87 - كريستينا روجرس (5)
الفصل 87: كريستينا روجرس (5)
بعد صب جرعة على يده، لف يوجين ضمادة حولها. إذا أراد العودة إلى القلعة، فسيحتاج للصعود مرة أخرى إلى الجرف شديد الإنحدار بيده هكذا، لكن ذلك لم يمثل مشكلةً لِـيوجين.
بعد تسلق الجرف، وبينما يتجه نحو القلعة، إصطدم بسيل في طريقه إلى هناك.
“ما الأمر مع يدك؟!” صرخت سيل بتعبير منزعج وركضت إلى يوجين.
أخذت يد يوجين الملفوفة بالضمادات ولمست بلطف الجزء الخلفي من يده.
“هل بدأت قتالًا مع شخص ما؟” سألت سيل.
رفع يوجين حاجبه، “مع من سأتقاتل؟”
“…مع والدي؟” إقترحت سيل بتردد.
“هل تعتقدين أنني مجنون؟” أطلق يوجين شخيرًا وحاول سحب يده، لكن سيل رفضت التخلي عنها.
مع نظرة الشك على وجهها، نظرت إلى الضمادات الملطخة بالدماء وسألت، “إذن، هل دخلت في قتال مع رئيس المجلس؟”
تنهد يوجين. “هل أنا حقًا بحاجة للدخول في قتال لكي تنزف يدي؟”
“…ثم لماذا أنت تنزف؟”
“لقد حدث ذلك بطريقةٍ ما.”
الحقيقة هي أنه شد قبضته بإحكام شديد، ثم حطمها في شجرة بسبب نوبة غضب. لذلك لم يستطِع بالتأكيد إخبارها لماذا هو ينزف حقًا.
مع رفض يوجين قول أي شيء، توقفت سيل أيضًا عن السؤال.
أخذ تسيل نفسا عميقا، وفكت الضمادات حول يد يوجين. بفضل الجرعة، توقف الدم عن التدفق من الجروح، وبدأ بالفعل في الشفاء. بالنسبة ليوجين، هذا يعني أنها ليست سوى خدوش.
ومع ذلك، أبدت سيل رد فعل مختلف. نظرت إلى الجروح التي تُرِكَتْ على يديه، وبدأت تحاول تخمين كيفية ظهورهم. رصدت علامات الأظافر مغروسة بعمق في راحة يده، وكذلك مفاصل أصابعه ممزقة.
“…لماذا غضبت جدًا؟” سألت سيل بعد أن جمعت الأدلة.
“هل علي حقًا أن أرد على ذلك؟” تهرب يوجين من السؤال.
“لو لا تريد الإجابة، فلا داعي لذلك. حتى لو توسلت إليك، متى قلت شيئا لا تريد قوله؟” إشتكت سيل.
ضحك يوجين بدلًا من الرد. نظرت سيل إلى يوجين بنظرة منزعجة في عينيها، ثم أخرجت مجموعة إسعافات أولية صغيرة من الجيب.
“فقط إتركي الأمر.” قال لها يوجين: “سيكون الأمر على ما يرام بحلول الغد.”
“نعم، هذا يبدو صحيحًا.” قالت سيل على مضض. “منذ طفولتنا، كنت دائمًا سريعًا بشكل غريب في التعافي. هل تعلم؟ في وقتٍ ما إشتبهنا أنا وأخي بجدية في أنك قد تكون نصف ترول.”
“أنا لا أمانع ذلك حقًا، لكن ألا تعتقدان أن هذا وقح جدًا تجاه والدي؟”
مما يمكن أن يتذكره يوجين، والدته هي إنسانة طبيعية تمامًا. لقد توفيت قبل أن يتمكن يوجين من إتخاذ خطواته الأولى، لذلك لم يملك ذكريات عنها، لكنها بالتأكيد ليست قزمًا.
“حسنًا، كنا طفلين حينها، لذلك ليس من المستغرب لو توصلنا إلى فكرة أو فكرتين لا معنى لهما.” إعترفت سيل بعد أن ضغطت كمية سخية من المرهم على أطراف أصابعها وبدأت في فركها على جروح يوجين. “….على أي حال، ألن تقول لي ما حدث؟”
رد يوجين: “لا أريد التحدث عن ذلك، وهو ليس شيئًا يمكنني الكشف عنه لك دون الحصول على إذن.”
“إذن ليس باليد حيلة.” تقبلت سيل الأمر بسهولة.
أي شيء متعلق بقبر سلفهم يجب أن يبقى سرًا. مهما حدث هناك، لم تمتلك سيل السلطة لسماع ذلك. بعد أن انتهت سيل من نشر المرهم على يده، سحب يوجين يده.
وأتى دور يوجين لإستجواب سيل. “إنه بالفعل وقتٌ متأخر، فلماذا أنتِ هنا؟”
أجابت سيل بسعادة: “أتمشى فقط.”
“حسنًا، يمكنك مواصلة المشي. أنا متوجه للحصول على بعض النوم.”
أُغلقت شفاه سيل بعبوس. بطبيعة الحال، المشي هو مجرد عذر. فَـمنذ أن سحبت كريستينا يوجين إلى مكان ما، ظلت سيل تتجول خارج القلعة، في محاولة لمعرفة ما يجري.
عادة، ستضغط عليه بإصرار وتمسك به حتى تحصل على إجابة، لكن سيل الآن لم تجرؤ على القيام بذلك. لسبب ما، شعرت أن يوجين الليلة أطول بكثير مما هو عليه عادة.
بعدها، إبتسمت سيل بهدوء ولوحت بيدها نحو يوجين ” ليلةً سعيدة.”
إبتسم يوجين على مجاملتها المخادعة ومشى بجانب سيل عائدًا.
سرعان ما إلتقى باستجواب آخر. “من أين عدت؟”
إنه سيان، الذي إستيقظ من قيلولته، في صالة التدريب. عندما رأى كيف يتعرق بغزارة، بدا الأمر وكأن سيان يتدرب بجد، بإتباع التعليمات الواردة في الكتاب الذي قدمه له يوجين. عادة، سَـيُسَرُّ يوجين برؤية هذا وربما يقدم له بعض النصائح، لكن الليلة ربت فقط على كتف سيان عدة مرات ومشى تاركًا إياه.
“…ماذا مع ذلك الوغد؟” لعن سيان بتعبير مقرف على وجهه، ولكن تمامًا مثل سيل، لم يصر على البحث عن إجابة.
بدلًا من ذلك، قام بإمالة رأسه وحدق في ظهر يوجين بعيون قلقة عندما دخل الأخير القلعة.
دون حتى الإغتسال، عاد يوجين إلى غرفته. بعد إلقاء عباءة الظلام جانبًا، جلس على سريره وفقد نفسه في التفكير لبضع لحظات.
‘ليس بعد.’ ذكرَّ نفسه.
مملكة الشياطين في الشمال، والمعروفة بإسم هيلموث. أراد تيمبست منه قهرها. وهذا ما أراده يوجين أيضًا.
ومع ذلك، بغض النظر عن مدى حماسة تيمبست في دعمه، فَـالأشياء المستحيلة لا تزال مستحيلة. حتى لو أعطى يوجين كل ما لديه، كما هو الآن، لا يزال من المستحيل عليه حتى قتل أميليا ميروين. وبغض النظر عن كبريائه وغيره، يوجين متأكدا من هذه الحقيقة.
‘ومع ذلك، من المستحيل أيضًا بالنسبة لي أن أتسلل إلى هيلموث وأحاول ببطء زيادة قوتي بهذه الطريقة. لأن هناك أكثر من واحد أو اثنين من الأوغاد يراقبونني حاليًا.’
لقد أعطاه بلزاك لودبيث تحذيرًا. هناك عدد كبير جدًا من الشياطين في هيلموث، وليس ملك الحصار الشيطاني هو ملك الشياطين الوحيد الذي يعيش هناك. لا يزال هناك ملك الدمار الشيطاني للحذر منه. وحتى ملك الحصار الشيطاني لا يمكن أن يكون واثقًا تمامًا في سيطرته على كل خدمه.
ولكن هذا ليس كل شيء، فَـهناك الكثير من الشياطين الآخرين رفيعي المستوى في هيلموث الذين أرادوا الصعود إلى عرش ملك الشياطين. بالنسبة لهم، من المؤكد أن شبل الأسد الضال لعشيرة لايونهارت سيكون فريسةً جذابة.
هو واثق من أنه سيكون قادرًا على حماية نفسه من معظم المخاطر. ومع ذلك، فإن المخاطر التي قد يواجهها في هيلموث ستكون أبعد من حدود الخطر العادي. حتى في ذلك الوقت، قبل ثلاثمائة عام، كان لا يزال مكانًا فظيعًا.
‘حتى هامل.’
رفع يوجين يده التي تم تلطيخها في جميع أنحائها بالمرهم.
‘عليَّ أن أتجاوز نفسي القديمة.’
ثلاثمائة عام فترة طويلة جدًا من الزمن. بينما هامل يعتبر ميتا، من المؤكد أن مملكة الشياطين هيلموث قد صارت أقوى.
‘لكن لا يمكنني فعل ذلك بمفردي.’
هو بحاجة إلى سيينا.
أخرج يوجين أوراق شجرة العالم التي إحتفظ بها في أحد جيوبه.
* * *
في صباح اليوم التالي، لف يوجين عباءته على كتفيه.
شعر بالانتعاش الشديد. لم يرَّ أي أحلام، ونام بشكل سليم.
الآن، هو جائعٌ فقط.
قال يوجين بإبتسامة متكلفة وهو ينظر إلى يده: “يبدو أنها في حالٍ أفضل.” رتب شعره الفوضوي بسرعة وخرج.
وجد خادمًا ينتظره في الخارج، “السيد الشاب يوجين. الإفطار—”
“لا حاجة.” قاطع يوجين الرجل.
دون توقف، سار يوجين في الردهة، فقط لكي يستمر الخادم في متابعته.
“…هناك ضيوف في إنتظارك في الطابق السفلي.” أخبره الخادم.
أجاب يوجين ضاحكًا: “أعرف.”
توجه إلى الطابق الأول وفتح الباب.
سأله أحدهم بمجرد دخوله، “هل نمت جيدًا؟”
كما توقع. واحدة من الضيوف هي كريستينا روجرس. غيلياد ودوينز إنتظراه أيضًا داخل غرفة الرسم معها. بعد أن حنى يوجين رأسه نحوهم، جلس أمام كريستينا.
“ألم أخبرك بالفعل أنني لن أصير شيئًا مثل بطل؟” ذَكَّرها يوجين.
“لقد عهد إلي الوحي الإلهي بهذه المهمة لدعمك.” أصرت كريستينا، وهي تلتقط فنجان الشاي بإبتسامة ناعمة: “وهكذا، لا يهم ما قد تكون خططك، سيدي يوجين. بصفتي القديسة، يجب أن أرافقك.”
“ألا توجد أي خيارات أخرى؟” سأل يوجين، مُميلًا رأسه إلى الجانب. “أُفَضِلُ العناصر ذات القيمة المادية على الأشياء الفارغة مثل الإعتراف. ألا تملك الإمبراطورية المقدسة أي شيء يمكن أن تعطيني إياه؟”
“أليس السيف المقدس كافيًا بالفعل؟”
“هذا ينتمي بالفعل إلى عشيرة لايونهارت من الأساس.”
“بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يزال السيف ينتمي إلى الإمبراطورية المقدسة، ولا يتم الإحتفاظ به إلا في قبو كنز عشيرة لايونهارت من أجل الأمان. ومع ذلك، بما أن إله النور قد وافق عليك، يجب أن تكون قادرًا على الحصول على إعتراف السيف المقدس.” بعد أخذ رشفة أخرى من فنجان الشاي الخاص بها، وضعت كريستينا فنجان الشاي الخاص بها. “تمامًا مثل فيرموث العظيم.”
“كما قلت، أنا أسأل هل هناك أي شيء آخر بصرف النظر عن السيف المقدس؟” استمر يوجين.
“…لقد أخبرتك بذلك بالأمس بالفعل، لكن بينما تعترف الإمبراطورية المقدسة بالسير يوجين كالبطل القادم، من أجل سلامتك، لا يمكنهم الإعلان عن هذا للعالم حتى الآن.” ذكَّرته كريستينا.
هذا منطقي فقط. حتى قبل ثلاثمائة عام، بعد أن تم إعلان فيرموث كبطل، توجب عليه أن يواجه الكثير من القضايا المزعجة بمجرد أن صار سيد السيف المقدس.
“ومع ذلك، إذا جاء السير يوجين معي إلى الإمبراطورية المقدسة، فأنا متأكدة من أن البابا، بصفته ممثل الإله، سيمنحك كل ما تريده.” وعدت كريستينا.
“حسنًا إذن.” قال يوجين وهو يمد يده ويمسك بكعكة تم وضعها هناك كمرطبات “لستُ بحاجة إلى أي شيء آخر. لكن السيدة كريستينا، هل يمكنك أن تخبريني كم أنتِ مفيدة؟”
“…هاه؟” شخرت كريستينا بإرتباك.
“أنا أسأل هل أنتِ مفيدة.” كرر يوجين سؤاله، “كمرشحة لمنصب القديس، لقد تمكنتِ حتى من أن تصير أسقفًا مساعدًا، يجب أن تعتبري على الأقل كاهنًا استثنائيا، صحيح؟ لذا، كم أنتِ جيدةٌ في إستخدام السحر المقدس؟”
“…على الرغم من أنني لست متأكدةً من نوع المستوى الذي يتوقعه السير يوجين مني، إلا أنني سأمنحه فرصة.” قبلت كريستينا تحديه ورفعت إصبعها. ضاقت عينا يوجين وهو ينظر إلى الكعكة التي يحملها. في مرحلة ما، تحولت الكعكة التي يحملها يوجين بين يديه إلى رغيف خبز.
“كقديسة، يجب أن أكون قادرةً على إنجاز معجزات من هذا المستوى.” تفاخرت كريستينا بكبرياء.
“شيء من هذا القبيل عديم الفائدة.” إنتقدها يوجين بشدة.
“…يمكنني أيضًا تحويل الماء إلى نبيذ.” جادلت كريستينا بثقة أقل.
“لكن لا يمكنك حقا صنع كحول حقيقي، هل تستطيعين؟ تماًما مثل هذا الخبز، في النهاية، كل ما فعلته هو تغيير مظهره قليلًا. لن يُشبع بقدر ما يُشبع الخبز الحقيقي.”
إستطاعت انيسيه فعل معجزاتٍ كهذه بسهولة. لولا معجزات انيسيه، لما تمكنوا من إلتقاط وأكل الوحوش الشيطانية في هيلموث، ولما إستطاعوا شرب المياه الملوثة التي تم العثور عليها هناك.
ومع ذلك، مثل ما قاله يوجين، لا تستطيع هذه المعجزات حقًا تغير الحياة. إذا لم تمتلك أي كعك من الأساس، فلن تتمكن من تحويله إلى خبز. وانيسيه، التي ظلت تشرب الكحول بينما تدعي أنه ماء مقدس، لم تشرب النبيذ الذي حولته بنفسها لأنه لن يُسكِرها حقًا.
واصل يوجين إستجوابه، “هل أنتِ قادرة على إعادة ربط الأطراف المقطوعة؟”
ترددت كريستينا. “…هذا….”
واصل يوجين. “هل يمكنك تجديد الدم المفقود من الجرح؟”
“…” أصيبت كريستينا بالذهول من هذه المطالب السخيفة.
“هل يمكنك إصلاح مقلة العين المثقوبة؟”
“هذا مستحيل.”
إختفت الابتسامة من على وجه كريستينا. ما وصفه يوجين هي أشياء يمكن إعتبارها معجزات حقيقية. في تاريخ الإمبراطورية المقدسة بأكملها، الوحيد القادر على أداء مثل هذه المعجزات هي انيسيه المؤمنة، التي رافقت فيرموث في رحلته.
“…حاليًا، من المستحيل بالنسبة لي أن أقوم بمعجزة على نفس مستوى السيدة انيسيه. ومع ذلك، فقد تم تعييني أيضًا كقديسة. في يوم من الأيام، سأكون قادرةً على أداء معجزات مذهلة مثل معجزات السيدة انيسيه.” زعمت كريستينا، مُستعيدة ثقتها.
“هل هذا صحيح؟” سأل يوجين بشكل متشكك.
انيسيه حقًا مميزة. لذلك بينما هذا مخيبٌ للآمال، بالنسبة ليوجين، الذي لم يتمكن من إستخدام سحر الشفاء، الحصول على كريستينا كمرافقة ليس أمرًا سيئًا. على أقل تقدير، سيكون له يد إضافية في التعامل مع الإصابات.
قال يوجين: “اللورد البطريرك.” وأدار رأسه أخيرًا نحو غيلياد ودوينز.
نظرًا لأنهم اختاروا الدخول دون أن يطرقوا، فقد رد يوجين بمعاملتهم فقط كجزء من المشهد بينما يخاطب كريستينا.
ومع ذلك، لا يبدو أن الاثنين منزعجين من هذا. على الرغم من أنه بإمكانهم توبيخ يوجين لكونه وقحا، يبدو أن أيًا منهما لا يريد تفجير هذا الأمر وتحويله إلى مشكلة كبيرة. على الأقل، هذا ما يفكر فيه غيلياد. كان يوجين دائمًا طفلًا حرا منذ طفولته. ومع ذلك، الآن بعد أن جاءت قديسةٌ تبحث عنه لإعلانه بطلًا، من الطبيعي أن تكون عواطفه شديدة التوتر.
طلب يوجين على الفور، “حول السيف المقدس في قبو الكنز، هل سيكون من الجيد إستعارته لفترة من الوقت؟”
“….هممم.” أنزل غيلياد فنجان الشاي الخاص به وهو يفكر في هذا لبضع لحظات.
لا يزال غير متأكد بعض الشيء بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية برمتها من الأساس.
أولا، هناك حقيقة أن بقايا سلفه لم يتم العثور عليها في قبر فيرموث العظيم. ظل غيلياد ودوينز يناقشان هذا حتى وقت متأخر من هذا الصباح. الوحيدون الذين عرفوا عن هذا في عشيرة لايونهارت بأكملها هم يوجين وغيلياد ودوينز. في الوقت الحالي، لم يتمكنوا بالتأكيد من مشاركة هذه المشكلة مع كبار السن الآخرين.
على الرغم من أنه من المستحيل التأكد من كل الحقائق، إلا أنه يمكنهم على الأقل التأكد من بعض الأشياء. منها أن الجنازة الدولية كلها كذبة. وأن سلفهم قد زور وفاته وإختفى في مكان ما….ومن المستحيل على أحفاده تخمين أسبابه لذلك الآن بعد مرور ثلاثمائة عام بالفعل.
ومع ذلك، منذ وفاته المفترضة، لم تظهر شخصية سلفهم أبدًا أمام أعين العالم. بالنسبة لعشيرة لايونهارت، هذا مريح ومقلق في ذات الوقت.
والآن، لأول مرة منذ ثلاثمائة عام، إعترفت الإمبراطورية المقدسة بالبطل التالي بعد فيرموث العظيم. ينتمي السيف المقدس لعشيرة لايونهارت في الأصل إلى الإمبراطورية المقدسة. على الرغم من أن عشيرة لايونهارت ربما تستخدم السيف كرمز شخصي لها، إلا أنه لم يتمكن أحد من أن يصبح سيدًا حقيقيًا للسيف المقدس منذ زمن سلفهم العظيم. فقط البطاركة تمكنوا من إستلال السيف المقدس، ولكن حتى ذلك الحين، من المستحيل بالنسبة لهم جعل السيف ينبعث منه ضوء لامع كما فعل في الأساطير.
“…أنت لا تحب فكرة أن تكون البطل، لكنك ما زلت تريد السيف المقدس؟” سأل دوينز بإبتسامة.
لمجرد أن الكنوز الموجودة في القبو تنتمي إلى العائلة الرئيسية، فإن هذا لا يعني أن البطريرك يسمح له بفعل ما يحلو له معهم. خاصة بالنسبة لتلك العناصر ذات الأهمية مثل السيف المقدس، لا يزال البطريرك بحاجة إلى طلب موافقة المجلس.
“أفضل الموت على قبول هذا اللقب، ولكن بما أن القديسة هنا تناديني بالفعل كبطل كلما رأتني، ماذا يمكنني أن أفعل؟ أيضًا، لمجرد أنهم يصفونني بالبطل، لا يعني أنني بحاجة إلى القيام بشيء بطولي على الفور، مثل ما فعل سلفنا.” أجاب يوجين بتجاهل. “آه، بالطبع. حتى لو حاولت القديسة إجباري على القيام بشيء بطولي، فأنا بالتأكيد لن أتفق معها فقط. لستُ متأكدًا من هل سمع رئيس المجلس عن هذا بالفعل أم لا، لكنني الوحيد الذي يقرر ما سأفعله.”
“حتى لو عارض ما تريد العائلة منك فعله؟” سأل دوينز.
” نعم.” أجاب يوجين ولم يتراجع على الإطلاق. “لن أفعل أي شيء مشين. ولن أجرب أي شيء من شأنه أن يقلل من هيبة العائلة. أليس هذا جيدًا بما فيه الكفاية بالنسبة لك؟”
“لستُ مؤمنًا بإله النور.” قال دوينز بإيماءة من رأسه: “ومع ذلك، لا أستطيع أن أشك في وحي الإله. إذا قال الإله أنك بطل، فيجب أن يكون هناك سبب وجيه لقول ذلك. وبصفتي رئيس المجلس، سأحترم إرادتك. طالما أنك….تبقى وفيًا لإسم لايونهارت. طالما أنك لا تجلب العار لنا وأنت تسير على خطى سلفك، فإن العشيرة ستدعمك.”
في حين أن هذا بدا كإعلان دعم، إلا أنه أيضًا تحذير واضح. أراد دوينز أن يوضح أنه لن يكون لديهم خيار سوى التدخل إذا بدأ يتصرف بغطرسة مفرطة.
“نعم.” قبل يوجين التحذير بضحكة مكتومة.
نظر دوينز إلى يوجين، الذي لم يبدُ خائفًا على الإطلاق، بنظرةٍ غريبة، لكنه أومأ برأسه في النهاية.
“في ظل الظروف المعتادة، من الممكن مناقشة هذا الأمر مع الشيوخ الآخرين. لكن يبدو أنه لا يمكننا فعل ذلك مع هذه المشكلة. وهكذا، أيها البطريرك، سيتعين على مجلسنا فقط إبقاء أعيننا مغلقة خلال الشهر المقبل.” ألقى دوينز تلميحًا ثقيلًا.
“بهذه الكلمات، هل تقصد…. حسنًا، لقد فهمت.” إستدار غيلياد لينظر إلى يوجين بإبتسامة متكلفة. “إذا أردت أي شيء آخر، فقط أخبرني. بصفتي البطريرك، سأفتح بكل سرور باب قبو الكنز وأسمح لك بأخذ السيف المقدس.”
“هل لا بأس إذا أخذتُ بعض الأشياء الأخرى كذلك؟” سأل يوجين، غير راغبٍ في تفويت هذه الفرصة. “بما أنني سأقترضهم فقط، أود أيضًا أن آخذ بعض الأسلحة الأخرى التي إستخدمها سلفنا.”
“…هاهاها!” إنفجر دوينز في الضحك، غير قادر على الإحتفاظ به لفترة أطول. نظر إلى يوجين وهو يضرب ركبته بتسلية. “طفل، أنت جشع حقًا.”
“حسنا، ليس وكأن تلك الأسلحة تحصل على فرصة لرؤية العالم خارج قبو الكنز كثيرًا، أليس كذلك؟” جادل يوجين.
“جميع الكنوز الموجودة في القبو تنتمي إلى العائلة الرئيسية. على الرغم من أنها قد لا تكون قيد الإستخدام لأنه لا توجد حاجة إليها حاليًا، إلا أنه لا يوجد ضمان بأن الحاجة إليها لن تظهر في المستقبل.”
“لكنني لا أقول إنني أريد أن أخذ كل شيء، أريد فقط أن آخذ—لا، أستعير الأسلحة التي إستخدمها سلفنا. على أي حال، ألا يمكنهن جميعًا إختيار صاحبها الشرعي؟” أطلق يوجين النار.
الرمح الشيطاني لوينتوس حاليًا مع دوينز، ودومينيك لديه مطرقة الإبادة، وحتى غيلياد لديه سيف إستخدمه فيرموث.
“…البطريرك، ما رأيك؟” بعد أن نظر دوينز بصمت إلى يوجين لبضع لحظات، إلتفت للتحدث إلى غيلياد.
على الرغم من أن السؤال المفاجئ، إلا أن غيلياد لم يصَب بالذعر بسببه، وفرك ذقنه لبضع لحظات وهو يفكر في الأمر.
هو يفكر في أطفاله الآخرين. لم يستطع إيوارد المطالبة بأي شيء، ولكن….بمجرد أن يصبحوا بالغين، سيتم أيضًا منح سيان وسيل الفرصة لدخول قبو الكنز وإختيار سلاح.
“…سيف ظل المطر يجب أن يذهب إلى سيل. وأعتقد أن درع غيدون سيكون مناسبًا لسيان.” إقترح غيلياد.
“بما أن الأمر كذلك، فسآخذ السيف المقدس، والسيف المشتعل أزافيل، وسهم الصاعقة بيرنوا، ورمح التنين خاربوس. بهذه الطريقة، أنا فقط أقترض أربعة من الأسلحة.” قبل يوجين بسهولة الصفقة.
حتى يوجين وافق على إن سيف ظل المطر يتطابق جيدًا مع سيل. سيستغرق الأمر وقتًا طويلا حتى تعتاد عليه، ولكن طالمًا أنها تستطيع التعامل معه جيدًا، فسيكون ذلك مناسبًا لمهارة سيل في المبارزة.
‘على الرغم من أن درع غيدون غير متوقع بعض الشيء بالنسبة لسيان.’
كلما تشاجروا، لم يستخدم سيان درعًا. بالطبع، هذا لا يعني أن سيان لم يعرف كيفية إستخدام الدرع.
هذا إلى حد كبير بسبب تأثير يوجين. فَـصورة يوجين وهو يحمل سيفًا ودرعًا بمهارة وهو يمزق المينوتور إلى قطع ظلت محفورةً بشكل لا يمحى في ذهن سيان.
شعر يوجين أنه سيكون أسلوبًا قتاليا قابلًا للتطبيق إذا إمتلك سيان درع غيدون على ذراعه اليسرى. بمجرد أن يصبح جيدًا في الصد، سيكون دفاع سيان منيعًا لأي هجوم تقريبًا.
‘لست متأكدًا من أي شيء آخر، لكنني بحاجة إلى أزافيل على الأقل.’
سيف المون لايت هو سيف المون لايت، ولكن إذا أراد أن يكون قادرًا على إستدعاء تيمبست بشكل صحيح، فعليه توفير كمياتٍ هائلةٍ من مانا. إذا استخدم أزافيل جنبا إلى جنب مع صيغة حلقة اللهب، فسيكون أقل عرضة للمعاناة من نضوب الطاقة السحرية.
“…هذه الأسلحة الثلاثة صعبة الإستخدام للغاية، وهذا هو السبب في أنها لا تُرى في كثير من الأحيان خارج قبو الكنز.” نصح دوينز غيلياد.
“بما إنه يوجين، فأنا متأكد من أنه سيكون قادرًا على التعامل مع أزافيل بشكل جيد. إنه جيد أيضًا في استخدام أسلحة مختلفة مختلفة، لذلك سيكون متأكدا من إستخدام سهم الصاعقة ورمح التنين بمهارة أكبر.” أبدى غيلياد بثقة دعمه لِـيوجين.
“هممم….” فرك دوينز ذقنه لبضع ثوان وهو يفكر في مخاوفه. “…لو إن هذا ما يشاء البطريرك، فسأعطي موافقتي عليه أيضًا. ومع ذلك، فهذه كلها أسلحة قيمة، لذلك ستحتاج إلى توخي الحذر المناسب عند التعامل معها.”
” بالطبع سأفعل.” قال يوجين وهو يومئ برأسه ويبتسم بألوان زاهية: “هل يمكنني الذهاب والتقاطهم على الفور؟”
“…تقصد الآن؟” سأل دوينز بشكل متشكك.
“إنتهى حفل بلوغ سن الرشد. هل هناك أي سبب آخر يمنعني من مغادرة قلعة البلاك لايونز؟” سأل يوجين.
“…قد يكون هذا هو الحال، ولكن….” إستدار دوينز لينظر إلى غيلياد بتعبير متردد على وجهه. “…..من أجل فتح باب قبو الكنز، يجب أن يرافقك البطريرك. ومع ذلك، لا تزال هناك أشياء كثيرة يجب على البطريرك مناقشتها قبل أن يتمكن من المغادرة.”
“بما إن هذا هو الحال، فليس باليد حيلة.” وافق يوجين بسهولة.
“أيضًا، قد يكون الإختبار قد انتهى، لكن حفل بلوغ سن الرشد لم ينتهِ بعد.” قام دوينز بتصحيحه. “سيقام حفل بلوغ سن الرشد نفسه في القاعة الكبرى غدًا، لذلك إذا رغبت في المغادرة في أقرب وقت ممكن، فلا يزال عليك الإنتظار لمدة يومين على الأقل.”
“هل هناك أي شيء آخر أن أحتاج للقيام به للتحضير لحفل؟” إستفسر يوجين.
“…ربما أخذ حمام؟” إقترح دوينز.
“هذا شيء أفعله كل يوم.” إبتسم يوجين مُحَذِرًا، بفخرٍ يحجب كل أسنانه.
إبتسم دوينز مرة أخرى، متسليًا بخداع يوجين.
“بمجرد مغادرة القلعة، هل ستبقى في المنزل الرئيسي؟” سأل دوينز.
“NOPE.” أجاب يوجين على الفور.
في تلك اللحظة، كريستينا لا تزال تحدق في الخبز الذي وضعه يوجين.
نظر إليها يوجين قبل المتابعة، “بما أن القديسة أعلنت أنها سترافقني، أود أن أذهب في رحلة قصيرة.”
تساءل دوينز، “رحلة؟ إلى أين؟”
“إلى غابة سمر.”
“هاه…؟” شهقت كريستينا، وإلتفتت إلى يوجين بتعبير منزعج. “لقد سمعت أيضًا شائعات بأن السيدة سيينا ربما دخلت في عزلة هناك. هل تبحث حقًا عن السيدة سيينا، السير يوجين؟”
“حسنًا، أنا أيضًا تلميذ السيدة سيينا، فَـلِمَ لا؟” أجاب يوجين بإيماءة. “ألم يرسل لك إله النور أي وحي يتعلق بالسيدة سيينا؟”
“…لم أتلق أي شيء كهذا.” ردت كريستينا على مضض.
“هل سألتِهِ عن السيدة انيسيه؟”
“القديسون السابقون والكهنة آمَلوا جميعًا في الحصول على وحي عن مكان وجود السيدة انيسيه، لكنهم لم يسمعوا شيئًا أبدًا.”
“وهل أتى أي رد على التحية التي أرسلتها له أمس؟”
“كلماتك شنيعةٌ حقًا.” وبخته كريستينا، ورفعت خديها وهي تحاول الحفاظ على إبتسامتها.
“أنا فضولي فقط.” ضحك يوجين بشكل خبيث وهو يشرب الشاي.