لقد أصبحت الأمير الأول - 26 - السيف يلتقي السيف (2)
السيف يلتقي السيف (2)
————————
شاهدت ظهر الرجل العجوز.
كلانج!
رفع الرجل العجوز مطرقته وضرب مجدداً.
كلانج!
لم يكن هناك اختلاف في القوة. لم يكن هناك اختلاف في أرجحته.
كلانج!
الصوت المثالي كان يتم تكراره بثبات.
مجدداً، شعرتُ بنبضات قلبي تتسارع. شعرتُ الدماء تتدفق إلى رأسي.
كلانج!
تداخلت ذكرياتي الأول والواقع.
كلانج!
ملأني شعور مجهول، ثم اختفى سريعاً. حدث ذلك قبل أن أدركه حتى.
حاولتُ استرجاع ذلك الشعور، لكن صوت الطرق الذي استمر بلا انقطاع في الخلفية كسر تركيزي.
شعرت كما لو أنني فقدت شيئا ما.
شاهدت الرجل العجوز. هو قد توقف عن الطرق. جلب الحديد إلى الفرن، أمسكه هناك لبضعة لحظات، ثم أعاده مجدداً.
مرة أخرى، رفع مطرقته على الحديد الساخن.
كلانج!
نصل مشتعل.
فجأة، ظهرت يد بيضاء في نطاق رؤيتي.
لمس شيء بارد جبهتي.
كان كما لو أنني تم إيقاظي من حلم.
“اه…”
حتى تلك اللحظة، كنت غير واعي لأي شيء آخر حولي.
طرق الرجل العجوز فقط هو ما يهم.
الآن، لاحظت أصوات أخرى. الحدادين الآخرين يضربون الحديد الساخن. صوت هسهسة منفاخ البخار. صوت صخب النيران.
“سموك، أنت تتعرق بغزارة شديدة.”
سمعت صوت أديليا. كانت تمسك منديلا على جبهتي.
حينها فقط نظرت حولي.
الحدادين الآخرين، الذين كانوا مشغولين بمطارقهم الخاصة، توقفوا وانحنوا. تلاميذهم الذين كانوا يدوسون على المنفاخ ركعوا.
رجل قوي متوسط العمر تجول في أنحاء الورشة وأجبر الحدادين على التوقف عن العمل.
ثم، ركض وسقط عند قدماي.
“الشيء الوضيع يحيي الأمير.”
كان لديه هالة مختلفة عن الحرفيين الآخرين في مجالات متنوعة. لم يكن لديه الصفات الخرقاء المميزة للحرفيين، فقط شعور من القوة والكفاءة.
“سموك.” قدمه تورانس. “إنه ساكسوني، المسؤول عن النقابة.”
“صحيح.” قلت باختصار، ثم حولت رأسي مجدداً إلى الرجل العجوز.
“ماذا تفعل؟” سمعتُ ساكسوني يصيح. “أوقف ما تفعله وقدم الاحترام للأمير! توقف!”
“توقف.” أخبرته، مما جعله يصمت.
“نعم، سموك؟” بدا مرتبكاً كما لو يحاول فهم نواياي.
هو مسح فمه. ثم فرك يده على سترته حيث نظر في الأنحاء.
كانت وجوه الحدادين حوله ممتلئة بعدم الرضا. لم يمكنهم الاحتجاج مع ذلك، لكن استيائهم لكون أنهم اضطروا لإيقاف العمل كان واضح.
“لما أوقفتهم؟” سألته.
“س-سموك؟” اتسعت عيون ساكسوني.
استدرت وتحدثت للحدادين حولنا.
“سوف يبرد.”
عند كلماتي، بدا الحدادين مرتبكين.
“واصلوا تغذية النيران في الفرن!”
أدرك الحدادين ما أقوله فجأة وانطلقوا للعمل في الحال.
“ماذا تفعل؟ لما لا تدوس على المنفاخ؟”
“تحركوا جميعاً! غذوا النيران!”
بدأ الحدادين بالصياح في مبتدئيهم.
بدأ الصوت المألوف يرن في كل الاتجاهات.
هسهسة المنافخ، صوت الطرق.
لم يكونوا يحتووا على امتياز أرجحة الرجل العجوز، لكن الحيوية الفائضة في ورشة العمل جعلتني راضياً.
***
شاهدتُ الرجل العجوز لوقت طويل. هو لم يتوقف عن العمل حتى النهاية، لم يفوت ثانية واحدة للنظر إليّ حتى.
أراد كارلس والفرسان الآخرين جعله يركع، لكنني أوقفتهم.
مر الوقت. كانت الشمس توشك على الغروب.
“لنتوقف هنا اليوم.” أعلنت.
للأسف، كان عليّ التوقف عن المشاهدة. أريد الاستماع ومشاهدة الرجل العجوز، لكن لم أستطع تحمل مشاهدة فرسان البلاط المدرعين بشكل ثقيل يذبلون في حرارة الفرن لمزيد من الوقت.
مع خروجنا من ورشة العمل، كان وجه كارلس أحمر، وكان الفرسان الآخرين يتنفسون بصعوبة.
هم لم يقولوا ذلك، لكن الزيارة كانت تجربة مؤلمة بوضوح لهم.
“إنه كان يصنع ويذيب السيوف لنصف عام. يعمل عليها بتركيز كامل هكذا، لكن بمجرد أن ينتهي، يذيب السيف في الحال.” شرح تورانس.
“هل المنتجات المنتهية فشل؟” سألته.
هز تورانس رأسه.
“هذا هو الغريب في الأمر، سموك. لقد منحه الملك حتى لقب ‘سيد’ في حدادة السيوف. جميع أعماله كانت مثالية. حتى تلك التي يذيبها كانت كالتحف.”
“لكن لماذا سيذيب تحفة؟”
هز تورانس كتفيه وتنهد، قائلاً أنه لا يعلم.
“إنه كان يعمل بجد على ذلك منذ شهر. إنه ينام بالكاد. وبما أنه لم يعد صغيراً بعد الآن، فأنا لست الوحيد القلق بشأن ما إذا كان سيتمكن من إنهاء ذلك السيف.”
***
زرت الرجل العجوز مجدداً اليوم التالي.
كان الرجل العجوز نفسه دائماً. حركته، وضعه….الشيء الوحيد الذي تغير كان أن الحديد الذي يطرقه أصبح الآن قريب من نصل منتهي.
بقيت في ورشة العمل من طلوع الشمس حتى غروبها، أستمع بسلام لصوت طرق الرجل العجوز.
لم أشعر بالشعور الغريب الذي مر خلالي في اليوم الأول. مع ذلك، لم أتعب من مطرقة الرجل.
عندما عدت بعد أن قضيت يوماً في ورشة العمل، كان الكونت إيلين في انتظاري دائماً في القصر.
تناول العشاء، ومشاركة محادثات مملة.
لو لم يكن بسبب تلك النقابة، لكنتُ قد غادرت قصر الكونت في الحال.
“هل أنت مهتم بعلم المعادن؟”
جاء الخال لغرفتي في ليلة ما وسألني.
هو سمع أنني أبقى في الورشة طوال اليوم.
“ليس أنني مهتم، لكن أقرب إلى أنني أشعر بالسلام عندما أكون في الورشة.”
أمال الخال رأسه كما لو لا يستطيع فهم ما أقوله.
هو أضاف شيئا آخر.
“لقد بقينا هنا لثلاث أيام تقريبا. سوف نرحل إلى قلعة الهيكل قريباً، لذا إذا كان هناك مكان تريد زيارته هنا فافعل ذلك غداً.”
“سأفعل. أنت مشغول للغاية لدرجة أنني لا أراك.”
“هناك شيء طلب مني جلالته فعله. سينتهي خلال يوم أو اثنين، لذا ليس هناك شيء لتقلق….”
بدا الخال متعب. يبدو أن الملك لم يمنحه الإذن بدون أن يطلب منه شيئا في المقابل.
***
كان اليوم قبل المقرر لمغادرة قصر الكونت إيلين.
كما العادة، اتجهت إلى ورشة عمل النقابة.
“اوه، أنت هنا مجدداً.”
رآني ساكسوني وحياني بشكل أخرق. صافحت يده سريعا وذهبت مباشرة إلى مكان الرجل العجوز.
حياني الرجل بالعجوز بظهره، مثل العادة.
كلانج!
كلانج!
استمعتُ لصوت مطرقته وأنا أنظر به عن قرب.
خلال بضعة أيام، كان من الواضح أنه أصبح أنحف. كان يبدو أنه قد وصل لحدود قوته الجسدية. كما قال تورانس، كان من المرجح أنه سيسقط قبل إنهاء هذا السيف.
بشكل مفاجئ، ظل صوت مطرقته كما هو.
“أردتُ رؤيته قبل أن نغادر.” تحدثتُ بصوت عالي نحو ظهره.
لم يجب الرجل العجوز. هو فقط ضبط وضعيته واستمر في الطرق.
غادرتُ ورشة العمل أبكر من المعتاد. بما أن اليوم هو اليوم الأخير لإقامتي عند الكونت إيلين، فكان لدي شيء لفعله.
بالطبع، كان حضور حفل وداع عديم الفائدة معد بواسطة الكونت إيلين.
“علي الذهاب.” أخبرت الرجل العجوز.
غادرت ورشة العمل ونظرت للخلف بندم عدة مرات.
***
أخيراً، إنه ذاهب.
تنهد تورانس إيلين بارتياح.
كم كان قلقا عندما سمع أن الأمير الأول، سيء السمعة بكونه أحمق، آت للزيارة. كان من المرعب التفكير في نوع الشر الذي قد يسببه لممتلكاتهم.
تماما كما المتوقع، كانت هناك متاعب من اليوم الأول.
وصل الأمير متأخراً بيوم عن الموعد الذي تم إعلامهم به.
هو لعن الأمير تحت لسانه بينما قاد الخيالة للبحث عنهم في السهول.
لكن مازال، كان سعيداً جداً عندما قابلهم. كان لحسن الحظ حقاً أنه لم يمت عضو من العائلة الملكية في أرضهم.
كان مشاع أن الأمير الأول يشبه خنزير سمين ويمتلك سلوكاً قذراً.
مع ذلك، الأمير الأول الذي قابله كان مختلفا عن الشائعات.
لم يكن خنزير سمين، ولم يكن أحمق مقرف.
كان الأمير رجل وسيم ببنية شخص كان يكرس نفسه للتدريب.
كانت كلماته وأفعاله خشنة في بعض الأحيان، لكن ليست حمقاء أو مقرفة بأي شكل.
بالطبع، لم يستطع إرخاء دفاعه حتى بعد الانطباع الأول الجيد.
لقد انتظر أن يكشف الأمير ألوانه الحقيقية.
في الواقع، في عشاء الترحيب، لم يقل الأمير التحيات التي ينبغي أن يعبر عنها للمضيف.
حتى مع كون ذلك مهيناً، إلا أن والده أهداه أسلحة قيمة. كانت هدية فاخرة لمنع الأمير من التفكير في فعل أي شيء سيء في قصرهم.
لذا، مر اليوم الأول بأمان.
في اليوم التالي قال الأمير أنه يريد أخذ جولة في ورشة عمل النقابة. والده الذي كان يألف الشخصية الوقحة للحدادين لم يرد مرافقته، متوقعاً أن هناك مشاكل ستحدث في تلك الزيارة.
لكن الأمير لا يمكن إيقافه!
في النهاية، كان على تورانس إدعاء المسؤولية وإرشاده.
عندما اقتربوا من ورشة العمل، حذره من سلوك الحدادين، لكن لم يبدو أن الأمير كان يستمع.
كان تورانس ممتلئاً بالقلق.
كما المتوقع، لم يترك الحدادين ما في أيديهم حتى. كان فقط بعد صياح ساكسوني وصنع هياج أنهم عبروا عن احترامهم بشكل ممانع.
لحسن الحظ، بدا أن الأمير استقبل ذلك جيداً.
مع ذلك، كما هو الحال دائماً، لم يعمل كل شيء في العالم كما أراد.
لم يرد السيد العجوز النظر إلى الأمير حتى.
بشكل مفاجئ، لم يكن الأمير غاضباً من تلك المعاملة. بدلا من ذلك، هو حتى أوقف ساكسوني وفرسان البلاط خاصته من إيقاف عمل الرجل العجوز.
حتى أنه حث الحدادين والتلاميذ على استئناف العمل في الحال.
“استمروا في تغذية النيران في الفرن!”
كان حينها أن أدرك أن الأمر لم يكن بذرة سيئة كما اعتقده الجميع.
كان مقتنعاً يوما بعد يوم وهو يشاهد الأمير في ورشة العمل. لم يتدخل أو يخرب عمل الحدادين أبداً.
كان يبدو نادماً للغاية أنه كان مغادراً بدون رؤية السيد العجوز يكمل سيفه. كانت عاطفة قوية لدرجة أن حتى الناس الذين يشاهدوه شعروا بحزنه.
لذا، عندما علم أن السيد أوشك على الانتهاء، ركض تورانس إلى الأمير لإخباره.
بشكل مؤكد، كان سيتم إذابة السيف مجدداً هذه المرة، لذا أمل أن يراه الأمير لمرة قبل أن يحدث المحتوم.
مع ذلك، كان مخطئ.
عندما عاد لورشة العمل مع الأمير، كان السيد قد ربط مقبض بالنصل الذي كان يعمل عليه.
وووا.
عندما حدق تورانس في السيف المنتهي، فهم لماذا تمت إذابة جميع السيوف الأخرى التي بدت جيدة.
“أنا أكرس هذا السيف لسموك.”
عرض السيد المقبض إلى الأمير.
سيفاً عظيماً، مصنوعاً بواسطة روح عالية عملت عليه بلا كلل لشهر.
هو قدمه للأمير، الذي لم يقل له كلمة واحدة في الأيام القليلة الماضية.
———————————————————————————————————-
Ahmed Elgamal