لقد أصبحت الأمير الأول - 34 - علاقات ماضية (1)
علاقات ماضية (1)
——————
كانت الحرارة المرتفعة في جسدي تهدد بالانفجار.
فجأة، اندلعت صرخة.
“هاي!”
في نفس الوقت، شعرت بشيء بارد يتصبب على وجهي. الرائحة القوية للخمر وخزت أنفي.
“سموك، هل أنت بخير؟”
وقف رجل عجوز أمامي.
“كنت في عجلة لقول مرحباً لأخي. أنا آسف جداً، سموك”
مسح الرجل العجوز وجهي بأكمامه. على عكس الفزع الذي ملأ قاعة المأدبة، كانت عيونه هادئة.
التقت عيوننا.
عيونه المجعدة بدا وأن لديها الكثير لقوله.
نظرت خلفه، نحو عشيرة بورجوندي. كان السفير عابساً بسبب الصخب الذي قاطع لقاءنا.
“عليّ أن أغير ملابسي.” أخبرت الرجل العجوز الذي صب الخمر عليّ بالخطأ.
“أنا عجوز للغاية؛ جسدي لا يستمع لي بعد الآن. أنا آسف جداً سموك. لقد ارتكبت عدم احترام كبير.”
اعتذر الرجل العجوز مجدداً.
قمت بهز يدي نحوه واستدرت.
تمت إحاطتي بسرعة عن طريق كارلس وفرسان البلاط الآخرين.
“سموك، دعني أساعدك.” قال كارلس.
“من يكون؟” سألته.
“ماركيز بيلفيلد.”
بيلفيلد. أدرت وجهي مرة أخرى.
حنى ماركيز بيلفيلد رأسه.
“لم يتعفن كل شيء، على ما يبدو.” تمتمت.
“سموك؟” بدا كارلس متحير.
“لا تهتم.”
شعرت بالخمر يزحف إلى أسفل رقبتي.
اه، الرجل العجوز سكب الكثير.
***
“سموك؟”
ركضت أديليا بعد رؤيتي وبدأت تمسح شعري بأكمامها في الحال.
“لا، سوف أستحم على أي حال.” قمت بهز يدي وبدأت بخلع ملابسي.
مع سريان المياة عبر شعري وعلى وجهي، تلاشى الشعور اللزج للخمر تدريجياً، لكن شعور القذارة والوسخ ظل باقياً.
لقد رأيت الكثير من الأشياء التي لم أتوقعها في مأدبة اليوم.
في بضعة مائة سنة فقط، كانت الدولة مخربة تماماً. لم تكن مجرد فوضى. كانت الجذور متعفنة تماماً لدرجة أنه لا يمكن استخدامها بعد الآن.
أسلال أولئك الذين صعدوا للأعلى من أجل الضعفاء تحولوا إلى ثعابين، وعشيرة بورجوندي الخبيثة كانت تعامل باحترام وإعجاب في قلب المملكة مباشرةً.
عندما فكرت في ذلك، اشتعلت النار بداخلي مجدداً.
كان سفراء الامبراطورية يتصرفون بغطرسة؛ كان النبلاء يسمحون بذلك. لقد بدا وكأنه الشيء الطبيعي لفعله؛ وكأن الحال كان هكذا دائماً.
هل عقدت الامبراطورية والمملكة الصلح على مدار الأربعمائة سنة الماضية؟ هل قرروا أن يكونوا حلفاء ويدفنوا الضغائن القديمة؟
لا أعتقد ذلك.
كان الجو متوترا جدا لتسميته سلام، وكانت القوة أحادية الجانب للغاية ليعتبر تحالف.
تصرفت عشيرة بورجوندي كأسياد، وتصرف نبلاء المملكة ككلاب مطيعة أمامهم.
جاء وجه الملك إلى عقلي.
لقد بدا فخوراً بنفسه دائماً.
لطالما ضحك أو غضب من عدم كفاءة الأمير الأول، لكنه يسمح لنبلاء دولته بتمجيد نبلاء الدول الاخرى.
كان هذا سخيف.
“سمعت أن هناك شيئا قد حدث.”
عندما استدرت، كان الخال ينظر إليّ.
“سمعت عن الحادث مع الماركيز بيليفيلد.” هو أضاف بينما يسير نحو كرسي.
“ماذا كنت تحاول أن تفعل بحق الجحيم؟” حفرت عيونه بعمق في عيوني.
ماذا حاول أي أحد أن يفعل عندما رأى عضو من عشيرة بورجوندي؟
كان سؤالا غير مألوفاً بالنسبة لي. كان سؤالا لم يسأله احد في الماضي.
لأنه كان واضحاً للجميع.
يقتلهم، أو يموت محاولاً.
استمر الخال في التوبيخ. “الماركيز قال أنك بدوت وكأنك ستضربهم.”
“لست بذلك الاندفاع.”
بالطبع، كنت أشتعل بكراهية متقدة، لكن حتى بدون تدخل الماركيز، لم أكن سأفعل أي شيء.
كنت أعرف أن لابد أن هناك بعض الظروف التي لم أكن أعلم بشأنها.
أولاً، كان على اكتشاف الوضع.
“ماذا حدث لهذه الدولة بحق الجحيم؟” سألته. “ذكرني رجاءً.”
أصبح وجه الخال جاداً.
“المملكة وقفت بحزم ضد الغزوات الكثيرة جداً للامبراطورية في الماضي. وقد عانت من ضرر كبير، لكن في كل مرة، برز فرسان ممتازون وصدوا الغزوات. لم تتخلى المملكة عن قطعة أرض واحدة حتى للامبراطورية، وفشلت الامبراطورية مرارا وتكرارا. لكن مع مرور الوقت، تغيرت الأمور….
مع مرور الوقت، أصبحت الإمبراطورية أكبر، وبدأت الفجوة بينهم وبيننا بالتوسع. نمت موازين المعركة لدرجة أن فرساننا البارزين لم يستطيعوا الدفاع عن الدولة بعد الآن. خلال وقت قصير، أجبرت دولتنا الصغيرة على الركوع أمام الإمبراطورية.”
كان هذا تاريخاً. لا شيء مميز جداً. لكن كلما استمعت له، أصبح قلبي ثقيلاً.
“هل بدأت الفجوز بالتوسع قبل حوالي 200 عام؟”
أومأ الخال.
أغلقت عيوني بقوة.
كان نفس الامر في الماضي والان. لطالما كانت دولتنا أصغر من الإمبراطورية. مع ذلك، كانت مملكة الماضي تمتلك الروح والقوة لعدم الاستسلام للإمبراطورية.
لأن هذه الدولة كانت تملك شيئا مميزاً لا تملكه أي دولة أخرى.
إنها دولة شُيدت بواسطة أولئك الذين كانوا منبوذين.
كانت دولة تمكنت من بناء أساسها بينما تقاتل ليلا ونهارا ضد الوحوش وهؤلاء اللوردات الجبارين من الإمبراطورية.
كانت دولة هزمت تنيناً.
لا عجب أن الكثير من القصائد والأغاني قد ولدت خلال تلك الرحلة الصعبة.
كان هناك بشكل مفاجئ العديد من القصائد والأغاني بمستوى [خرافة] و [بطل] في هذه الكتلة الصغيرة من الأرض.
تلك القصائد والأغاني كانت القوة التي حمت هذه الدولة ضد جميع الأعداء.
لكن أين تلك الأغاني الآن؟
منسية وممحوة.
توقف الناس عن الإيمان. أغاني الغير مؤمنين كانت لا شيء سوى قصص عابثة.
لهذا وصل الأمر لهذا الحال. الفرسان الذين وصلوا للتفوق اختفوا والوحيدين المتبقيين تعلموا فن حلقات المانا.
بعد وقت طويل من التأمل، فتحت عيوني.
كان الخال أمامي. فارس كان ليدعى سيد سيف في الماضي كان لديه تعبيرات منهزمة على وجهه.
“أيها الخال.”
ربما سأندم على ذلك، لكن…
“لقد غيرت رأيي.”
لا، بالتأكيد سأندم على ذلك….
“سوف أحاول.”
كان عليّ فعلها بالرغم من ذلك.
“أنا سأكون الملك.”
ربما سيخبرني الناس أنني لا أستحق أن أكون واحداً، أنني سرقت هذا الجسد فحسب.
عليهم، سوف أجيب: هذه الدولة ملكي. هذه الدولة تم تأسيسها بواسطة أصدقائي وأنا.
***
كان الخال سعيداً جداً بقراري، لكن في نفس الوقت، عبر عن قلقه.
بدا له أن التغيير في قلبي كان مفاجئاً جداً.
مازال، هو تقبل الأمر كما هو وغادر للقيام ببعض المهام.
تلاشى الشعور البغيض من على جسدي بعد الاستحمام، لكن لم أعد إلى المأدبة.
الخال والماركيز بيليفيلد قدموا أعذاراً للنبلاء الآخرين لذا لم يكن هناك شيء للقلق بشأنه.
كان هناك يومان آخران على انتهاء المأدبة. سيكون عليّ حضورهما.
في اليوم التالي، ذهبت إلى قاعة المأدبة واضعاً المزيد من الجهد في ارتداء الملابس. رافقني الخال.
“الخليفة الشرعي لجلالته الملك ليونيل ليونبيرجر، الإبن الأكبر لعائلة ليونبيرجر الملكية، سموه الأمير إدريان ليونبيرجر يدخل!”
“قائد الفيلق الثالث والحامي الفخور للمملكة، الكونت بيل بالاهارد من الشمال يدخل!”
مثل اليوم السابق، بدأت نظرت العديد من النبلاء تتصبب نحوي. كان البعض قد رآني في اليوم السابق، وكان البعض يراني لأول مرة.
لقد أبدوا احتراما وتهذباً لعشيرة بورجوندي أكثر مني.
في الماضي، عندما وقف صديقي أمام الناس، لم يعتقد أحد أنه سيكون الملك. لم يتعرف عليه أحد كعاهل.
بالنسبة لهم كان مجرد فتى ريفي صغير تم نبذه. كان من بين هؤلاء الذين تم استغلالهم.
لكن صديقي رفع رأسه وتجاهل ما قاله الناس. إنه خطى للأمام بفخر.
كان نفس الوضع الذي كنت فيه الآن.
“وقفت مستقيماً أمام الخراف….” بدأت أتمتم.
⸢[قصيدة الملك].⸥
⸢أنت غير قادر على استخدام الشعر بقدرتك الحالية.⸥
⸢جزء من القصيدة محظور.⸥
⸢جزء من القصيدة محظور.⸥
⸢جزء من القصيدة محظور.⸥
⸢يمكنك غناء سطر واحد فقط من القصيدة.⸥
شعرت بألم مخترق في قلب المانا خاصتي كما لو كان يتم تمزيقه إرباً. لكنني استطعت تحمله.
إنها قصيدة من مستوى [البطل]، لا [الخرافة].
حتى لو كان بإمكاني التعامل مع السطر الاول فقط، لم تكن هناك معزوفة أخرى تلائم هذا الوضع.
“وقفتُ مستقيماً أمام الخراف.”
رنت نغمة منخفضة في رأسي. في اللحظة التالية، تغير المزاج في قاعة المأدبة.
النبلاء الذين كانوا يحدقون بي بوقاحة بدأوا يسقطون على الأرض ويركعون. بدأ النبلاء العاليين بحني رؤوسهم.
سرت للأمام، أنظر لكل من لم يخضع لي.
بدوا مضطربين ومتفاجئين. هؤلاء الذين كانوا يضحكون أو يتحدثون تجمدوا في أماكنهم، ووجدوا أنفسهم يحنون رؤوسهم.
واحدا تلو الآخر. خطوة بخطوة.
كنت أقف في منتصف قاعة المأدبة، والنبلاء يمجدوني.
“ارفعوا رؤوسكم!” أعلنت بصوت عالي بعد أن وصلت لذروة الزخم.
فجأة، بينما شاهدت النبلاء واللوردات ينهضون على أقدامهم مجدداً، شعرت بنظرة غريبة.
بدت غريبة لكن مألوفة في نفس الوقت.
تحولتُ نحو المكان الذي تأتي منه تلك النظرة.
كان هنالك كائن يرتدي زياً مختلفاً بشكل مميز عن النبلاء الآخرين يسير نحوي.
كان يسير نحوي، رأسه مغطاة بلقنسوة كبيرة. كانت خطواته خفيفة وكأنه يطفو في الهواء.
مع اقتراب المخلوق، ملأت أنفي رائحة منعشة. الرائحة الشديدة للزهور والعشب. عرفت ماذا يكون في الحال.
“جنية؟” سألتُ المخلوقة التي تغطي رأسها.
فجأة، قامت بخلع الغطاء الذي يغطي وجهها.
للحظة هناك، أصبحت الأجواء في القاعة مشرقة. بدا أن المأدبة بأكملها قد حبست أنفاسها في تلك اللحظة.
جمال قاتل.
مع ذلك، لم يمكنني الاستمتاع بالجمال الفائق الذي كان أمامي مباشرة.
لأنها لا يفترض أن تكون هنا.
لما هي هنا؟!
—————————————————————————————————————–
Ahmed Elgamal