61 - طفل الجنية (2)
الفصل 61: طفل الجنية (2)
“لم أصدق أنك، الذي تكره مساعدة الآخرين أكثر من الموت، تفعل هذا. أي جانب تختار؟”
“لا تلتصق بي، هذا مقزز.”
استدار كازار ليبعد إرنولف عنه. كان أخوه الذي يهمس في ظهره مزعجًا مثل كلب يلهث، وأشعره بالاشمئزاز.
“أقول لك، أي جانب أعجبك؟ فقط أخبرني سرًا، سأسمعك وأتصرف كأنني لا أعلم.”
(م.م: إرنولف يسأل كازار أي وحده من البنات أعجبته 😂😂😂).
ربما كانت الفكرة مثيرة لإرنولف لأنه ابتسم بسعادة وهو يجد فرصة للمزاح. تجاهله كازار باستنكاف ورفع أنفه.
“أنت حقًا تتظاهر بأنك لا تعرف.”
“يبدو أن لديك مشاعر بالفعل. حسنًا، لقد حان وقتك لذلك.”
“ماذا؟ هل أكلت شيئًا سيئًا؟ ما هذا الهراء؟”
بينما كان الاثنان يتجادلان بكلام تافه، اقتربت ثلاث نساء بحذر.
“أعتذر عن التأخر في التعريف. أنا فيفيان بارات، وهذه والدتي ديفي بارات. وهذا الشخص هو…”
وقفت إيروني منتصبة لتبرز هيبة الأميرة، وقدمت نفسها بأسلوب أنيق:
“أنا إيروني بيسارت بنغريل.”
“إنه لشرف عظيم مقابلتكِ، يا صاحبة السعادة الأميرة.”
فاجأ إرنولف ذلك، فحيّاها بشكل رسمي. من خلال لقب بنغريل والعمر الذي استطاع تخمينه، تمكن من استنتاج هويتها.
‘لابد أنها ابنة بيسارت إرنولف بنغريل. إذن، هذه الفتاة…’
كانت الفتاة أمامه مباشرة هي الأميرة التي ستصبح زوجة الطاغية كازار.
‘هل انجذب إليها بشكل مصيري؟’
فكر إرنولف بكازار الذي اندفع أولًا لإنقاذها قبل أن يفكر هو، وامتلأ قلبه بالثقل.
“أنا تيراد، وهذا هو أخي كازار.”
قدّم إرنولف نفسه باسمه الحقيقي بعد فترة طويلة. لأنه كان يُفتش عنه في عائلة البارون غراي، اضطر هذه المرة لإخفاء اسم “إرنولف”.
“لقد تعرفت على الأميرة بمجرد سماع الاسم، هل هو من عائلة بنغريل؟ أمي؟”
“بما أنه ساحر، فإنه على الأقل ليس من عامة الناس.”
همست فيفيان والخادمة بصوت خافت، وفي تلك الأثناء ابتسمت الأميرة لكازار. كانت الأميرة تنجذب بشكل فطري إلى كازار، الأخ الوسيم من التوأمين، الأكبر والأكثر رجولة.
“نادِني إيروني.”
“كيف تسمحين له بنداء اسم الأميرة بهذه الطريقة…”
تعجبت الخادمة من كلام إيروني واعترضت قائلة:
“لا يمكن كشف هويتك حتى تصلي إلى العاصمة. خصوصًا في مثل هذا الوضع، يجب أن تكوني أكثر حذرًا.”
ابتسمت إيروني ابتسامة طفولية وردّت على الخادمة، لكن رد فعل كازار كان باردًا.
“إذن، غيّر نبرة كلامك أولًا. كما كنت مهذبًا عند لقائنا الأول.”
كازار لم يحب أسلوب كلام العائلة المالكة المتعالي ونظرة الاحتقار من الأعلى، فقد عانى منها طوال نصف حياته وكان ذلك كافيًا له.
“كازار.”
تفاجأ إرنولف وحاول تأنيبه، لكن إيروني منعت ذلك وقالت:
“ما تقوله منطقي. سأعترف بخطئي.”
“صاحبة السمو….”
ابتسمت إيروني لإرنولف المحرج وعدّلت أسلوب كلامها مرة أخرى.
“هل أنتما توأمان؟ من المدهش أن أحدكما ساحر والآخر محارب هاله.”
سمع كازار النبرة المتغيرة بسرعة البرق فابتسم بخفة.
وعندما رأته إيروني يبتسم، ضحكت هي أيضًا معه.
كازار شعر أن الأميرة الحقيقية أمامه أعجبتّه أكثر من الأميرة المزيفة التي تزوجها في حياته السابقة.
“من أي عائلة أنتما؟”
سألت الخادمة ديفي بارات.
“لدينا أسباب تمنعنا من الكشف عن أصولنا.”
“ما هذا……”
“لذا فقط نادونا بأسمائنا. يمكنكم مناداتي تيراد أو تيري، وهذا الطفل كازار.”
سأل إرنولف إن كانوا قد أتموا حزم الأمتعة. هزت الخادمة رأسها بالنفي. فقد أرادوا أن يحزموا ثياب الأميرة على الأقل عند وصولهم للعاصمة، لكن لم يكن هناك عربة أو خيل كافية لنقل كل شيء.
“الثياب يمكن الحصول عليها عند وصولكم لإقطاعية البارون، فقط جهزي الضروري الآن واتركي الباقي.”
“نعم، حاضر. فيفي، أسرعي في حزم الأمتعة. وأخرجي عباءة إيروني من العربة أيضًا.”
“نعم، يا أمي.”
بناءً على تعليمات ديفي بارات، بدأت فيفيان في ترتيب الأمتعة المكسورة وتعبئتها.
كازار راقب كل هذا بصمت. في حياته السابقة، لو كانت فيفيان مكان الأميرة، لكانت قد اكتفت بالجلوس تحت الشجرة تتجنب المطر دون أن تحرك إصبعًا واحدًا. كان منظرها وهي تمسك تنورتها المبللة بيد واحدة وتجرى بجد في الوحل أمرًا غريبًا عليه جدًا.
بينما كانت فيفيان تشحن الأمتعة، كان إيرنولف يتفقد حول العربة المحطمة. ثم التقط قطعة معدنية صغيرة وأطلق تعجّبًا خافتًا، بدا أنه اكتشف شيئًا مثيرًا للاهتمام.
“ما هذا؟”
“إنها أداة لطرد الوحوش. نطاق فعاليتها صغير، لكنها مفيدة ضد الوحوش الضعيفة.”
سأل كازار إذا كان يمكن استخدامها لطرد الغاوورد.
“ستكون مزعجة له قليلاً، ليس أكثر.”
“أفهم.”
“لماذا تسأل عن ذلك؟”
“كنت أظن أن أحدًا تعمد إلى تعطيلها .”
بينما كان إيرنولف يستعد لسؤال من وكيف فعل ذلك، تدخل الفارس الحارس فيلينغر.
“اشتريت الأداة بثمن غالٍ، لكنها تعطلت بعد وقت قصير من بدء الرحلة. يبدو أن القائد قد وقع ضحية لعملية احتيال. آه، القائد هناك…”
أشار فيلينغر إلى الجثة المتساقطة تحت الشجرة.
“هل يمكنني أخذ هذا؟”
“إنه من معدات الحرس، لكن خذها إذا احتجت. لقد أنقذت حياتنا، لذا هذا قليل…”
أخرج فيلينغر من حقيبة الأمتعة المبعثرة جرعة شفاء ورشّها على ساقه المصابة.
“أليست فكرة غريبة أن نقدم الأداة المعطلة مقابل حياة تم إنقاذها، أليس كذلك، فيفي؟”
“نعم، يا آنسة إيروني.”
أجابت فيفيان على سؤال إيروني وهي منحنية أثناء ترتيب الأمتعة.
أشارت إيروني إلى الجبال العالية بيدها وهي تحدق بالتوأمين.
“وراء تلك الجبال توجد مقاطعة اللورد لورين.”
عائلة اللورد لورين هي الأسرة الأصلية لوالدة الأميرة، الملكة غريس. قالت إيروني إنهم إذا وصلوا هناك، ستكافئهم بسخاء، لذا يجب عليهم الذهاب معها.
كان وجه إيروني متجهاً نحو إيرنولف، لكن عينيها كانت على كازار.
كانت ديفي بارات وفيفيان تتطلعان بفارغ الصبر إلى رد كازار وإيرنولف على أمل أن يرافقهما الساحر ومحارب الهاله.
“حسنًا، لنفعل ذلك. الأمر ليس صعبًا.”
وعادةً كان كازار يستشير إيرنولف، لكنه هذه المرة أجاب بثقة.
‘لو لم أتدخل، لكانت إيروني الحقيقية قد ماتت قبل قليل.’
وكانت فيفيان ستتنكر كالأميرة.
‘إذا وصلنا إلى قلعة لورين بسلام، فلن تحدث مشكلة تنكر فيفيان كأميرة.’
قرر كازار أنه يجب أن يمنع فيفيان من الاستيلاء على هوية الأميرة.
‘عيشي حياتك هكذا حتى تموت، إيروني.’
(م.م: يقولها لفيفيان 😔).
كانت عينا كازار تتلألأ بالبرودة وهو ينظر إلى فيفيان.
“آه، كم هو حار! أشعر أن نظرتك ستحرقها.”
تعلق إيرنولف مرة أخرى على ظهره وأطلق هراءً آخر. أزاحه كازار عن نفسه وهو يتنفس بغضب، ثم توجه لتنظيم المكان حوله.
كان هناك حصان واحد فقط ليركبوا عليه، فركبت الأميرة وحدها الحصان، وحُمِّلت الأمتعة في المكان المتبقي.
“على أي حال، كنت سأرافقك. لا داعي للاعتذار لأنك سمحت للأميرة بالمرافقة دون استشارتي.”
قال إيرنولف وهو يسير في طريق مبتل. لم يمشِ على قدميه منذ فترة، ومع المطر كان يتعثر مع كل خطوة.
“أنا لست آسفًا.”
سأل كازار إيرنولف لماذا أراد منذ البداية أن يرافق مجموعة الأميرة.
“لأنهن شقراوات.”
حدق إيرنولف بعينين نصف مفتوحتين إلى النساء الثلاث اللواتي كن يسيرن أمامه. شعورهن مختلفة: شعر طويل منسدل، شعر ملفوف بشكل أنيق، وشعر مربوط في عقدة. كل واحدة مختلفة، لكن جميعهن شقراوات.
“ما علاقة ذلك؟”
“علاقة كبيرة جدًا. التقيت بهن في الوقت المناسب تمامًا.”
“ماذا تقول؟ وضح لي بما أستطيع فهمه.”
لم يجب إيرنولف على سؤال كازار، واكتفى بابتسامة خفيفة فقط.
تساءل كازار في نفسه إن كان هذا مرتبطًا بقبر إيماجو.
“سمعت أنه يخطط لخداع الروح الحارسة لإيماجو لكسر اللعنة، لكن ما علاقة الشقراوات بذلك؟”
اتضح سبب ترحيب إيرنولف بالشقراوات بعد وصول المجموعة إلى مدخل القرية.
عندما اكتشفوا نزلًا متواضعًا عند مدخل القرية، شعروا بسعادة مماثلة لشعور البحارة الذين وجدوا اليابسة بعد أن جنّت بهم السفينة.
“هل ترى ما أراه؟ هل تراه أنت أيضًا؟”
قال إيرنولف بصوت مرتجف قليلًا من الفرح.
“أراه.”
“انظر يا كازار، هناك جدران تحمي من الرياح وسقف يحمي من المطر.”
“نعم.”
بعد أيام من السير تحت المطر، بدا النزل المهترئ وكأنه سينهار في أي لحظة، لكنه بدا لهم كقصر فخم.
دخلت المجموعة النزل بوجوه مذهولة وكأنهم مسحورون.
نظرًا لأن النزل لم يستقبل ضيوفًا منذ مدة، خرج الزوجان صاحبا النزل والخدم جميعهم للترحيب بهم.
لكن بمجرد أن دخلت الفتيات الثلاث النزل وخلعن عباءاتهن، تغيرت الأجواء بالكامل.
“ذاك… ذاك شقراء!”
“اخرجوا من هنا بسرعة!”
“لماذا تتصرفون هكذا فجأة؟”
“قلت اخرجوا!”
“مهلاً!”
حاولت فيفيان وديفي بارات الاعتراض، لكن صاحبا النزل كانا يلوحان بالمكانس ويصرخان كما لو كانا مجانين.
“دعونا نفهم السبب. لماذا تقولون إنه ممنوع؟”
تدخل فيلينغر، ممسكًا بحزام سيفه بكلتا يديه، وأوقف أصحاب النزل أمامه.
“ماذا فهمتم من كلامنا طوال الوقت؟ قلنا لكم ارحلوا لأنكم شقراوات!”
“إذن وضح لنا لماذا كوننا شقراوات يعني سوء الحظ!”
“لأنكن شقراوات!”
“وماذا في كوننا شقراوات؟”
“هل بسبب لعنة إيماجو؟”
فجأة هدأ الناس الذين كانت عروقهم تنتفخ من الغضب عند تدخل إيرنولف بهذا السؤال.
“كما توقعت…”
قال إيرنولف وكأنه يعرف شيئًا، بينما نظر إليه الثلاثة الذين تلقوا الشتائم بشعور من الظلم.
“هل هذا الرجل الذي يعرف الأمر أحضر هؤلاء النساء إلى هنا؟”
“هل جن ليقتلنا جميعًا؟”
صاح صاحبا النزل والخادم بالغضب وهم يلوحون بالعصي والمكانس، عندها سحب كازار سيفه وقطع جميع العصي والمكانس إلى نصفين.
“مزعجون جدًا، كأنكم تريدون الموت.”
وجّه كازار سيفه نحو صاحب النزل، فقام فيلينغر، الحارس، بسحب سيفه أيضًا.
“اهدأوا. أنا ساحر، وسأقوم بفك لعنة إيماجو.”
لإثبات أنه ساحر، أطلق إيرنولف شعلة على إحدى يديه، ما جعل صاحب النزل يرتعب ويتراجع إلى الوراء.
“سواء فككتم اللعنة أم لا، لا نريد أن نتورط، لذا اخرجوا من هنا. اخرجوا!”
“إذا أردتم الخروج، عليكم أن تخرجوا أولاً!”
دفع كازار الطاولة برجله بغضب، وتحطمت الطاولة على الجدار إلى أشلاء.
“إذا لم تخرجوا قبل أن أعد إلى ثلاثة، فستدفعون الثمن. واحد، اثنان…”
“آآآ!”
هرب الخادم أولًا، ثم صاحبا النزل أيضًا وهم يصرخون ويخرجون إلى الخارج. وبعد أن تجاوزوا سور الفناء، قال إيرنولف لكازار أن يضع السيف جانبًا:
“حقًا، يبدو وكأننا جاءنا للسطو على هذا المكان.”
“إذن، نخرج نحن؟”
“……..”
نظر إيرنولف بهدوء إلى الفناء المظلم تحت المطر الغزير.
بعد أن قضوا أسبوعًا يمشون تحت المطر، كان جسده يشعر وكأن له خياشيم. أصبح المطر أمرًا مزعجًا جدًا.
“لا… كان بإمكاننا احتجازهم في المخزن بهدوء. كنت سأقول شيئًا من هذا القبيل.”
“هذا أو ذاك.”
سألت ديفي بارات، إذا كان من المقبول أن يتصرفا هكذا مع بعضهما البعض كما اعتادوا، وهما يتجادلان ويداعبان بعضهما.
“إنهم يخافون من اللعنة، لذا يفضلون البقاء بعيدًا. سيكون من الأفضل لهم أن يكونوا في الخارج.”
طمأن إيرنولف المجموعة بنبرة لطيفة.
“ماذا قلت لي قبل قليل؟ تقول إنه من الأفضل حبسهم في المخزن؟”
“لحسن الحظ، أوقدت النار في الموقد. حان الوقت لأظهر مهاراتي بعد مدة طويلة. ما المواد المتوفرة هنا…؟”
تجاهل إيرنولف كلام كازار ورفع أكمامه متجهًا إلى المطبخ.
“أه…”
“دعونا نأكل شيئًا ونتحدث قليلًا. على أي حال، طالما الشمس صاطعة، لن تكون هناك مشكلة.”
عندما أرادت فيفيان أن تسأل عن اللعنة بقلق، لاحظ إيرنولف ذلك وأجابها:
“الشمس صاطعة الآن، لذا…”
اختبأت إيروني خلف المربية وأشارت إلى الغيوم الكثيفة التي تحجب الشمس. كانت لأول مرة تسمع كلمات سب أو كلامًا عن لعنة، فشعرت بالخوف والانكماش.
“يعني ذلك أنه لا بأس خلال النهار. آه، هناك دقيق! يبدو أننا سنتمكن من خبز خبز طازج على العشاء اليوم.”
وبغض النظر عن قلق الفتيات، شعر إيرنولف بالسعادة لأنه سيعد وجبة عادية بعد وقت طويل.
——————
إرنولف مركز على أهدافه
حزنت على فيفيان من كثر ما كازار يكرها😔