قمامة عائلة الكونت - 1257 - هطول المطر الرمادي 13
خبروني إذا كان في شيء غير مفهوم.
قراءة ممتعة💞
.
.
.
~ترجمة: White.Snake
.
.
.
الحلقة 481 الجزء الثانى سلسلة هطول المطر الرمادي 13
.
.
.
مرت المظلّة السوداء،
وعلى امتداد البصر تجلّت شياطين ابتلعها ما يُعرف بالمرض الرمادي، حتى غدت هيئاتهم مروّعة.
كانت أصوات عوائهم تُذكّر المرء بوحوش ضارية تتعقّب فرائسها.
ومع أن الخوف كان قد استولى عليهم،
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
إلا أن ضبابًا دافئًا، يختلف عن مطر الظلام، وشيء جميل من صنع درب التبانة غمرهم بالطمأنينة، فبدد كل شيء.
باات! (صوت تفتّح الأضواء)
أخذت أنوار البيوت تشتعل واحدًا تلو الآخر.
“……”
التفتت المتجوّلة ريون إلى الخلف،
فرأت الطريق الذي خطّته خلف كايل هينيتوس، حامِل المظلّة السوداء.
الطريق الذي خطاه بلا راحة ولا توقف للحظة، ودون أن يبطئ السير، فقط مضي بخطى ثابتة لا تنقطع.
وعلى امتداد ذلك الطريق، راحت الأضواء تتسرّب إلى المدينة الملتفّة بالظلام والريح والمطر، واحدة تلو الأخرى.
وتكوّن درب من النور.
دُق— (صوت فتح نافذة)
دُق— (صوت فتح نافذة)
أخذت النوافذ تُفتح، واحدة تلو الأخرى، ليتطلّع أصحابها إلى المشهد في الخارج.
سسشششوااا—— (صوت هطول المطر الغزير)
رغم أن المطر والريح العاصفة تسللا إلى داخل البيوت، إلا ان السكّان، عن طيب خاطر، واجهوهما، فقط لرؤية المزيد من المعجزة التي شاهدوها من النوافذ.
كِيييييك— (صوت فتح الأبواب).
بل إن بعضهم خرج من منازلهم، يراقبون ذاك الذي واصل السير دون توقف، أو تبعوه ببطء.
“….”
كانوا أشبه بأخيها الصغير تشو، الذي كان يتبع كايل هينيتوس في شرود، كأنما روحه تائهة.
وجهه الحالم، وملامحه التي بدت في لحظة ما غبية بعض الشيء، لم تُخفِ الحقيقة التي أحسست بها.
‘إنه حي.’
تلك العينان، اللتان ظلّتا ميّتتين حتى حين كان يثور غضبًا ويصبّ جام ضجره، باتت الآن تلمع بضياء الحياة.
‘أيْضا—’
كايل هينيتوس…
لم يكن يُرى منه سوى ظهره، وهو يمضي في المقدمة.
تطهير…
فقط تطهير لا ينتهي، يمتد إلى ما لا نهاية.
أيعقل أنه لا يشعر بالتعب؟
‘لا، الأمر ليس كذلك.’
وجهه الشاحب كما هو،
وأحيانًا يترنّح قليلًا.
رافضًا حتى الكرسي المتحرّك، واصل السير دون توقف.
‘لا بد أنه يتحمّل.’
حتى لو كان الأمر شاقًا له، فهو يتحمّل.
بصراحة، مع مرور الوقت وجدت ريون نفسها، مع كل خطوة تمضي، تشد قدميها بثبات أكبر، ولم يكن بوسعها سوى الاعتراف بعزيمة كايل هينيتوس وهو يمضي لا يلتفت إلا إلى الطريق أمامه.
“ذلك هو طريق الأسطورة.”
ارتجفت ريون فجأة، والتفتت لتنظر إلى جانبها،
فرأت كلوف سيكا يبتسم وهو يحدّق بها.
ثم همس بصوت خافت جدًّا، يكاد يضيع وسط هدير المطر، لكن لوقوفه قربهما مراقبا تشوا وريون، فقد وصل صوته إلى مسامع الشقيقين فقط.
“لقد سلك كايل-نيم طرقًا كثيرة، وفي كل مكان عبره ذلك الطريق، حلّت فيه البهجة، والنور، والسلام.”
“كلام فارغ لا طائل منه، لا أريد سماعه.”
رغم أن ريون أجابت ببرود، لكن مشاعرها الداخلية كانت متشابكة.
فمنذ أن هربت من بيتها، لم تلتفت يومًا لترى الطريق الذي سارت فيه،
لأنها لم تملك الشجاعة لرؤية منزلها وهو يحترق وينهار،
ولم ترغب في رؤية الأعداء الذين لاحقوها أثناء فرارها،
ولأنها أرادت أن تغضّ الطرف عن ما اقترفته وعن الطريق الذي صبغته الدماء.
“يا.”
لكن أخاها الأصغر كان مختلفًا.
“إذا تبعناه هو، هل سنحصل على الكثير من الأشياء الجيدة؟”
كانت عينا تشو مثبتتين على كايل.
“ليس ‘هو’، بل السيد كايل.”
“أجبني على سؤالي.”
ولمّا ألحّ تشو، أجابه كلوف بسهولة ومن دون تردّد.
“ستعرف ذلك إن تبعته بنفسك، أليس كذلك؟”
“هوهو.”
لم يلتفت أحد إلى ضحكته الخافتة تلك،
إذ إن الأمر، كما قال، يمكن معرفته بمجرد أن ترافقه بنفسك.
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
“إنه آخر مركز عزل في مدينة ميدي.”
وبينما كان كايل يصغي إلى الجنرال مول، مضى يُجري طقوس التطهير حتى بلغ آخر مركز عزل في مدينة ميدي.
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
وفي اللحظة الختامية للطقس، تناثرت قطرات رمادية إلى الأرض، وكأنها تعلن عودة كل الأشياء إلى هيئتها الأصلية، وتسرّبت في أعماق الأرض.
– كايل، لم يتبقَّ سوى أربعٍ من عشر.
لم يكن العدد كبيرًا.
فبرغم مروره بعدة مراكز عزل، إلا أن المصابين في كل منها لم يتجاوزوا ثلاثة، وبعضها كان خاليًا تمامًا من المصابين فتجاوزه.
وربما كان ذلك أمرًا متوقعًا.
كييييك— دووم! (صوت صرير باب يتبعه ارتطام قوي)
توقف كايل عن السير، موجّهًا بصره إلى الباب الذي انفتح فجأة.
كان منزلًا عاديًا من طابقين، وقد انفتح بابه الأمامي.
خرجت منه امرأة مسرعة، تلهث من فرط العجلة، وفي عمق العتمة التي وراءها ظهر ظل رجل من الخلف.
كغغغغ—! (صوت زمجرة)
وكان هناك فتى يمسك بذلك الرجل… أو بالأحرى، فتىً مُصاب بالمرض الرمادي.
“أرجوك، من فضلك أنقذ ابني أيضًا!–”
الذين لم يثقوا بقصر ملك الشياطين وظلوا مختبئين، بدأوا يظهرون واحدًا تلو الآخر.
أم ذلك الفتى قد شهدت المعجزة بعينيها، لذلك لم تجد خيار سوى أن تتكل عليها.
“وزوجي أيضًا–”
كان جسد زوجها قد أصيب، والسبب… هو هجوم ابنهما.
حين رأت الأم ذراع زوجها يتحول إلى اللون الرمادي، لم يكن أمامها سوى الجري نحو كايل.
“يجب أن تنتقلوا إلى مركز العزل أولًا—”
وقف الجنرال مول في طريق الأم التي هرعت مسرعة نحو كايل، محاولًا إيقافها.
ربما كان السبب هو عدم ثقتها بملك الشياطين،
لكن مع ذلك، لم يكن من الممكن منح معاملة خاصة لشخص ظل مختبئًا رغم عمليات التفتيش المتكررة، غافلًا عن خطورة الأمر.
فالآن، في مكان العزل، يقبع المصابون والمشتبه بإابتهم، وكم من عائلات تراقبهم بقلق شديد؟
كل شيء يجب أن يجري وفق النظام، هذه هي القاعدة.
“……!”
لكن فجأة تراجع الجنرال مول خطوة إلى الوراء وهو يتهند بخفوت.
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
انبعث صوت يشبه أمواج البحر، أو صفير الرياح بين أشجار الغابة.
تطهير…
تلك المعجزة تجلّت مرة أخرى.
“آه. آه—”
جثت الأم على ركبتيها، وانحنت حتى التصق جسدها بالأرض، شاكرةً كايل.
“شكرًا لك، شكرًا جزيلًا!”
أما كايل، فواصل المسير بصمت، دون أن ينطق بكلمة.
-… لا يكفي.
قال سوبر روك.
– حتى لو شملنا مدينة ميكا، لست واثقًا من أننا سنتمكن من تطهير الجسد بالكامل.
عندما قام بتطهير عشيرة الشجرة الرمادية، كان قد بلغ عدد أفرادها بضع مئات، وحتى في مدينة تيليا، كان هناك العديد من المصابين، لذلك كانت النتائج واضحة على الفور.
لكن القيام بطقوس تطهير لعدد قليل لم تكن ذات نفع يُذكر لكايل.
– ومع ذلك، لا بد من القيام به.
ولكن كما قال سوبر روك، كان لا بد من القيام به، لذلك واصل كايل التطهير بلا توقف.
من مدينة ميدي إلى مدينة ميكا الآن.
كان هناك العديد من الأشخاص في مدينة ميكا بانتظار كايل.
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
بعد تطهير آخر، خمدت أصوات الرياح والأمواج،
وعندما أضاءت مجرة متوشحة بالرمادي وقامت بتطهير الشياطين وكايل—
“أيها المخلّص، شكرًا لك! شكرًا لك!”
صرخ شخص يبدو أنه من عائلة المصابين من خلف المنطقة التي يحرسها الجنود.
“…..”
حينها، ولأول مرة، توقفت خطوات كايل، موجّهًا نظره نحو الشيطان الذي تفوّه بتلك الكلمات.
ثم قال بجدية وصدق.
“أنا لستُ المخلّص.”
أجل، مثل هذه الأمور يجب نفيها منذ البداية،
فتركها بلا رد قد يجلب المشاكل.
نظر كايل برضا إلى الشيطان الذي بدا وكأن لسانه قد انعقد فلم يستطع قول أي كلمة، فأطبق فمه وتراجع، ثم تابع سيره.
“…كيف يمكن أن يكون هكذا.”
تمتم أحد سكان مدينة ميكا من بين المتروكين في الخلف، وهو يراقب كايل يبتعد، وقد غمره الانبهار.
لقد سمع بما جرى في ثكنات ميكا، ولهذا فهم سبب مناداة عشيرة الشجرة الرمادية له بالمخلّص، كما أنه رأى بأم عينيه أنه يجسد ما يليق بهذا اللقب.
ملك الشياطين، الذي قيل إنه جاء إلى المدينة، لم يظهر له أي أثر. أما هو، فقد واجه وحده المطر العاصف والليل المظلم، وأطلق نورًا رماديًا متألّقًا.
وفي كل خطوة خطاها، كان المرض المروّع يتلاشى.
فكيف لا يكون رجل كهذا مخلّصًا؟
لم يستطع الشيطان إلا أن يتأثر بشدة أمام تواضع المخلّص.
“يا إله الشياطين–”
أترى أن إله الشياطين هو من بعث إلينا بمثل هذا الرجل؟
وجد الشيطان ذو الإيمان الراسخ نفسه ينادي إلهه – إله الشياطين – من غير وعي.
“هوهو. إن ذلك الرجل لا يتبع إرادة إله آخر.”
فجأة، تكلّم رجل ذو شعر ناصع البياض وعينين زمردتين، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة هادئة.
“إنه فقط يمضي قُدمًا، مُنفذًا إرادته الخاصة.”
ثم ابتعد ذلك الشخص مع اثنين آخرين، متجهين من جديد نحو المخلّص.
بينما ظلت كلماته تتردّد بشكل غريب في أذهان الشياطين ومن حولهم.
‘إرادة إله آخر؟’
إذن، إرادة أي إله يتبع؟
‘لا… لقد قال إنه يمضي وفق إرادته الخاصة فقط؟’
….!
فجأة خطرت في عقولهم فكرة عظيمة.
لكن كلوف كان قد ابتعد بالفعل، فلم يعد بالإمكان طرح أي سؤال عليه.
نظر من تبقى منهم إلى بعضهم للحظة، ثم لم يكن أمامهم سوى أن يفتحوا أفواههم ويتحدثوا بحذر عن الأمر.
لأنهم كانوا قد شهدوا المعجزة بأعينهم.
شوشوشوش— (صوت مثل صوت الامواج او الرياح)
هكذا نسجت المظلّة السوداء مجرّة رمادية في الأفق، وبعدها مدّ الشياطين أيديهم تلقائيًا نحو درب النور، فيما أخذ الضوء يتسرّب شيئًا فشيئًا ليغمر المدينتين.
“لم يتبقَّ سوى خمس وجهات.”
عند سماع كلمات الجنرال مول، توقف كايل لحظة.
“هااه…”
ثم رفع عينيه نحو السماء، مطلقًا تنهيدة طويلة.
“!”
“……!”
أمام ذلك المشهد، لم يجرؤ أحد ممّن حوله على الكلام، وخيّم الصمت على المكان.
‘لا بد أنه مرهق.’
‘هل أنهكه التعب؟’
الجنرال مول، وتشو، وريون… جميعهم ظنوا أن كايل قد أنهكه التعب.
– كايل، يبدو أننا لن نتمكّن من إتمام التطهير اليوم.
لكن بالطبع، لم يكن ذلك بسبب التعب.
بصراحة، مع أنه ابتلّ بمياه المطر وهو يبحث عن رون، إلا أنه كان الآن في أفضل حالاته الصحية منذ فترة طويلة.
وبالمقارنة مع الفترة التي اضطر فيها لاستخدام الكرسي المتحرك، كان جسده الآن يشعر بخفة كبيرة.
“…….”
حينها، فتح المتجول تشو، الذي كان يراقب الموقف بتعبير غريب، فمه ليتحدث.
كان صوته جافًا بعض الشيء.
“يا، ألا يجب أن ترتاح؟”
توجهت نظرات كايل نحو تشو.
“!”
تجمّد تشو فجأة في مكانه.
“ماذا، لماذا؟ يا، أنا فقط–”
لكن لم يستطع أن يكمل حديثه.
‘انتظر، هذا الوغد… إنه لا ينظر إليّ، أليس كذلك؟’
كايل هينيتوس لم يكن يوجّه نظره إليه.
‘خلفي؟’
حينها أدرك أنه كان ينظر إلى ما وراء كتفه.
– أيها الإنسان!
“مياااااو!”
“ميااااو!”
الأطفال الذين يبلغ متوسط أعمارهم حوالي العشرة أعوام،
سمع صوت راون،
ثم ظهر أون وهونغ، اللذان كانا يركضان بين أسطح المنازل في المدينة،
وكانت وجوههم تحمل تعبيرًا جادًا للغاية.
ابتسامة خفيفة—
ارتفعت زوايا فم كايل بابتسامة.
“لقد حان الوقت.”
تشوي هان وارحابين.
لم يكن أي من هذين الكيانان بجانب كايل.
– أيها الإنسان، إنه عند جهة جدي غولدي!
وييييي— (صوت الرياح)
دارت الرياح حول كاحل كايل،
ثم، وبخفة ركل الأرض بقدمه.
طَك. (صوت سقوط خفيف)
سقطت المنشفة الكبيرة التي كانت ملتفة على كتفه إلى الأرض.
لكن المظلة السوداء بقيت معه.
– من تلك الجهة يندفع تيار مائي هائل!
– أيها الإنسان! المياه قادمة، متجاوزة الجبل ومحطمة إياه!
عند سماع كلمات راون، اشتعل بريق ما في عيني كايل.
الغضب الذي كان يكبته أثناء قيامه بما يجب عليه وانتظاره، بدأ يتأجج.
رون لم يكن هنا.
ذلك العجوز المخيف الذي ألقى بجسده لينقذ الطفلة أون…
‘لقد كان حقًا مخيفًا.’
رون.
تذكر كايل كيف كان يظن أنه لن يكون قادرًا على هزيمة ذلك العجوز.
ثم عاد إلى ذاكرته مشهد رون بعد أن بُترت ذراعه على يد الحوريات أثناء مطاردته للظل في الماضي.
ومع تدفق الذكريات، برزت ذكرى أخرى.
‘صحيح…’
الظل.
حتى أولئك الأوغاد، في البداية كان من الصعب حقًا التعامل معهم.
لكن… واحدًا تلو الآخر.
واحدًا تلو الآخر، بإسقاط أولئك الأعداء، تمكن حتى من إسقاط النجم الأبيض.
“هه.”
– أيها الإنسان! لا تضحك هكذا بشكل غريب! لا، في الواقع، الآن عليك أن تضحك هكذا! هه!
سواء ضحك راون أم لم يفعل، توجه كايل إلى حيث يوجد ارحابين.
“اتبعني.”
وبالطبع، قبل أن يتحرك، ألقى نظرة إلى أسفل السقف وأصدر أمره.
“نعم، كايل-نيم.”
ابتسم كلوف ابتسامة خفيفة، سرعان ما سيأتي هو وكل من المتجولين تشوا وريون.
صرف كايل نظره عنهم، وتوجه مباشرة نحو ارحابين.
التنين القديم، كان واقفًا عند الطريق المؤدي إلى بوابة القلعة، خارج أسوار قلعة مدينة ميكا.
هناك، كان ينتظر تنين الماء، الذي لم يكن أحد يعرف من أي مدينة من الاثنتين سيظهر.
“هه، هاها-”
انبعثت من شفتي كايل ضحكة.
ولم تكن ضحكة فرح أو حماسة،
بل فقط…
‘أجل. لنفعل كما اعتدت أن أفعل.’
متى تجنبت مواجهة عدو بحجة أنه قوي جدًا؟
واحدًا تلو الآخر. أمسكت بنقاط ضعفهم، وإن لم تكن لهم نقاط ضعف، صنعتها بنفسي، وأسقطتهم جميعًا.
‘… الإمبراطور الثالث’
أنت أولًا.
سأقبض عليك أولًا.
– أنا عطشانة.
سأسلب قوّتك العظمى.
– البحر.
ثم سأبحث في قوّتك وأدرسها، ثم أهزمك بها نفسها.
تاك! (صوت خطوة واحدة)
صعد كايل إلى قمة أسوار القلعة.
كواغااغااغاااا—— (صوت تدفق عنيف)
وفجأة دوّى في الأفق صوت ما،
صوت مختلف عن صوت المطر.
دويّ وحشي يدمّر كل شيء أمامه، مندفعًا من أعماق البعيد.
كراااااا—! (صوت زئير شرس)
ثم دوّى زئير رهيب، يحمل قوة تفوق أن يُعزى إلى مجرد وحش، زئير يبعث القشعريرة في الأوصال.
لكن لم يكن هناك وحش، ولا شيء آخر يُرى.
كواغااغااغاااا—— (صوت تدفق عنيف)
وما ظهر أمام الأعين… لم يكن إلا الماء.
في وسط المطر والرياح العاتية،
هناك، من الجبل البعيد،
كان يرُى نهر هائل يشق طريقه، محطمًا الأشجار والأعشاب وكل ما يقف أمامه، مندفعًا صوب هذا المكان.
– إنه البحر.
كما قالت المياه آكلة السماء، هذا ليس نهرًا،
بل بحر.
كان البحر يقترب نحو هذا المكان.
كراااااا—! (صوت زئير شرس)
جزء منه،
كان يصرخ غضبًا على اختفاء نسخته.
اقترب البحر أكثر.
وحين عبر ذلك البحر الجبل وتجاوزه، ووصل إلى الطريق المؤدي إلى أسوار قلعة مدينة ميكا، رفع جسده بانتصاب.
كراااااا—! (صوت زئير شرس)
لقد كان تنينًا.
البحر الذي ظنوه نهرًا، صار تنينًا.
“يبدو لذيذًا.”
قال كايل ذلك، ثم،
تاب— (صوت ارتطام خفيف)
جلس فجأة على السور، عاقدًا ذراعيه.
إذ لم يحن دوره بعد.
“كنت في انتظارك.”
لأن كان هناك من انتظر ذلك الكائن أكثر من كايل نفسه.
حدّق تنين الماء بالكائن الذي يقف أمام البوابة الرئيسة لأسوار قلعة مدينة ميكا.
سسس، سسس— (صوت انبثاق الغبار البلاتيني)
بين زخّات المطر، راحت ذرات بلاتينية لامعة تتطاير بوضوح.
تاك— تاك— (صوت خطوات ثابتة)
تقدم التنين القديم نحو تنين الماء،
وشيئًا فشيئًا بدأ شكله يتغير، من هيئة إنسان إلى هيئة تنين.
شوااااااك—! (صوت انفتاح جناحين هائلين)
بسط التنين القديم جناحيه الضخمين وهو يحدّق في تنين الماء.
كان ارحابين، التنين القديم، ما يزال يتذكر ذلك التنين الذي لم يستطع أن يوقفه سابقا، وظلّ يتمنى أن يلقاه مرة أخرى.
والآن، بعد أن تحقّق اللقاء، فتح جناحيه الضخمين في اتساعها، وارتسمت على وجهه ابتسامة ما،
“مرحبًا بقدومك أيها المزيّف.”
كانت ابتسامة قاتلة موجّهة نحو العدو.
.
.
.
~ترجمة: White.Snake