964 - الطَّقْس
964 الطَّقْس
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
اللَّهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَن أَشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ
تَـــٰــرْجَــٰــمَــٰــة:
Arisu-san
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
.
.
وصلَ زبونٌ غريبٌ إلى مكتبةِ القرية. عيناه محمرَّتان كأنَّ وحشاً محبوساً في جسده.
“هان فاي، ألستَ… تحتاجُ إلى الرّاحة؟” ركض “تراجيدي” خلفَ هان فاي إلى المكتبة. كلاعبٍ يمتلكُ مواهبَ خارقة، كان قد لاحظَ المشكلة. عندما يقتربُ من هان فاي، يسمعُ عويلاً لا ينتهي من الأرواح. بدا وكأنَّ هان فاي قد قتلَ من البشر أكثر ممَّا التقى بهم!
في البداية، ظنَّ أنّه مخطئ، لكنْ كلَّما اشتعلَ الجشعُ في عيني هان فاي، شعرَ أنّه يحدِّقُ في هاويةٍ سحيقة. والأسوأ، أنّ روحه ذاتها بدت وكأنّها ستُلتَهَم من قِبَل هان فاي.
“راحة؟ لماذا؟ أنا بخير تماماً.” وصلَ هان فاي إلى الرّفوف حيثُ الكُتب “العبثيّة”. في نظر يَاو تشيانغ، كلُّ ما لا يتعلّقُ بالدراسة يُعدُّ عبثاً. هذه الكتب كانت مظلمة ومُريبة، كأنّها تُخفي خطراً غامضاً.
“الأذرع تخرجُ من الكتب لتجرَّ القرّاء إلى عوالمها. أظنُّ أنّ يَاو تشيانغ قال ذلك لِيُجبر ابنه على التّركيز في كتب الدّروس.” التقط “تراجيدي” روايةَ تحرّي عشوائيّة. تطايرَ دمٌ طازج على وجهه بينما سقطَ سِكّينٌ صدئ من بين الصفحات. “اللعنة!”
“اهدأ. هذه روايةُ تحقيقٍ عاديّة. لا يُمكنكَ وصفها بالعنف لمجرّد أنّ الضحيّة قُتِلَت بسكّين، صحيح؟ ثمّ… أليس الدَّم من المفترض أن يكونَ أحمر؟” أخذَ هان فاي الكتاب وقرأه. “أتعتقدُ أنّ طفلاً سيُصبحُ قاتلاً في الواقع بعد قراءة رواية جريمة؟”
هزَّ “تراجيدي” رأسه. “لا أعتقد ذلك…”
“إذن، هل تعتقدُ أنّ عقلَ طفلٍ سيتشوَّهُ بعد أن يرى والده في علاقة خيانة؟” أعادَ هان فاي الكتابَ المُلطَّخ إلى الرّف.
“الطفولةُ التعيسةُ تؤثِّرُ بالفعل على النّشأة.” بدا أنّ “تراجيدي” تذكّرَ ماضيه.
“بعضُ الناس متكبّرون جدّاً فلا يُدركون أخطاءهم، فيُلقون باللّوم على الآخرين.” نظرَ هان فاي إلى الكتب. لقد صارت حكاياتٍ شبحيةٍ في عيني يَاو تشيانغ. “حين يفشلُ المرء في إيجاد السبب داخله، يتّهمُ غيره. هذه الروايات قد تُؤثِّرُ على طفل، لكن إن تحوّلَ إلى قاتل، فلا ينبغي أن نُفتِّشَ عمّا قرأه، بل عمّا عاشه.” بدا هان فاي كشيطانٍ خارجٍ من الهاوية. ارتجفَ الرّف وسقطت الكتب. أذرع خرجت من بين الصفحات لتنتزعَ روحَه. حاولت أن تجرَّه إلى داخل الكتب، لكنّها لم تستطع تحريك هان فاي إطلاقاً.
“الطبقةُ السابعة غريبةٌ جدّاً. هنا، الرغبات تتحوّلُ إلى أشباحٍ وأدواتِ قتل. وحين ينتهي الوقت، ستفترسُ الأرواحُ الحقيقيّةُ الجميع.” سمحَ هان فاي للأيادي أن تسحبَه. استدارَ عنها. “ثَمّةَ إعدادٌ مُفترس في هذا الكابوس. ثلاثون لاعباً دخلوا. وحين يقتربُ العدّ التنازلي من نهايته، سيتحوّلُ الناس ضدَّ بعضهم للبقاء. البقاءُ ذاتهُ سيُصبحُ الكابوس الأكبر والشبحَ الأشدّ رُعباً.”
ارتجفَ “تراجيدي”. “كلّما ازددنا رغبةً في النجاة، صار الشبح أفظع؟ إذاً، كم تبقّى لنا من وقت؟”
“الحقيقةُ مخبّأةٌ في أنحاء القرية. إن أردنا كشف أكاذيب يَاو تشيانغ، فعلينا استكشافُ الظواهرِ الخارقة فيها. يجب ألّا نقاتلهم، لأنّنا إن فعلنا، سننخرطُ في سيناريو يَاو تشيانغ ونُثبِت أن الأرواح خطيرة.” شرحَ هان فاي بوضوح. من دونه، ما كان للّاعبين أن يَجتازوا هذا الكابوس.
“فهمتُ الآن! لهذا حملتَ الصبيّ من البئر! كان صديقَ يَاو يوان. لو قاتلناه، لما ساعدنا في إقناع يَاو يوان بأن أباه يكذب!” ارتجفَ “تراجيدي”. “مُذهل… لم أتخيّل أنَّ هنالك طريقٌ للالتفاف على السيناريو كهذا .”
لكنْ بين الفهم والتّنفيذ، هاويةٌ لا يقطعها لاعبٌ عادي.
“دع استكشافَ القرية لي. عُد إلى الفيلا وأخبر الجميع بفرضيّتي. أخبِرهم أنْ لا يذعروا.” كانت الأيادي تخدشُ جسدَ هان فاي، لكنّه ظلّ يتحدّثُ بهدوء.
“ألا تحتاجُ مساعدتي؟”
“كلا.” قبضَ هان فاي على أحد الأذرع. “حتّى أعتى الأشباح لا تستطيعُ زعزعة يقيني.” أطلقَ هان فاي قوّة الجشع. اليدُ التي فشلت في الإمساك به، سُحِبَت من داخل الكتاب! “هم يريدون إغوائي، وأنا سآكلهم. هذا عادل.”
تركَ هان فاي “تراجيدي” المُصعوق، وتوجَّه نحو المبنى التالي. يَاو تشيانغ لم يُرِ اللاعبين سوى جزءٍ صغير من القرية. أمّا باقي الأماكن، فلم تُستكشَف بعد.
ظلَّ “تراجيدي” مُرتجفاً فترةً طويلة، ثمّ هرعَ عائداً إلى الفيلا. وحين اقتربت الساعةُ من منتصف الليل، سادَ جوٌّ كئيب. عند عودته، رأى بعض اللاعبين يتجوّلون في الفناء.
“لا تخرجوا. الشبحُ الحقيقي داخلُ المنزل.” همسَ “تراجيدي” كي لا يُثيروا الفوضى ويُعطّلوا خُطّة هان فاي. تفاجأ اللاعبون حين رأوا الأسيرَ يعود، لكن بعضهم ارتاب أن يكون مُتخفِّياً في صورة شبح.
الثقةُ كانت سلاحاً مصيريّاً في الكابوس. وبعد جدال، قرّروا أن يثقوا بهان فاي و”تراجيدي” ويبقوا في القرية. نافذةٌ صغيرة في العلّيّة فُتِحت. العينان خلفَها أظلمتا حين رأتا أنّ اللاعبين لم يخرجوا لطرد الأشباح.
“لا تُقاتلوا أشباح القرية. لو فعلتم، فلن يُساعدونا على الإمساك بالشبح الحقيقي.” دخل “تراجيدي” الفيلا، ووجدَ زملاءه. قصَّ كلَّ ما شاهده مع هان فاي بصوتٍ خافت. حتى شيا بينغ أصابها الذهول.
وحين عرفَ اللاعبون العاديون مهمّة الطرد، بدأوا استكشاف القرية. لكن، من منهم يملكُ هدوءَ هان فاي لتحليل الوضع؟
كانت الطبقةُ السابعة خطّة يَاو تشيانغ: استغلال طاردي الأشباح لطرد الأرواح عنه. غير أنَّ وصول هان فاي قلبَ الموازين.
عادَ يَاو تشيانغ إلى منزله عند الساعة 11:50. وحين رأى اللاعبين في الفناء، ثارَ غاضباً. “هل دفعتُ لكم لتنظّفوا حديقتي؟ ألم تسمعوا كلامي؟ الأشباح ستتلبّس بابني عند منتصف الليل! لماذا ما زلتم هنا؟”
“إن كنتَ تهتم بابنك حقّاً، فلماذا تركتَه لتُجيب على هاتفك وهو في أمسّ الحاجة إليك؟” تكلّم اللحمٌ أحمر بصدق.
“مجموعة دجّالين! لن تنالوا مني فلساً واحداً!” أعادَ يَاو تشيانغ هاتفه. اجتازَهم غاضباً. وحين خلعَ حذاءه، هبطت الحرارة فجأة. برودةٌ زحفت على عظام اللاعبين. أضواء الفيلا المُعتمة بدأت تتلألأ. مادةٌ سوداء تسلّلت من الزوايا… بدت كالدم.
صريرُ حذاء يَاو تشيانغ الجلديّ على الأرضيّة الخشبيّة ازداد رهبة. وحين وصلَ إلى الطابق الثاني، خرجَت شي هوا من إحدى الغرف. في تلك اللحظة، كان وجه يَاو تشيانغ مُرعباً. “ماذا كنتِ تفعلين في غرفة زوجتي؟”
“كنتُ قَلِقةً عليها. فالأمّ لا بدّ أن تفزع إن علمت أنّ ابنها مطارد بالأشباح.” تجاهلَت شي هوا صراخه، واتّجهت للنزول. فجأةً أمسكها يَاو تشيانغ. “لا تظنّي أنّك تعرفين كلَّ شيء! ليس لديكَ فكرة عن حجم ما دفعتُه!”
“اتركها!” دوّى صوتُ شيا بيِنغ من خلفه. اجتمعَ باقي اللاعبين أيضاً. وبينما كاد الوضعُ ينفلت، صدرَ صوتٌ غريب من غرفة يَاو يوان في الطابق الثالث. اندفعوا جميعاً. وما إن فتحوا الباب، حتى صُعقوا.
الدمُ يسيلُ من وجه يَاو يوان. جسده مُغطّى بالتعويذات. أطرافُ أصابعه تلامسُ الأرض، وجسده مرفوعٌ بقوّةٍ خفيّة. الأجراس على الباب تَرنّ. التعويذاتُ أخذت تنزف. الرّياح تضربُ الألواح الخشبيّة. الأنوار تتذبذب. وفي كلِّ غمرةِ ظلام، يَظهرُ تغيير جديد.
“ياو يوان؟” صرخَ يَاو تشيانغ عند الباب. وما إن خطا، حتى انبثقت خطوط دمٍ على جسد الصبيّ. نقوشٌ غريبةٌ بدأت تتحرّك تحت جلده. عينا يَاو يوان امتلأتا رعباً.
“حين دخلَ يَاو تشيانغ الغرفة مع هان فاي سابقاً، كان يَاو يوان يخشى أباه… لا هان فاي؟” رأتا شي هوا وشيا بِينغ كلَّ شيء. في نظر الصبيّ، والده كان أشدّ رعبًا من أي شبح.
“لا تخف! والدك سينقذك! أنتَ مَمسوس!” حاولَ يَاو تشيانغ احتضانَ ابنه، لكن يَاو يوان راحَ يتخبّطُ بجنون، غارقاً في عذابٍ هائل.
وقبل خمس دقائق من منتصف الليل، فُتِحَ الباب. خرجَ هان فاي من الظِّلال. خلفهُ قُريةٌ كاملة من الأشباح. طاقةُ الشر غَمرت المكان. أحاطوا بالفيلا العتيقة.
“الطَّقْسُ يبدأ…”
▬▬▬ ❃ ◈ ❃ ▬▬▬
ملك الشياطين اتى
—