50.2 - البلاك لايونز (3)
الفصل 50.2: البلاك لايونز (3)
“لقد كان الكَذِبُ يَتَقَطَرُ حقًا مِن بينِ أسنانِكِ قبلَ قليل.” إلتَفَتَ يوجين إلى سيل وقال بِـمُجَرَدِ مُغادَرَتِهِم بُرجَ السِحرِ الأحمر. “فَـبعدَ كُلِ شيء، أنا أعرِفُ حقيقةَ أنَّكِ دَفَعتِ كُلَ الهدايا التي أرسَلَها لكِ سيدُ البُرجِ لوفليان إلى رُكنٍ مِن غرفتك.”
“وكيفَ أكونُ هكذا كاذِبة؟” سألَتْ سيل.
“ألم تقولي أنَّهُم يُزَينونَ غُرفَتك؟”
“أنتَ فقط تَشعُرُ بهذهِ الطريقةِ لأنَّكَ لا تَمتَلِكُ أيَّ ذوقٍ في التَزيين. في عينيك، قد يبدو الأمرُ وكأنَني ألقيتُ بِهُم في زاوية ما فقط، لكِن في عيني، كُلُهُم في أماكِنهم المُناسِبة كَـزينة.”
‘هل هذا صحيح؟’ شَعَرَ يوجين أنَّ إدعاءاتِها سخيفة، لكِنَهُ لم يَستَطِع مَعرِفةَ كيفية دحضِ كلماتِ سيل. فَـبِغَضِ النَظَرِ عن كيفَ يَنظُرُ إلى الأمر، سَـيَبدو أنَّها قد حَشَرَتْ الهدايا بعيدًا عن الأنظارِ فقط، هل يُمكِنُ أنْ يكونَ هذا تَزيين؟
“…ولكِنَني أعتَقِدُ أنَّهم كانوا مملؤينَ بالغُبارِ في المرةِ الأخيرةِ التي رأيتُهُم فيها؟” تَذَكَرَ يوجين بتَرَدُد.
أصَرَّتْ سيل، “هذا فقط لأنَّك لم تنظُر بشكلٍ صحيح. هل تَعتَقِدُ حقًا أنَّني سأسمَحُ بأنْ تَمتَلئ غُرفتي بالغُبار؟ شيء كهذا مُستَحيل. ولو أنَّ ما تَقولُهُ حقيقي، فَسوفَ أجمَعُ الخَدَمَ وءأنبهم بمُجَرَدِ عودتي إلى المنزلِ الرئيسي.”
“الآن بعدَ التَفكيرِ في الأمرِ مرةً أُخرى، يبدو أنَّهُ لم يكُن هُناكَ أيُّ غُبار.”
“أعتقد أنَّها كانَتْ تَجرُبةً لا تُنسى.” إبتَسَمَتْ سيل بعدَ أنْ إقتَرَبَتْ من يوجين.
“ما الذي تَتَحدَثينَ عنه؟” سأل يوجين.
“أنا أتَحَدَثُ عن مَجيئكَ إلى غُرفتي.” أوضَحَتْ سيل بشكلٍ إيحائي: “يبدو أنَّ الأمرَ لا يُنسى لدرجةِ أنَّهُ يُمكِنُكَ أنْ تَتَذكرَ بوضوحٍ كُلَ شيءٍ رأيتَهُ هُناك—”
قاطَعَها يوجين، “آسِف، لكِنَني أمتَلِكُ ذاكِرةً جيدةً جدًا. حتى أنَّني أتَذَكَرُ كُلَ ما رأيتُهُ عندما زُرتُ غُرفةَ سيان آخِرَ مرة. بِـذِكرِ هذا، عندما تَرَّينَّ سيان، أخبريهِ أنْ يَتَخلصَ مِنَ الكُتُبِ الغريبةِ التي يُخَبِئها تحتَ سريرِه.”
مُتفاجئةً، رَدَّتْ سيل مُتأخِرةً، “…ماذا؟”
“لا يزالُ سيان يَعتَقِدُ أنَّهُ قامَ بعَمَلٍ رائعٍ لإخفائِهِم حتى لا يَتَمكنَ أيُّ شَخصٍ آخرٍ مِنَ العُثورِ عليهم. لكِن ليسَ أنا فقط، حتى نينا تَعرِفُ أنَّهُ يَجمَعُ بعضَ الصورِ الإباحية عن نساءٍ يَرتَدينَ عِصاباتِ رأسٍ غريبةٍ ذاتَ أُذُنَي أرنب، مُنذُ أنْ كانَ في الخامِسةِ عشرةَ مِن عُمُرِه.”
“هذا مُثيرٌ للإشمئزاز.”
“أليسَ كذلِك؟ أُصيبَتْ نينا بالذهولِ والخوفِ مِن أنَّهُ في يومٍ مِنَ الأيام، عندما يُصبِحُ سيان البطريرك، قد يُغَيرُ زيَّ الخادِماتِ ليَشمَلَ عَصاباتِ رأسٍ ذاتِ أُذُنَي أرنب وجواربٍ بألوانٍ مُختَلِفة.”
“سأنقلُ كَلِماتَكَ إلى والدتي.”
“لكن هذا قليلًا…” تأخرَ رَدُ يوجين بتعبيرٍ مُضطَرِب.
لو حَصَلَتْ أنسيلا الهائجة على أيِّ معلومةٍ عن هذا، فَـمِنَ الواضِحِ أنَّها سَـتُمسِكُ سيان مِن أُذُنِه وتبدأ في توبيخِه؛ ولكِن إذا حدثَ ذلِكَ حقًا، فَـسيان قد يَنتَحِرُ حتى.
أوصى يوجين: “يجبُ أنْ تحاولي فقط أنْ تُلَمحي له.”
“ماذا يجبُ أنْ أقول؟” سألَتْ سيل بِـحَيرة.
“فقط قولي أنَّكِ لا تُحبينَ آذان الأرنبِ بالخصوص.” بدأ يوجين في التَحَرُك، بعدَ أنْ نَجَحَ في تَغييرِ الموضوع.
بعد أنْ أغمَضَتْ عينَيها بتفاجُئ، لَحِقَتْ بـيوجين بسرعة.
“إذن، أيُّ نوعٍ مِنَ الآذانِ تُحِبُ أنت؟” سألتْ سيل.
نَظَرَ إليها يوجين بحذر، “لماذا تسألينَ عن شيءٍ كهذا؟”
“لقد قُلتَ أنَّكَ لا تُحِبُ آذانَ الأرنبِ بالخصوص. إذنل، أيُّ نوعٍ مِنَ الآذانِ تُحِب؟”
“آسف، لكِنَني أُفَضِلُ الأُذُنَينِ العاديَّتَين. عِندَ التفكيرِ في الأمر، ألا تَجدينَ أنَّ الأمرَ غَريبٌ بعضَ الشيء ومُزعج؟ بما أنَّ آذانَ أرنبٍ تنمو مِن قِمَمِ رؤوسِهِم، ماذا يُمكِنُ أنْ يكونَ موجودًا في قاعِدةِ الأُذُن؟”
“…ألا يُمكِنُ إعتبرُها مُجَرَدَ ملامِح؟”
“إذا رأيتِ شيئًا كهذا في الواقع، ألن يبدو الأمر مُريبًا؟”
“…بما أنَّ هذا هو الحال…ماذا لو إمتَلَكوا آذانًا عاديةً مِثلَ البشرِ أيضًا؟”
“هل تعنينَ أنَّهُ سَـيكونُ لديهُم زوجٌ من آذانِ الإنسانِ وزوجٌ مِن آذانِ الأرانِب؟ أليسَ هذا مريبًا أيضًا؟”
“…آه…احم” لم تَتَوقع سيل مِثلَ هذا الرد. مع نظرةٍ غريبةٍ على وجهِها، ثُمَّ قالَتْ: “دعنا نَتَوقف من الحديثِ عديمةِ الفائدةِ ونذهَبَ لإيجادِ هديةٍ لأُمي.”
إشتَكى يوجين: “لكِنَني لا أعرِفُ حتى ما تُحِبُهُ السيدةُ أنسيلا.”
“لكِنَني أعرِف، لذا لا داعيَّ للقَلَق، عليكَ فقط أنْ تَتبَعَني.”
“إذا أرَدتي أنْ أتبَعَكِ فقط، فَـلِماذا طَلَبتي مِني أنْ أكونَ بمثابةِ دليلك؟”
“أنتَ حقًا تَفتَقِرُ إلى أيِّ حسٍ بالمجاملة. هل تُريدُ مني أنْ أتَجَوَلَ بمُفردي؟ أنتَ سَـتَترُكُني أسيرُ لوحدي في بلدٍ أجنبي، بلدٍ لم أزُرهُ مِن قبل، مكانٌ لا أعرِفُ عنهُ شيئًا؟”
“ماذا تقصدين بالتخلي عنك….بعد كل شيء، ليسَ الأمرُ كما لو أنَّكِ لا تَستَطيعينَ الإعتناءَ بنفسِك.”
“حتى رُغمَ ذلِك، يَعلَمُ الجميعُ أنَّهُ مِنَ المُفتَرَضِ أنْ تَتبَعَني.” قالَتْ سيل.
“إذن ليسَ باليدِ حيلة. أنا مُتأكِدٌ مِن أنَّني إذا قُمتُ الآن برفضِك، فَـسوفَ أظَلُّ أسمعُ عن هذا للسنواتِ القادِمة.” تَذَمَرَ يوجين وإرتَدى عباءة الظلام.
على الرُغمِ مِن أنَّهُ لا يَزالُ مِنَ المُبَكِرِ جدًا إرتداءُ عباءةٍ مليئةٍ بالفراءِ مِثلَ هذه، إلا إنَّهُ وبِـفَضلِ التعاويذِ المُضمَنةِ فيها، يُمكِنُ تَجَنبُ الشعورِ بالحرارةِ حتى لو عاشَ المرءُ في الصحراء.
“…بذِكرِ هذا، كانَ عيد ميلادِكَ في الشهرِ الماضي.” قالَتْ سيل فجأة.
“هذا صحيح.” أكَدَ يوجين.
“هل فَعَلتَ أيَّ شيءٍ في عيدِ ميلادِك؟ حفلةً أو شيئًا ما؟”
“لم أفعَل أيَّ شيء. قرأتُ الكُتُبَ فقط.”
“كُتُب؟”
“داخِلَ مَكتبةِ بُرجِ السِحرِ الأحمر.”
“أنتَ حقًا لم تُقِم حفلة؟ ولم تَحصَل على أيِّ هدايا مِن أيِّ شخص؟”
“لم أحصَل على أيِّ شيء. على الرُغمِ مِن أنَّ سيدَ البُرجِ لوفليان والسيدةَ الشابةَ هيرا عرضا إحضارَ الهدايا لي، إلا أنَّني تَوَسَلتُهُما بِـألَّا يُحضِرا شيئًا لأنَّني سَـأشعُرُ بالحرج.”
“مَن هيرا؟”
“ساحِرةٌ في بُرجِ السِحرِ الأحمر.”
“هل هيرا إمرأة؟”
“إسمُها هيرا، هل تَعتَقدينَ حقًا أنَّها قد تَكونُ رَجُلًا؟”
“كيفَ تبدو؟”
“مثل السَحَرة.”
“…وماذا تَقصِدُ عندما تقولُ إنها تَبدو وكأنَها ساحِرة؟”
“المعنى الحَرفيُّ للكَلِمة. إنَّها تَرتَدي دائِمًا الرداء السحري، قبعةٌ طويلة وتَحمِلُ عصاها السحريةَ معها.”
“ماذا عن مَظهَرِها؟”
تمامًا أثناء شعورِ يوجين بالضيقِ بشأنِ كيفيةِ الإجابةِ على سؤالِها، رأى هيرا تَسيرُ في الجانِبِ الآخرِ مِنَ الشارِع. تُعانِقُ كيسًا كَبيرًا مليئًا بالخُبزِ بينَما تَستَنشِقُ رائِحةَ الخُبزِ الفرنسي.
“هذهِ هيرا هناك.” أشارَ يوجين.
“السيد يوجين!” جاءتْ صرخةُ الرَد.
بعد أنْ رأتْ يوجين، إبتَسَمَتْ هيرا بِـفَرَحٍ ولَوَحَتْ بيَدِها نحوَه. في تِلكَ اللحظاتِ القصيرة، فَحَصَتْ سيل مَظهَرَ هيرا مِن الرأسِ حتى أخمصِ قدمَيها. ثُمَّ إبتَسَمَتْ بِـبراءةٍ كما لو أنَّ ما حَدَثَ للتوِ هو وهمٌ فقط وإنحَنَتْ بعمق نحو هيرا.
بعدَ ذلِكَ قَدَمَتْ سيل نفسَها: “أنا سيل مِن عشيرةِ لايونهارت”.
صاَحَتْ هيرا، “ماذ–…! أنا هيرا ستريليلا مِن بُرجِ السِحرِ الأحمر.”
لم تَتَمكَن هيرا مِن إستيعابِ الموقفِ على الفورِ لهذا نَظَرَتْ نحوَ يوجين طلبًا للمُساعدة.
“…لقد جاءَتْ معَ فُرسانِ البلاك لايونز.” أوضحَ يوجين.
“أوه…مِن أجلِ الموضوعِ المُتَعَلقِ بعباءةِ الظلام! يبدو أنَّ الصفقةَ قد مَرَّتْ بسلاسة!”
“نعم. في الأصلِ كُنتُ أُخطِطُ للتَوَجُهِ إلى المُختبرات، لكِنَها إستَمَرَتْ في التَسَولِ لكي أذهَبَ معها.”
حينَها شَعَرَتْ هيرا أنْ سيل تُرَكِزُ نظرَتَها عليها.
“احم…”، طَهَرَتْ هيرا حَلقَها وأومأتْ برأسِها، “آمُلُ أنْ تَحظَيا بوقتٍ مُمتِع.”
“هاه؟” إرتَبَكَ يوجين بِسَبَبِ ردِها هذا.
لم تَرَّ هيرا أيَّ حاجةٍ لقَولِ أيِّ شيءٍ آخر. ثُمَّ بخطواتٍ سريعة، إبتعَدَتْ عن يوجين وغادَرَتْ المكان.
بعدَ النَظَرِ إلى ظَهرِ هيرا لبضعِ لحظات، أومأتْ سيل برأسِها وقالَت: “تبدو وكأنَها شخصٌ لطيف.”
لا يزالُ مُرتَبِكًا، تَرَدَدَ يوجين، “آه…. أنتِ مُحِقة. إنَّها شَخصٌ جيد.”
ثُمَّ قالَ يوجين: “قد يكونُ ذلِكَ بِسَبَبِ رائِحةِ الخُبز، إلا أنَّني أشعُرُ بالجوع.”
“إذن لماذا لا نَجِدُ شيئًا لنأكُلَهُ أولًا.”
كما إستأنَفَ يوجين سَيرَه، نَظَرَ إلى سيل وقال: “ولكِن يا سيل، هل أتيتِ حقًا إلى آروث فقط لشراءِ الهدايا؟”
“ألم أقُل أنَّني أتَيتُ لرؤيتِكَ أيضًا؟” ذَكَرَتهُ سيل.
“ولكِن بصرفِ النظرِ عن ذلِك. أنا أعرِفُكِ مُنذُ أربَعِ سَنوات. هل تَعتَقدينَ حقًا أنَّني لا أستَطيعُ قراءتَك؟ الأمرُ ليسَ وكأنَهُ سِرٌ كبير. إذن ماذا تُريدينَ حقًا مِنَ السيدةِ كارمن؟”
“أنتَ حقًا تُلاحِظُ أغرَبَ الأشياء.”
“أنتِ واضِحةٌ جدًا.”
“أوَدُ أنْ أطلُبَ مِنها أنْ تأخُذَني كَـتلميذَتِها.” أجابَتْ سيل مُتجاهِلةً هزيمتَها: “لأنَّه، على أيَّ حال، سَـيُصبِحُ أخي هو البطريرك، وليسَ لديَّ رَغبةٌ بالمَنصِبِ مِنَ الأساس. على الرُغمِ مِن إنَّهُ يبدو أنَّ الأُم تُريدُ مِني الدخولَ في زواجٍ مُرَتب—”
لِـلَحظة، نَظَرَتْ سيل إلى تعابيرِ يوجين. ومعَ ذلِك، لم يُظهِر وجهُ يوجين أيَّ تغييرات.
“—أنا أكرهُ فِكرةَ الزيجاتِ المُدَبرة. لكِنَني لا أُريدُ أنْ أكونَ محبوسةً في المنزِلِ الرئيسيِّ أيضًا وأنْ أُجبَرَ على التَصَرُفِ كَـسيدة.”
“ولهذا السَبَبِ تَرغَبينَ في الإنضمامِ إلى فُرسانِ البلاك لايونز؟” أكَدَ يوجين.
“على الرُغمِ مِن أنَّني لا أستَطيعُ الإنضمامَ الآن، إلا أنَّني أُريدُ أنْ أُصبِحَ تلميذَةَ السيدةِ كارمن وأنْ أتَلقى توجيهاتِها الشخصية.”
“وهل قَبِلَتْ السيدةُ كارمن طلَبك؟”
“لو إنَّها لا تُحِبُني، لما سَمَحَتْ لي بمُرافَقَتِها إلى هُنا. على الرُغمِ مِن أنَّكَ قد لا تكونُ على علمٍ بذلِك، إلا أنَّ السيدةَ كارمن مولعةٌ بي مُنذُ أنْ كُنتُ طِفلةً صغيرةً.” تفاخَرَتْ سيل بإبتسامة.
تَذَكرَ يوجين وجهَ كارمن البارد المَظهَر أو بالأحرى الذي تَتَظاهرُ بأنَّهُ بارد.
“…هذا جيد.”
سألَتْ سيل، “ما هو؟”
“من الجيدِ رؤيَتُكِ تَبحَثينَ عن شيءٍ يُمكِنُكِ القيامُ بهِ بنفسِك، بدلًا مِنَ الإعتمادِ فقط على العائلةِ الرئيسية. إذن، كيفَ حالُ سيان؟”
“يَستَمِرُ في الحديثِ عنك. كما أنَّهُ سَحَبَني جانِبًا للتَحدُثِ عنكَ قبلَ أنْ أُغادِرَ للمجيء إلى هُنا.”
“حول ماذا؟”
“لكِنَ أخي طَلَبَ مني أنْ أُبقيَّ الأمرَ سِرًا….”
“يبدو أنَّكِ سَـتَقولينَ على أيِّ حال، لذا فقط قوليهِ بِبساطة.”
“لقد أرادني أنْ أعرِفَ إلى أيِّ نجمٍ وصَلتَ في صيغةِ اللهبِ الأبيض.”
“النجمُ الثالِث.”
“لا يزالُ مُستَواكَ كما هو إذن.”
“ماذا عن سيان؟”
“إنه في النَجمِ الثاني.” كَشَفَتْ سيل.
أجابَ يوجين بإبتسامة: “حسنًا، هذا يعني أنَّهُ لم يَتَقدَم أيضًا.”
على عكسِ إيوارد اليائِس، يبدو أنَّ التوأمَ يعملانِ بجِد. أحسَ يوجين بالسَعادةِ حقًا برؤيةِ هذا. يبدو أنَّ عُقدةَ النَقصِ لدى سيان تَجعَلُهُ يَتَقَدَم، أما بالنسبةِ للشريرةِ المُتلاعِبةِ كما هي دائِمًا، فَـلَم تَمتَلِك سيل شخصيةً سيئةً تَنظُرُ إلى الآخرينَ بإزدراء.
‘فقط إيوارد كَبُرَ ليُصبِحَ كلبًا.’ [1]
“…هل سَمِعتِ أيَّ أخبارٍ عن أخينا الأكبر؟” سألَ يوجين. “سَمِعتُ أنَّهُ عادَ إلى مَنزِلِ أقارِبِهِ مِن أُمِه.”
“لا أعرِفُ ولا أهتَم.” بَصَقَتْ سيل بجبينٍ مُجَعَد: “على الرُغمِ مِن أنَّ والِدَتي سُرَّتْ جدًا عندَ سَماعِ سُقوطِ إيوارد، إلا أنَّه الأمرَ أزعجَني فقط ولم أفرَح أبدًا. كما وَضَعَ هذا الأمرُ أخي في مزاجٍ سيء.”
ضَغَطَ يوجين، “لكن مِنَ المُفتَرَضِ أنْ تكوني قد سَمِعتي شيئًا، أليسَ كذلِك؟”
“…لقد سَمِعتُ أنَّ السيدةَ تانيس تَبحَثُ عن ساحِرٍ لتوظيفِهِ كمُعَلِمٍ له.” إعتَرَفَتْ سيل.
“مُعَلِم؟” سألَ يوجين بإرتباك.
“مُضحِك، أليسَ كذلِك؟ على الرُغمِ مِن أنَّهُ قد فَعَلَ شيئًا أحمقًا، ما زالوا يُريدونَهُ أنْ يَتَعلمَ السِحر. على أيِّ حال، يَجِبُ عليهُم فقط أنْ يَسمَحوا لهُ بفعلِ ما يشاءُ لأنَّهُ لن يكونَ قادِرًا على أنْ يَصيرَ البطريرك على أيِّ حال.” تَمتَمَتْ سيل ثُمَّ أمسَكَتْ بذِراعِ يوجين. “دعنا نَتَوقَف عن مُناقشةِ مِثلِ هذهِ المواضيعِ المُزعِجةِ ونَحصَلَ على شيءٍ نأكُلُه. ألا يوجَدُ هُنا أيُّ مطعمٍ جيدٍ قريب؟”
“هُناكَ الكثيرُ مِنَ المطاعِم، لكِنَ مذاقَ طعامِهِم رُبَما يكونُ أسوأ من طهيِّ المنزلِ الرئيسي.” حَذَرَها يوجين.
“الطَعمُ لا يُهِم.” قالَتْ سيل وهي تَنظُرُ إلى يوجين: “في الأساس، عندما يَتَعَلقُ الأمرُ بالطعامِ الجيد، فلا يَتَعلَقُ الأمرُ بالمذاقِ فقط، ولكِنَ الجوَ مُهِمٌ أيضًا.”
* * *
ملاحظة المترجم: [1] هذا يبدو وكأنه إشارة إلى المثل الآسيوي، ‘ النمر لا يلد كلبا.’ يشير المثل إلى أن أطفال العظماء ليسوا عاديين أيضا. لكن في هذه الحالة، فشل إيوارد في الارتقاء إلى مستوى هذا المَثَلِ الأعلى، بينما نجح التوأم.