123 - مطاردة الابن الثاني (4)
الفصل 123: مطاردة الابن الثاني (4)
“لقد تأخّر مفعول السم قليلًا.”
كان “فيكير” يعيد ترميم لحم صدره وساعديه الممزّقين، بينما الأرواح المقيّدة في شقوق سيفه السحري “بعلزبوب” تضطرب بجنون.
بعلزبوب
الشق الأول: السم القاتل – السيدة ذات الأرجل الثمانية (S)
الشق الثاني: التل الصامت – موشوشو (A+)
الشق الثالث: التجدد الفائق – سحلية الضباب (A+)
وبينما أعاد جسده إلى طبيعته بقوة التجدد، دوّت حبيبات حمراء أسفل النصل، تتصادم وتضطرم.
أشد الأرواح جموحًا كانت “السيدة ذات الأرجل الثمانية” التي بدا وكأنها تبتسم شماتة برؤية “أندرومايوس” يترنّح من سمّها.
كان السم مرعبًا إلى حدّ أنه أطاح بأحد أعظم عشرة شياطين، سمّ قادر على أن يهدّد حتى حياة ماتت ثم عادت.
إبطاء، خدر، عمى… كلها تأثيرات أُلحقت بمخلوق في مصافّ العُلى.
أما “أندرومايوس”، فكان يحدّق في جسده المتفحّم وهو يئن:
«أسمٌّ لا يرحم شيطانًا مثلي؟ ما هذا السم… أهو من يد بشري حقير!»
وبينما حاول استعادة اتّزانه، خطرت بباله وحوش وسموم أسطورية:
عناكب الجبال السود والحمر، أفاعٍ بتسعة رؤوس في بلاد العمالقة، قناديل البحر العظمى في أعماق البحر الأسود…
غير أن عقله عجز عن تقبّل أن تكون هذه القوة في يد إنسان.
لكن لم يحن وقت التفكير. فقد تراجع وهو يزفر، وتراجعت معه مصّاصاته.
لم يجد أمامه بشرًا آخرين سوى “فيكير”، لكنه كان مغموسًا بسمّ قاتل، فشرب دمه يعني الهلاك.
ابتسم “فيكير”:
“ليس نافعًا لكم.”
عضّ إصبعه، ونفث قطرات دم في الهواء، سرعان ما تحوّلت رصاصًا سامًّا يندفع كالمطر.
دمه كان قادرًا أن يتبدّل، من عادي إلى سامّ، إلى مهلِك حارق للجسد والروح.
صرخة شيطانية حادّة ملأت المغارة.
فـ”بعلزبوب” كسيف شيطاني لا يمزّق اللحم فحسب، بل ينهش الروح مباشرة، مما أجبر “أندرومايوس” أن يتلقّى كل ضربة وكأنها طعنة في كيانه.
ثم رفع “فيكير” سيفه، واندفعت هيئة “باسكرفيل” السابعة: ست أنياب، يتبعها ناب سابع صغير، لكنه قاطع.
اخترق رأس النصل جسد “أندرومايوس” كله.
«ما هذا الجنون!»
زمجر الشيطان، مذهولًا من أن بشريًّا يتحداه في عرينه.
لكن ما إن حاول أن يتقهقر خلف سحابة من الذباب الأسود، حتى سمع همهمة “فيكير”:
“هذا ما كنت أريده.”
لم يطارده، بل سحب عصوين سوداويين من ظهره وركّبهما قوسًا. قوس “أدوناي” الأسطوري.
انطلقت سهام “أنوبيس” مخترقة صدر “أندرومايوس”، مشبعة بسمّ السيدة ذات الأرجل الثمانية.
«قوس؟! كيف لسليل باسكرفيل أن يجرؤ على الرماية!»
رفع رأسه ليجد “فيكير” يقترب بخطى صامتة كزحف الأفاعي، وجهه جامد، عينيه جمرتان من موت.
ارتعد “أندرومايوس”، فأطلق صيحة استدعاء:
“تجمّعوا كالذباب!”
تهافتت الحشرات التي لطالما التهمت لحم الأطفال المسجونين في الكهف.
لكن “فيكير” شقّ معصمه، وأطلق ضباب دمٍ أسود. وما إن لامس الذباب حتى ذاب كما يذوب الجليد في النار.
لقد لوّث حتى جداول الماء الجوفية بدمه، فلا ملجأ لهم.
بينما أنفاس الشيطان تتثاقل، ولسانه يعضّ ندمًا:
“ليتني أبقيت بعض الأطفال… كان دمهم سيغذّيني الآن.”
ومع ذلك، لم يفقد جبروته، فرفع نظره:
«أعترف… دفعتني بعيدًا، أيها البشري. لكن هذا يكفي. لقد تجاوزت حدودك.»
بإرادة مميتة، حطّم القيد الشيطاني الذي لفّ القاعة، محرّرًا قوته ومكبحًا السم مؤقتًا.
ثم انطلق عبر فتحة السقف، ساخرًا:
«انتظر… سأريك جحيمًا حقيقيًّا قريبًا.»
لكن ما إن بلغ الحافة حيث يُطل الليل، حتى جمد مكانه.
فـ”فيكير” لم يلحق به. ظلّ واقفًا بالأسفل، يرفع إلى فمه صفّارة شبيهة بالناب، ويطلق نغمة حادّة شقّت العتمة.
فارتجف “أندرومايوس”. لقد عرف هذا الصوت.
ثم أُظلم الليل أكثر، وغشّت الغيوم وجه القمر، لتسقط ستارة من سواد.
وعند فتحة السقف، امتدّت ظلال لا حصر لها، كحراب موجّهة نحو صدره.
“ما الذي تفعله هناك… يا بُني؟”
إنه “هيوغو لي باسكرفيل”.
وبجانبه، ابنه الأكبر “أوزيريس”.
وخلفهما سبعة من قادة الفرسان – “الكونتات السبعة”.
“بيتبول.”
“ماستيف.”
“دوبرمان.”
“شيبرد.”
“روت فايلر.”
“وولف هاوند”… وغيرهم.
ومع كل قائد، مئة من كلابه المقاتلة. سبعمئة كلب، القوة الكاملة لباسكرفيل، مصطفّون.
كل كلاب باسكرفيل اجتمعت.