لقد أصبحت الأمير الأول - 36 - علاقات ماضية (3)
علاقات ماضية (3)
——————
اعتقدتُ في البداية أنها كانت تمزح.
سألتُها ما إذا كانت تعتقد أن جنية جميلة، خيرة، وتعيش طويلاً هي النوع المثالي ليكون زوجة لرجل.
“من السخيف قول تلك الكلمات بفمي، لكن نعم، عرقي هو الزوج المثالي للبشر.”
كانت تكذب بسلاسة.
“أوه، والبشر يقدرون المجموعات، ليس الأفراد. صحيح؟ أنا أملك الكثير من التابعين. أنا دائما محاطة بالجنيات الذين كانوا كنظراء للفرسان الذين تملكوهم.”
شعرت بالمزيد من الارتياب حيث كانت تقدم حراس قبيلتها مثل سلعة ما.
“لدي كل شيء يتطلبه سموك.”
تحولتُ إلى الملكة ورأيت أنها كانت تفكر ملياً وبجدية في عرض شيجرين.
لم يكن فقط بسبب شكلها الجميل، لكن القيم التي ناقشتها للتو.
سألتها الملكة بوجه صادق.
“أنت التقيتِ إيان للمرة الأولى اليوم. لما تقومين بمثل هذا الطلب الجريء؟”
ضحكت شيجرين.
في اللحظة التي سمعتُ ضحكتها، ارتفع الشعر على جسدي بالكامل.
كنتُ أعرف تلك النظرة التي تمتلكها الآن.
إنها كيف تبدو عندما تجد شيئا يعجبها حقاً.
أو عندما تجد شيئا تكرهه حقاً.
تنتهي نيتها الحسنة والحقد بنفس النتائج دائماً.
الدمار.
“من اللحظة التي رأيتُ سموه، شعرت وأن مصيري مربوط به.”
كانت الجنيات قبيلة ماكرة قادرة على جعل الأكاذيب تبدو كحقيقة، لكن كان هناك شيء واحد لا يكذبون بشأنه.
المصير.
كلما ارتفعت رتبة الجنية، كلما أصبح المصير جاداً بالنسبة لهم.
كانت شيجرين هي الجنية الأكبر لقبيلة الهدال.
كان لديها عيون فضية مميزة للجنيات العاليات. كانت عيونها تتلألأ كالمجوهرات بينما تنظر إليّ مباشرة. كانت نظرة سترسل أي رجل آخر إلى نشوة جنونية.
شعرتُ أن حياتي ستأخذ منعطفاً جذرياً في اللحظة التي أخبرتني فيها أن مصائرنا كانت متشابكة.
“أنتِ جريئة حقاً!” صاحت الملكة بوجه محمر. لابد أنها أخذت كلمات شيجرين على أنها اعتراف ما.
لا، إنه بالتأكيد لم يكن كذلك.
تنهدتُ وقمت.
نظرت الملكة إليّ. نظرتُ إلى وجهها وطلبت منها أن تصبر.
“أحتاج للحديث معها بشكل خاص.” أخبرتها.
تغيرت تعبيرات الملكة. لابد أنها أساءت الفهم، لكن الان لم يكن الوقت المناسب لتوضيح إساءة فهمها.
“لنذهب.” ابتسمت شيجرين بإشراق وأمسكت ذراعي.
تصرف كان مقصود ومتعمد.
فاضت التنهيدات من جميع أنحاء القاعة. بدا أن الجميع كان يراقبنا.
كان النبلاء ينظرون إليّ بحسد وجشع.
مع رؤيتهم لي وأنا أسير مع جنية جميلة، كُشِفت طبائعهم بشكل صارخ.
مع تلك النظرات الغير مريحة، استدعيتُ كارلس.
“جد لنا مكاناً نتحدث فيه بخصوصية.”
لم يستطع كارلس إبعاد عينه من على شيجرين. لكن مازال، هو كان فارس سلسلة ثلاثية، وتمكن من التعامل مع مشاعره جيداً.
جلبنا كارلس إلى غرفة كانت مغلقة تماماً، مكان مريحة معدة للنبلاء الذين يريدون الارتياح من المأدبة.
“تأكد من ألا يزعجنا أحد.” أخبرته.
بينما نسير إلى هذا المكان، شعرتُ أن احدهم كان يتبعنا سراً.
ضرب كارلس صدره كإظهار للولاء ووقف وظهره للباب.
أغلقتُ الباب. وعندما استدرت، رأيت وجه شيجرين الجميل.
“شيجرين. قولي هدفك الحقيقي.”
هي ابتسمت. “لقد جئت لأظهر التحالف بين عائلتي والمملكة. ليست لدي نوايا أخرى.”
“سأسألك مجدداً.” كان صوتي أشد. “أيتها الجنية العالية الكبيرة شيجرين.”
توقف تمثيلها عندما تدفقت هويتها الحقيقية من فمي.
كان كأن قناعاً تم تمزيقه من عليها.
“الجنية العالية الكبيرة شيجرين، الجلادة؛ سيف عشيرة الجنيات” قمتُ بحثها.
كانت تعبيراتها خالية من الحياة، كما لو كانت دمية شمعية.
“ما هو هدفك الحقيقي؟”
لو كان عرضاً بسيطاً للصداقة، فإن جنية عالية كانت ستفي بالغرض. ليس كبيرة. وبالتأكيد ليس كبيرة قد نفذت عمليات القتل لعشيرتها.
بعد بضعة لحظات، هي فتحت فمها.
“هذا مضحك….” صوتها الذي كان ناعماً مثل تغريد عصفور بدا جافاً مثل شجرة عجوزة الآن.
“كيف تعرف بشأني؟”
لم أجب. لقد كنتُ مجبر على الخطو للداخل عندما حاولت التحكم بمصيري، لكن ذلك لا يعني أنني سأكشف هويتي.
“إذا كنتَ تعلم أنني منفذة، ألا تعتقد أن من الغباء أن تبقى صامتاً أمامي؟”
“أعلم أن هذا غبي بقدر الحديث أمام منفذة.”
ضاقت عيونها عند كلماتي.
لم تعد عيونها تبدو كضوء النجوم اللامع. بدت الآن خبيثة وشريرة بشكل مروع.
بينما نظرتُ في عيونها، رأيت الكارما خاصتها. ميتات لا تحصى. لحوم ممزقة إلى قطع. الكارما التي كدستها لأكثر من ألف سنة فاضت نحوي.
لكنني لم أكن مهتزاً على الإطلاق. الميتات التي لا تحصى التي أرتها لي كانت غير مهددة لي.
لأن لدي حصتي الخاصة من الدماء والموت.
“لا تعبثي في الأنحاء شيجرين.”
اتسعت عيونها مجدداً. كنت أعلم أنها كانت لا تزال تمثل. لقد كانت تفعل هذا لألف سنة. كانت معظم المشاعر التي أظهرتها مجرد عادات بسيطة متعلمة.
“لا تتدخلي في مصيري.” حذرتها، بكل جزء من مئات السنوات التي كنتُ فيها سيفاً وهذه الحياة البشرية الغبية القصيرة.
أيا كان ما فعلتُه، كنت أعلم أنه بدا تافهاً بالنسبة لها.
لقد وصلت روحها لمكان عالٍ جداً لا يمكنني قياسه.
عيونها التي قد وصلت للتفوق بالفعل، يمكن أنها قد أخذت لمحة على الماضي الخاص بي.
ثم، أخفيتُ كياني متعمداً.
بتلك الطريقة، ستشعر بالفضول أكثر حتى.
كما لو كانت قد رأت غيض من فيض فقط.
كما لو كانت قد تذوقت قضمة واحدة فقط من الطعام الذي تم أخذه من يدها في الحال.
“من أنت حقاً؟” هي سألت.
“أنا مجرد أمير مسكين.”
“لا، حقاً.”
“حسنا…إذا كنتِ تريدين أن تعلمي، فلابد أن تري ذلك.”
إذا كان بإمكانها رؤية الماضي، فستكون قادرة أيضاً على رؤية المستقبل.
المستقبل الذي أردتُه.
نظرت شيجرين إليّ. انتظرتُ بهدوء، ثم شعرت بنظرتها المجهولة تتجسس على ما بداخلي. منحتها القليل من الوقت قبل أن أخفي كياني مرة أخرى.
هي هزت رأسها.
“الطريقة التي قال بها الملك ذلك كانت غريبة. لقد سألته، لماذا ترسلني في هذه المهمة؟ وهو أجاب ببساطة أنني ينبغي أن أتمكن من اكتشاف السبب….”
شيئا فشيئا، بدأت الحياة تعود مجدداً لصوتها الجاف.
“لكنني أعرف الآن….”
أصبح وجهها الخالي من الحياة جميلاً مجدداً.
“كان بسببك أنت!”
هي ضحكت.
كان وجهها وجه شخص ممتلئ بالترقب، وجه شخص تستمتع برائحة طعام لذيذ يتم إعداده أمامها مباشرة.
***
كادت عيون النبلاء تخرج من مكانها عندما رأونا عائدين إلى قاعة المأدبة.
ماذا فعلت في الغرفة الخلفية؟
ماذا فعلت مع الجنية الجميلة؟
استطعتُ رؤية الفضول والغيرة والتخيلات الشهوانية في نظراتهم.
تجاهلتُ كل ذلك وسرت في صمت.
اتبعتني شيجرين بتعبيرات خجولة، كما لو أرادت تسخين تلك النظرات أكثر حتى.
وقفنا أمام الملكة التي كانت لا تزال جالسة على المنصة.
“لدي شيء لأخبرك به.” أخبرتها.
“أخبرني.” بدت عيون الملكة مشرقة. شيجرين بوجه خجول، ابنها الذي بدا مصمماً للغاية. كان من السهل إساءة فهم ذلك.
وكان هذا ما أردته بالضبط.
تحولت الملكة إلى شيجرين، والتي أومأت إليها.
“لقد قررت. سوف أتزوج شيجرين.” أعلنت.
عندما فعلت، شعرتُ وكأن تقيؤ سيخرج من فمي. لم أعتقد أبداً أنه سيأتي يوم سأقول فيه تلك الكلمات.
ضربت الملكة مسند ذراعها في صدمة. “الزواج من جنية؟”
كانت على الأرجح تفكر في المميزات السياسية التي يمكننا الحصول عليها من تزوج جنية عالية.
تابعت حديثي إلى الملكة.
“لكنها مسألة مهمة لذا يجب ألا نقرر ذلك بسرعة. جميعنا نحتاج الوقت قبل أن نحسم ذلك.”
احتاجت الملكة الوقت للتفكير.
تحتاج شيجرين الوقت حتى تنضج فريستها.
أنا أحتاج الوقت لتطوير قوتي للهرب من هذه الجنية المجنونة.
كنا بحاجة للوقت جميعاً.
————————————————————————————————————————————————–
Ahmed Elgamal