47.1 - قاعةُ سيينا (4)
الفصل 47.1: قاعةُ سيينا (4)
عندما فَتَحَ يوجين عينَيه، أولُ شيءٍ فَعَلَهُ هو التَحَقُقُ مِن ملابِسِهِ الداخلية. لقد ظَلَّ قَلِقًا مِن أنَّهُ قد يُبَلِلُ نَفسَه، تمامًا كما حَذَرَتهُ ميلكيث.
لحُسنِ الحظ، وجدَ ملابِسَهُ الداخليةَ ناعِمةً وجافة. ومعَ ذلِك، لم يَستَطِع يوجين أنْ يَشعُرَ بالإطمئنانِ بـهذهِ الحقيقةِ وحدها. شَعَرَ أنَّ نظرةَ مير، الواقِفةَ في مكانٍ قريبٍ تَنظُرُ إليه، بأنَّها غيرُ عاديةٍ إلى حدٍ ما.
“هل أنتَ قلِقٌ مِن إمكانيةِ أنْ تكونَ قد تَبَولتَ في سِروالِك؟” سألَتهُ مير بإبتسامةٍ مؤذية.
عندما شعرَ يوجين أنَّ قلبَهُ يغرق، هَزَّ رأسَهُ بشِدةٍ وقال: “لا يُمكِنُ أنْ يحدُثَ لي شيءٌ كهذا.”
“ألم تَسمَع مِن قبل أنَّ الحقيقةَ دائمًا مؤلِمة؟” تَنَهدَتْ مير.
“من فضلِك، لا تَرمي عليَّ مِثلَ هذا الهُراء. لأنَّه، كما قُلت، لا يُمكِنُ أنْ يحدُثَ لي شيءٌ كهذا!” صارَتْ لهجةُ يوجين أكثرَ يأسًا.
أخيرًا تَرَكَتْ مير يوجين المسكين، “توقف عن القلقِ بشأنِ هذا. على أقلِ تقدير، أنتَ لم تَتَبول في ملابسك، أيُّها السير يوجين. على الرُغمِ مِن أنَّ لُعابَكَ قد سالَ قليلًأ.”
“…مُجردُ لُعاب؟”
“نَزَفَ أنفُكَ قليلًا أيضًا. لكِن على أيِّ حال، ألم أُخبِركَ بالفعلِ أنَّكَ لم تُبَلِل نَفسَك؟ أيُّها السير يوجين، لو تَبَولتَ في ملابِسِك، فَـمِنَ المُستَحيلِ أنْ أظَلَّ واقِفةً بجانِبِكَ هكذا….”
“…بناءً على كلامِك، يبدو أنَّ هُناكَ أشخاصًا قد بَلَلوا أنفُسَهُم مِن قبل.”
“بالطبع، حَدَثَ هذا كثيرًا جدًا. فَـقد تَبَوَلَت سيدةُ البُرجِ الأبيضِ الحالية، ميلكيث الحياة، على نفسِها…وكذلِكَ فعلَ سيدُ البُرجِ الأزرقِ هيريدوس أوزيلاند.”
تذكرَ يوجين سيدَ البُرجِ الأزرقِ ذو الوجهِ المُتَوَتِر. ‘إذن فَـذلِكَ الساحِرُ العجوزُ الذي يَسهُلُ إزعاجُهُ قد تبولَ بالفعلِ على نفسِهِ عِندَ دخولِهِ مَكرَ الساحِرة؟’ لم يُرِد حقًا تَخَيُلَ مِثلِ هذا المشهد….
“فَهِمت، إذن هذا يعني أنَّني لم أُبَلِل نفسي حقًا. بما أنَّ هذا هو الحال، إذن لا بأس”، قالَ يوجين بنبرةٍ مُرتاحةٍ ووَقَفَ على قدميه.
كم من الوقتِ قد مر؟ بينما هو يَبحَثُ عن ساعةٍ مع وضعِ هذا السؤالِ في الإعتبار، تَحَدَثَتْ مير فجأةً.
“لقد أُغميَّ على السير يوجين لمُدةِ ساعتَينِ تقريبًا.” قالَتْ مير، ردًا على سؤالِهِ غيرِ المُعلَن.
“هذا يعني أنَّني فَقَدتُ الوعيَّ لفترةٍ طويلة.”، غَمغَمَ يوجين بتفاجُئ.
“إذن، ما رأيُك؟” سألَتْهُ مير، عيناها تُضيئانِ وهي تَنتَظِرُ إنطباعَهُ عن هذهِ التجرُبة.
ومع ذلِك، وجدَ يوجين أنَّهُ مِنَ المُستَحيلِ تقريبًا وصفُ ما رآهُ وشعرَ به.
“…صعب”، إختارَ يوجين في النهايةِ أنْ يبدأ بهذهِ الكَلِمة. “وشاقٌ أيضًا. أنا لا أعرِفُ حتى عَمَّا كُنتُ أبحث….لا، أعتَقِدُ أنَّهُ يُمكِنُني فِهمُ ما رأيتُهُ بشكلٍ غامِض. ومعَ ذلِك، أجِدُ صعوبةً في تَقَبُلِهِ على أنَّهُ حقيقة، أو حتى مُجَرَدَ نظرية.”
“بالطبع، هذا هو الحال.”، قالَتْ مير موافِقَتًا إياهُ الرأي.
قَدَرَتْ مير حقًا إنطباعَ يوجين الصادِق. نادرًا ما أعطى السَحَرَةُ الفائِقون، الذينَ بطبيعةِ الحالِ يمتَلِكونَ فخرًا كبيرًا بمهاراتِهِم ومعرِفَتِهم، إنطباعَهُم الصادِقَ بعدَ تجرُبةِ مُحتوياتِ مَكرِ الساحِرة.
أكَدَتْ مير بفخر: “هذا هو بالضبطِ سَبَبُ كونِ مَكرِ الساحرةِ والشخصُ الذي صَنَعَها، السيدةُ سيينا، مُذهِلَينِ للغاية.”
“هذا صحيح”، إعتَرَفَ يوجين، دونَ إنكارِ مِثلِ هذهِ الحقيقة.
أو بالأحرى، لم يَستَطِع إنكارَ ذلِك.
على الرُغمِ من أنَّهُ ظَلَّ موقِنًا بكُلِ إخلاصٍ أنَّ سيينا هي أعظمُ ساحِر، إلا أنَّهُ لا يزالُ شَعَرَ بالفضولِ بشأنِ ما الذي جَعَلَها مُذهِلةً للغايةِ لدرجةِ أنَّهُ حتى السحرةُ الآخرين أُجبِروا على تَقييمِها بدرجةٍ عالية. هذهِ أفكارٌ لا بُدَ منها.
يوجين—لا، عرفَ هامل سيينا جيدًا. ليس كساحِرةٍ فائِقة، الحكيمةُ سيينا، ولكِن كَــسيينا ميردين، الشخصُ الذي كانَ رفيقَ دربِهِ مرةً. إنَّهُ يُدرِكُ تمامًا كم هي خرقاء، قليلةُ أدب، ذاتَ ألفاظِ سيئة وكذلِكَ كم كانتْ جيدةً في إثارةِ أعصابِ الآخرينَ بِسَبَبِ غرورِها المُتَضَخِم.
‘أعتقِدُ أنَّهُ يَحِقُ لها أنْ تكونَ مغرورةً رُغمَ ذلِك.’
أدارَ يوجين رأسَهُ للخلفِ ليَنظُرَ إلى مَكرِ الساحِرة.
بصراحة، إذا إعتَمَدَ على الدراسةِ الذاتية، فَـهو لم يَشعُر أنَّهُ سيكونُ قادِرًا على فهم مَكرِ الساحرةِ حتى لو كافَحَ لبقيةِ حياتِه.
“…تَحَرُكاتُ الدوائرِ السحريةِ التي رأيتُه مُذهِلةٌ حقًا.” تَمتَمَ يوجين مع نفسِه.
عندما سَمِعَتْ يوجين يُتَمتِم، أضاءتْ عيونُ مير، “هووه؟”
نَظَرَتْ إلى يوجين بعُمقٍ وبدأتْ تُفَكِر، ثُمَ إبتَسَمَت.
‘هذا صحيح. يجبُ أنْ يَكونَ لديهِ عيونٌ جيدةٌ ليرى أنَّ مَكرَ الساحِرةِ لا يُمكِنُ مُقارَنَتُها بكُلِ السحرِ الذي تَعَلَمَهُ حتى الآن. ويبدو أنَّ فِهمَهُ جيدٌ أيضًا’، قامَتْ مير بتحليلِ يوجين بهدوء.
“تِلكَ الدائرة، فقط ما هي بحقِ الجحيم؟” سألَ يوجين أثناء فَركِهِ للدمِ الجافِ المُتَبَقي مِن نزيفِ الأنف.
الشيء الأكثرُ إثارةً للدهشةِ وغامِض في مَكرِ الساحِرة-تِلكَ الدائرة-هو جوهرُ الصيغةِ السحريةِ التي تُدَرِسُها مَكرُ الساحِرة.
عرفَ يوجين ما هي الدائرة. لقد مَرَّتْ ثلاثمائةُ عامٍ مُنذُ أنْ أنشأتْ سيينا صيغةَ الدوائرِ السحرية. على مدى مئاتِ السنينِ الماضية، قضى سَحَرَةُ آروث ذلِكَ الوقتَ في إستكشافِ قُدراتِ الدائرة، وتحسينِ وظائِفِها، وتطويرِ إصداراتٍ جديدةٍ مِنها. في هذا العصرِ الحالي، ليسَ فقط في آروث ولكِن مُعظَمُ السَحَرَةِ في العالمِ بدأوا في مُمارَسةِ السِحرِ بإستعمالِ الدوائر.
بعبارةٍ أُخرى، أصبَحَتْ الدوائِرُ شائِعةً لأنَّها سهلةُ الفِهمِ والتَعَلُم. حتى الكُتُبُ التمهيديةُ عن السِحر التي قرأها يوجين كانَتْ كُلُها قادِرةً على وصفِ الدوائرِ بطريقةٍ مُفَصَلَةٍ يَسهُلُ فِهمُها أيضًا. على الرُغمِ مِن أنَّهُ قرأ أكثرَ مِن عشرةِ كُتُبٍ عن الدوائرِ في بُرجِ السحرِ الأحمر، إلا أنَّ وصفَ الدوائر المُعطى عبرَ تِلكَ النصوصِ السحريةِ العديدةِ مُتشابِهٌ في الغالِب.
“ما الذي رأيتَهُ بالضبط؟” سألَتْ مير بإبتسامةٍ خبيثة.
يبدو أنَّها أرادَتْ حقًا سماعَ المزيدِ مِن تقييمِ يوجين، أو بتعبيرٍ أدق، دَهشَتَهُ من إنجازاتِ سيينا.
‘لذلك فَـسيينا كانَتْ حقًا تُشبِهُها في صِغَرِها.’ أدركَ يوجين.
قالت مير إنَّها قد تَمَ إنشاؤها بإستخدامِ شخصيةِ طفولةِ سيينا كأساس. سيينا، التي عَرَفَها يوجين، قد إستَمتَعَتْ أيضًا بالإستماعِ إلى إنطباعاتِ الآخرينَ المُنذَهِلةِ كطريقةٍ للتَخَلُصِ مِن غرورِها.
“…الدائرة…لقد إستَمَرَتْ في التضاعُف.”، قالَ يوجين أثناء فَركِهِ لرأسِهِ المُتألِم. “لكِنَ الدوائِرَ التي أعرِفُها…تكونُ فيها الدائِرةُ التاسِعةُ هي الحد.”
الدائرة التاسعة.
في هذهِ الأيام، لا يوجدُ سَحَرَةٌ تَمَكَنوا مِنَ الوصولِ إلى الدائرةِ التاسِعة. حتى أسيادُ الأبراج، الذينَ يُنظَرُ إليهِم على أنَّهُم أقوى السَحَرَة، وَصَلوا فقط إلى الدائِرةِ الثامِنة، وحتى السَحَرَةُ السود في هيلموث، الذينَ وقعوا عقدًا شخصيًا مع ملكِ شياطين، لم يَتَمكَنوا مِن عبور الحاجِزِ والوصولِ إلى الدائرةِ التاسِعة.
والدائِرةُ التاسِعةُ هي الخطوةُ الأخيرةُ في صيغةِ الدوائرِ السحرية. على الرُغمِ مِن أنَّ يوجين قد رأى هذا النَصَ مَكتوبًا في العديدِ مِنَ الكُتُبِ السحريةِ التي قرأها، إلا أنَّ سيينا الحكيمة هي الوحيدةُ التي تَمكَنَتْ بالفعلِ مِنَ الوصولِ إلى الدائرةِ التاسِعةِ بعد وضع صيغةِ الدوائرِ السحرية.
“مَكرُ الساحِرة هو آخِرُ كتابٍ سحريٍّ أنتَجَتهُ السيدةُ سيينا على الإطلاق.” أعلَنَتْ مير، وهي تَضَعُ يديها بِـثقةٍ على وَركِها وتَنظُرُ ليوجين: “عِندَما إبتَكَرَتْ صيغة الدوائرِ السحرية لأولِ مرة، كانَتْ السيدةُ سيينا بالفعلِ في الدائرةِ التاسعة. ومعَ ذلِك، واصَلَتْ السيدةُ سيينا التركيزَ على البحثِ وتَطويرِ سِحرِها. وتمامًا هكذا…فَـقد تجاوَزَتْ الحدودَ التي وَضَعَتها هي على نَفسِها مِن خلالِ صيغةِ الدوائرِ السحرية.”
تسائلَ يوجين، “بما أنَّكِ تقولينَ أنَّها قد تجاوزَتْ بالفعلِ الدائِرةَ التاسِعة، فَـهل هذا يعني أنَّ هُناكَ دائِرةً عاشِرة؟”
“هل أنتَ أحمق، أيُّها السير يوجين؟” سألَتْ مير بوقاحة.
لقد خَمَنَ ذلِكَ فقط بناءً على عمليةٍ حسابيةٍ بسيطة، لكِنَهُ أُجبِرَ نتيجةً لذلِكَ على سماعِ شخصٍ يدعوهُ بالأحمق. أظهَرَ يوجين تعبيرًا مُنزَعِجًا، وطَلَبَ منها بصمتٍ أنْ تَهتَمَ بإنتقاء ألفاظِها، لكِنَ تعبيرَ مير لم يَتَغَيَر عن مظهرِ الشفقةِ الذي أظهَرَتهُ تجاهَه.
“يَجِبُ أنْ يكونَ السير يوجين قد شَهِدَ أيضًا مُحتَوياتِ مَكرِ الساحِرةِ مُباشرةً. لم يُغمى عليكَ قبلَ أنْ تَصِلَ إلى الدوائرِ العَشر، صحيح؟” سألَتْ مير بشَكلٍ مُتَشَكِك.
“رأيتُ ما حدثَ بعدَ ذلِك.” قالَ يوجين: “مُنذُ اللحظةِ التي إنقَسَمَتْ فيها الدوائِرُ العشر…بدأتْ الطاقةُ السحريةُ تَتَشابَكُ مع بعضِها البعض، لتُشَكِلَ دائرةً ضخمةً واحِدة. ثمُ، داخِلَ تلِكَ الدائرة، ظَلَّتْ دوائِرٌ لا حصرَ لها تَتَضاعَفُ وتَنقَسِم ثُمَ تَتَشابَك….”
“هذا صحيح، تِلكَ هي الحقيقةُ الأساسيةُ لمَكرِ الساحِرة”، بعدَ ذلِك، وكما لو أنَّها كانَتْ تَنتَظِرُ هذا، رَفَعَتْ مير إصبِعَها مِثلَ مُحاضِرٍ يدعو طُلابَهُ للإنتباهِ إليه. “إنَّها تُسمى الثَقبُ الأبدي. الهدفُ النهائي والأخير لصيغةِ الدوائرِ السحرية التي تَمَكَنَتْ السيدةُ سيينا فقط مِنَ الوصولِ إليها. مُنذُ ظهورِ مَكرِ الساحرة، حاولَ العديدُ مِنَ السَحَرَةِ إنشاء الثقبِ الأبدي، لكِن، لم يَتَمَكَن أيٌّ مِنهُم مِن إختراقِ الحدِ والوصولِ إلى الدائِرةِ التاسِعة.”
“…” إستَمَعَ يوجين بصَبر.
“دون إضاعةِ حتى نُقطةٍ واحِدةٍ مِنَ الطاقةِ السحريةِ الخاصةِ بك، تحتاجُ إلى إحتواء كُلِ ما تَمتَلِكُهُ مِن طاقةٍ سحريةٍ ضِمنَ سِلسِلةٍ عِملاقةٍ مِنَ الدوائِر، ثُمَ تقسيمِها عن بعضِها البعض وإعادةُ تَجميعِها لتَشكيلِ واحِدةٍ جديدة. يُمكِنُ القولُ أنَّ هذا يُشَكِلُ النموذجَ الأكثرَ كفاءةً وتضخيمًا للدائِرة. وهي ليسَتْ مُعَقدةً مِثلَ الدائرةِ التقليدية.”
“أنتِ تقولينَ أنَّ ذلِكَ الشيء ليسَ مُعَقدًا؟ شيء كَـذاك؟”
“على الرُغمِ مِن صعوبةٍ إنشاء الثُقبِ الأبدي، إلا أنَّهُ في الواقعِ بسيطٌ للغايةِ ويَسهُلُ إلقاء السِحرِ بإستعمالِه. ألم أُخبِركَ بهذا مِن قبل؟”
يُمكِنُ تَضخيمُ القوةِ السحريةِ التي تُنشِئُها الدائرة. يُمكِنُ لِـمَكرِ الساحِرةِ أيضًا تبسيطُ أيِّ تقنية، وزيادةُ الكفاءةِ وإزالةِ الحاجةِ لقولِ التراتيل. يُمكِنُ أنْ تَسمَحَ حتى بإلقاءٍ مُتَعَدِدٍ لنفسِ التعويذة مِن خلالِ إلقاءٍ واحِد. أيضًا، يُمكِنُ إستخدامُ مَكرِ الساحِرةِ لحِفظِ التعاويذِ في عَقلِكَ الباطنِ وتخزينِها هُناك
“إذا تَمَكَنتَ مِن إنشاء الثقبِ الأبدي، سَـيُمكِنُكَ القيامُ بكُلِ ذلِكَ بشكلٍ طبيعيٍّ مِثلَ التَنَفُس”، أوضَحَتْ مير ليوجين أثناء طرحِ مثالٍ أيضًا. “كُرةُ النار التي يَتِمُ إلقاؤها بإستخدامِ الثقب الأبدي أقوى مِن تعويذةِ نيرانِ الجحيمِ الموجودةُ في الدائرةِ التاسِعة. في الوقتِ نفسه، لا تَتَطَلبُ إستهلاكًا مُرعِبًا للطاقة السحرية كَـنيرانِ الجحيم، وأيضًا سَـتَظَلُّ تقنيةُ الإلقاء أسهلَ بكثير.”
“إذا تَمَكَنَ المرء مِن إنساء الثُقبِ الأبدي، فَسَـيُمكِنُه حتى إلقاء تعاويذٍ مِنَ الدائرةِ التاسِعةِ دونَ ترديدِ التراتيل؟” سألَ يوجين بفضول.
“بالطبع، هذا هو الحال، لكِنَكَ لن تَحتاجَ لفعلِ ذلِك. نظرًا لأنَّهُ يُمكِنُكَ إعادةُ إنتاجِ قوةِ تعويذةِ نيرانِ الجحيم بإستخدامِ كُرةٍ ناريةٍ فقط، فَـلماذا سَـتَحتاجُ حتى إلى إستخدامِ نيرانِ الجحيم؟ سيكونُ مِنَ الأسهلِ الإستمرارُ في رميِّ الكُراتِ النارية. آه، بالطبع، إذا إحتَجتَ لقوةٍ أكبر، فقد يكونُ مِنَ الأفضَلِ إلقاء نيرانِ الجحيم، ولكِن بحلولِ الوقتِ الذي خَلَقَتْ فيهِ السيدةُ سيينا الثقبَ الأبدي…لم تَشعُر أبدًا بالحاجةِ إلى إستخدامِ نيرانِ الجحيم.”
بحلولِ ذلِكَ الوقت، لم تعُد تُحاوِلُ التَغَلُبَ على قلاعِ ملوكِ الشياطين، ولم تكُن تُقاتِلُ مِلوكَ الشياطين وغيرَهُم مِن كبارِ الشياطين. بعد ذلِكَ القسم، ظَلَّ العالم في سلام، لذلِكَ لم تعُد سيينا تعيشُ حياةً مليئةً بالإثارةِ كما كانَتْ عندما كانوا يتجولونَ في هيلموث.
“أفتَرِضُ أنَّكَ الآنَ تفهَم، صحيح؟” سألَتْ مير وهي تُلَوِحُ بإصبِعِها يسارًا ويمينًا. “إغتيالُ السيدةِ سيينا مِن قِبَلِ السحرةِ السود، يَستَحيلُ حدوثُ شيءٍ كهذا. بإنشائها للثقبِ الأبدي، يُمكِنُ القولُ أنَّ السيدةَ سيينا أصبَحَتْ لا تُقهَر. على الرُغمِ مِن أنَّها لم تؤكِد ذلِكَ شخصيًا، إلا أنَّهُ رُبَما يُمكِنُها حتى قَتلُ مَلِكِ شياطينٍ بِمُفرَدِها.”
“رُبَما”، قالَ يوجين، غيرَ قادِرٍ على إنكارِ هذهِ الكلمات.
سيينا، التي تجولَ معها في هيلموث، هي بالفعلِ ساحِرٌ قويٌّ بشكلٍ لا يُصَدَق، لكِن يبدو أنَّها صارَتْ أقوى بعدَ نهايةِ الحربِ مع ملوكِ الشياطين.
فِهمُ يوجين الحاليُّ لا يُمكِنُ أنْ يَستَوعِبَ تمامًا عظمةَ مَكرِ الساحِرة. ومعَ ذلِك، يُمكِنُهُ أنْ يقولَ أنَّ سيينا، التي صَنَعَتْ مَكرَ الساحِرة، أقوى بكثيرٍ مِن نفسِها السابِقةِ التي يَتَذكَرُها يوجين مِن أيامِها في ساحاتِ القِتال.
‘لم تُهدِر سيينا وقتَها فقط بشكلٍ تافِه.’
رُبَما فَعَلَ الآخرونَ الشيء نفسِه، بإستثناء شخصٍ واحِد.
—