41.2 - آكرون (1)
الفصل 41.2: آكرون (1)
قبلَ أسبوع، غادرَ إيوارد بُرجَ السحرِ الأحمرِ وعاد إلى المنزلِ الرئيسي. لم يرَه يوجين وهو يُغادِر، ولم يملِك أيَّ رغبةٍ في مُشاهدةِ إيوارد وهو يُغادر. سواء ثَبَتَ هذا الإبنُ الأكبرُ الغبي رأسهُ بشكلٍ مُستقيمٍ بسببِ هذا الحادِث، أو إذا أصبحَ أكثرَ إنحرافًا وتحولَ إلى أحمقٍ حقيقي، لم يعُد يوجين يشعرُ بالحاجةِ للإهتمامِ بهِ أكثر.
هذا سيكونُ عملَ تانيس. وبما أنَّها قَرَرَتْ الإنفصالَ عن غيلياد وإصطحابَ إبنِها معَها إلى أقارِبِها، فإنَّها ستكونُ المسؤولةَ عن تعزيزِ سلوكِ إبنِها.
‘لقد فَعَلتُ الشيء الصحيحَ مِن خلالِ عدم إنجابِ أيِّ أطفال’ فَكَرَ يوجين.
عندما وصلَ لأولِ مرةٍ إلى المنزلِ الرئيسي لعشيرة لايونهارت، شعرَ بالندم وأخبرَ نفسَهُ أنَّهُ كانَ يجبُ أنْ يَترُكَ بعضَ الأحفادِ في حياتِهِ السابِقة.
لكِن الآن، لم يعُد يحمِلُ مِثلَ هذا الندم. فإذا فعلَ شخصٌ ما يُطلِقُ على نفسِهِ سليلَ هامل شيئًا غبيًا مِثلَ إيوارد….مُجردُ تَخيُلِ هذا أصابَ يوجين بالرُعب.
‘لو إنَّهُ أنا، لَكَسَرتُ نعشيَّ وزَحَفتُ مِنَ قبري لأُعلِمَهُ درسًا.’
أثناء التفكيرِ في مثلِ هذهِ الأفكار، عاد يوجين إلى إستيعابِ الطاقةِ السحرية.
“هل أتيتِ إلى هُنا لمُجردِ أنكِ قَلِقةٌ بشأني؟” سألتْ هيرا.
تلعثمت هيرا، “لـ-لا، أعني، نعم!”
“لم أفهم، هل أنا مُخطئ أم مُصيب؟”
“على الرُغمِ مِن أنَّني كنتُ قَلِقةً بعضَ الشيء…إلا أنَّني قد جِئتُ إلى هُنا أيضًا بسببِ مسألةٍ مُختَلِفة.”
“ماذا يُمكِنُ أنْ تكون؟” سألَ يوجين.
“مِن فضلِكَ إرتدي بعضَ الملابس” قالتْ هيرا هذا ثُمَ أشاحتْ بنظرتِها بعيدًا عنهُ مرةً أُخرى.
عندها فقط أدركَ يوجين أنَّهُ عاري الصدرِ حاليًا.
“آه، آسِفٌ على ذلِك”، إعتذرَ يوجين. “بينما كنتُ أتدرب، تَعرَقتُ كثيرًا.”
قالتْ هيرا: “لـ-لا بأس.”
‘بفضلِ ذلِك، حصلتُ على الفُرصةِ لرؤيةٍ شيء جيدٍ كهذا’. عندما تذكرتْ الذاكِرةَ المُخزنةَ داخِلَ رأسِها، لعقتْ هيرا شَفَتَيها. لقد تَذَكرتْ فجأةً تعويذةَ الإحتفاظِ بالذاكِرة. لهذا إنتشرتْ إبتسامةٌ مُنعِشةٌ على وجهِ هيرا أثناء تفكيرِها في إستخراجِ هذهِ الذاكِرةِ لاحِقًا وحفظِها كفيديو.
تابعتْ هيرا، “لقد طلبَ مني سيدُ البُرجِ أنْ آتيَّ إليكَ وآخُذَك، السير يوجين.”
“هل نَحنُ ذاهِبونَ إلى الطابُقِ العلوي؟” سألَ يوجين.
“لا، سيدُ البُرجِ في الواقع بعيدٌ عن مكتبِهِ في الوقتِ الحالي.”
“ثم إلى أينَ نحنُ ذاهِبون؟”
“إلى آكرون”، قالتْ هيرا بإبتسامةٍ فرِحة.
تَسَبَبَتْ هذهِ الكَلِماتُ في إبتسامِ يوجين بفرحٍ أيضًا.
* * *
داخِلَ عاصِمةِ آروث، البنتاغون. في وسطِ الشكلِ الخُماسيِّ الذي شَكَلَتُه أبراجُ السحرِ الخمسة، توجدُ قلعةُ آروث الملكية، المُسماةِ أبرام. بُنيَتْ في قلبِ بُحيرةٍ كبيرة، أبرام لا يُمكِنُ دُخولُها دونَ ركوبِ قاربٍ للوصول إلى هُناك. وحتى العرباتُ الجويةُ التي تطيرُ بحُريةٍ في السماء فوقَ البنتاغون لا يُسمَحُ لها بالإقترابِ مِن المجالِ الجوي لأبرام، ومِنَ المُستحيلِ عبورُ البُحيرةِ بإستخدامِ السِحر.
هذا لأنَّ أبرام والبحيرةُ المُحيطةُ بها هي مُغطاةٌ بالكامِلِ بتشكيلِ خَتمٍ سحري.
فَـقبلَ ثلاثمائةِ عام، طَوَرتْ سيينا الحكيمةُ تشكيلَ الختمِ السحري كورقةٍ رابِحةٍ لها. مَنعَ هذا الختمُ إستخدامَ الطاقةِ السحريةِ في منطقةٍ مُعينةٍ بينما لا تزالُ تَستَطيعُ هي إستخدام طاقَتِها السِحرية.
تم تقديمُ تشكيلِ الختمِ السحري الذي غَطى كُلَ أبرام كهديةٍ للعائلةِ المَلَكيةِ من قبلِ سيينا، وحتى الآن، بعدَ مرورِ مِئاتِ السنين، لا يزالُ هذا الختمُ يعملُ بشكلٍ مثاليٍّ تمامًا.
إنَّهُم حاليًا في المكتبةِ الملكيةِ آكرون. جَلالتُ هذه المكتبةِ لم تَتَراج أمامَ جلالِ أبرام، والتي يُمكِنُ رؤيتُها مِن بعيد. تناوبَ يوجين بينَ النظرِ إلى بُرجِ الساعةِ الطويلِ في آكرون والبُحيرةِ المُحيطةِ بأبرام.
‘هذا جنون’، فَكَرَ يوجين داخليًا.
وبفضلِ حقيقةِ أنَّهُ ظلَّ يدرسُ مؤخرًا عن السِحر، فقد توصلَ إلى فهمٍ عامٍ للسِحر. ووفقا للحس السليمِ الخاصِ بالسِحرِ والذي طَوَرَهُ يوجين حديثًا، فإنَّهُ بالتأكيدِ لا يُمكِنُ تغطيةُ كُلِ تِلكَ البُحيرةِ الضخمةِ والقلعةِ الملكيةِ ضِمنَ تشكيلِ ختمٍ سِحري.
وقبلَ ثلاثمائةِ عام، لم يكُن هُناكَ أيُّ شيء يُشبِهُ البُحيرةَ يُحيطُ بالقلعةِ الملكية. فَـهذهِ البُحيرةُ أيضًا جُزءٌ مِن هديةِ سيينا. في أقِل مِن أسبوع، شَيَدَتْ تِلكَ البُحيرةَ الضخمةَ ونقلتْ القلعةَ الملكيةَ بأكملِها مِن حيثُ كانتْ إلى وسط تِلكَ البحيرة.
“أليس هذا مُدهِشًا؟” أشارتْ هيرا إلى أبرام بإبتسامةٍ مُشرِقةٍ وقالت: “حتى أسيادُ الأبراجِ غيرُ قادرينَ على إستخدامِ السحرِ عندما يكونونَ في أبرام. الوحيدونَ المسموحُ لهُم بإستخدامِ السحر هُناكَ هُم العائِلةُ المَلَكيةُ وسَحرةُ البِلاط الذين أقسموا على الطاعةِ المُطلقةِ للعائلة المَلَكية.”
“وفقًا لكلامِك، هل هذا يعني أنَّ سادة الأبراجِ لم يُقسِموا بالولاء المُطلقِ للعائلة المَلَكية؟” سألَ يوجين.
“على الرُغمِ مِن أنَّهُم أقسموا الولاء، لا يُمكِنُكَ أنْ تتوقعَ مِنهُم أنْ يُطيعوا حتى أكثرَ الأوامِرِ غيرِ المعقولةِ دونَ قيدٍ أو شرط، صحيح؟ يُمكِنُكَ أنْ تَصِفَ العلاقةَ بينَ أبراجِ السحرِ وآروث على أنَّها علاقةُ تعاونٍ مُتبادل، بدلًا مِن علاقةٍ تقومُ على الولاء والطاعة.”
لم يمتلِك المَلِكُ الكثيرَ مِنَ المُشاركةِ في السياسةِ التي حكمتْ آروث.
“الذي يرتَبِطُ بعلاقةٍ عميقةٍ بأبراجِ السحرِ ليس القصرَ الملكي، بل البرلمان. نظرًا لأنَّ القصرَ الملكي يمتَلِكُ سحرةَِالبِلاط، فإنَّ سحرةَ أبراجِ السحر يُعتبرونَ قاعِدةَ القوةِ المُطابقةِ والتي تَتَمَثلُ في البرلمان. ومع ذلِك، هذا لا يعني أنَّ مُنظَمَتي السحرةِ هذينِ في تعارُضٍ مع بعضِهِما البعض.”
آروث يَعِمُها السلام. لا يوجدُ تهديدٌ بحربٍ أهلية، ولا يوجدُ أعداءٌ خارِجَ المملكةِ أيضًا.
بعد نهايةِ الحربِ قبلَ ثلاثمائةِ عام، عمَّ القارةُ بأكملِها السلام. ليسَ الأمرُ كما لو أنَّهُ لم تَحدُث أيُّ حروبٍ أهليةٍ أو حروبٍ بينَ الدولِ الصغيرة، ولكِن، لم تَحدُث حربٌ كبيرةٌ مِثلَ تِلكَ التي حَدَثَتْ قبلَ ثلاثمائةِ عام.
“هل تريدُ أنْ تذهبَ لزيارة أبرام؟” أمالتْ هيرا رأسَها وسألتْ عِندَ رؤيةِ يوجين يواصِلُ التحديقَ في أبرام.
“أنا أنظرُ فقط لأنَّها مُذهِلةٌ للغاية.”، أوضحَ يوجين: “بعدَ كُلِ شيء، إنَّهُ ليسَ مكانًا يُمكِنُني زيارتُهُ لمُجردِ أنَّني أُريدُ ذلِك، صحيح؟”
“نعم صحيح. لأنَّهُ يُسمَحُ فقط للنُبلاء العُظماء وأساتِذةُ الأبراجِ بزيارةِ أبرام….آه، ولكِن بما أنَّهُ أنت، السير يوجين، قد تكونُ قادِرًا على الذهابِ إلى هُناك.”
“لأنَّني لايونهارت؟”
“هذا أحدُ الأسباب، ولكِن إذا حصلتَ على الإذنِ لدخولِ آكرون، فقد تَتَلقى أيضًا إستدعاءً مِنَ القصرِ الملكي. لم أذهبْ إلى هُناكَ بنفسي مِن قبل، لكِنَني سَمِعتُ عن ذلِكَ مِن سيدِ البُرجِ لوفليان” أثناء قولِها لهذا، قادتْ هيرا الطريقَ إلى الأمام. “لا أعرِفُ الكثيرَ عن الأمر. رُبما سَتَسمَعُ كُلَ التفاصيلِ المُتعلقةِ بذلِكَ مِن لوفليان في وقتٍ لاحقٍ اليوم.”
جنبًا إلى جنبٍ مع هيرا، دخلَ يوجين آكرون. بجاذبيةٍ كهذِه، ينبغي أنْ تكونَ آكرون مُزدَحِمةً بالسُياح، لكِنَ المنطقةَ المُحيطةَ بآكرون بدتْ فارِغةً دونَ العثورِ على سائحٍ واحِد.
وهذا بسببِ رسومِ الدخولِ الضخمة. ومِنَ المُستحيلِ أيضًا الإقترابُ مِن مُحيطِ آكرون دونَ الحصولِ على إذنٍ مُسبَق. ويَسمَحُ هذا الإذنُ أيضًا بالوصولِ إلى الطابُقِ الأولِ فقط. ومِنَ الطابُقِ الثاني فصاعِدًا، مِنَ المُستحيلِ حتى أنْ تطأهُ قدمٌ دونَ إذنٍ بالدخول.
“حسنًا، سأعودُ الآن”، قالتْ هيرا.
لم تَمتَلِك هيرا تصريحًا للدخول. ونظرًا لأنَّها لا تَستَطيعُ التقدُمَ معهُ أكثرَ مِن هذا، أومأتْ برأسِها نحو يوجين.
ثُمَ قالتْ كَلِماتٍ تشجيعية، “السير يوجين، لا تكُن عصبيًا جدًا….حظًا موفقًا!”
“نعم، سأبذلُ قُصارى جُهدي”، قَبِلَ يوجين تمنياتِها الطيبة.
إبتسمَ يوجين ورفعَ يدَهُ نحوها كَـرَدٍ على إيمائتِها.
هذهِ هي المكتبةُ الملكية، آكرون. على الرُغمِ مِن أنَّ سيدَ البُرجِ الأحمرِ وسيدَ البُرجِ الأسود قد كتبا لهُ خطاباتَ توصية، إلا أنَّ سادةَ الأبراجِ الثلاثةِ الآخرين قد شَكَكوا في مؤهلاتِ يوجين للحصولِ على تصريحِ دخولٍ إلى آكرون.
قد يكونُ عضوًا في عشيرةِ لايونهارت التي أنشأها فيرموث العظيم، ولكِن، لا يُهِمُ كم هُم أحفادُ البطلِ عُظماء، فى النهاية، أليسَ يوجين مُجردَ شابٍ بدونِ فهمٍ قويٍّ للسِحر؟
ليسَ مِنَ السهلِ دخولُ آكرون فقط بخطابِ توصية. فهذا هو المكانُ الذي تمَ فيهِ الإحتفاظُ بتاريخِ آروث السحري، وكذلِكَ حِكمةَ سيينا الحكيمة العظيمة.
“إسمي يوجين لايونهارت”، أعلن.
هو الآن في غُرفةٍ واسعةٍ في الطابُقِ الأول. بمُجردِ دخولِ يوجين، حنى رأسَهُ بعُمق.
حدقَ لوفليان وبلزاك، إلى جانبِ بقيةِ سادةِ الأبراجِ الخمسة، في يوجين.
لكِنَهم ليسوا الوحيدينَ هُنا. فَــسيدُ سحرةِ البلاطِ الملكيِّ ورئيسُ نقابةِ السَحَرةِ موجودينَ أيضًا.
“إرفع رأسَك”، قالَ صوتٌ هذا.
جلسَ شابٌ ليسَ أكبرَ مِن يوجين إلا بِبِضعِ سنوات بهدوءٍ وسطَ القاعة.
“مُنذُ بضعِ سنواتٍ مَضَت، غالبًا ما وصلَ إسمُكَ إلى مَسامعي. وآملتُ حقًا أنْ أُقابِلَكَ يومًا ما، لكِنَني حقًا لم أتوقع أنْ نلتقيَّ في مكانٍ كهذا.”
إبتسمَ هونين أبرام، وليُّ عهدِ آروث، نحو يوجين.
—