65 - القَبر (1)
الفصل 65: القَبر (1)
على الرغم من أنه قد قفز للتو في الحفرة بإرادته، إلا أن يوجين لم يرغب بالهبوط في القاع دون أي حماية. لذلك لفَّ جسده برياح روحٍ إستدعاها بينما هو يحدق في أعماق الحفرة.
‘تماما كما قالوا.’
رأى شيئًا يشبه البوابة في قاع الحفرة. تم تركيب بوابة ضخمة مصنوعة من بعض المواد غير المعروفة بدلا من الأرضية.
لم تبدو البوابة مغلقةً بإحكام. حيث رأى فتحة كبيرة بما فيه الكفاية لِـيَمُرَّ مِن خلالها الناس جيئةً وذهابًا. عند رؤية هذا بأم عينيه، وقف شعر يوجين بسبب الغضب وإندلعت نية قتل مرعبة منه.
تم اكتشاف هذه البوابة هناك قبل ست سنوات، ولكن، يستحيل على شامان الرمال من نهاما فتح البوابة بقدراتهم.
لهذا السبب تم استدعاء أميليا ميروين هنا لفتح تلك البوابة.
“غررر.”
طحن يوجين أسنانه ببعضها. بفارغ الصبر، زاد يوجين من سرعة سقوطه حتى صار يحوم أمام البوابة مباشرة، لكنه لم يَمُرَّ على الفور. بدلًا من ذلك، أخذ أنفاسًا عميقة قليلة وهدأ غضبه العارم.
لم يتم التأكيد بعد على هل ما في الداخل هنا هو قبر هامل حقًا أم لا. ربما….ربما هذا ليس قبره، وبدلًا من ذلك شيء مختلف تمامًا، مثل زنزانة قديمة. لم يرغب يوجين في الشعور بخيبة الأمل بعد رفع آماله من أجل لا شيء.
“…على الرغم من أن هذا غير ممكن.” تمتم يوجين لنفسه.
لم توجد علامات أو نقوش خاصة على الباب. ولو وجد أي سحر متبقي، لأمكن يوجين أن يخمن أسلوب الحماية الذي تم إلقاؤه على الباب أو مستوى مُلقي هذا السحر، لكن التعويذات الملقاة على الباب قد تم اختراقها بالفعل.
وبما أن هذا هو الحال، لم يمتلك خيارًا سوى الدخول ورؤيته بنفسه. دخل يوجين من خلال الفجوة في البوابة.
إستمر المسار على الجانب الآخر من البوابة، مما أدى إلى مزيد من النزول إلى أعماق الأرض. لكن المناطق المحيطة لم تعد من التربة ولكن بدلا من ذلك مصنوعة من المعدن، نفس المادة التي تُشَكِلُ الباب.
‘يبدو وكأنه سبيكة معدنية.’
بااا.
حاول يوجين أن يضرب الحائط بقبضة مملوءة ببعض القوة. لكن قوته لم يبدُ أن لها أي تأثير، وتم إمتصاص الطاقة السحرية. حدق يوجين في الحائط لبضع لحظات، ثم نظر إلى الأسفل.
هل حاول تنينٌ ما أن يزحف إلى أسفل هذا النفق؟
بدت الجدران مُتَفَطِرةً في كل مكان، مُتَصدِعةً ومُحَطَمة. آثار تبدو وكأنها قد أتت من سلاح أو مخالب متداخلة مع بعضها البعض.
‘هذه….’
أثناء تحققه من هذه الآثار، واصل يوجين نزوله.
‘…آثارثُ معركة.’
شعر يوجين أن إحتمالية كون هذا مخبأ تنين كبيرة. ومع ذلك، فإن الآثار التي رآها بدت عنيفة للغاية بالنسبة لعلامات قد يتركها التنين أثناء التقلب في نومه.
‘لست متأكدًا….أي نوع من الأسلحة يمكن أن يسبب هذه. هل هذه هي آثار ضربات شفرة؟ يبدو أيضًا أن الجدار ربما يكون قد طعن في بعض الأماكن….في المقام الأول، الطاقة السحرية اللازمة لهجوم بهذا الحجم ستكون….’
يستحيل معرفة أي شيء أكثر من هذه الآثار. على الرغم من أن يوجين متيقن من أن هذه هي آثارٌ قد خلفتها معركة، إلا أنه لم يستطِع تقديم أي تخمينات حول عدد الأشخاص الذين تواجدوا فيها، لماذا قاتلوا أو كيف قاتلوا.
على الرغم من أنه شعر أنه لا يستطيع تجاهل هذه الآثار، إلا أن الاستمرار في فحصها لا يبدو أنه سيؤدي إلى أي نتائج أخرى. حول يوجين انتباهه بعيدا عن الحائط وإستمر في النزول لأسفل.
أثناء قيامه بذلك، أدرك بعض الأشياء.
يجب أن يكون هذا الممر قد أخفى في الأصل العشرات، وربما المئات، من الفخاخ. ومع ذلك، سواء أكان ذلك لأنهم قد فُعِلوا جميعًا في المعركة التي وقعت أو هل تم التعامل معهم عندما إقتحمت أميليا ميروين المكان، فقد تم تدمير جميع الفخاخ.
‘….ليس الأمر وكأنني كنت إمبراطورًا أو شيئًا كهذا. لذلك أليس وضع الكثير من الفخاخ في قبري أكثر من اللازم قليلًا؟’
جعله هذا الفكر يهتز. بغض النظر عن كيف فكر يوجين في الأمر، هذا المكان يشبه مخبأ تنينٍ أكثر من قبر شخص ما.
ومع ذلك، بمجرد أن مر يوجين عبر الممر ووصل إلى الطابق التالي، إختفت هذه الأفكار تماما.
أُذهِلَ يوجين أثناء تحديقه فيما أمامه.
في وسط الأرض وقف تمثال. يستحيل ألَّا يتعرف عليه يوجين. إنه تمثالٌ لِـشَكلِهِ في حياته الماضية، تِمثالٌ لِـهامل.
إبتلع يوجين لعابه وتوجه إلى التمثال. السبب الذي جعله يتذكر هذا التمثال بوضوح ويتعرف عليه ليس فقط لأن التمثال منحوت تمامًا كَـشكله في حياته السابقة. ذلك أيضًا لأن يوجين قد رأى شيئًا مشابهًا من قبل. في مكتبة آروث الملكية، آكرون. داخل قاعة سيينا.
تركت سيينا وراءها سجلا لمَظاهِرِ رفاقها السابقين هناك.
فيرموث العظيم.
مولون الشجاع.
انيسيه المؤمنة.
هامل الغبي.
“…هاهاها!” إنفجر يوجين ضاحكًا وهو يهز رأسه.
مظهر هذا التمثال مطابقٌ للصورة التي رآها في قاعة سيينا. عيون دون أي أثرٍ للمرح، وضعيةٌ متراخية، ووجه ليس فيه الكثير من الندوب بعد.
“كما قلت، لو أردت ترك رقمٍ قياسيٍّ خلفك، فيجب أن تبتسم في الصورة المسجلة معه على الأقل.”
هامل ديناس
(التقويم المقدس 421 – 459.)
كان إبن عاهرة، أحمقًا، غبيًا، حقيرًا وقطعةً من القمامة.
لكنه كان أيضًا شجاعًا، مؤمنًا، حكيمًا وعظيمًا.
في ذكرى هذا الرجل الغبي، الذي ضحى بنفسه من أجل الجميع وكان أول من تركنا.
تم وضع حجر تذكاري تحت التمثال. وقف يوجين هناك بهدوء، يحدق في الحجر التذكاري. لقد تعرف على خط اليد هذا.
بخط مولون الكبير كُتِبَتْ كلمة شجاعًا.
بخط انيسيه المثالي كُتِبَتْ كلمة مؤمنًا.
بخط سيينا السيء كُتِبَتْ كلمة حكيمًا.
بخط فيرموث الحاد كُتِبَتْ كلمة عظيمًا.
“…آاااه، اللعنة.” لعن يوجين بلا غضبٍ وفرك أنفه.
شعر أن رؤيته صارت ضبابية، وشعر أن أنفه مغلق. شعر بالحاجة إلى فرك عينيه، لكن يوجين رفض القيام بذلك. على الرغم من أن لا أحد يراقبه، إلا أنه لم يرغب في الإعتراف لنفسه بأن مشاعره قد دفعته، باكيًا أمام هذا التمثال والحجر التذكاري، بمسحها بعيدا.
“كان ينبغي أن تُقال هذه الكلمات لي أثناء ما أنا حي. ما الفائدة من كتابتها على شاهد قبري بعد موتي؟ كيف من المفترض أن أراهم حتى، أيُّها اللُعناء؟” إشتكى يوجين وهو يضع يده على شاهد القبر.
لكن يوجين لم يستطع السماح لنفسه بالضياع في عواطفه.
‘إنه أمر غريب.’
بدا التمثال وشاهدُ القبر في حالة ممتازة. لم تكسر أي قطعة منه، ولم تظهر عليه أي علاماتُ مرور الزمن على الرغم من مئات السنين التي مرت منذ إنشائه.
لكن هذا ليس كافيًا لإعتبار الأمر غريبًا. فَـالسحر وسيلةٌ مريحة حقًا. إذا تم إلقاء سحر الحِفظِ بشكل صحيح، يمكن الحفاظ على عنصرٍ ما لمئات السنين دون أن تظهر عليه أي علامت تقادم.
ذلك ما لم يتم كسره عمدًا.
متجاهلًا الدموع المتدفقة على خديه، نظر يوجين حوله إلى محيطه.
بدا هذا المكان خرابًا. لم يستطع إلا أن يراه هكذا.
من المؤكد أن آثار المعركة قد تركت في الممر، لكن رؤية هذه الآثار جعلت تلك الآثار تبدو وكأنها نتائج لعب الأطفال. الأرضية متصدعة هنا أو هناك، وتم غرس أشياء يبدو أنها كانت أعمدةً في الجدران والأرضيات مثل الرماح.
تمثال هامل والحجر التذكاري هما الشيئان الوحيدان اللذان لم يتدمرا ولا يزالان سَليمَين.
‘فقط ما الذي حدث هنا بحق السماء.’
قبل مائتي عام، اكتشفت سيينا وفاة خادمها وتركت آروث للسفر إلى هنا، إلى قبر هامل.
هل حدثت معركة مباشرة بعد ذلك؟ في الوقت الحالي، لم يستطِع إلا أن يشك في أن هذا ما حدث. لا بد أنها قابلت سارق القبر المجهول، ثم….
‘سيينا قوية.’ ذَكَرَّ يوجين نفسه.
كانت دائما قوية لكنها أصبحت بعد وفاة هامل أقوى من ذلك حتى. على الرغم من أن يوجين لم يعرف حقا كيف كانت سيينا خلال ذلك الوقت، إلا أن لمحة على سيينا الحكيمة تلك التي رآها في مكر الساحرة أظهرت أنها أقوى ساحرٍ في العالم.
إمتلاك الدخيل للقدرة على محاربة سيينا، التي تمتلك مثل هذه القوة….
‘…إذن هذا يعني أن سيينا…لم تستطِع الفوز.’
لو فازت سيينا بالقتال، فلا يمكن أن تغادر وتترك هذا المكان في مثل هذه الحالة المدمرة المروعة.
بما أن هذا هو الحال، هل يمكن أن تكون سيينا قد ماتت هنا.
رفض يوجين هذه الفكرة: “هذا مستحيل.”
لقد رأى يوجين وهما على شكل سيينا في آروث. وليس مجرد وهم. فَـعندما إلتقى به في الساحة أمام البنك، إستطاع خيال سيينا نقل ما أراد قوله بوضوح: لقد وجدتك.
‘لذا لا بد أنها أصيبت أثناء القتال الذي وقع هنا….ثم اختبأت في مكان ما.’
في الوقت الحالي، لم يمتلك خيارًا سوى تصديق ذلك. خدش يوجين رأسه بإحباط. من يستطيع دفع سيينا إلى هذا الحد بحق السماء؟ هل يمكن أن يكون شيطانًا؟ هل لملك شياطين ذراعٌ في هذا؟ بين ملك الحصار الشيطاني وملك الدمار الشيطاني، أي من الاثنين يمكن أن يكون؟
وما السبب الذي يمكن أن يكون لديهم للقيام بذلك؟ مات هامل. غير قادر على رؤية محاولتهم في قهر قلعة ملك الحصار الشيطاني حتى نهايتها، توفي هامل مسبقًا. ثم بعدها أتى قسمٌ غير معروفٍ ماهيته، أبقى الإثنين من ملوك الشياطين هادئَينِ على مدى السنوات الثلاث مائة الماضية.
ما السبب الذي يمكن أن يكون لدى أحد هذين الملكين لِـكَسرِ صمته والقيام بمثل هذه الخطوة؟ لا يمكن أن أحدهما قد أتى إلى قبر هامل لتقديم إحترامه….لذا، ما السبب الذي يمكن أن يكون لدى ملك شياطين للمجيء إلى هنا؟
فرك رأسه، إلتف يوجين على الفور. بغض النظر عن مقدار التفكير الذي قدمه، لم تتبادر إلى الذهن أي فرضيات معقولة. في النهاية، هناك شيء واحد فقط يمكنه حل هذا اللغز. إنه بحاجة للعثور على المكان الذي تختبئ فيه سيينا. على الرغم من أن يوجين لم يعرف مكانها حاليًا، إلا أن أفضل طريقة لمعرفة ما حدث بالضبط منذ مئات السنين هو البحث عنها فقط.
‘بعد النظر إلى المكان مرةً أخرى، هذا كل شيء.’
لا توجد آثار متبقية في هذه الأنقاض بخلاف التمثال والحجر التذكاري. بالنظر إلى هذا التصميم الداخلي الفسيح وجميع الهياكل المكسورة، بدا الأمر وكأن كل أنواع الأشياء قد تم تخزينها هنا قبل أن يتحول المكان إلى مثل هذه الحالة….لكن في الوقت الحالي، ألقى يوجين نظرة سريعة حوله.
فحص يوجين الأعمدة التي سقطت على الأرض. من الصعب رؤيته بسبب كل الشقوق المنتشرة في المكان، ولكن عند النظر بتمعن، فقد تم نقشها بكلمات بنفس حجم بذور السمسم. هذه الكلمات هي جزء من التقنيات السحرية المستخدمة لإنشاء القبر، لكن الكتابة بدت مجزأةً لدرجة أنه يستحيل معرفة شكلها الأصلي.
لكن، ليس السحر فقط هو ما يمكن رؤيته. بصرف النظر عن الأحرف الرونية السحرية المخربشة الخاصة بِـسيينا، تمت كتابة أشياء أخرى عليها أيضا.
يا إله النور العظيم، يرجى حماية ومشاهدة هذا الحمل الأحمق. أرشده بمحبة ورحمة إلى راحته بعد رحلته الشاقة، وحتى عندما يسقط الظلام على طريق هذا الحمل، يرجى أن تريه الطريق بنورك.
“انيسيه، أيها اللعينة. لقد قلت لك أنني لا أؤمن بالآلهة.”
إحرق الخطايا التي ارتكبها خلال حياته بِـلهبك المقدس. وإفتح له باب السماء، المليئة بالسلام والسعادة، وليس بابًا يكمن خلفه الألم واليأس فقط. ولو إن أعماله الصالحة ليست كافية له لدخول الجنة، أرجو أن تسمح لي بتحمل ديونه حتى نتمكن في يوم من الأيام من لم شملنا مع بعضنا البعض.
“…تلك الكلبة الفاسدة.” قال يوجين بحسرة وربت على العمود الساقط.
كان بإمكان يوجين أن يتخيل بوضوح شكل هذا الموقع قبل أن يتحول إلى أنقاض. ذلك ليس صعبًا لأنه يتذكر بوضوح أي نوع من الأشخاص هم رفاقه.
يجب أن يكون مولون، ذلك الغبي، قد أقام هذه الأعمدة بوجه يتدفق بالدموع والمخاط الذي لا يناسب جسده البرتقالي. على الرغم من أنه يسهل القيام بمثل هذه المهمة باستخدام السحر، إلا أن مولون سيصر على القيام بذلك شخصيًا. ربما مولون أيضًا هو الشخص الذي حفر شخصيًا كل هذا العمق عبر الأرض إلى هنا.
سيينا، تلك الفتاة من المفترض أنها بكت أيضًا. قبل وفاة هامل مباشرة، بكت سيينا أكثر من غيرها. مولون سيحاول صنع التمثال بنفسه، فقط لكي تصرخ سيينا عليه. ثم ستصنع تمثالًا لهامل بناء على الصورة التي خزنتها له في ذكرياتها.
أثناء نحت الصلوات على هذه الأعمدة، انيسيه ستلاحظ شيئًا ما دون النظر إلى التمثال. ثم ستسأل، ألا تعتقدين أن هامل كان أقبح من هذا؟ وبينما تفوح منها رائحة الكحول الباهتة، تبذل انيسيه قصارى جهدها لكبح دموعها. هذا هو ما حدث أيضًا عندما كان هامل يحتضر. أثناء أخذ رشفات من الماء المقدس الصغير بجانبها، طلبت منه انيسيه التفكير في التحول إلى إلهها….وفي النهاية، أعطته شرابًا أخيرًا.
أما بالنسبة للفيرموث.
هل بكى؟ لم يستطِع يوجين ببساطة تخيل مظهر فيرموث يذرف الدموع. ربما استمر في إلقاء اللوم على نفسه حتى بعد أن عبر كل هذا الطريق. لا يزال يصر على أنه لم توجد حاجةٌ لأن يدفع هامل فيرموث بعيدًا عن طريق ذلك الهجوم فقط ليصاب بالضربة التي قتلته أخيرًا. ربما ألقى فيرموث باللوم على نفسه لإجبار هامل على أن يصير درع المجموعة. فَـبعد كل شيء، لم يمتلكوا خيارًا آخرًا سوى إستخدام هامل في هذا الدور عند مواجهة أقوى مرؤوسي ملك الحصار الشيطاني، العصاة والدرع.
حسب ذكريات يوجين—لا، ذكريات هامل، كان فيرموث رجلًا من هذا النوع. قبل وبعد دخول هيلموث، عند رؤية جثث أولئك الذين قتلوا على يد الوحوش الشيطانية، الشياطين، الوحوش وأشياء أخرى من هذا القبيل….سيقول فيرموث أيضًا نفس الأسطر على الرغم من أن هذه الجثث لا علاقة لها به.
كان بإمكاني إنقاذهم.
كان من المفترض أن أنقذهم.
لم يكن عليهم أن يموتوا.
قول أشياء مثل هذه هي عادةُ فيرموث السيئة. خاصة عندما عانى رفاقه من إصابة لا مفر منها أثناء رحلتهم. حتى عندما يتمكنون من البقاء على قيد الحياة بعد هزيمة عدو قوي. في حين أن الجميع ينتشي بشعور الفرح والإنجاز، غير مهتمين لآلام إصاباتهم، ظل فيرموث يتخبط في لومه لنفسه.
لم تكن هناك حاجة لك لأن تتأذى.
كان يجب أن أكونَ أفضل.
يظل فيرموث يتمتم بمثل هذه الكلمات.
– أيها الأحمق، لِمَ تطلق مثل هذا الهراء مرة أخرى. ماذا تقصد بـلم تكن هناك حاجة لذلك وكان ينبغي أن تكون أفضل؟ مهلا، هل تعتقد أنك إله؟ أنت مجرد إنسان مثلنا، أليس كذلك؟ إذن ما الذي يجعلك تعتقد أنه يمكنك فعل كل شيء بنفسك؟ بما إنك تعتقد هذا، إذن اللعنة، لماذا تجلبنا معك؟
– هامل، توقف عن إزعاج السير فيرموث.
– لا تدخلي مؤخرتك في هذا، انيسيه. أيضًا، لقد سمعت “تسك” من فمك قبل قليل فقط. هل تعتقدين حقًا أنني لم ألاحظ رغبتك في إدخال بعض المنطق إلى رأس هذا اللقيط وجعله يدرك أنه يبدو كالمؤخرةِ بإطلاقه هراءً كهذا؟
– لم أنقر على لساني بسبب السير فيرموث. لقد نقرت على لساني لأنني كنت أعرف أنك ستنطق بهذا النوع من الهراء.
– أنت حقًا تعاملين كلينا كزوج من الحمقى.
بينما يتذكر الماضي، تذكر يوجين محادثةً لا يمكن أن تحدث مرة أخرى. على الرغم من أنه بكى قليلا عندما رأى التمثال والحجر التذكاري، إلا أن هذه الدموع اللعينة بدأت تتدفق مرة أخرى. مثل آخر مرة، رفض يوجين مسح دموعه. بدلًا من ذلك، سمح لهم فقط بالتدفق. لم يحاول منعهم أو إيقافهم.
إذا لم يبكي الآن، فَـمتى يفترض به أن يبكي؟
‘…كل شيء آخر متكسر، لكن….’
هناك مكان واحد فقط لا يبدو أنه قد تم تدميره.
هناك باب على الحائط خلف التمثال. حدق يوجين فيه. على عكس التمثال والحجر التذكاري، الذي لم يتضرر أبدًا، بدا على الباب الكثير من الخدوش.
ومع ذلك، لم يتم تدميره بالكامل. مشى يوجين نحو الباب. على الرغم من أنه بدا سليمًا ظاهريًا، إلا أن الجزء الداخلي من الغرفة ربما يكون قد تم تدميره أيضًا. في الوقت الحالي، هذا كل ما يمكن أن يتوقعه. لم يرغب يوجين في رفع آماله عاليًا جدا.
كريك~
الباب ليس مغلقًا. أثناء أخذ نفس عميق، فتح يوجين الباب ونظر إلى الداخل. تماما كما توقع، داخل الغرفة فوضى. من السقف إلى الجدران، يبدو أن لا شيء بقي على حاله.
ومع ذلك، في الطرف الآخر من مدخل طويل وقف باب آخر دون خدش واحد عليه. ورأى شخصًا ما جالسًا في أسفل الباب وظهره متكئ عليه.
تسبب ظهوره في لُهاثِ يوجين دون وعي. لأنه لم يستطيع التأكد من عدم حدوث شيء فجأة، ظل يوجين في حالة توتر مستمر. لكن مع ذلك، لم يستطِع ملاحظة وجود هذا الرجل. وظل هذا مستمرًا. على الرغم من وجود كلتا العينين على هذا الرجل، لا يزال يوجين لا يشعر بأي شيء منه.
نهض الرجل. جسده كله مغطى ببدلة سوداء من الدروع مع خوذة كاملة تغطي وجهه. من داخل هذه الخوذة، ظهر وميض ضوء أحمر ساطع.
“…من أنت؟” سئل يوجين وهو يحدق في الرجل الذي وقف على قدميه. “لماذا تجلس هناك، تسدُّ هذا الباب؟”
الشخص الآخر لم يستجب. بدلًا من ذلك، بدأ يقترب فقط. وقف الشعر في جميع أنحاء جسم يوجين في النهاية. يمكن أن يشعر بقوة شيطانية مفرغة ومكثفة قادمة من الشكل المدرع الذي يتقدم نحوه.
‘شيطان؟’
لا، هذا الإحساس مختلف. هل يمكن أن يكون إنسانًا متعاقدًا مع شيطان؟ بالنظر إلى مظهره والهواء المحيط به، لا يمكن أن يكون ساحرًا أسودًا. بما أن هذا هو الحال، هل يمكن أن يكون فارسًا أسودًا؟ فارسٌ ساقطٌ أقسم بالولاء لشيطانٍ مقابل القوة.
‘لا….ليس هذا أيضًا.’
لم يستطع يوجين أن يشعر بأي قوة حياة تنبثق من هذا الرجل. ليس وحشًا شيطانيًا، ولا شيطانًا، ولا حتى إنسانٌ متعاقد مع شيطان.
على هذا النحو، بقي احتمال واحد فقط يمكن أن يفكر فيه يوجين.
‘لا ميت’ إستنتج يوجين.
‘ولكن هذا غير ممكن، صحيح؟’
مع تصلب وجه يوجين، وضع يده داخل عباءته.
“سألتك من أنت، أيها اللعين.” لعن يوجين مُهددًا.
“…لص…” صوت متصدع وأجش أتى من داخل الخوذة.
لو حُكِمَ إستنادًا إلى حقيقة أنه إستجاب، فَـيبدو أن هذا الشيء لا يزال لديه بعض القدرة على التفكير.
“…إسمك.” هدر يوجين بعد أن شعر فجأة بمزيج غريب من القلق والغضب والرغبة في القتل.
إختار عدم إخفاء عداءه الواضح. رفرفت عباءته حوله بينما اجتاحت ألسنة اللهب الزرقاء يوجين.
طلب يوجين مرة أخرى، “قلت، أعطني إسمك يا إبن العاهرة.”
“أنا…” تأخر رد اللا ميت.
سحب فارس الموت سيفه، سيفًا طويلًا شديد السواد. سيف لم يتعرف عليه يوجين.
أجاب اللا ميت أخيرًا على سؤاله، “أنا….هامل الغبي.”
“ماذا قلت يا إبن العاهرة؟” صاح يوجين لأن هذا الرد أصابه مثل الصاعقة. “هامل؟ أنت؟ وأنت تدعي أنك هامل الغبي بهذا الشكل؟”
كراك! كراك! كراك!
تحطمت الأرضية تحت قدمي يوجين بسبب الضغط المنبعث منه.
‘أنا هو هامل.’
ولكن، لا حاجة لقول هذا. لم ينوِ يوجين أبدًا التنافس مع فارس الموت هذا الذي يقف أمامه حول من هو هامل الحقيقي. هو بالتأكيد هامل، لذلك دون الحاجة إلى التفكير في الأمر، فارس الموت أمامه مزيفا.
حاضَرَ يوجين المُزَيف، “هامل لن يسمح أبدًا لهذا اللقب اللعين بالخروج من شفتيه.”
فارس الموت هو مجرد مختل عقلي يعتقد أنه هامل.
هذا يعني أن فارس الموت هذا قد فقد عقله.
لكن، تلك الهيئة….
هل يمكن أن يكون…؟
“إخلع خوذتك يا إبن العاهرة.” صاح يوجين بعد إنطلق نحو فارس الموت.