169 - الدفاع عن إندويل - الظل الأسود (2)
- الرئيسية
- قائمة الروايات
- لقد أصبحت الأخ الأكبر للطاغية
- 169 - الدفاع عن إندويل - الظل الأسود (2)
الفصل 169:الدفاع عن إندويل: الظل الأسود (2)
ركض الكونت ديتوري نحو القلعة بأقصى سرعة يمكنه أن يحققها. وبما أنه كان يستطيع الركض أسرع من الحصان، فقد كان دائمًا يستخدم قدميه وحدهما للانطلاق عندما يستدعي الأمر.
رغم أنه يقفز إلى قلب خطوط العدو بلا خوف في أي وقت، إلا أن قلبه الآن كان يغمره اليأس والقلق إلى أقصى حد.
في هذه اللحظة، لم يكن سيد السيف، بل كان صبيًا صغيرًا عالقًا في كابوس قديم.
بدأ ذلك الكابوس عند بركة صغيرة في الغابة. كان ذهنه في فوضى عارمة، وتداخلت ذكريات الماضي والحاضر لتصدر ضجيجًا مربكًا.
ذكريات عن سمك نيء مُلتهم ومهمل، وأسماء وحوش غريبة تهمس بها ألسنة أصدقاء يحذرونه من خطر على عائلته، وانتقادات حادة خرجت من فم ابنه الذي كاد يزهق على يد الوحش.
تكررت هذه الذكريات مرات عديدة، تدفعه للأمام بلا رحمة.
‘عليّ العودة إلى القلعة بسرعة.’
تتفاعل قوة الهاله مع حالة مستخدمها بحساسية بالغة. وكمثال على فوضى حالته، بدأت الجروح التي أحدثها بنفسه تنزف. ومع ذلك، لم يلتفت الكونت ديتوري لجسده، واستمر في الركض بلا توقف.
“هاه… هاه…”
لم يكن الكونت ديتوري يتصرف كسيد السيف المعتاد، كان يلهث بشدة وبقسوة، وأحيانًا يتعثر أثناء الركض، لكنه وصل إلى القلعة بصعوبة بالغة.
داخل القلعة، كما كان يخشى، كانت الوحوش قد اجتاحت المكان. معظمها مألوف لديه.
“هاه، يا صاحب السمو.”
“ماذا… ماذا تفعلون؟ أسرعوا وأوقفوهم!”
الجنود والمرتزقة كانوا مرتبكين عند ظهور الكونت ديتوري.
رغم أنهم أصبحوا خالدين، إلا أن الخوف الذي رسخ في أذهانهم ظل قائمًا.
تلعثموا من شدة الرعب، بينما قطع الكونت ديتوري طريقه بلا رحمة، متجاوزًا البوابات ودخل القلعة.
في طريقه نحو الطابق الثالث، حيث تعيش العائلة معًا، استرجع ذكريات طفولته.
بعد سماع كلمات ويلسون، وعند عودته إلى القلعة مذعورًا، رأى والدته وأخته الصغرى يتناولان الشاي بهدوء.
كانت أيلين، منذ أن أيقظت الهاله لديها، ترتدي ملابس الرجال كالمعتاد، لكنها الآن ارتدت تنورة وتمضغ المعجنات المغموسة بالعسل.
“هل عدت الآن؟ اجلس بسرعة. الشاي قد برد تمامًا.”
أمرت والدته الخادمة بصب الشاي الممزوج بتوت العليق والأعشاب للابن الذي دخل مسرعًا.
جلس الكونت ديتوري في كرسيه المعتاد وتلقى الشاي، وهو يراقب أيلين بدقة طوال الوقت، محاولًا اكتشاف أي اختلاف عن المعتاد. لكن في تلك اللحظة، لم يتمكن من إيجاد دليل على أن أخته ليست الحقيقية.
لم يستطع الفتى أن يخبر والدته وأخته عن باناياس. لو كانت أخته بالفعل باناياس، فقد تغضب إذا سمعت ذلك. وحتى لو لم تكن، فقد يتحول الحديث بسهولة إلى مصدر للسخرية.
ظل صامتًا، يحاول يوميًا مراقبة أخته ومحاولة إيجاد أي دليل على أنها وحش.
وأخيرًا، في ليلة عميقة بعد أن غطّ الجميع في النوم، كشف الكائن عن هويته.
طرق… طقطقة… طرق…
استيقظ على الأصوات الخفيفة على النافذة. أمسك بالسيف المختبئ تحت وسادته، وأخذ نفسًا عميقًا واقترب من النافذة، ليرى آثار أيدي مبتلة على الإطار.
كانت غرفة الفتى في الطابق الرابع. لم يكن أي إنسان عادي قادرًا على ترك آثار اليد على النافذة بهذا الشكل.
كان متأكدًا أن هذه الآثار تركتها باناياس، جنية الماء الفاسدة، أثناء تنقلها بين القلعة والبركة.
تضاعف شعوره بالخوف بعد اكتشاف موت الخادمة بصمت.
تتبع رائحة الدم بحذر داخل القلعة، ليجد جثة الخادمة خلف خزانة الزينة. كانت الخادمة لم تتجاوز العشرين من عمرها، وكانت خادمة خاصة بـ أيلين.
اقترب الفتى من غرفة أخته متسللًا على أطراف أصابعه. بعد لحظات، عثر عليها في الممر.
كانت أيلين ترتدي ثوب نوم أبيض، واقفة أمام غرفة والدته وكأنها شبح.
أثناء اقترابه خائفًا ممسكًا بالسيف، التفت الكائن فجأة. ارتسم على شفتيه الزرقاوين ابتسامة ساخرة، وتحركت يداه الشاحبتان نحو مقبض باب الغرفة.
في تلك اللحظة، لم يتردد الفتى، وغرز سيفه مباشرة في الكائن.
قفز الوحش الذي كان يشبه أيلين باتجاه السقف، ثم أطلق جسده باتجاه النافذة بوجه مشوه وشرس.
هبط بسهولة من ارتفاع الطابق الرابع، ثم ركض على أربع وقد اختفى في الظلام.
تبع الفتى الوحش، وهو يخطو على قطرات الندى المبتلة. خلال اختراقه الغابة المظلمة، انضم إليه ويلسون، الذي كان قد ظهر فجأة ليشارك في المطاردة.
وصل الاثنان سريعًا إلى البركة في الغابة، لكن الوحش لم يكن موجودًا هناك. فجأة، نظر ويلسون إلى الفتى وصاح:
“خلفك! كارديريو! إنه خلفك!”
استدار الفتى بسرعة، وحمى جسده بسيفه. حاولت أيلين المتحولة بوجهها الشرس وأظافرها الطويلة طعن قلبه.
رأى الفتى ذلك وأيقن تمامًا أن هذا الكائن لا يمكن أن يكون أخته الحقيقية. كان سيفه حازمًا، وسقط الوحش بعد ثوانٍ على الأرض، وقد طعن في بطنه وتشنج جسده.
التقط الفتى أنفاسه، ونظر إلى ويلسون، الذي أشار بوجه صارم إلى البركة وقال:
“اقتلها، ثم ارمها في البركة.”
اتباعًا لكلمات صديقه، التفت الفتى نحو الوحش المرتعش، فقلب عنقه ليقضي عليه، ثم ربط الجثة بحجر كبير وسحبها إلى البركة.
لا يزال الكونت ديتوري يتذكر الصوت العالي للماء عندما رُميت الجثة في البركة.
كم كان ذلك مشبعًا بالإحساس بالراحة والانتعاش!
عندما غرقت جثة الوحش تحت سطح الماء، اختفت معه كل مخاوفه وقلقه.
لكن ذلك السلام لم يدم طويلًا. منذ ذلك اليوم، لم ترى أيلين مجددًا، وتم استدعاء جميع سكان الإقليم للبحث عن ابنة السيد المفقودة.
عندما عاد الأب على عجل بعد سماع الخبر، أخبره الفتى كم كان صعبًا عليه القتال لحماية أسرته.
أثناء استماعه لقصة ابنه، لم يعرف الفتى سبب شحوب وجه والده تدريجيًا.
بعد أن أنهى الفتى روايته، سأل الأب عن المكان الدقيق الذي دفن فيه الوحش.
كان الأمر مفاجئًا، لكن الفتى شرح له بالتفصيل، رغبةً في التأكد من موت الوحش فعلاً.
وبعد فترة قصيرة، تم العثور على جثة أيلين. أُقيمت مراسم الجنازة بشكل بسيط بحضور أقرب الأقارب فقط. وبسبب سوء حالة الجثة، لم يُري الأب حتى زوجته أيلين.
قال الأب مرات عدة:
「كارديريو، كما قلت، من قتل أيلين هو الوحش. ذلك الكائن الذي ارتدى جلد الإنسان قد قتل أختك. لقد قتلت الوحش بيدك، والآن انتهى كل شيء.」
ومع ذلك، لم تتوقف المعاناة رغم موت الوحش.
ظلّت والدة الفتى ممتنعة عن مقابلته حتى وفاتها. ظلّت هناك مخلوقات تتقن تقليد البشر، وكان الفتى يعتقد أن حزن أمه وغضبها كانا بسبب ذلك.
“كارديريو، أنا هنا. من فضلك، ضع ذلك السيف جانبًا.”
“سيدي، أرجو أن تزيل غضبك! أنا ما زلت تابعك المخلص.”
“كارديريو، لقد كنت دائمًا حامينا. ألا تستطيع فعل ذلك هذه المرة أيضًا؟”
أصدقاء الطفولة الذين تدربوا معه، الفرسان والجنود المخلصون، والأقارب الذين شاركوه الدم… كلهم ناشدوه أن يرحم حياتهم.
ولكن الكونت ديتوري اقتحم الغرفة بلا مبالاة، وقطع كل من في طريقه نحو غرفة الاستقبال التي اعتاد أفراد العائلة استخدامها.
عندما وصل، كان رئيس الخدم ينتظره عند الباب، وفور رؤيته، فتح له باب الغرفة باحترام.
“تفضل، سيدي. الجميع في انتظارك.”
لم يعر الكونت ديتوري تحية رئيس الخدم أي اهتمام، وقطع عنقه بضربة واحدة. لم يقاوم، ولم يصرخ، بل تحول إلى رماد بهدوء تام.
دخل الكونت ديتوري غرفة الاستقبال عبر الباب المفتوح. كانت الغرفة، المعتادة لدى العائلة، تنضح بالراحة والفخامة. على الحائط كانت هناك لوحة كبيرة تحمل شعار العائلة، وفوقها رأس غزال محنط يتفاخر بقرونه العظيمة، ناظرًا إلى الأسفل.
كانت زوجة الكونت ديتوري، غريتا بيرساد، جالسة بجانب المقعد الفارغ المخصص له، مبتسمة في وجهه.
كان شعرها يلمع، وبشرتها مشدودة وخالية من التجاعيد، أكثر حيوية مما كانت عليه في شبابها. عند قدميها، كانت جثة الخادمة الميتة مرمية بلا حياة وعيونها مفتوحة. كما كان غوب موجودًا أولًا، جالسًا بجانب والدته، متأنقًا وأنيقًا على عكس ما رآه في قرية الحصن، حيث كان يبدو أنيقًا وهادئًا.
بالمقابل، كان الكونت ديتوري، سيد القصر، في حالة يرثى لها. ملابسه ممزقة بسبب الجروح التي أصاب نفسه، ومتسخة بالدم والغبار.
نظر إلى زوجته وابنهما، الجمال المرسوم أمامه كلوحة، وأطلق تنهيدة طويلة وعميقة.
“لماذا تقف هكذا؟ تعال واجلس هنا، كارديريو.”
وقف الكونت ديتوري كتمثال، محدقًا في زوجته. أمامه كانت والدته وشقيقته ترتديان فساتين أنيقة، وتستمتعن بالشاي والمأكولات برقة ووداعة. لكنه لم يستطع النظر إليهما بسرور.
نظرت غريتا سريعًا إلى السيف الذي كان يحمله زوجها، ثم بحركة أنيقة قامت بسكب الشاي.
“قبل أن يرحل والدك عن هذه الدنيا، استدعاني ليعطيني أمرًا مهمًا لك.”
وضعت غريتا فنجان الشاي المملوء بالشاي الساخن أمام المقعد المعتاد للكونت ديتوري، وجمعت يديها بهدوء. كانت نظرتها موجهة إلى زوجها، بوجه يفيض بالجمال والرقة، لا يكتمل إلا بحضورها أمامه.
“قال لك والدك: عندما ترى ما لا يُرى، وتسمع ما لا يُسمع، وتختلق كلامًا لم يسأل عنه أحد، وتحاول فعل ما لا يُفعل فلأخبرك ما سأقوله لك الآن.”
كانت كلمات غريتا السابقة شيئًا لم يسمع به حتى غوب. لو كانت غريتا قد عادت بعد موتها وظهرت في بركة الدم، لكان غوب قد عرف قصد والدته. لكن غوب وغريتا لم يُبعثا في نفس بركة الدم، لذلك لم يتمكنا من مشاركة ذكرياتهم.
“كارديريو، باناياس قد مات. لقد طعنته وقتلته، وألقيت بجثته في البركة، أليس كذلك؟ لقد رأينا جميعًا ذلك الجسد المتعفن. لذا يا بني، لا تخف منه بعد الآن. باناياس لم يعد موجودًا.”
أثناء سماع كلمات زوجته التي تحمل رسالة من والده، تذكر الكونت ديتوري سرًا التابوت الذي فتحه لأيلين.
عندما جاء والده لإحضار جثة أيلين، لم يُظهرها لأحد قبل دفنها، حتى لزوجته لم يُسمح برؤيتها.
لكن الكونت ديتوري، الذي لم يتحمل شعور القلق، تسلل ليرى التابوت. كانت جثة أيلين منتفخة لدرجة جعلتها غير قابلة للتعرف عليها، وكانت رائحة التعفن والروائح الكريهة تخترق المكان.
لقد دُهِنت بالجُمُرية، ورُشّت بالقرنفل، وغُطيت بالزنبق وإكليل الجبل للتخفيف من الرائحة، لكن الرائحة الكريهة والمياه العفنة لم تختفِ.
تساءل الطفل، لماذا تنبعث رائحة المياه العفنة من جسد أيلين؟ هل لأن القاتل كان جنية مائية فاسدة؟ بقي هذا السؤال عالقًا في ذهنه لفترة طويلة، ولم يستطع نسيانه.
“لقد حاولت لفترة طويلة أن أفهم معنى ما قاله والدك. والآن، أدركت الأمر.”
نظرت غريتا سريعًا إلى مكان تكدس رماد الخادم قبل أن تواصل كلامها.
“لقد كنت ترى أوهامًا، وتسمع أصواتًا، وتخاف من أشياء غير موجودة، كارديريو. باناياس لم يكن موجودًا منذ البداية.”
تحولت عينا غريتا إلى نظرة حازمة، وتحدثت بصوت يحمل بعض الغضب الخفي. انحنى غوب قليلاً نحو والدته وكأنه يود اللعب بها.
“لذا، انظر إلى الواقع. انظر إلى العالم الحقيقي. غوب لم يمت. أنا لم أصبح وحشًا، وطفلنا أيضًا لم يصبح وحشًا.”
تابعت غريتا موضحةً أن كل شيء أصبح أفضل وأجمل، مثل التحول من يرقة إلى فراشة. قالت إن بعض الأرواح العادية والبسيطة يمكن أن تُسلب لتحقيق الشباب والخلود، لكن سوء فهم زوجها الغريب كان عائقًا مزعجًا بالنسبة لها.
“إذا كنت معنا، سنصبح أكثر كمالًا من ذي قبل. تعال إلى هنا، كارديريو.”
مدت غريتا يدها البيضاء الناعمة إلى زوجها، كأنها منحوتة من الرخام.
——————-
ماضي ديتوري مرعب جدا 😱😱😱
الحين ويلسون هذا حقيقي أو يتخيله؟؟؟