281
أصبحت أصغر تلميذ لسيد الفنون القتالية
الفصل 281
في الواقع، منذ أن قمت بتقوية مهارة [حماية الجبل المقدس] لأول مرة، وأصبحت قادرًا على التواصل مع إخوتي،…
بدأت أفكر أيضًا في عقوبة الأخ الأكبر.
لو لم يكن المعلم الكبير عدوي، لو لم يكن أحد ملوك الشياطين في هذا العالم…
في هذه الحالة، لكان هو الشخص الذي فكّر في عملي بجدية أكثر من أي أحد آخر، وقدم لي نصائح مدروسة.
ولا يعني هذا أن علاقتي بالاخ الأكبر أعمق من علاقتي مع باقي إخوتي، بل هو مجرد اختلاف في الميل أو الاتجاه…
الإخوة الآخرون، وحتى أنا، نميل إلى الاستقلالية القوية. حتى معلمنا “بايك نو-غوانغ” لم يكن استثناءً من ذلك.
حتى لو قمنا بجمع تلاميذنا في المستقبل البعيد، فطريقة التعليم ستكون دائمًا على النمط الفردي…
لكن الأخ الأكبر… مختلف.
كان يعرف كيف يفكر من منظور المتعلّم، ويفضّل طريقة تعليم منهجية ومنظمة.
وفي اللحظات الحاسمة، كان يخلق وضعًا يمكن فيه للطالب أن يصل إلى الجواب الصحيح بنفسه.
شخص يسير معك، لا أمامك.
ذلك هو الانطباع الذي أتذكره عنه.
> [“ملك الشياطين عديم اللون” يراقبك…]
في اللحظة التالية…
تحوّل الإطار الأزرق الذي ظهرت فيه الرسالة إلى السواد فجأة، ثم كبر بشكل هائل ليغطي جميع الاتجاهات.
وجدت نفسي فجأة محاطًا بالظلام، وبينما كان السواد يملأ كل مكان، ومضة واحدة فقط من الضوء الطبيعي كانت تومض في المنتصف.
داخل تلك الكرة الخضراء المتقدة، كانت أوراق صغيرة ترفرف وتحترق باستمرار…
«……»
كنت أعلم أن تلك الشعلة هي تمثيل له.
لا أعلم إن كانت تمثل إرادته، أو حقيقته، أو مجرد رمز…
لكني فهمت الغرض.
أدركت أن الأخ الأكبر لا يريد لأحد أن يسمع حديثنا…
«هل هذه المرة الثانية التي نلتقي فيها؟ طبعًا، لم نلتق وجهًا لوجه بعد…»
[…]
«رغم أن بضعة أشهر فقط مرت منذ أن التقينا في هذا المكان الجحيمي، إلا أن الأمر يبدو وكأنه منذ زمن بعيد… هل يشعر باقي إخوتي بنفس الشيء؟»
لم يأتني أي رد.
بالأساس، لم يكن من النوع الذي يلتزم الصمت أو يتجاهل كلامي…
نظرت إلى التوهج الطبيعي المهتز وتابعت بمرارة:
«لا أعلم ما الذي يفكر فيه الأخ الأكبر…»
مشاعري الصادقة، أحاسيسي الحقيقية، خرجت بسلاسة وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة…
«ليس الآن فقط، بل في كل لحظة. لماذا تم حرمانك من منصبه؟ لماذا سرقت المذبح الروحي للمعلم؟ هل تكره معلمك؟ وهل تكرهنا نحن أيضًا؟ ما هو الشيطان عديم اللون؟ ومن هو الملك المجهول؟»
الأسئلة التي كانت تتكرر في ذهني، تراكمت مع التخمينات اللاواعية…
وقبل أن أدرك، أصبحت شيئًا يشبه الاستنتاج…
«في هذا العالم، لم يكن ملك الشياطين عديم اللون كائنًا موجودًا في الأصل. وعلى الجانب الآخر، كان الملك المجهول شخصية تاريخية وضعت أساس الإمبراطورية، حتى عندما كنت أنا أعيش حياة تافهة. إذًا، هل يعني هذا أن الأخ الأكبر شخص من عالمي الأصلي منذ البداية؟»
أدركت ذلك أثناء حديثي.
لن أسمع أي حقيقة من بين الأسئلة التي طرحتها للتو…
ذلك الاخ الذي يتحدث قليلًا بشكل غير معتاد.
الشخص الذي كنت أظنه سيصغي لتفاهاتي، وصراخي القاسي، بل وحتى شتائمي، كان الآن يستمع إلى أسئلتي الصادقة وكأنها تمر من أذن وتخرج من الأخرى…
شعرت بذلك…
ورغم شعوري بذلك، لم أستطع التوقف عن الحديث.
«بعد أن عدت إلى الماضي، بدأت أتعرف شيئًا فشيئًا على النوع العظيم، ولكن من المفارقات أنه كلما تعلمت أكثر، شعرت أنني أعرف أقل. كانت هناك أوقات بدا لي فيها أن صورة الأخ الأكبر التي أتذكرها مجرد وهم…»
كان من الواضح أن هذا الرجل شخصية غامضة…
يحمل الكثير من الأسرار، ولم يكن يحب الحديث عن نفسه…
لكن…
رغم ذلك، لم أشكك يومًا في طبيعته. كنت أؤمن أن النوايا الحقيقية خلف تلك الابتسامة المحرجة لا بد أن تكون نوايا طيبة…
وما كان مثيرًا للسخرية هو أن هذا الاعتقاد لم يتغير حتى الآن…
«ألا تحب الحديث عن الأيام الخوالي؟ عظيم. حسنًا، فلنتحدث عن الحاضر إذًا. بخصوص النصيحة التي ذكرتها سابقًا، هل هي نصيحة أم تهديد؟»
[الأمر يعود لك في كيفية تفسيرك لها..]
كانت هذه أول مرة يرد فيها الأخ الأكبر..
شعرت ببعض الحمى، لكنني لم أُظهر ذلك، وانتظرت كلماته التالية..
[وسيتوجب عليك تحمّل عواقب هذا الخيار..]
«إذًا، لماذا ظهرت فجأة؟ لست هنا لمساعدتي، أليس كذلك؟»
قلت ذلك وأنا أمسك مقبض السيف المعلق على خصري لا شعوريًا..
«تمامًا كما حدث في الجانب الآخر من العالم..»
[…….]
«هل من الصعب إلى هذا الحد أن تقول ما تفكر فيه؟ يبدو أن أخي حاليا يخاف من إظهار مشاعره الحقيقية. تريد مساعدتي، لكنك لا ترغب في إظهار ذلك؟ أتساءل إن كنت سأُحسن الظن بك فعلاً؟»
إن كنت مخطئًا، فسيكون الأمر محرجًا للغاية، ولكن بما أنني قلت ما قلته بالفعل، تابعت الحديث..
«لقد رأيت رؤية أظهرتها لي “هادينهاير” في الجانب الآخر من العالم. أولئك الأوغاد من الشياطين طمعوا بي. لم أكن يومًا محبوبًا، لكن أول ذروة شهرتي كانت غرامًا من قبل الشياطين؟ يا لها من حياة……»
وبينما كنت أتكلم، بدأت أضحك مرة أخرى من شدة الحيرة..
«…لكن شخصية عظيمة ظهرت وهي تذبحهم..»
[…….]
«هل اختلقتها هادينهاير؟ ربما لا. لأنه لا يوجد سبب لفعلها ذلك. وإذا فكرت أن أخي الأكبر هو من حماني، فإن هذا منطقي من عدة جوانب. أليس السبب في أنني أصبحت كاهنًا بلا لون هو حمايتي من ملوك الشياطين؟»
قلت ذلك وأنا أحدق في ضوء الشمعة..
«لا بأس إن لم تجب. لأن مجرد سكوتك سيجعلني أعتبر أن صمتك موافقة. لكن، هل كل أتباع “الموت العظيم” هكذا؟ سمعت أن عددهم لا يتجاوز العشرة، ولكن بصراحة، أول شخص كان صادمًا لدرجة… أعتقد أنني سأصاب بصداع إن كان هناك تسعة آخرين مثله..»
بشكل عام، أنا شخص يتحدث كثيرًا، وغالبًا ما أكلم نفسي..
ولم يحدث أن تحدثت مع نفسي بهذه المدة منذ زمن بعيد. لكن إن كان هناك من يستمع، فهل يُعتبر ذلك حديثًا مع النفس فعلاً؟
على أي حال..
بينما كنت أتأمل الأفكار العشوائية التي راودتني، وأفكر في حالتي الآن، بدأت أضحك كالمجنون..
«أنت أيضًا لن تجيب على هذا، لا بأس. سأفسر الأمور وأفكر بها كما يحلو لي..»
[أنا أعرف طباعك أكثر من أي شخص آخر..]
سمعت صوت الأخ الأكبر..
[كنت أعلم أنه حتى لو ظهرت بنفسي وقدمت لك نصيحة، فلن تتقبلها بسهولة..]
«إذًا، لماذا قلتها من الأساس؟»
[لا أدري… ربما كان ذلك بدافع الطمع؟]
«الطمع؟»
[لأنك ستستمر في التغيير. وكلما سرت في الطريق الذي تراه صوابًا، سيتغير من حولك كذلك. كما فعلت معنا تمامًا.]
«…لا أذكر أنني غيّرت شيئًا من حولي..»
[أنت ترى الأمر هكذا. لكن نحن……]
نحن؟
توقف الأخ الأكبر للحظة، وتكلم بصوت حنين..
[لم تكن بيننا علاقات تذكر قبل مجيئك..]
«……»
[كنا مجرد احتمالات جمعها “بيك نو-غوانغ” من أكوان مختلفة. رغم أننا ننتمي إلى الزهد ذاته، لم نكن نستحق أن نُدعى إخوة في الدرب. لم نكن نعرف شيئًا عن بعضنا البعض، ولم يكن أحد مهتمًا بالآخر..]
أغلقت فمي عند سماعي لهذا الكلام لأول مرة في حياتي..
[ثم في أحد الأيام، ظهرت أنت. آخر تلميذ لـ “بيك نو-غوانغ”. فتى وقح، غير ناضج، ضعيف للغاية، ومغرور بعض الشيء..]
شعرت أن الضوء المنبعث من “الشعلة”، والذي بدا مشؤومًا للحظة، قد صار أكثر دفئًا..
شعرت بدفء لم أشعر به منذ قدومي إلى الشمال، بدأ من لهب صغير لا يتعدى حجم شمعة..
وسرعان ما أضاءت النيران الماضي..
[بطبيعة الحال، انجذبت أنظارنا إلى الطفل المتعثر حتى وهو يمشي، الملقى على منحدر خطر..]
«آه.»
رأيت رجلًا بشعر أشعث، ووجه يبدو وكأنه يعاني من مس شيطاني، ومظهر بائس كما لو أنه استحم بماء الطين..
ذلك كنت أنا..
لم يمضِ وقت طويل على قدومي إلى “جبل الروح”..
أثناء نزولي إلى أسفل القمة لأحصل على طعام، زلّت قدمي وكدت أسقط. بالكاد نجوت من وحش لم أره في حياتي. ثم، وبينما كنت أبحث عن شيء آكله، مضغت عشبة مجهولة، وتبين لاحقًا أنها نبتة سامة…….
ثم، بعد أن استعدت وعيي أخيرًا، لا أعرف كيف ولماذا، لكنني قررت الصيد في نبع يتدفق في منتصف الجبل، وبعد ثلاث أيام من المحاولة، اصطدت سمكة صغيرة وبكيت من شدة الفرح..
أشتاق إلى تلك الأيام، لكن لا أرغب أبدًا في العودة إليها..
ورأيت أشياء لم أكن أراها في ذلك الحين..
كانت صورة الإخوة ينظرون من أعلى الجبال المختلفة إلى “لوان بادنيكر” البائس..
[لأننا لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي أمام الموت، كان تدخلنا لا مفر منه. كل واحد منا ساعدك بطريقته..]
الأخت “تشون”، عندما رأتني على وشك السقوط، لوّحت بالسلك الحديدي، وهبّت عاصفة دفعتني إلى الجرف…
والرجل القوي الذي كان يطاردني كما لو أنه سيقتلني، قُتل بواسطة كرة طاقة أطلقها “أرّانغ”، أخي الرابع..
والمعلم العظيم الذي حملني إلى مكان آمن بعد أن سقطت بسبب التسمم، وأطعمني أعشابًا مغلية بينما كنت فاقدًا للوعي..
وفي الحقيقة، رأيت الأخ الثالث وهو يطلق الأسماك في النبع الذي لم يكن فيه أسماك..
«……»
كانت حقيقة لم أعرفها في أحلامي حتى..
كنت أظن أنني نجوت بمفردي، لكن الأمر لم يكن كذلك.
في الواقع، عندما أفكر في مكان يُدعى “جبل الروح”، فهو مكانٌ سحري لا يمكن أن يوجد له مثيل في العالم، محاطٌ بالمجهول والخطر…….
وفي مكان كهذا، نجا “لوان بادنيكر”، الذي لم يكن سوى مرتزق من الدرجة C، لعدة أشهر..
[كنا نراقبك من بعيد، أو نساعدك في الخفاء، ثم بدأنا نلتقي بك. كنت أظن أن الأمر سيكون غريبًا، لكنه لم يكن كذلك. لم يكن بيننا شيء مشترك، ولكننا في تلك المرحلة، كنا قد وجدنا موضوعًا مشتركًا..]
«……»
[كان الطفل الأصغر يتحدث. كنا نتحدث عن ميولك. نناقش كيفية تقويتك. ثم، في أحد الأيام، ظهرت أمامنا… وكنت سعيدًا بلقائنا.]
بالطبع كنت سعيدًا.
في ذلك الوقت، ظننت أنني الوحيد الذي يعيش في “جبل الروح” غير المعلم..
وبالمقارنة مع الوحوش التي كانت تحاول قتلي، لم أكن حذرًا على الإطلاق من الأعمى الذي يمسك السلك الحديدي، أو الرجل الغريب ذو الملابس غير المألوفة، أو الغولم المصنوع من الفولاذ، أو الشاب ذو التعبير الضبابي..
كنت فقط… سعيدًا.
لأنني وجدت من أتحدث معه.
[لقد جمعتنا معًا، رغم أننا لم نكن نعرف بعضنا. عندما دعوتنا بالإخوة في الدرب.]
حينها فقط، بدأ الأربعة يرون بعضهم حقًا..
بوجوه فيها شيء من الخجل..
لأول مرة، أولئك الذين كانوا يدركون وجود بعضهم فقط من بعيد، بدأوا يقبلون بوجود الآخر..
[تلك كانت أول مرة نُدعى فيها إخوة في الدرب..]
هواريوك—
تراقصت ألسنة اللهب بشكل خطير..
شعرت وكأن حركتها تلك كانت تعبيرًا عن ابتسامة غامضة من الأخ الأكبر..
«……»
في هذه اللحظة، شعرت وكأنني أواجه الحقيقة الكاملة عن “الموت العظيم” للمرة الأولى منذ عودتي بالزمن..
مهما كان هدف هذا الرجل، ومهما كانت نواياه الحقيقية……، من المؤكد أنه لم يكن يكذب عندما فكر في رابطة الإخوة..
“لكن…”
شعرت بالقلق..
لأن شيئًا ما كان ناقصًا في كلام الأخ الأكبر..
[ستصبح أقوى في المستقبل؟]
«…نعم. هذا ما سيحدث.»
[حسنًا. ولكن، أتمنى لو أنك تتوقف ولا تصبح أقوى.]
تجمدت عند سماعي هذه الكلمات..
«ماذا تقصد……»
[آسف.]
«ماذا؟»
عندما سمعت اعتذار الأخ الأكبر المفاجئ، لم أستطع إلا أن أسأله..
وفي ذات الوقت، أدركت أنني لن أستطيع الاستمرار في هذا الحديث بعد الآن..
فالظلام الذي كان يغمر كل شيء بدأ يزول وكأن ستارة رُفعت..
«……»
عدت وحدي في غرفتي المتواضعة..
لم أكتم تنهيدة خرجت من فمي، وتركتها تتناثر في الهواء..
«هل كنت… أتكلم مع أحد فعلاً؟»
سألت الإخوة في الدرب، على سبيل الاحتياط، لكن لم أتلقَ أي رد..
«أختي “تشون”؟ هيه، يا إخوتي؟»
حتى حين ناديت مرة أخرى، ظل الصمت..
ما الأمر؟ هل انتهى هذا الاتصال فجأة هكذا؟؟
بسبب التدخل المفاجئ من الاخ الأكبر؟
«آاااه……»
مسحت رأسي بيدي وسقطت على السرير..
لماذا أشعر أنني مستنزف هكذا رغم أنني لم أفعل شيئًا؟.
للحظة، نسيت الموقف الذي أعيشه، وراودتني رغبة شديدة في ألا أفعل شيئًا..
كنت أتلوى على السرير وأتأوه وحدي……
طنطط!
قبل أن تتاح لي الفرصة للتفكير، تحطمت النافذة فجأة، وطار شيء باتجاهي..
لحسن الحظ، أمسكت به بسرعة قبل أن يصطدم بوجهي..
ملمس خشن.
«…حجر؟»
وبينما كنت أدير الحجر الخشن بيدي ووجهي مشوش، شعرت بوجود عدد كبير من الأشخاص المعادين خارجًا..
«لا يعقل، هل بدأوا بالفعل؟»
وافترضت أن الأمر هجوم من أتباع الكنيسة، فسارعت إلى النافذة ونظرت إلى الخارج… والمشهد الذي تكشف أمامي كان مفاجئًا بعض الشيء..
«…ما هذا مجددًا؟؟»