985 - مصنع شياطين الحلم
985 مصنع شياطين الحلم
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
Arisu-san
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
.
.
حين التقى هان فاي بالرقم 2، كان منتصف الليل بالفعل. سلّمه جميع الشظايا. خيوط القدَر ربطت الشظايا معًا. هواجس الكوابيس كوّنت عالماً عبثياً. وبمساعدة الرقم 2، تحوّلت شظايا الكوابيس إلى وهمٍ لصندوق.
كان خارج الصندوق أسود، وداخله أبيض. اليأس والأمل يتواجدان في المكان ذاته. غير أن مَن هم في الخارج لا يرون سوى اليأس، بينما العالقون بداخله لا يرون سوى الأمل.
“لا تزال هناك شظايا ناقصة كثيرة.” لم يرضَ الرقم 2 عن صنيعه. “أنت بطيء للغاية. الآن ليس وقت الرحمة. الأعداء لن يتوانوا عن قتلك، لذا عليك أن تفعل كل شيء لتدميرهم أيضًا.” كان هان فاي يدرك ما يريد الرقم 2 قوله. بقية اللاعبين ما زالوا يحملون بعض الشظايا. حتى النقابات الأخرى أخفت بعضها عنه.
“نحن لا ننظر إلى الوسيلة، بل إلى النتيجة. يمكننا فعل أي شيء لسلبهم.”
“أعلم.” أومأ هان فاي. “هناك سبب آخر لوجودي هنا. هوانغ يين ضائع منذ أن دخل الكابوس. إنه يحمل طائرتك الورقية. هل يمكنك أن ترسلني إليه؟”
“سأحاول.” جعل الرقم 2 هان فاي يُخرج الطائرة الورقية الملطخة بالدماء ليعيد رسمها من جديد. استغرق الأمر نصف ساعة قبل أن يسلمها إليه. “القدر سيقودك لإيجاد هوانغ يين، لكنه قد يقودك إلى شين لُو أيضًا. الأمر يعتمد على الحظ.”
“شكرًا لك.” رأى هان فاي كم بدا الرقم 2 منهكًا، فقرّر أن يرحل.
“لا داعي للشكر. مساعدتي لك هي مساعدة لنفسي.” لعق الرقم 2 شفتَيه. “بصراحة، أريد أنا أيضًا أن آكل الحلم لأعرف ما طعم أعتى المحرمات.”
عاد هان فاي إلى القاعدة. أدخل جيرانه في الوشم الشبحي وأعاد تشانغ مينغلي إلى هاوية الجشع. بعد أن حصل على عون الابن الأكبر لفو شينغ، صار بوسعه أن يتجاهل معظم القوانين داخل الكابوس. استطاع فتح مخزونه واستدعاء جيرانه كما يشاء.
“أريد أن أرى أي كابوس يمكنه أن يحبس هذا العدد من اللاعبين.”
تقدّم هان فاي نحو المستشفى تحت أنظار كثير من اللاعبين. غبار الحلم تراجع عنه تلقائيًا. حتى الظلال تحرّكت بعيدًا.
“كلما طهّرت كابوسًا، أصبح الذي يليه أشد قسوة.” كان هان فاي اللاعب الوحيد الذي بلغ الطبقة الحادية عشرة. دخل بهو المستشفى وصعد الدرج. لم يعترضه أحد. تسارعت خطواته. الضباب الرمادي تكاثف. ضغطٌ هائل أثقل كاهله. نظراتٌ متفرقة تراقبه، لكنها لم تستطع منعه. بعد دقائق وصل إلى السطح. المذبح في نهاية الممر!
“أحد عشر مذبحًا تكفي لتكون وليمة عظيمة للخطيئة الكبرى.”
أنهى هان فاي آخر خطوة. تجمّع الضباب الرمادي من حوله. أصابته دوخة، لكنه ظلّ صاحي الذهن. شعر بعقله يُسحب بقوانين غريبة. غاص في بحر الوعي. بدا الحلم الجميل كنجوم في السماء، فيما الكابوس كبركة آسنَة نتنة. تحت سيطرة الحلم، انغمس وعيه في أعمق ظلمات المستنقع. انفجرت الفقاعة. وحين فتح هان فاي عينيه، كانت شمس دافئة تضيء وجهه.
“هذا هو…” دوّت أبواق السيارات، وازدحم الناس. وجد هان فاي نفسه في مدينة كبرى. “أعرف أنه كلما تأخر الكابوس صار أوسع، لكن أليس هذا الكابوس كبيرًا أكثر من اللازم؟”
نظر إلى يديه. هذا الكابوس بدا أصدق من أي كابوس آخر خبره. المدينة أمامه لا تختلف عن الواقع. كأنه خرج من اللعبة وعاد إلى الحياة الحقيقية.
“هناك خطب جسيم.” وقف هان فاي عند ناصية شارع. شاشة افتراضية في السماء تبث الأخبار. جاء فيها أنّ الدفعة الأولى من اللاعبين المحتجزين في الحياة المثالية قد تم إنقاذهم. شركات التقنية الأخرى تساعد في إنقاذ البقية. حياة المواطنين تعود إلى طبيعتها. لا أشباح ولا رعب.
“الطبقة الحادية عشرة محاكاة للحياة الواقعية؟” خطر لهان فاي. “المركز الرئيسي يحوي أحد عشر مذبحًا. يظن كثيرون أنّ الكوابيس أحد عشر طبقة فقط. ربما تلك إشاعة زائفة. عندما يدخل اللاعبون الكابوس الحادي عشر، يضعهم الحلم في كابوس عسير، لكن حين ‘يُطهَّر’ الكابوس، يُرسَلون إلى هذه الحقيقة المزيفة! ليظنّوا أنهم عادوا بالفعل إلى الحياة!”
أرعبت طبيعة الحلم السامّة هان فاي. هذا الكيان يعرف تمامًا كيف يعذّب البشر. الشاشة عرضت أخبار اللاعبين. علم هان فاي منها أنّ جميعهم يُعالجون في المستشفى التاسع في شين لُو. وفق الأخبار، رغم أنّ اللاعبين غادروا اللعبة بنجاح، فإن أدمغتهم تعرّضت لأضرار متفاوتة. يحتاجون إلى علاج وتأهيل. بعضهم يعاني من صدمات نفسية ويعتقد بوجود أشباح ما زالت تطاردهم. استعانت الأخبار بخبراء قالوا إن اللاعبين يحاولون بعدُ التمييز بين الواقع وعالم اللعبة، ومع الوقت سيتحسن الوضع.
“يبدو منطقيًا. اللاعبون لن يتوقعوا أن يبني الحلم مدينة كاملة ليخدعهم. الآن يُصوَّرون كمجانين ذوي مشاكل عقلية.”
من منظور هان فاي، المستشفى الذي يُفترض أنه يعالج اللاعبين لم يكن مستشفى عاديًا. الحلم سيستخدم شتى الوسائل ليحوّل اللاعبين إلى وحوش قبل أن يسمح لهم بالمغادرة. بمعنى آخر، ما دام لدى اللاعبين ذرة شك، سيظلون محتجزين إلى الأبد. أما إن صدّقوا الحلم تمامًا، فسيسمح لهم بالخروج للعيش في هذه المدينة الزائفة.
دخل هان فاي زقاقًا وأخرج الطائرة الورقية التي صنعها الرقم اثنين. لكن لدهشته، لم تكن تشير إلى المستشفى التاسع في شين لُو. هذا يعني أنّ هوانغ يين لم يكن مع بقية اللاعبين.
“لنذهب للعثور على هوانغ يين أولًا.”
بإرشاد الطائرة الورقية، وصل هان فاي إلى أطراف المدينة. بدا أن هوانغ يين في حركة مستمرة لأن الطائرة غيّرت اتجاهها مرارًا. وحين كاد الغروب ينتهي، عثر هان فاي على هوانغ يين في المدينة القديمة بجانب بيت عتيق. يمشي تحت شمس المغيب، كان وجه هوانغ يين شاحبًا، عيناه معلّقتان بالبيت.
لم يقترب هان فاي، فقد تصرّف هوانغ يين بغرابة. وعندما غابت الشمس واشتعلت أعمدة الإنارة، دخل هوانغ يين البيت. بدا المدخل عاديًا، لكن كلما تعمّق المرء، ازدادت الغرابة.
جدران الغرف مكسوّة بشَعر أسود متدلٍ. يهتزّ على الأرض. عيون انفتحت في ورق الجدران البالي. بعضها بلا حدقات. ضحكات غريبة خرجت من التلفاز. داخل الغرفة تكونت دوّامة سوداء. ومض التلفاز القديم. تدريجيًا عاد بثه. عرض مراحل نمو لاعب من الطفولة إلى البلوغ.
حدّقت العيون بالمشاهد. تسلّل الشعر الأسود إلى داخل التلفاز واخترق الشاشة. تحطّمت الذكريات المحبوسة في التلفاز. ومزّق الشعر الأسود الأشخاص المعروضين فيه وألقى بهم أشلاءً. تلك الأشلاء مثّلت ذكريات اللاعبين. تسلّل الشعر إليها ليعيد جمع القطع الممزقة. وفي غضون دقائق، تكوّن إنسان كامل.
وقف أمام التلفاز، يتحرك بخيوط الشعر. تحوّلت الضحكات إلى بكاء. دمية بشرية فتحت عينيها. مشت نحو الحائط وحدّقت في إحدى العيون. بعد لحظات أُضيئت العينان بالحياة وامتلأتا بالكراهية.
ضحكة أخرى دوّت من شاشة التلفاز. سرعان ما سُحب شخص آخر محطم من الذكريات، وتكرر المشهد ذاته.
“التلفاز يبدو أنه يعرض ذاكرة لاعب. لقد رأيتها من قبل. إنها شيا بِينغ. يريد الحلم عبر هذه الطريقة أن يستنسخ أجمل ذكريات اللاعبين ويصنع منهم دمىً كاذبة ليُضلّهم فيبقوا هنا إلى الأبد؟” شاهد هان فاي كل شيء، لكنه لم يفهم لمَ كان هوانغ يين هناك.
صُنِع اللاعبون، وتلاشت الخطيئة من أعينهم تدريجيًا حتى غدوا كأنهم لاعبون طبيعيون.
وبعد إتمام العقد، خرجوا من الغرفة المروّعة كأنهم مستعدون لأداء مهام الحلم. والمثير أنّ هؤلاء المزيفين صاروا يظهرون احترامًا بالغًا كلما أبصروا هوانغ يين.
لم يعبأ هوانغ يين بهم. بعد أن غادروا، جلس وحيدًا على أريكة الصالة يحدّق في التلفاز أمامه. عيناه بدأتا تتغيران. الشاشة عرضت ذكريات طفولته.
كانت الذكريات في البداية دافئة. عاش هوانغ يين طفولة مثالية إلى أن ضحّت أمه بنفسها لتنقذه.
الشاشة ظلّت تومض. بدا أنّ هوانغ يين يحاول فعل شيئًا ما. أراد أن يجمّد لحظة موت والدته. حاول أن يسحبها من الذاكرة، لكن مهما بذل من جهد، ظلت أمه عالقة في المياه السوداء.
تشوّه وجه هوانغ يين. الغضب أطلق خلفه لهبًا أسود. الشعر فرّ هاربًا. العيون على الجدران انغلقت سريعًا. اهتزّ البيت العتيق. “لماذا تستطيع شياطين الحلم أن تغيّر أحلام الآخرين، لكن لا تستطيع تغيير حلمي؟” المشاعر السلبية التفّت حول هوانغ يين.
“أخي هوانغ، ما رأيك بكأس شراب؟” شعر هان فاي بخطر في حالة هوانغ يين، لكنه اقترب على أي حال.
“هان فاي؟” التفت هوانغ يين بعنف. “هل أنت شيطان حلم أم…”
أخرج هان فاي طائرة الرقم اثنين. كانت الطائرة الدموية تشير مباشرة إلى هوانغ يين. “كل اللاعبين الذين دخلوا الطبقة الحادية عشرة لم يخرجوا، لذا طلبت من الرقم 2 أن يساعدني لأجدك.”
“الرقم 2 ساعدك؟” بدا أنّ هوانغ يين خفّف حذره، لكن في اللحظة التالية استلّ سكينًا قبيحًا من مخزونه ليهاجم هان فاي!
[ٱرْقُدْ بِسَلَام] أضاء النصل، لكن هان فاي لم يهاجم. اكتفى بصدّ الضربة.
أخيرًا أيقن هوانغ يين أنّ الرجل أمامه هو حقًا هان فاي. زال توتره.
“ما الذي يجري في هذه الطبقة؟ لماذا لستَ مع بقية اللاعبين؟” أعاد هان فاي [ٱرْقُدْ بِسَلَام] إلى غمده. استعمل شخصية الشفاء العلاجية لطرد المشاعر السلبية من حول هوانغ يين.
“لا أستطيع شرح الأمر بوضوح. هذه الطبقة من الكابوس غريبة جدًا. إنها مصنع يصنع شياطين الحلم. الحلم يخطط لتحويل كل اللاعبين إلى أدنى درجات الشياطين.” خلع هوانغ يين قميصه. جسده قد بدأ بالفعل يتحوّل!
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
—