاني حقاً من البرد القارس.
“أروين، هل أنتِ بخير؟”
“أنا بخير، سموك!”
كانت كلماتها مشوهة كما لو كان فمها متجمد.
“إذا كان الأمر صعبا عليكِ، فيمكنك التبديل مع أحد من الخلف.”
“كشخص بارع، لن أجد راحة في ذلك.”
صوت ممتلئ بالتحفيز. هي كانت ممتلئة بالحياة هكذا منذ غادرنا الطريق الملكي. لابد أن التفكير في أنها قد تواجه معركة حقيقية قريباً حفزها كثيراً.
لكن لم يكن الجميع متحفزاً مثلها.
نظرتُ إلى الخلف.
أمكن رؤيتهم يسيرون أبعد بمسافة عن جنود عائلة بالاهارد. كانوا ثلاثين جندي مشاة وعشرة خيالة تم إرسالهم من العائلة الملكية. كانت تعبيراتهم مظلمة على غير العادة. كانوا مثل أبقار تقاد إلى مذبح.
الجنود والخيالة الذين قابلوا عيوني حنوا رؤوسهم. كنتُ قادراً على قراءة العاطفة التي ظهرت في عيونهم في تلك اللحظة.
امتعاض.
بعد الأكل جيداً والعيش جيداً على الطريق الملكي، تم جلبهم فجأة إلى الشمال البارد والدموي، لذا كان مفهوماً أنهم يلوموني.
لو كان هؤلاء فرسان البلاط وكارلس، كانوا ليخبروني بذلك مباشرة حتى. كنتُ سأفضل ذلك أكثر من هذا الاستياء الصامت.
لسوء الحظ، لم يتمكن كارلس والبقية من الانضمام لي.
الملك سمح لي بالذهاب للشمال، لكن لم يسمح لفرسانه بالقدوم معي.
[لا يمكنك جلب فارس.]
الفارسان الوحيدان اللذان استطعتُ جلبهما كانا المرأتين، اللتين قمتُ بتعيينهما فارستين. أرسل الملك ثلاثين مشاة وعشرة خيالة فقط كإجراء شكلي.
لقد اشتكى بشأن هذا في ذلك الوقت.
قال الخال، “قد يكون جلالته يفكر في إمكانية أن فرسان البلاط يمكن امتصاصهم بواسطة عائلة بالاهارد.”
كان كما قال الخال. كان الملك يبقي الخال تحت السيطرة بشكل واضح.
كان شيئا غريبا جداً.
مهما كان المالك الأصلي لهذا الجسد، ألا أزال من دمه ولحمه؟
كانت كراهية الملك مفرطة، لدرجة أنه لا يأبه ما إذا تمت حماية ابنه الأكبر أو لا. وكان قلقا أكثر بشأن انضمام فرسانه لجانب الخال.
لابد أن هناك قصة داخلية لا أعرفها.
تحركنا أثناء النهار وأخذنا استراحة ليلاً بعد العثور على موقع تخييم مناسب. اتجهنا إلى الشمال مباشرةً، مواجهين النسيم الثلجي المندفع.
بعد حوالي أسبوعين، رأينا سلسلة جبال ضخمة في نهاية الأفق.
“إنها جبال حافة النصل. إنها حدود حافظت عليها عائلتنا لوقت طويل.”
قال الخال، ثم أمر المجموعة بالإسراع.
“بالاهارد هو مكان يتغير فيه الطقس باستمرار. إذا لم نسرع، سنقع في عاصفة ثلجية.”
كان كما قال. بعد السفر ليومين آخرين والوصول لمكان حيث أمكننا بالكاد رؤية قلعة بالاهارد، بدأت عاصفة ثلجية بالاهتياج.
لو لم يكن بفضل جنود بالاهارد الذين قابلونا في منتصف الطريق، كانت قافلتنا ستعلق.
تواصل الخال والجنود مع بعضهم البعض عبر إشارات عديدة.
كانت الرياح تعوي بصخب شديد ليتحدثوا مع بعضهم البعض.
بعد بضعة من الإشارات هنا وهناك، أعلن الخال خطته لنا.
“سوف نترك العربات ونستعيدهم لاحقاً. سنأخذ الأحصنة معنا وسنتحرك على الأقدام جميعاً!”
بعد النزول من الأحصنة وتمرير اللُجُم لجنود بالاهارد، ذهبت مباشرة إلى العربة وفتحت الباب.
“خذي يدي!”
أديليا التي كانت مستعدة أمسكت يدي كما لو كانت محرجة. كانت نظرة نيكولو غير مسرورة وأنا أفعل ذلك، لكنني تجاهلتها.
أديليا التي كانت مرعوبة من العاصفة علقت بجانبي. لم تكن تبدو كشخص يقترب من حالة خبير السيف.
لكن ماذا ينبغي أن أفعل؟ في المقام الأول، لديها شخصية ضعيفة. لكن على الأقل، كان هذا أفضل من هوس الحرب.
نزل نيكولو أسفل العربة بعد ذلك.
“……!”
هو نشر ذراعيه وصاح بشيء ما، لكن تعبيراته كانت مفتونة. أعتقد أنه كان يعبر عن مشاعره للطبيعة وأيا كان بشأن عظمة العاصفة الثلجية الشرسة.
نظرتُ حولي.
كانت خيولنا مرعوبة. كان جنود عائلة بالاهارد يكافحون لتهدئتهم وقيادتهم.
ثم، لمحتُ الجنود الملكيين.
كانت العاصفة الثلجية تغمر النخبة الملكيين، وكانوا يسقطون على الثلج بسبب الرياح القوية. بدوا مختلفين للغاية عن جنود عائلة بالاهارد، الذين كانوا يتحركون كما لو لا يوجد أي شيء غير عادي.
ااه.
سقط أحدهم مجدداً وتشابك مع زميلين آخرين. تدحرج ثلاثتهم للأسفل.
تنهدت.
“أروين!”
“سموك!”
بمجرد أن سمعت صوتي، ركضت تجاهي وسط الرياح والثلج. لم تتعثر على الإطلاق.
“خذي أديليا!”
“سوف أفعل!”
بعد ترك أديليا لأروين، ركضتُ نحو الجنود.
رفعتُ واحداً على قدميه.
“هاه، سموك!”
صحتُ في الجندي الآخر الذي ما زال لا يستطيع الوقوف.
“أيها الأحمق! اخلع درعك!”
كان لديهم دروع عريضة على ظهورهم لذا كان من الصعب عليهم التحرك ضد الرياح.
بدأ الجنود يتحركون بسرعة أكبر حيث سمعوا صياحي. رغم أن سقوطهم بدا سيئاً، إلا أنهم لم يتأذوا قليلا حتى.
الجنود الذين كانوا يميلون مع الرياح أزالوا الدروع وتركوها أسفل العربة.
“ها أنتم ذا! حسنا! الان، أنت! أيها الكبير! خذ المقدمة! وليلتصق الجميع خلفه! لا لا لا! لا تتجمعوا حوله! قفوا في صف خلفه أيها الحمقى!”
***
“اتركوا كل شيء مزعج باستثناء سيوفكم! سوف نستعيد كل شيء لاحقاً! ماذا؟ هدية ملكية؟ أنا الأمير أيها الحمقى! إذا فقدتموها، سوف أعطيكم أشياء جديدة منها لذا ارموها فحسب!”
نظر جنود عائلة بالاهارد للخلف إلى تلك الضجة. الأمير الصغير الذي جاء مع القائد واصل الصياح.
لم يكن كبيراً لتلك الدرجة، لكن مظهره كان مثل قائد متمرس في الميدان.
بدأ حمقى الطريق الملكي الذين واصلوا السقوط سابقاً بالتحرك بثبات الآن.
كان جنود عائلة بالاهارد يفكرون في جعلهم يعانون لوقت أطول بعد قبل أن يساعدوهم.
كانت معاكسات على طريقتهم الخاصة – طقوس للجنود الملكيين الذين يعتقدون أنفسهم شيئا كبيراً.
لكن بسبب الأمير الصغير، تم مقاطعة ذلك.
تبادل جنود عائلة بالاهارد النظرات.
عندما رأوا الأمير الأول للمرة الأولى، كان مختلف تماماً عما سمعوا.
بدا وأنه قد تدرب كثيراً. بدا وأنه يملك خبرة عملية.
لقد أعجبوا به قليلاً. مع ذلك، كانوا يعلمون أنه لن يدوم.
هو لم يختبر قسوة الشتاء.
اعتقد الجنود أن مظهره الجليل لن يدوم طويلاً. المرور عبر العاصفة الثلجية كان عملاً صعباً من الصعب على الجنود تحمله حتى.
لكن عندما سقط أحد الجنود الملكيين رفعه الأمير من كتفيه.
كان جنود بالاهارد مذهولين من المشهد.
رجل نبيل فخور من عائلة ملكية متغطرسة؛ الأمير الذي كان مشهوراً بكونه وقح وغبي، قام بحمل جندي؟
لكن كان هناك شيء مفاجئ أكثر من ذلك حتى.
الحقل الثلجي الذي يمسك بكاحلهم يسحب قدرة تحملهم، والمشهد المغطى بالعاصفة الثلجية يلتهم العقل. لم يكن سهلاً أبداً أن تعتني بأحد في وسط مثل هذه العاصفة.
حتى الفرسان الأقوياء كثيراً ما سقطوا عند مواجهة عاصفة كهذه للمرة الأولى.
لكن ذلك الأمير الصغير كان يقود الجنود من حوله حتى.
نظر جنود بالاهارد إلى قائدهم بعيون ممتلئة بالأسئلة.
ماذا كنتم تفعلون على الطريق الملكي؟
كيف يمكن أن يتعلم هذا من الطريق الملكي؟
هز قائدهم رأسه مع ابتسامة صغيرة.
كما لو يقول أنه لا يستطيع شرح هذا بنفسه.
***
اختفت العاصفة الثلجية سريعاً مثلما جاءت.
كان بحلول الوقت الذي وصلنا فيه لقلعة عائلة بالاهارد.
“تبا! إذا كانت ستتوقف هكذا فكان ينبغي أن تفعل هذا في وقت أبكر!”
صحتُ نحو السماء الزرقاء النقية.
كان الجنود الملكيين على وشك الانهيار من التعب.
“حسنا….سموك؟”
كنت ألعن في داخلي عندما قاطع صوت أفكاري. عندما استدرت، كان الجندي الذي رفعته على ظهري مسبقاً.
“شكرا جزيلا لك، سموك.”
قمت بهز يدي ببساطة. هو انحنى بعمق عدة مرات، قبل أن يختفي في الصفوف.
“رجاء جدوا مكاناً ليرتاح فيه الجنود الملكيين.” أخبرتُ جنود بالاهارد. عندما أعطيت التعليمات، أخذوا الجنود الملكيين معهم واختفوا إلى مكان ما.
بينما كنتُ أبعد الثلج الذي تكدس على رأسي وكتفاي، اقترب الخال.
“هل هناك حاجة لتكون قلقاً هكذا؟”
إنه محق. كان سيكفي أن أعهد بدعم الجندي إلى جندي آخر.
مع ذلك، كان نيكولو من أجاب على الخال.
“ما فعله سموه سرعان ما سينتشر وسيُعرف بين جميع جنود الكونت والجنود الملكيين. إذا فاز بقلوب الجنود بعد نصف يوم فحسب، أليس كذلك أمراً كبيراً؟”
عبستُ عند كلمات نيكولو.
لقد جعل الأمر يبدو وكأنني شخص حسابي. مع ذلك، كان هذا صحيح.
نظر الخال إليّ، عيونه تسأل ما إذا كان هذا صحيح.
“أليس هذا ما يعنيه أن نتدحرج معاً في الميدان؟” سألته قبل أن أرفع رأسي للأعلى.
بدلا من قلعة، بدا المبنى أقرب إلى حصن. كان له جدران عالية لا نهاية لها. أمكنني الشعور بعيون لا تحصى تنظر للأسفل إليّ.
جنود عائلة بالاهارد.
القوة الضخمة التي بعثوها تصببت تجاهي.
بدأ قلبي يخفق، مرحباً بالطاقة التي تدحرجت حولي.
بدا وكأنني عدتُ لما قبل 400 عام.
كان الاختلاف الوحيد هو أن قبل 400 عام، لم تكن هذه الطاقة موجهة نحوي لكن نحو سيدي.
والان كانت موجهة نحوي.
تلك الحقيقة رفعت مزاجي.
عند الوصول للبوابات، استدار الخال إليّ والجنود خلفه.
كان وجهه وجه جندي، ليس فارس.
“الحاكم الشرعي لبالاهارد! كقائد للفيلق الثالث، نرحب بالأمير الأول!”
استجابة له، هدر الجنود حولي وفوق الجدران بترحيبهم.
“الشتاء يرحب بك!”
كان قلبي ينبض بسرعة.
بدا وكأنني وجدت مكاناً مناسباً لي.
———————————————————————————————————————————————
Ahmed Elgamal