460 - زلابية اللحم البشري
زلابية اللحم البشري
الفصل460: زلابية اللحم البشري
بعد التطوير، أتقن “هان فاي” فن التمثيل حتى بدا بزي عامل التوصيل، كمن قضى سنوات في المهنة. تحرك بثقة خالية من الشوائب، عبر نقطة التفتيش دون اعتراض، بل قدم له الحراس زجاجة ماء. نجح بدخول حي “ضفاف النهر”، أجمل أماكن عالم الذاكرة.
كان حي “ضفاف النهر” مقسمًا إلى تسع مناطق: الأولى إلى الرابعة على اليمين، وكانت أكثر حيوية، والخامسة إلى التاسعة على اليسار وكانت الأقل حيوية. توجه “هان فاي” إلى أبعد زاوية، حيث مبنى الشقق في عنوان التوصيل، وكان شبه خالٍ من السكان.
حمل صندوق التوصيل، صعد الدرج، وضغط زر الجرس. رن الجرس، لكن لم يجب أحد.
واجهة المبنى عادية، الحديقة والعشب معتنى بهما، لكن المكان بدا مهجورًا. اتصل “هان فاي” بصاحب الطلب ، لكن الخط كان مشغولًا.
«الباب مقفل. كيف دخل وانغ بينغآن ليلة أمس؟ هل فتح له أحد؟» تساءل.
بينما يفكر في خطوته التالية، سمع خطوات في الرواق. رفع رأسه فجأة، فرأى رجلاً مسنًا في الستين ينزل الدرج، ممسكًا بهاتفه.
«هل هو من طلب الرز؟ لا يزال حيًا؟» تساءل “هان فاي”.
كانت الظهيرة، لكن سلم المبنى غارق في ظلام غير طبيعي.
وصل العجوز إلى الطابق الأول، يتحدث عبر الهاتف: «إن كنت مشغولًا، لا تعُد في العطلة. أنا بخير لوحدي.» أغلق الهاتف، ثم نظر إلى “هان فاي”.
«عن من تبحث؟»
«أنا عامل توصيل،» أجاب “هان فاي”.
يبدو انه لم يكن العجوز هو صاحب الطلب، فقد أنهى مكالمته، بينما ظل خط “هان فاي” مشغولًا.
«توصيل؟» سأل العجوز، محدقًا فيه طويلًا، ثم فتح الباب. «تفضل.»
«شكرًا، عمي،» قال “هان فاي” ودخل، لكن ريحًا باردة لفحته فارتجف.
«يا بني، معظم سكان المبنى رحلوا. من طلب التوصيل؟»
«العنوان: حي ضفاف النهر، المنطقة التاسعة، الطابق الرابع، شقة 19،» أجاب “هان فاي”، متظاهرًا بتفقد هاتفه.
«الطابق الرابع؟» توقف العجوز، بعد أن هم بالمغادرة.
سأل: «متأكد؟ لا أحد يسكن هناك الآن.»
«هذا العنوان الذي منحوني اياه،» أجاب “هان فاي”.
أومأ العجوز دون تعليق.
طاخ!
عند وصوله الى الطابق الثالث، سمع “هان فاي” صوت باب يُغلق بالأسفل، كأن أحدهم أقفل المبنى.
«ما زال النهار، لا بأس،» فكر “هان فاي”. خاتم المالك لم يتفاعل، وحالته النفسية مستقرة. تنفس بعمق وصعد إلى الطابق الرابع، حيث أن شقق “ضفاف النهر” الفاخرة لا تتجاوز خمسة طوابق. وقف أمام شقة 401. «هل يوجد أحد؟ التوصيل وصل.»
نظر “هان فاي” حوله، الرواق غارق في الظلام رغم سطوع الشمس بالخارج.
«هل يوجد…» قبل أن يكمل، اهتز هاتفه.
«وانغ بينغآن؟ لماذا يتصل الآن؟»
أجاب “هان فاي” قلقًا، خشية أن يكون أصاب “بينغآن” مكروه، لكنه سمع ضحكاته البلهاء المتواصلة، مما زاد توتره.
«بينغآن؟ هل أنت بخير؟ ألو؟»
انقطعت الإشارة فجأة.
بينما يفكر في الاتصال، اهتز هاتفه مجددًا برقم صاحب طلب الرز الأبيض. كتم “هان فاي” أنفاسه وأجاب بصمت.
سمع غسل الأرز، تقطيع الخضار، وقلي الطعام، كأن المتصل في مطبخ.
شيء غير طبيعي. رغم ضوضاء الهاتف، لم يسمع “هان فاي” شيئًا من الشقة.
«هل أنا في المكان الخطأ؟»
استمر الاتصال عشرين ثانية بلا كلام.
سمع صوت رجل: «الطعام جاهز، جهزي المائدة.»
«أخي الثاني، أبي لم يعد، خرج ليشتري شيئًا،» ردت امرأة.
«لا نحتاج شيئًا. ماذا يشتري؟»
«لحمًا، ربما.»
«لدينا ثلاجة مليئة باللحم المجمد! لم الإسراف؟»
«أبي يريد زلابية بلحم طازج.»
«ما الفرق؟ جهزي الطاولة، سأبحث عن أبي.»
سمع “هان فاي” خطوات تقترب عبر الهاتف، ثم صوت باب يُفتح، متزامنًا مع فتح باب الشقة أمامه. تجمد، يراقب الباب ينفتح ببطء، ممسكًا بحزام صندوق التوصيل بقوة.
ما إن فُتح الباب، توقفت أصوات الهاتف. وقف “هان فاي” عند العتبة مترددًا.
«لمَ جئتُ في ذروة طاقة الين؟»
كانت الشقة فخمة وواسعة، لكن الغبار يكسوها، دليل هجرانها.
«التوصيل وصل،» نادى “هان فاي” ببطء وهو يدخل.
وجد طاولة الجلوس مغطاة بفواكه ذابلة، وطاولة الطعام مليئة بأطباق فاسدة.
«مائدة كهذه؟ كأنهم أعدوا لوليمة عائلية.»
بينما يتأمل الأطباق، شعر بنظرات حادة تخترقه. التفت إلى غرفة النوم، فارتجف.
على طاولة خشبية، صف من الصور بالأبيض والأسود لأشخاص من أعمار وأجناس مختلفة، يحدقون به.
استنشق “هان فاي” نفسًا عميقًا، يلمس خاتم المالك برعشة. رغم خوفه، تقدم إلى الغرفة.
النوافذ مغلقة، تكسو الغرفة ظلمة كثيفة. فتح صندوق التوصيل، ورتب أوعية الرز أمام صور الموتى.
«لم أقصد الإساءة، أنا مجرد عامل توصيل،» قال “هان فاي” للأرواح. «إن أعجبكم الرز، سأوصله دائمًا، وأحضر الطاهي إليكم.»
من توتره، أسقط حقيبة العجوز، فتناثرت رسالة حب، أوراق زلابية، ورسالة لصديق قديم.
«آسف، يومي الأول وأنا متوتر،» قال “هان فاي” وهو يجمع الأغراض.
مد يده نحو الرسالة القديمة، لكن يدين شاحبتين سبقتاه. رفع رأسه، فرأى أشخاصًا بلا تعبير أو لون عند الباب، يحدقون به.
أُغلق باب الجلوس خلفه، والوجوه الشاحبة تقترب ببطء.
«انتظروا! لحظة!» صرخ “هان فاي”، خلع زي التوصيل، كاشفًا عن زي متجر المستعمل.
«قد لا تصدقون، لكنني هنا لأنتقم لكم!»
ما إن كشف عن زيه، انخفضت حرارة الغرفة، وبلورات الثلج تتشكل حول إصبعه.
«أحضرت الرسالة وأوراق الزلابية…» قال “هان فاي” مرتجفًا، «أنا الهدف التالي لصاحبكم! لا مفر، فقررت أن أموت بمعنى!»
بينما يستعد لمواصلة كلامه، اهتز هاتفه. نظر إلى الرقم: نفس الرقم الذي في هاتف “هوانغ لي”، مسجل باسم “المدير”!
«المدير يتصل؟ هل اكتشف خطب في المذبح؟»
تردد “هان فاي”. «ليس حكيمًا الرد على قاتل أمام ضحاياه.»
__________
Arisu san
تم تغيير اسم حي رأس النهر الى ( حي ضفاف النهر)
—