170 - الدفاع عن إندويل - الظل الأسود (3)
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لقد أصبحت الأخ الأكبر للطاغية
- 170 - الدفاع عن إندويل - الظل الأسود (3)
الفصل 170:الدفاع عن إندويل: الظل الأسود (3)
وال، الذي ورث دم الذئب وكان يفتخر بقدرته على الركض بسرعة، بدأ يركض واثقًا بنفسه، لكنه لم يمض وقت طويل حتى لحق به كازار. على عكس ما قاله سابقًا بأنه لا يهتم إذا تبعه أم لا، عاد كازار إلى وال الذي كان يلهث وتخلف خلفه قليلًا. ثم، وبعد أن ضربه بخفة على رأسه، حمله فجأة على ظهره.
“ما زلت أستطيع الركض.”
قال وال معتذرًا.
“الانتظار للبطيء مزعج.”
توقع كازار أن الكونت ديتوري في خطر. لم يكن هناك وقت ليضيعه في الجدال مع وال كالمعتاد.
“آسف….”
“ستعض لسانك، لذا اسكت”
بعد تحذيره، انطلق كازار بسرعة هائلة، كما فعل عندما ركض من إندويل إلى قرية الحصن لإنقاذ وال.
على الرغم من أن وال هو مستذئب يتمتع بقدرات جسدية فائقة ولياقة عالية، إلا أن الخجل من حمله على ظهر شخص آخر جعل وجهه يتحول إلى اللون الأحمر كأنّه طماطم ناضجة.
عندما رأى المعلم الكبير يُحمل على ظهر كازار بدا له الأمر مريحًا، لكنه بعد تجربته مباشرة شعر أن الركوب على الحصان سيكون أفضل.
فالخيول تركض على الأرض المستوية……
كازار لم يكترث لما أمامه، فكان يحطم الأشجار، يقفز فوق الصخور، وحتى يركل الوحوش التي تعترض طريقه بعيدًا بأقدامه.
‘آه، ظهري… كيف تحمّل المعلم الكبير هذا؟’
وال، الذي اعتبر المعلم الكبير ضعيف البنية، اندهش من أنه لم يتحطم أثناء حمله على ظهر كازار.
رغم أن كازار لم يركض بعنف عندما حمل أخاه، إلا أن إرنولف كان أقوى بكثير، لذا فقد اجتاز مع كازار جميع الصعوبات والمحن.
بعد الوصول إلى القلعة، دخل كازار وهو يحمل وال على ظهره. في أرجاء القلعة، كان هناك رماد خلفه مصاصي الدماء القتلى، كأنه علامات إرشادية لمن يتبعه.
تابع كازار تلك العلامات بلا تردد.
شعر وال بشيء غريب، فقد كان يتوقع يومًا أن يأتي هنا للانتقام، لكنه لم يتخيل أن يصل إلى بيت عدوه بهذه السرعة، وفي مثل هذا الوضع.
كانت المباني الحجرية القديمة مرقطة ومظلمة، وأجواء القلعة القاسية والباردة أثقلت مزاج وال أيضًا.
عند دخول القلعة، أنزل كازار وال عن ظهره، فصعد وال بحذر مع كازار متتبعًا آثار الكونت ديتوري إلى الطوابق العليا.
وصلوا إلى أمام إحدى الغرف، فخرج صوت سيدة ما يتردد في الرواق. وعندما سمع وال ذلك، شعر بالذهول.
“ماذا يعني هذا؟ هل هذا يعني أنه فقد عقله؟”
“نعم.”
“هل فقد عقله وقتل أمي وكل هؤلاء الناس؟”
لم يستطع وال كبح غضبه، فارتعش صوته بشدة. كازار لم يجب، فقد كان قادرًا على فهم غضب وال، لكنه لم يشعر بنفس عمق وشدة المشاعر. هذا كان حدًا لا يمكن تجاوزه لدى الآخرين.
“تعال هنا يا كارديريو، أهم شيء بالنسبة لك هو عائلتك، أليس كذلك؟”
وهي تحاول إقناع الكونت ديتوري، أشارت إلى غوب بإشارة بسيطة.
وقف غوب حاملاً صينية فضية صغيرة عليها جرعات شفاء، وتقدم نحو والده.
بعد أن شهد والده يقتله عدة مرات من قبل، حاول غوب قدر الإمكان أن يبتعد قليلاً إلى الخلف وهو يمده بالصينية.
نظر الكونت ديتوري إليه بعينين باردتين.
“اشرب هذا لتداوي جروحك، يا أبي.”
بما أنه لا يوجد ساحر مصاص دماء حاليًا، إذا مات الكونت ديتوري الآن فلن يتمكن أحد من إعادته للحياة. سواء كان فوندراك أو أي شخص آخر، كان غوب ينوي عدم مهاجمة والده حتى وصول الساحر.
“انتظر قليلًا، سيُرسل جنود دعم من بنغريل. حتى ذلك الحين، استرح وانتظر.”
الكونت ديتوري اكتفى بالنظر بعينين متسعتين ولم يرد.
“سأتركها هنا.”
من شدة خوفه من والده، وضع غوب الصينية في أقرب مكان ممكن وتراجع. عندها، التقت عيناه بعين كازار عند المدخل.
لحظة، ارتفعت الرغبة في القتل، واحمرّت عيناه، لكن غوب كبح مشاعره. إذا اندلعت المعركة الآن، فقد يُستفز والده.
كان غوب يعلم أكثر من أي شخص آخر أنه لا يستطيع السيطرة على سيد السيف المجنون.
“سيُرسلون جنود دعم من بنغريل؟”
سأل كازار، فطرق غوب فمه بخفة بإصبعه.
“آها، لقد أخطأتَ في الكلام. لم أدرك أن ولي عهد بنغريل قد أصبح مصاص دماء.”
الأحداث نفسها تكررت كما في الحياة السابقة، لكن السياق مختلف. حدثت الأحداث الكبرى قبل حوالي عشر سنوات عن موعدها المعتاد.
ونتيجة لذلك، قبل اندلاع حرب مصاصي الدماء، أصبح أليكسيو فون بيسارت بنغريل مصاص دماء، وليس مجرد هيكل عظمي.
كان كازار يعرف تمامًا لماذا سقط ذلك الرجل المتغطرس في هاوية الفساد والانحطاط بهذه السهولة.
فقط بالتفكير في السبب الذي جعل ولي العهد يُقصى من ترتيب ولاية العرش، وتُنتزع منه السلطة على يد الأميرة إيروني، كان من السهل فهم الأمر.
‘فقدان القدرة على الإنجاب… حتى لو لم يكن المرء من العائلة المالكة، فهذا كفيل بأن يكون صدمة مدمّرة.’
من المؤكد أنه قتل خصمه السياسي أولًا، ذلك الذي عاد من المنفى. غير أن كازار كان يعرف أن إيروني لم تكن أميرة أصلًا، بل كانت وصيفتها. ولو حالفها الحظ، لربما تمكنت من الفرار بسلام من صراع العائلة الملكية على السلطة. لذلك قرر كازار ألّا يشوّش عقله بتكهنات غير مؤكدة.
“وجهك شاحب. يا إلهي، هل ارتعبت لمجرد أنني قلت إن بنغريل سيرسل جيشًا؟”
قال غوب بنبرة مائعة كأنه يداعب طفلًا صغيرًا. كان يتظاهر بالاتزان أمام والدته، لكن من الواضح أنه لم يستطع إخفاء طبيعته المهرّجة.
“هممم…”
في تلك اللحظة، أطلق الكونت ديتوري، الذي ظل صامتًا طيلة الوقت، تنهيدة طويلة. انشدّت كل الأنظار نحوه على الفور.
كان كائنًا مرعبًا، كارثة تمشي على قدمين ولها إرادة حرّة.
والآن وقد استولى عليه الجنون، تضاعف الرعب أكثر فأكثر.
غريتا حاولت أن تكتشف ما يجول في خاطر زوجها، ثم نهضت من مكانها بحذر.
الكونت ديتوري ألقى نظرة متأنية على غريتا، ثم على غوب، ثم على كازار ووال. وأخيرًا، حطّ بصره على الجثث الملقاة على الأرض.
“لا تقل لي… هل تشفق عليهم؟ أبي، أنت حتى لا تتذكر أسماءهم بشكل صحيح!”
“لا تلتفت لهؤلاء التافهين. تعال واجلس، يا عزيزي. تبدو مرهقًا جدًا.”
لكن الكونت ديتوري حوّل نظره بعيدًا عن زوجته وابنه، إلى ما كان يقف بجانبهما.
هناك، واقفة بجمود، ظهرت أيلين، متعفّنة وسوداء، بجسد أكلته العفونة.
رفعت يدها اليمنى ببطء، أصابعها العظمية مكشوفة، ثم أشارت بها مباشرة نحو غريتا وجوبه.
“باناياس.”
قالت إيلين ببرود.
وفجأة، تلاشت صورة الكونت ديتوري كأنها سراب، ثم ظهر في لحظة خلف غوب، ليقطع خصره بضربة واحدة.
ولم يمهل غريتا حتى تستوعب المشهد؛ إذ أسرع زوجها بقطع رقبتها.
سقط جسد غوب نصفين، متخضبًا بالدماء وهو يترنح أرضًا.
أما رأس غريتا فقد انفصل عن جسدها، وما زالت ملامح القلق على زوجها مرسومة على وجهها، قبل أن تتحول إلى رماد متساقط.
الكونت ديتوري ظل يحدّق ببرود، بوجه شاحب لا حياة فيه، وهو يرى جسديّ زوجته وابنه ينهاران مثل قلعة من رمال.
في تلك الأثناء، كان غوب قد أخرج ذراعين إضافيتين، ثم أخذ يزحف كالعنكبوت باتجاه النافذة محاولًا الفرار.
حين همّ وال بمطاردته، أشارت جثة أيلين المتعفّنة نحو كازار ووال.
في لحظة، استعار كازار قوة إغنيس ونشر درعًا قويًا سدّ به مدخل غرفة الاستقبال بالكامل.
بووووم!
ارتطم سيف الهالة الخاص بالكونت ديتوري بالدرع الذهبي بقوة.
“اللعنة… كنت أدّخر هذا للحظات الطوارئ… وال! سأستخدم القوة المقدسة، ابتعد!”
ثم أخرج من جيبه حجر الشفاء الذي صنعه إرنولف. كان الحجر يحتوي على تعويذة تُعرف باسم “المضاد”، وهي تعويذة تطهير.
في الأصل كان الغرض أن يُخزّن فيه تعويذة الشفاء، لكن إلسيد كانت يصب كميات هائلة من الطاقة السحرية في كل مرة يلقي التعويذة، مما جعل الفائض يُهدر.
فأراد إرنولف الاستفادة منه، فقام بتخزين تعويذة التطهير بدلًا من ذلك.
إذا استخدم كازار الـمضاد، فربما يخف جنون الكونت ديتوري قليلًا.
لكن في المقابل، جراحه ستُشفى أيضًا.
وإن حدث أن الجنون بقي على حاله بينما شُفي جسده تمامًا… فإن حجم الكارثة سيتضاعف مرات عديدة.
“اللعنة! إنها مسألة حياة أو موت!”
ثم، وهو يشعر وكأنه يقامر بمصيره، فعّل حجر الشفاء.
مع صرخته، غمرت الغرفةَ بأسرها أشعةٌ بيضاء ناصعة.
في اللحظة التي غمرت فيها القوة المقدسة للحاكم فيستا جسد الكونت ديتوري، تجمّد مكانه. جراحه أخذت تلتئم بسرعة، وعقله الممزق أخذ يستعيد شيئًا فشيئًا بعض اتزانه.
لقد اختبر مثل هذا الأمر كثيرًا في طفولته. كان والده يستدعي الكهنة بانتظام كي يلقوا عليه تعاويذ معينة.
ذات مرة، سأل والده لماذا يتلقى علاجًا وهو لا يعاني من أي علة؟
فأجابه والده بأن الأمر ليس علاجًا، بل بركة.
وبما أنه كان أقوى من أي شخص، لم يكن ديتوري الصغير يتقبل تلك الأفعال. لذلك، بعد وفاة والده، لم يعد يستدعي الكهنة إلى القصر إلا عند الحاجة إلى علاج حقيقي.
لكن الآن… بدأ يفهم لماذا كان والده يُصرّ على ذلك.
“أاااه…”
اندفع وال بعيدًا، مصطدمًا بالحائط المقابل، وقد جرفته موجة القوة المقدسة المنبعثة من فيستا.
كان قد حاول الاحتماء بسرعة خلف الجدار بجانب الباب حين فعّل كازار حجر الشفاء، لكن تأثير التعويذة كان عظيمًا لدرجة أن الاحتماء لم يجدِ نفعًا.
بعد أن تفادى قطعة من الزخارف المشتعلة التي تساقطت من الحائط، ركض وال عائدًا إلى غرفة الاستقبال.
ولحسن الحظ، كانت المعركة قد انتهت.
وقف الكونت ديتوري وسط الغرفة، ووجهه يبدو وكأنه قد شاخ فجأة.
كان يحدّق بثبات نحو أحد الجدران.
هناك، كانت معلّقة صورة لأسلافه، يظهر فيها الكونت السابق بوجه مهيب وجاد.
قال الكونت ديتوري وهو يحدّث صورة والده المعلّقة على الجدار بصوتٍ واهن:
“لقد كنتَ توصيني دائمًا… أن أحمي العائلة، وأحفظ اسم السلالة. ذاك هو واجبي ومسؤوليتي….”
ذلك الرجل في الصورة لم يكن مجرد والدٍ أنجبه، بل كان المرشد الذي قاده نحو طريق الهاله.
“لقد كرّست حياتي بأكملها من أجل ذلك… لكنني لم أستطع أن أحمي شيئًا واحدًا. أخبرني يا أبي… كيف يمكن أن أُكفّر عن هذه الخطيئة…؟”
أدار نظره نحو الرماد المبعثر على الأريكة والأرض، حيث كانت ترقد زوجته قبل لحظات، وإلى الموضع الذي انهار فيه ابنه. ثم حرّك بصره ببطء نحو الزاوية المظلمة من الغرفة.
هناك، رأى طيف أمه التي تجاهلته حتى يوم موتها، وإلى جوارها شقيقته الصغرى التي لقيت حتفها بائسة.
امتلأت عينا ديتوري بالدموع، وارتجفت شفتاه وهو يحاول أن ينطق بكلماتٍ لهما، لكنه خفض رأسه عاجزًا.
“اخرج من هنا، كازار.”
لم يستطع كازار أن يتحرك على الفور. كان يثقل كاهله مشهدُ كتفي أبٍ مُنهار، لم يستطع أن يحمي أسرته.
حاول وال أن يتقدم، وهو ينزع المخالب من يديه استعدادًا للهجوم على الكونت، لكن كازار أمسك بذراعه بقوة وأوقفه.
وحين نظر إليه وال بعينين غاضبتين مليئتين بالاعتراض، اكتفى كازار بهز رأسه نافيًا. ثم، بخطواتٍ ثقيلة، تحرك مبتعدًا.
“أخبروا سموه… أنني آسف، إذ لم أستطع أن أخدمه حتى النهاية.”
بينما كان كازار يهمّ بمغادرة غرفة الاستقبال، انطلق صوت الكونت ديتوري.
كلماته بدت وكأنها وصيّة أخيرة.
ارتجف كازار للحظة، ثم استدار نحوه بسرعة.
وفي تلك اللحظة، انفجرت منه موجة هائلة من الهاله، متدفقة في كل الاتجاهات.
على الفور، عانق كازار وال ليحميه، ناشرًا درعًا حولهما. اصطدمت باللهيب والغبار وشظايا الأثاث المتناثر، لكن الغريب أنّ الانفجار كان ضعيفًا على غير عادة انفجار هاله صادر من سيّد سيف.
لقد عرف كازار على الفور ما كان يجري.
فهو الذي بلغ في حياته السابقة مرتبة سيّد السيف، وكان يعلم أنّ ما حدث لم يكن هجومًا، بل مجرد فعلٍ لتفريغ الهاله المتراكمة في قلب الهاله.
“مستحيل…!”
رفع كازار نظره بدهشة، فرأى الكونت ديتوري يخرج شيئًا صغيرًا من ملابسه.
كان ذلك جهاز التفجير الذاتي الذي منحه إرنولف في وقت سابق لكلٍّ من سيلينا، سيدة إندويل، والكونت ديتوري.
“انتظر…!”
فتح كازار فمه ليردعه، لكن في اللحظة نفسها، ضغط الكونت ديتوري على الجهاز.
———————-
واو حياته بائسة جداً 😭