973 - كابوس لا يشبه الكابوس
973 كابوس لا يشبه الكابوس
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
Arisu-san
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
.
.
“القهوة، السجائر، والكحول مُرّة، فلماذا هي مُسبِّبة للإدمان؟ يُعذَّب المرء بالحب، لكنه يظلُّ راغبًا في أن يُجرَح مرارًا وتكرارًا. لِماذا؟”
قاد تشانغ مينغلي السيارة وهو يُدخِّن السيجارة. كان هذا رجلاً مجنونًا أحرق منزله ولعن بلا توقُّف، لكن مع اقترابهم من الوجهة، أصبح صامتًا للغاية.
“الحبُّ الأول دمَّر توقُّعي للحب. لقد جرحني، لكنه جعلني واقعيًّا. مَن لم يكن شابًّا ذات يوم؟
كنتُ أفكِّر كثيرًا منذ البداية. حين تبدأ برسم الحب بصورة مثالية، تكون قد فقدتَه بالفعل.
هناك أشياء كثيرة في الحب تدمِّر الحب. الحب لا يحتاج إلى سبب، لكن عليك أن تبذل الكثير للمحافظة عليه.
كيف لشخص مثلي، أحبَّ بكلِّ ما يملك من شغف فقط، أن يعرف كيف يحافظ على الحب؟ في النهاية فقدتُها، لأن الشغف انطفأ.
اللعنة. شطحتُ من جديد.” نظر تشانغ مينغلي إلى الأمام مباشرة. لم يكن هناك أي نور. اعتمد كلَّ الوقت على جهاز الملاحة. بطريقة ما، لم يتغيّر على مرّ السنوات. ما يزال الرجل الذي يحبُّ بشغف.
“أعتقد أن الحب الحقيقي يجب أن يكون متبادَلًا.” نظر هان فاي إلى يديه. “كيف أشرح؟ الأمر أشبه بأنها أفضل طاهية، وأنا أفضل مكوِّن. أنا على استعداد لأن أكون وليمتها على المائدة، وأصبح في النهاية جزءًا منها.”
(شو تشين ستكون سعيدة بك)
“أعتقد أنك قد تكون أعظم شذوذًا من المعلّم تشانغ.” تنفّس هوانغ يين بعمق. كان داخل السيارة ثلاثة أشخاص، لكن اثنين منهما لم يكونا بخير.
“لديك إحدى عشرة صديقة. هل أنت حقًا راغب بأن تُقدَّم على موائدهن؟” استهجن تشانغ مينغلي، إذ رأى أنّ هان فاي يُهين معنى الحب.
“كيف عرفتَ أنني لم أُقدَّم؟ كنتُ عاجزًا فوق المائدة، لكن شيئًا حدث. دخلنَ جسدي واتَّحدنَ بي.” لم يدخل هان فاي في تفاصيل.
“هل التهمتَهن؟!”
ساد الصمت في السيارة. استمعوا إلى أنغام هادئة.
“ما رأيكما أنتما، ما هو الحب؟” حطَّم هان فاي الصمت.
“لا تنظرا إليّ. ليست لديّ أي خطط للارتباط الآن.” هزّ هوانغ يين رأسه. لم يُرِد أن يتورّط. كان ما يزال يتذكر الكراهية الخالصة التي كانت تطوف بسكاكين المائدة.
“الحب هو الألم! كلما كان الألم أعظم عند فقدان الحب، كان الحب أعمق. الحب أكثر إيلامًا من الموت!” عاد تشانغ مينغلي إلى الانفعال.
“لِمَ دائمًا تربط الحب بالألم؟ ألا ترى أن ذلك خطأ؟” أشار هان فاي.
“وهل هو أضلّ منكَ؟! تريد أن تلتهمك زوجتك! تبًّا!” ناول تشانغ مينغلي سيجارة لهوانغ يين. “أخي، ما رأيك؟”
“أنا فقط فضولي. لماذا لديكما مثل هذه الأفكار؟ أليس الحب أن يسعى شخصان لبناء حياة جيّدة معًا؟” تكلّم هوانغ بارتباك. كان يشعر أنه خارج المكان.
“الحب ليس بالجميل كما تظن.”
“الحب ليس بالبساطة كما تظن.”
تكلّم هان فاي وتشانغ مينغلي في الوقت نفسه. اختلفا في نظرتهما للحب، لكنهما تشاركا نقطةً واحدة: نادرًا ما تذوّقا الحب. ربما لهذا كان تشانغ مينغلي مستعدًّا ليتحدّث مع هان فاي.
“أحدكما لم يختبر الحب، والآخر لديه الكثير من العلاقات. بالمقارنة بكما، يجب أن أُعتبر أكثر خبرة، أليس كذلك؟” أبطأ تشانغ مينغلي السيارة. “الأشياء التي شاركتها جمعتها من خبرتي الشخصية. في أول علاقة، غادرتني شمسي. كيف للحياة أن لا تكون مؤلمة بلا شمس؟ لكن الألم كان محتملًا. أما الألم من العلاقة الثانية فقد تجاوز قدرتي على الاحتمال. لهذا فعلتُ ما لم تفهموه. ولهذا عليّ أن أصل إلى الوجهة وألتقيها.”
“إن كنتَ أنت وزوجتك الثانية تحبّان بعضكما كثيرًا، فلماذا تركتك؟” تساءل هوانغ يين. بدا له أن تشانغ مينغلي غير منطقي.
“هي…” نفث تشانغ مينغلي دخان السيجارة. الدخان أحرق رئتيه. “هل تعرف؟ كلما فكرتُ بها بعد رحيلها، أُصاب بحزن شديد! أستطيع أن أتحدث عن حبي الأول بسهولة، لكن أحتاج إلى الكثير من الوقت قبل أن أستطيع قول أي شيء عن حبي الثاني.
ليست أجمل فتاة في العالم، لكنها كلُّ شيء عندي.
لم تطلب مني ثيابًا ولا عطورًا، لكنها تحبُّ أن تخطف مني وجبات خفيفة. إنها كطفلة. أو بالأحرى، أنا طفل بجوارها، طفل سعيد دومًا ولا يندم.
لم أعتبرها يومًا شمسًا في حياتي. لم تكن ساطعة على نحوٍ مفرط. لم أُدرك يومًا ما الذي تعنيه في حياتي. حين استيقظت، اكتشفت أن حياتي صارت حياتها. لقد أصبحت جزءًا أبديًّا مني.
لا أعرف إن كان لديكما مثل هذه التجربة، لكنني عشتها. كل لحظة معها، مهما كانت تافهة، أشعر فيها بسعادة ورضا.
ذاك اليوم، كان أوّل تساقط للثلج في شين لو. ملفوفة ببطانية، ركضت إلى النافذة. تأمّلت الثلج مسحورة. جلستُ بجوارها. عددنا رقاقات الثلج حتى تراكمت فوق الشرفة.
اختبرتُ الكثير في حياتي، صعودًا وهبوطًا، ونسيْتُ الكثير. لكن أتذكر أصغر تجربة معها.
تأخّرنا عن موعد، ذهبنا إلى دار سينما خاطئة، خمّنا شخصية البطل بعد عشر دقائق. أردتُ أن أفاجئها في ذكرى مرور عام على علاقتنا، فتسلّلتُ إلى مدينتها، بينما تسلّلت هي إلى مدينتي. عند السادسة مساءً، كنّا في منازل بعضنا نرسل الرسالة نفسها: “انظر/ي من النافذة.” في النهاية، استقللنا آخر قطار، والتقينا في مدينة مجهولة بين مدينتينا. مدينة لم يزرها أيٌّ منا من قبل، لكنها كانت دافئة حين رأينا بعضنا.
كانت هناك أحداث مشابهة كثيرة. أول مرة أمسكنا الأيدي، أول مرة أعددنا العشاء، أول مرة جلبنا هرًّا صغيرًا، أول هدية أهديتها لها. أتذكر كل شيء عنها.
لقد تجادلنا أيضًا على أتفه الأمور. لكن حين أرى دموعها، أشعر بالسوء. كلما اعتذرتُ لها، كانت تغضب أكثر حتى أوافق على أخذها لتناول طعام لذيذ.
هل شعرتما يومًا أنكما ارتبطتما بشخص ما في حياتكما؟
بصراحة، في كل لحظة معها، شعرتُ بالسكينة.
مهما كان الوضع خارجًا سيئًا، كلما فكرتُ بها، امتلأت بالطاقة، لأنني أعلم أنها بانتظاري.”
ظلّ تشانغ مينغلي يؤكد على شيء واحد: زوجته بانتظاره. لقد أحبّها حقًا. فلماذا انفصلا إذًا؟
سعل تشانغ مينغلي فجأة. التدخين مؤذٍ للجسد. كل مدخّن يعرف ذلك، لكن لا أحد منهم يستطيع التوقف. الطريق ازداد ظلامًا، وحالته ازدادت سوءًا. كان خطرًا، لكن تشانغ مينغلي ضغط على دواسة الوقود. جهاز الملاحة أظهر أنه أوشك على الوصول.
أصبحت الأشباح أكثر رعبًا وأشدَّ قوّة. بدت السيارة وكأنها تجري فوق عمود فقري لكابوس. كانت النهاية هاوية. النوافذ نزفت، والزجاج تشقّق. لم تكن هذه المرة الأولى التي يقود فيها تشانغ مينغلي في هذا الطريق، لكن كان لديه سبب لإنهائه في كل مرة. ضعُف جسده. تجاهل الأشباح خارج السيارة، لكن حين مرّ بجسر أسود، خرجت حافلة مدرسية مليئة بتلاميذ ابتدائية من الظلال. الحافلة كانت محشوة بالكثير من الأشياء فوق الأطفال. مخالفة صارخة للقانون.
“أوشكنا على النهاية. تجاهلها.” أدرك هان فاي أن هذا كابوس. شعر بشعور سيّء، فحذّر تشانغ مينغلي. أومأ تشانغ، لكن عينيه ظلّتا تَميلان نحو الحافلة.
عينا السائق كانت مقيَّدة بخيوط حياة سوداء. جسده مُغطّى بغبار الأحلام. خرجت أوعية دموية من يديه وقيدتهما إلى المقود. الأطفال لم يُدرِكوا الخطر. كانوا متلاصقين، لكن وجوههم بريئة يضحكون ويتمازحون. كانوا يرتدون قمصانًا بسيطة. لم يأتوا من عائلات غنيّة. ولهذا كانوا في تلك الحافلة البائسة.
اقتربت السيارتان من بعضهما من اتجاهين متعاكسين. ارتعش السائق حين هبطت الحافلة من الجسر، وانحرفت مباشرة نحو تشانغ مينغلي.
“تبًّا!”
كان الطريق المؤدي للجسر ضيّقًا. إن أفسح تشانغ الطريق، سيسقطون في الوادي. وإن لم يفعل، ستصطدم سيارته بالحافلة، ويسقط الاثنان معًا في الوادي. لم يستغرق تشانغ سوى ثانية أو ثانيتين ليتّخذ القرار. دار بعجلة القيادة عمدًا نحو الهاوية.
“الخطيئة الكبرى!”
أضاء الوشم الشيطاني. اندفعت المصائب. كانت الخطيئة الكبرى سريعة، لكن السيارة اصطدمت بالأشجار عند حافة الجرف. استخدمت الخطيئة الكبرى جسدها لوقف السيارة. صرخت صرخة رهيبة. كانت هذه أول مرة يسمع فيها هان فاي الخطيئة الكبرى تصرخ بهذا الألم. التفت إلى الخلف. كانت الخطيئة الكبرى خارج السيارة مقيَّدة بأوعية سوداء. غبار الأحلام يُضخُّ في جسدها.
بدت الرحلة في الكابوس آمنة، لأن تشانغ مينغلي وحده هو الذي يخرج كل مرة. لو خرج هان فاي أو هوانغ يين، لتم القضاء عليهما فورًا!
كان غبار الأحلام على الخطيئة الكبرى يحمل أثرًا من لامذكور. هذا الكابوس كان بالتأكيد فخًّا من “الحُلم”. تشانغ مينغلي كان آمنًا رغم خروجه. كل ذلك لجعل هان فاي يُخفض حذره.
كانت هذه الطبقة التاسعة خطيرة جدًّا. لم تكن لطيفة إلا مع تشانغ مينغلي.
تحطمت نوافذ السيارة. قاومت الخطيئة الكبرى الألم وجرّت السيارة عائدة إلى الطريق. لم تكن خارجها سوى ثوانٍ، لكنها أصيبت بجروح بالغة.
لأول مرة، بلا أمر من هان فاي، أسرعت الخطيئة الكبرى لتعود إلى الوشم. الوشم كان موطنها.
“الخطيئة الكبرى صلبة للغاية، بالكاد نجت. لو خرجتُ أنا أو الأخ هوانغ، لكنا انتهينا فورًا.”
بعد أن توقفت السيارة، صمت تشانغ مينغلي فجأة.
انحنى هان فاي لينظر. كان وجه ورقبة تشانغ مينغلي مثقوبين بشظايا الزجاج. غصن غليظ اخترق جسده. “هل هذا حدث في الواقع؟”
أشار تشانغ مينغلي إلى جهاز الملاحة ثم إلى هان فاي. “هل… تستطيع… أن… تساعدني… في القيادة…”
“بكل تأكيد!” عالج هان فاي وهوانغ يين جراح تشانغ مينغلي ونقلوه إلى المقعد الجانبي. جلس هان فاي في مقعد السائق.
“عليّ… أن أصل… إلى الوجهة… أن لا أدَع…ها تذهب…” كان تشانغ مينغلي مالك الكابوس، لكن حلمه لم يكن يشبه الكابوس على الإطلاق.
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
تشانغ مينغلي 100% لامذكور او على عتبة ان يكون لامذكور حقا لا اعلم مدى رعب الحلم ليحبس هكذا شخص في كابوس.
—