1263 - هطول المطر الرمادي 19
خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
~ترجمة: White.Snake
.
.
.
الحلقة 487 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 19
.
.
.
اصطدم البحر بالمطر.
أراد البحر أن يجتاح ما وراء المطر، فيما حاول المطر صدّه ودفعه بعيدًا.
“…آه.”
“كيف يمكن أن يكون هذا–”
كان مشهدًا تصطدم فيه الطبيعة بالطبيعة.
غمرت رهبةٌ تفوق حدود الدهشة جميعَ الشياطين الذين شهدوا ذلك المنظر؛ رهبة تحمل إحساسًا بالقداسة يتجاوز الوصف.
رأى المستشار إد كيف أن الجنود من جيش ملك الشياطين وجنود الإقليم، ومعهم الأتباع والسحرة، قد خارت سيقانهم أو تمايلوا مترنحين أمام المشهد الذي تكشّف أمام أعينهم مباشرةً، عند أسوار القلعة، غير أنّه—
‘كايل هينيتوس…’
لم يستطع أن يتفوه بكلمة لهم، واكتفى بالتحديق في شخصٍ واحدٍ فقط.
نعم، نظر فقط إلى إنسان— إلى ذلك الكائن الغريب الموجود في عالم الشياطين.
‘أنت–’
كايل هينيتوس.
‘أكنتَ حقًّا بهذه القوة؟’
لقد كان مخطئًا، مخطئًا للغاية.
لقد قدّر قوّةَ كايل هينيتوس بأقلَّ بكثيرٍ مما هي عليه حقًّا.
امام هذا المطر، الذي وقف شامخًا في وجه الإمبراطور الثالث–
“أيها المستشار! إنّه يصمد!”
“لا، بل يدفعه إلى الوراء!”
وبينما كانت أصوات معاونيه المفعمة بالبهجة والمشحونة بالأمل، تتعالى، لم يزح المستشار إد بصره عن كايل.
“حقًّا… ما أشدّ غرورك.”
كان وجه كايل هينيتوس، وهو يمد يده نحو البحر، جامدًا خاليًا من أي انفعال.
كان ذلك تعبيرُ إنسانٍ متغطرسٍ يقف متحدّيًا الطبيعةَ العظيمة.
“لا… ليس كذلك.”
لم يكن غرورًا.
فالمطرُ الذي يواجه البحرَ الآن ليس إلا من صنعه. إذن…
“هل يعني هذا أنّه هو نفسه… الطبيعة؟”
كايل هينيتوس… هل يمكن أن يكون هذا الإنسانُ هو الطبيعةَ ذاتَها؟
ارتعب المستشار إد من الفكرة التي خطرت بباله، فمسح ذراعه لا إراديًّا وقد سرت القشعريرة في كل جسده.
“……!”
وفجأة لمح شيئًا.
‘ترتعش؟’
كانت يدا كايل هينيتوس ترتعشان قليلًا.
‘آه…’
إنه يرهق نفسه حقًّا.
حقًّا، كايل هينيتوس يصمد الآن في وجه البحر نفسه!
“هاه!”
شعر إد بالاستياء.
ليس من كايل هينيتوس، بل من نفسه الواقفة بذهولٍ بلا حولٍ ولا قوّة.
‘يا لك من غبي!’
شتم نفسه، ثم صرخ عاليًا،
“ماذا تفعلون جميعًا!”
وأصدر أوامره لأتباعه.
“اتصلوا فورًا بقلعة ملك الشياطين، واستدعوا السحرة! عليهم أن يقيموا الحواجز الآن!”
لا يمكنهم أن يعتمدوا على كايل هينيتوس وحده.
هذا عالم الشياطين.
لا يجوز الاتكال كليًا على إنسانٍ للبقاء، دون أن يفعلوا حتى شيئًا واحدًا.
“لتبدأ قوات ملك الشياطين حالًا بإجلاء السكان!”
ولا لحظة واحدة.
لا يمكننا أن نضيّع حتى ثانية واحدة من الوقت الذي وفره لنا كايل هينيتوس.
“تحرّكوا بسرعة! إنها معركة مع الزمن! أسرعوا جميعًا!”
اقترب أحد الأتباع بوجهٍ حائر.
“لكن… أليس اللورد كايل من سيتولى الأمر؟”
كبح المستشار إد كادت تفلت من بين شفتيه، غير أنه انفجر في وجه تابعه الذي نطق بمثل هذا الهراء.
“ألا ترى بعينيك حالَ اللورد كايل؟!”
لقد أنهك نفسه لأيامٍ في تطهير المرض الرمادي، وها هو الآن يقف في مواجهة بحر الإمبراطور الثالث.
كايل هينيتوس يقف الآن في وضعٍ ليس غريبًا أن ينهار فيه في أي لحظة.
في تلك اللحظة—
“أيها المستشار!”
صعد أحدهم إلى أسوار القلعة.
“من تكون؟”
كان شخصًا لم يره إد من قبل، ففتح الرجل فمه وأجاب.
“أنا محارب من عشيرة الشجرة الرمادية.”
تحدث المحارب بوجهٍ متجهّم ونبرةٍ متعجّلة.
“الأطلال تهتز!”
“ماذا تعني؟!”
شحب وجه المستشار إد.
“من قلب الأطلال تتصاعد موجة غريبة!”
“هل تحققتم من طبيعتها فورًا؟ ما سببها؟”
“الأبراج الخشبية تحمي الأطلال، لذلك لا نستطيع النظر داخلها! الكاهنة وحدها قادرة على الدخول، لكنها الآن فاقدة الوعي—”
اللعنة!
شعر المستشار إد بالصداع مع ظهور مشكلة جديدة فوق الوضع المعقد أصلًا.
“هل نقلتَ الخبر إلى مدينة ميكا أيضًا؟”
“نعم، أرسلنا رسولًا إلى الجنرال مول، وإلى اللورد كايل أيضًا!”
نظر المستشار إد إلى الستار الأبيض الذي ما يزال يصمد أمام البحر، ثم حوّل بصره بعيدًا.
“…ياله من امر.”
آوُوُوُونغ— (صوت طنين)
أطلال إله الشياطين.
هناك، راحت الأبراج الخشبية الأربعة التي تحرس الأطلال تُطلق أضواءً متشابكة، مكوّنةً حاجزًا واقيًا.
وفوق ذلك، من خلف ذلك الحاجز الشبه شفاف، أخذت اهتزازات غريبة تتصاعد من داخل الأطلال.
ووصلت هذه الأخبار أيضًا إلى أسوار قلعة مدينة ميكا، حيث يقف الجنرال مول.
يا لهذا الوضع المقيت!
في النهاية، لم يستطع الجنرال مول أن يمنع نفسه من الشتم.
“أنت هناك! خذ الجنود وتوجّه فورًا إلى أطلال إله الشياطين!”
وبأمره انطلق أحد الشياطين، يقود الجنود نحو الأطلال.
ألقى مول نظرة خاطفة إلى الأمام.
‘كايل هينيتوس… لا بد أنه سمع ذلك، أليس كذلك؟’
ثم تقدّم نحوه—
‘تبا.’
الآن، بان له حال كايل هينيتوس بوضوح.
الارتجاف الذي بدأ من يديه امتد إلى ذراعيه، حتى أخذت ذراعاه بالكامل ترتعشان بقوة.
شششششششش—! (صوت انهمار المطر بقوة)
المطر ما يزال يهطل بغزارة. لم يتبدد، بل ازداد كثافة حتى كوّن ستارًا أعظم يصدّ اندفاع البحر.
غووووشش— غووووشششششش —— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين)
لكن البحر لا يعرف سوى الجريان.
ولأنه لم يجد سببًا للتراجع، اندفع محاولًا ابتلاع المطر.
فالمطر أيضًا ماء.
كيييييييييييي—— (صوت صفير حاد مخيف)
وسط مواجهة عاتية، لم يتراجع فيها لا المطر ولا البحر قيد شعرة. كان صوت غريب، يبعث القشعريرة، يتصاعد مع احتدام صراع المطر المقاوم والبحر الساعي لابتلاعه.
“آه!”
في تلك اللحظة تراجع البحر لحظةً وجيزة، فأشرق قليلًا وجه الجنرال مول.
لكن…
“اللعنة!”
تفلتت من كايل هينيتوس كلمة قاسية، ثم أبصر تنّينين يقفان إلى جواره.
مدّ الأصغر بينهما كفه إلى الأمام.
“اكتملت الدائرة السحرية!”
إنها الدائرة التي صنعها مع جدي غولدي.
لقد اعتاد رفاق كايل أن يبذلوا جهدهم دومًا كي لا يلقوا بكل العبء على كاهله وحده.
ولهذا، عندما رأوا البحر يتراجع، أدركوا أن وقت عملهم قد حان.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
البحر الذي تراجع، اندفع من جديد كموجة هادرة.
“!”
اتسعت عينا الجنرال مول من هول القوة التي هاجمت في لحظة.
لم يكن ذلك تراجعًا حقيقيًا، بل خطوة ماكرة إلى الوراء… لينقضّ بعدها بكل قوته، ساعيًا لتحطيم الستار.
“أيها الإنسان، أنا أولًا!”
وووونغ—وونغ—! (صوت تدفق الطاقة)
ظهر أمام ستار المطر درع أسود عملاق صنعه التنين الأسود.
كواااااااااانج––! (صوت انفجار مدوٍّ)
تشكّلت دروع متتالية، لكنها كانت تتحطم واحدة تلو الأخرى تحت ضربات البحر، ثم يعيد صنعها ليحطمها البحر مجددًا.
غووووشششششش —— (اصطدام عنيف بين قوتين مائيتين)
وحين اخترقها كلها، اصطدم البحر مباشرة بستار المطر.
تقطر الدم… تساقط الدماء…
ولأول مرة، انحدرت قطرات دم من فم كايل.
“أيها الإنسان! سأعيد صنعه من جديد!”
في اللحظة التي صرخ فيها راون معلنًا تقدّمه من جديد—
‘لن يجدي الأمر هكذا.’
أدرك كايل أن هزيمة البحر بهذه الطريقة مستحيلة.
– أكثر!
ارتفع صوت المياه آكلة السماء.
– أكثر!
وكلما علا صوتها، ازداد ستار المطر سُمكًا، واشتدت رجفة جسد كايل أكثر فأكثر.
تقطر الدم… تساقط الدماء…
استمر الدم في التدفق من فمه.
“كَهك!”
بل حتى انه سعل دمًا، وبصق القليل منه أيضًا.
‘هذا جنون–!’
إنه قوي إلى حد لا يُصدَّق.
إن تفردًا بمستوى الألوان الخمسة… قوي حقًا.
أليس هذا بمستوى قوة إله؟
كل القوى الطبيعية التي أطلقها حتى الآن —والتي دفعت الآخرين لوصفه بالإله— لم تكن سوى أوهام هزيلة، إذا ما قورنت بهذا البحر الذي يحمل قوة الإمبراطور الثالث.
الآن فقط بدأ يفهم قليلًا معنى معركة على مستوى الآلهة.
‘ومع ذلك… لقد أصبحت أقوى.’
ذلك البحر القوي للإمبراطور الثالث… من يقف في وجهه الآن هي المياه آكلة السماء.
غوووششش—— غووووششش—— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين)
كان حاجز المطر صلبًا على نحو مذهل، ويزداد سُمكًا لحظة بعد أخرى.
‘إنه يُدفَع للخلف.’
كان البحر يتراجع شيئًا فشيئًا تحت ضغط الستار المتزايد سُمكًا.
وبسبب كون التصادم صراعًا بين وجودين عظيمين، لم يكن ذلك التراجع واضحًا للآخرين، لكن كايل استطاع أدراكه جيدا.
“…يستحق المحاولة.”
نعم، أنه يستحق المحاولة.
فقط قليلًا بعد!
إن صمد أكثر بقليل، فسيتمكّن حاجز المطر من دفع البحر بعيدًا.
“أيها البشري، هذا ليس كلامًا تقوله وأنت تنزف دمًا!”
تجاهل كايل في الوقت الحالي صوت توبيخ راون، كما شعر بنظرات من حوله، لكنه تظاهر أيضا بعدم الملاحظة.
وبدلًا من ذلك، أصغى إلى صوت آخر.
الضجيج الذي صنعه البحر والمطر—
أنصت كايل بتركيز لما خلف ذلك الصخب.
‘ألن يأتي شيء كإشارة إن أمسك ملك الشياطين بالإمبراطور الثالث؟’
إن أُمسِك بالإمبراطور الثالث، ألن يختفي البحر من تلقاء نفسه؟
‘حتى لو كان الصمود والدفع ممكنًا،’
فلن يتمكّن لا من تحطيم البحر ولا من ابتلاعه.
فتلك هي حدود المياه آكلة السماء في الوقت الراهن.
وعلاوة على ذلك،
‘غيوم المطر بدأت تبهت.’
حتى الغيوم التى في السماء كانت بدورها تقترب من حدودها.
صحيح أن المياه آكلة السماء ما تزال تخفي قوة، لكن—
‘إن استخدمت كلها، فسوف أفقد الوعي.’
بالطبع، لو أُغمي عليّ وتم صدّ كل شيء، سيكون ذلك أمرًا جيداً.
لكن ينبغي أن يبقى هذا كخيار أخير.
“نقوم بإجلاء الشياطين نحو البوابة المقابلة! ويقال إنهم يتجهون إلى التلال المحيطة!”
أبلغ تشوي هان كايل بالوضع، وكانت عيناه مثبتتين بشدة على كايل المرتجف والمُلطّخ بالدماء، دون أن يشيح بصره عنه لحظةً واحدة.
“آه!”
لأنه كان يعرف أكثر من أيّ أحدٍ آخر ما الذي ينتظر كايل.
“إنه الإمبراطور الثالث.”
قال تشوي هان.
حينها، تحرّكت نظرات كايل نحو ما وراء الستار والبحر؛
وهنالك ظهر له الإمبراطور الثالث بشكل باهت.
كان ينزف بغزارةٍ أكثر مما ينزف كايل، وقد ضُرب بعنف شديد حتى بدا جسده وكأنه على وشك التمزق.
تمايل مترنحًا، ثم سقط يتدحرج على الأرض.
كوونغ! (صوت ارتطام قوي)
“لقد أمسك به ملك الشياطين!”
“الآن انتهى الأمر!”
أضاءت وجوهُ جنودِ جيشِ ملك الشياطين بالبهجة،
إذ رأوا ملكهم يتقدّم بخطىٍ واثقةٍ نحو الإمبراطور الثالث، بمظهر أنيقٍ ونظيف.
وعندما أبصر الإمبراطور الثالث ذلك المشهد نهض على قدميه، لكن بدا بلا قوّة، فجسده المرتجف وهو ينهض جعله يبدو وكأنّه على وشك السقوط في أي لحظة.
“يا للهول…”
“اللورد كايل.”
توقفت وجوه إرحابين وتشوي هان في تلك اللحظة.
“كايل-نيم، الإمبراطور الثالث قادم إلى هذا الاتجاه.”
كان الإمبراطور الثالث يفرّ من ملك الشياطين متجهًا صوبهم.
“أجل. أراه.”
تقطر الدم… تساقط الدماء…
وبينما كان الدم ينزف من شفتيه، رأى كايل الإمبراطور الثالث يمدّ يده.
لكن مهما استعجل في الفرار، فلن يتمكن من الوصول إلى البحر،
لأن ملك الشياطين كان قد—
“إلى أين تظن نفسك ذاهبًا؟”
قبض على مؤخرة عنقه بإحكام.
ومع ذلك لم يسحب الإمبراطور الثالث يده الممدودة— بل أمسك بشيءٍ ما.
كرا…؟ (*سيدي…؟)
ذلك الشيء كان تنين الماء.
رمى الإمبراطور الثالث به صوب البحر.
“التهمه!”
قدّم للبحر طعامًا.
“ثم حطّم!”
لم يقل اجرف هذه المرّة، بل حطّم.
كراااااا–! (*يا خايننن–!)
تنين الماء، وهو يبكي خيانة سيده، ألقي في البحر.
وبالرغم من أن قوته تقلّصت إلى عشر ما كانت عليه، إلا أنه ما زال يحمل جوهر قوة الإمبراطور الثالث— جوهر البحر نفسه.
كرااااه—!(*الله ينتقم منك يا خاين—!)
سقط تنين الماء في البحر، وفجأة ازداد البحر ضخامة وقوة.
أصبحت الخطوة التالية محسومة.
“إنه قادم.”
كما قال أحدهم.
تراجع البحر قليلاً، ثم اندفع مجددًا نحو الحاجز.
كواااااااااانج––! (صوت انفجار مدوٍّ)
“أوهغ!”
تحطّم درع راون على الفور.
“كك!”
ترنّح جسد كايل بعنف واهتزّ الستار.
ششششش—! (صوت انهمار المطر)
وبدأ المطر يتناقص تدريجيًا.
‘اللعنة!’
هل أستطيع إيقاف هذا حتى لو كان عليّ أن أفقد الوعي؟
تجعد وجه كايل.
– أستطيع فعلها! فقط أكثر!
آه، بحق الجحيم!
المياه آكلة السماء بلا حدود، لكن لجسد كايل حدود.
ولأن مثل هذا الموقف لم يحدث من قبل، كان وجه كايل يزداد تقطيبًا وتشوهًا أكثر فأكثر.
كووووم— (صوت اهتزاز أرضي)
اهتزّت الأرض بعنف.
‘تبا لهذا الوضع!’
أيمكن أن تنهار حتى الأرض بفعل البحر؟
إذن هل لن يصمد سور القلعة؟
ازداد وجه كايل تقطيبًا، لكنه عضّ على شفتيه الملطخة بالدماء، وخطا خطوة إلى الأمام.
‘يجب أن أصمد.’
إن انهرت الآن، سيموت الجميع— حقًّا سيموتون جميعًا.
وهذا لا يجب أن يحدث.
قريبًا سيقبض ملك الشياطين على الإمبراطور الثالث، أو يقتله، أو على الأقل يجعله يفقد وعيه.
كل ما عليّ هو أن أصمد حتى ذلك الحين.
“أجل… الأمر يستحق المحاو–! كُه– كهـ!”
في تلك اللحظة، عندما صرخ كايل وهو يتقيأ دمًا بغزارة—
كووووم— (صوت اهتزاز أرضي)
اهتزت الأرض مجددًا.
‘همم؟’
وفجأة، أدرك كايل أن هذا الاهتزاز فيه شيء غريب.
بسبب خطورة الموقف، كان في حالة يقظة قصوى، لذلك كان يلتقط على الفور كل المتغيرات التي تحدث من حوله.
‘ليس من هنا؟’
هذا الاهتزاز لم يكن صادرًا من اتجاه الأسوار، بل من جانبها.
‘…الأطلال؟’
كانت الاهتزازات قادمة من أطلال إله الشياطين.
– كايل!
فجأة دوّى صوت سوبر روك، مستعجلًا.
– هناك قوة ما تصعد من الأرض!
كووومم!
كووم!
كوووووم—! (اصوت متتالية لأهتزازت أرضية)
شعر بالاهتزازات تقترب أكثر فأكثر، وتزداد سرعة وقوة.
كووووم— (صوت اهتزاز أرضي)
وفي اللحظة التي شعر فيها بالاهتزاز يضرب مباشرة من تحت قدميه—
“أوه!”
“تماسك! لا تسقط!”
“ما هذا؟ أيُّ اهتزاز هذا؟”
ارتجّت أسوار القلعة بعنف.
وبينما كان الجميع يكافحون لتثبيت أجسادهم وسط الهزات،
“كايل-نيم!”
“أيها البشري!”
“كايل!”
وفي اللحظة التي أمسكه فيها تشوي هان وراون وإرحابين من ذراعيه وظهره ليسندوه—
كواجيك– (صوت تشقق الحجارة)
اندفع شيءٌ ما، مخترقًا جدران سور القلعة.
وعيناه التقطتاه فورًا.
وسط العاصفة الهائجة، والبحر الساعي لتحطيم كل شيء، وفي خضم ذلك الوضع الفوضوي—
كواجيك– (صوت تشقق الحجارة)
الشيء الذي اندفع مخترقًا حجارة القلعة كان…
‘شجرة؟’
غصن شجرة صغيرًا للغاية.
سوسوت— (صوت حركة أوراق الشجر)
في اللحظة التي تأرجحت فيها أوراق الغصن مع الريح، والتقطت عينا كايل تلك الشجرة—
– وجدت…ك.
سمع كايل صوت شخص ما.
كان صوت غريب يسمعه لأول مرة.
ثم—
ككككك—كووووووممممم!! (صوت اهتزاز أرضي هائل)
اهتزت الأطلال بعنف.
كان اهتزازًا ضخمًا مختلفًا كليًا عمّا سبق.
الهاربون والمدافعون على السواء تجمّدوا في أماكنهم، مذهولين، ووجّهوا أنظارهم جميعًا نحو الأطلال.
سووووووسس— (صوت اهتزاز سحري خافت)
سحبت الأبراج الأربعة في الأطلال حواجزها.
“هأه… هأه…”
الكاهنة، وقد استعاد وعيها للتو، اندفعت تجري نحو الأطلال بجنون.
“النبوءة… لقد تغيّرت—!”
لقد تغيّرت النبوءة.
“المطر الرمادي—”
لم يكن يقصد به المرض الرمادي ولا شيئًا شبيهًا به…
بل شيئًا أعظم بكثير.
الكاهنة التي رأت النبوءة الحقيقية ركضت باكية، مستجمعة كل ما تبقّى من قوة في جسدها العجوز.
“آه… يا إله الشياطين—!”
وفي اللحظة التي صاحت فيها،
في اللحظة التي فات الأوان فيها لتخطو إلى داخل الأطلال—
آوُوُوُوُوُوووونغغ—آوُوُوُونغ— (صوت طنين قوي)
انفجر ضوء رمادي من قلب الأطلال، متصاعدًا نحو السماء.
حتى هذه اللحظة، لم تشهد الأطلال أمرًا كهذا من قبل.
شياطين عشيرة الشجرة الرمادية، الواقفون بجانب الكاهنة، تجمّدوا في أماكنهم مذهولين، يحدّقون في المشهد العجيب.
ذلك الضوء الرمادي، الذي انعكس في أعين جميع الشياطين، بدأ يتحرّك مباشرةً—
نحو الكيان الذي طالما انتظروه.
– …وجدتُك…
سمع كايل صوتًا غريبًا.
ذلك الصوت، الذي بدا أنه مسموع له وحده، قال.
– …أيها… الذي يملك موهبة… قاتل الآلهة…
ماذا؟
…قاتل الآلهة؟
…موهبة قتل الآلهة……؟
من؟ أنا؟
لا أملك موهبة كهذه؟
لكن الأهم من ذلك، هذا الصوت…
“…إله الشياطين؟”
آوُوُوُونغ— (صوت طنين)
بينما كان الضوء الرمادي يتدفّق نحوه، سمع كايل صوتًا مفعمًا بالغضب.
– إله الشياطين؟ لا وجود لشيء كهذا. لا يوجد سوى من يقتل الآلهة المتغطرسة.
ومن المكان الذي يُعتقد أنّه أطلال إله الشياطين، دوّى صوتٌ غامضٌ كاشفًا الحقيقة.
منذ البداية لم يوجد شيء اسمه إله الشياطين.
في هذا المكان، لا وجود إلا لقاتل الآلهة.
لم يعد إله الشياطين موجودًا منذ زمن بعيد،
ومع ذلك ظلّ عالم الشياطين ينتظر ولادته من جديد.
لكن الحقيقة أنهم لم يكونوا ينتظرون إله الشياطين،
بل كانوا ينتظرون قاتل الآلهة.
– لا أستطيع أن أقبل أبداً أن يطلق عليّ عالم الآلهة والسماويين لقبَ إله الشياطين…!
لقد مرّ زمن طويل، لذلك نُسيت الحقيقة وشُوّهت في عالم الشياطين.
الحقيقة هي أنّهم كانوا يدعونَ الشخصَ الذي يقتل الآلهة بلقب إله الشياطين.
في تلك اللحظة، غلّف النور الرمادي جسد كايل بالكامل.
“كك!”
“آه، أيها البشري!”
“أوه!”
ارتدت أجساد تشوي هان، وارحابين، وراون إلى الوراء بقوة.
“…….”
كايل، وهو يحدّق في النور الرمادي الذي يغمر جسده، سمع صوت المياه آكلة السماء.
– أوه. قوتي تزداد.
بدأت المياه آكلة السماء تثور من جديد،
– أنا أيضًا سأحطم!
قالت ذلك مقلدةً أسلوب راون في الكلام.
بدأ ستار المطر الذي يغطي السماء يتلوّن تدريجيًا بالرمادي.
“أوه.”
أبدى كايل إعجابه.
ازدادت قوة المياه آكلة السماء، بعد أن تعزّزت بالنور الرمادي المنبعث من أطلال إله الشياطين، لتصبح أشدّ بكثير.
‘ضعفان؟’
لا. ثلاثة أضعاف؟
لا.
‘أربعة أضعاف.’
لقد تضاعفت قوة المياه آكلة السماء قرابة أربع مرات.
وبشكل حدسي شعر كايل أن هذا سيستمر ما دام النور الرمادي يحيط بجسده.
“أيها البشري، هل أنت بخير؟”
سأله راون وهو يقترب بقلق، ثم توقّف فجأة.
“أيها البشري… لماذا تبتسم هكذا؟”
تقطر الدم… تساقط الدماء…
وبينما كان الدم ينزل من فمه قطرات قطرات، ابتسم كايل.
‘حسنًا، سأفهم ماهية هذه الحالة لاحقًا.’
المهم الآن… أنني أصبحت أقوى بأربع مرات، أليس كذلك؟
إذن، أولاً…
“يا، إن استخدمتُ هذه القوة، هل سأتألم؟”
لا بدّ من التحقّق أوّلًا من وجود أي آثار جانبية.
– …لا… أيها الموهوب…
“أوه.”
مذهل.
ها قد بان الجواب.
حينها سألته المياه آكلة السماء بصوت يفيض بالحماسة.
– إذن لننطلق؟
فأجابها بلا تردد.
“أجل، لنحطمه!”
غير أنّ كايل لم يكن يدرك بعد… أن النور الرمادي، وإن لم يخلّف آثارًا جانبية بحد ذاته، فإن العواقب المترتبة على الإفراط في استخدام القوى القديمة لم تكن يومًا هيّنة.
وما كان يفعله هذه المرّة لم يكن مجردَ استخدامٍ مفرطٍ كما اعتاد… بل كان إفراطًا هائلًا يتجاوز كلَّ حدّ، لمواجهة قوة على مستوى الآلهة نفسها.
شووآآآآآآآآآآآآآه—— (صوت انسياب قوي للماء)
تلون الستار الأبيض بالرمادي.
وكل قطرة مطر من تلك القطرات أخذت تنفث اللون الرمادي متجهة نحو البحر.
وفي لحظة، انقضّ الستار المنحدر من السماء بجسده الضخم على البحر.
غطّى الستار الرمادي البحر بأسره.
غووووشششششش —— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين)
ثم بدأ يلتهم البحر.
غوووششش—— غووووششش—— (صوت اصطدام هائل بين قوتين مائيتين)
امتزج البحر بالمطر الرمادي.
تشابكا، ثم تشابكا أكثر،
وكان كلٌّ منهما يسعى لابتلاع الآخر.
هووووووو— (صوت رياح عاصفة)
وكأنهما دوّامة، ارتفع الجسدان المتداخلان عاليًا، نحو السماء،
وبدآ رويدًا رويدًا يتحوّلان إلى اللون الرمادي.
“آه، آه— المطر الرمادي… المطر الرمادي يهطل!”
صرخت الكاهنة بانخطاف، غارقة في نشوة الابتهاج، وهي تحدّق في ذلك المشهد المهيب.
أما كايل، فظل يبتسم بسعادة، غير مدرك لما يجري حوله كعادته.
تقطر الدم… تساقط الدماء…
بينما كانت قطرات الدم تنساب من فمه،
‘هذه المرّة، لن أحتاج إلى الفرار.’
شعر كايل برضى عميق تجاه تلك الحقيقة،
دون أن يعرف أن جهاز التسجيل الخاص بكلوف سيكا كان يومض بلا توقف، مواصلًا تسجيل كل لحظة من تلك اللحظات بجد ودقة.
.
.
.
~ترجمة: White.Snake